معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس المصري
يكتب : دراسة نقدية
عن نص : ( لا هيت لك )
للشاعرة المصرية / الشاعرة رضا عبدالوهاب
...............................................
نص الاشتغال :
( لا هيت لك )
وشققتُ عن وجعي وعنْ أشواقي
وهممتُ أن أهديكَ عمرى الباقي
وكتمتُ جُرحا دونَ حبَّكَ متعبا
فهويتَ بي كفريسةٍ لفراقي
صبٌ أنا والنارُ تنهشُُ أضلعي
والقلبُ مرهونٌ بغيرِ وثاقِ
ونزيفُ طيفِكَ إذْ تقطَّر في دمي
شبَّتْ لظاهُ فمزَّقت أوراقي
ياليتَ حبَّك نام بينَ جوانحي
أنَّى لقلبي أن يصوغَ وفاقي
يا أيها المبعوثُ في أفقِ الهوى
لا هيتَ لكْ إن جازَ فيك عناقي
آمنتُ بالعهد المقدس بيننا
فكفرتَ أنت بقِبلةِ العشاقِ
وأقمتَ حدا للغرام وللهوى
وقطعتَ وصلا نامَ بالأحداقِ
٧/٢/٢٠٢٠
الشاعرة / رضا عبد الوهاب.
..........................................
الدراسة :-
** عنوان القصيدة **
العنوان : هو المدخل الرئيس لأي قصيدة وهو عتبتها الفسيحة وبوابتها الأنيقة التي ندخل منها ونمرق ونعبر وندلف لأبيات القصيدة كلها في توافق معرفي وانسجام منهجي ، والعنوان هو : (علم على ذات القصيدة وتاجها يرفع فوق رأسها وتحمله ناصيتها ) ؛ ولذلك ترجع أهميته في كونه مشعلا أو مسراجا أو مصباحا أو نبراسا يضيء أركان القصيدة بوهج وضياء ،
العنوان : هو من يبرز مفاتن القصيدة ومعالمها ، وهو من منجزات مدرسة (الديوان) وقبل ذلك الزمان ما كان يضع الشعراء عناوينا لقصائدهم أو لدواوينهم ، إنما كانت تسمى القصائد بحرف الروي أو بمطلعها .. وعنوان القصيدة ( لا هيت لك ) التي نحن بصددها الآن ليس مستجلبا من خارجها أو غريبا عنها ، فقد احتواه عجز البيت السادس ( لا هيت لك ) هكذا ورد بنصه في القصيدة : يا أيها المبعوث في أفق الهوى .. ( لا هيت لك ) إن جاز فك عناقي.
- ولكن لسان حال الشاعرة يقول : ( إنها وصلت بمرحلة العشق لمنتهاها ونهايتها )،وكلمة ( هيت لك ) كلمة (يمنية) في جذرها الأصلي ومعناها (تهيأت لك ،وجنزت لك نفسي وصرت ملكا لك) ،والجملة منقية بأداة النفي ( لا ) وهي للنفي المطلق العام حرف مبني على السكون لا محل له من الأعراب.زژومن معاني ( هَيْتَ لك ) في القرآن الكريم
هيت لك : هلمَّ واللام للتبين ، ومن معانيها : تعال ، أقبِل وبلغتنا المعاصرة تحت امرك ، هيت هيت : قريب من هلم، وقرئ : ﴿ هيت لك ﴾ (وبها قرأ ابن كثير الإتحاف ص 263) : أي: تهيأت لك، ويقال: هيت به وتهيت : إذا قالت : هيت لك. قال الله تعالى في محكم التنزيل : ﴿ وقالت هيت لك ﴾ [يوسف 23]، وهي كلمة وردت على لسان ( زليخاء ) في مراودتها لسيدنا يوسف . وفي اللغة العبرية ( هيبتي لخا ) ومعناها : أنا ملك لك ، وبترجمة أدق ( كنت لك ) ، وكذلك ورد نفس المعنى في اللغة الفرعونية القديمة. وحق لنا أن نسأل إذا كانت ( هيت ) بمعنى ( هلم ) كما قال المفسرون فما وجه مناسبة الإتيان بالجر والمجرور ( لك ) ؟ أي كيف يمكن أن يقال : (هلم لك) ؟ قال ابن عاشور ( هيت ) اسم فعل أمر بمعنى ( بادر أو أسرع إلى ما هو لك بمعنى إنها تملكه نفسها ) ، ومن معاني ( هيت لك ) صاح به ودعاه ، ومن معاني ( هيت لك ) : الأرض المنخفضة . قال الله تعالى : ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) من سورة يوسف. وفيها أربع قراءات :
١- ( هيت لك ) بكسر الهاء وفتح التاء
٢- ( هئت لك ) بكسر الهاء وفتح التاء والهمزة في الوسط ٣- (هيت لك) بفتح الهاء ورفع التاء
٤- هيت لك بفتح الهاء وفتح التاء .
والحق يقال أن الشاعرة صدرت لنا ذلك العنوان ( هبت لك ) ونفت كل معانيه نفيا مطلقا فقالت : ( لا هيت لك ).وهذا دليل قاطع من البداية على سعة ثقافته الموسوعية العلمية والأدبية والدينية والثقافية، وواضح جدا تأثرها بالقرآن الكريم في أسلوبها وغزارة علمها، وهذا العنوان فيه من الدلالة على براعة المنطق وحسن الاستهلال ما فيه ،ويعتبر هذا العنوان : ( لا هيت لك ) مدخلا شيقا وجذابا وجيدا يوضح مفاهيم وأولويات الشاعرة في الهدوء والانسحاب بسلام من معركة حب خاسرة طاحنة قد تخسر فيها الذاات ، والشاعرة بحق موفق جدا في اختيار هذا العنوان الرائع الخلاب.
** تصنيف النص **
- النص من الشعر الذاتي الرومانسي الرصين العمودي الخليلي الموزون الموحد القافية ، والدال على معنى بين الأحباب وهو (العتاب).
فالمدرسة الأدبية التي ينتمي لها النص المدرسة ( الرومانسية ) وليست ( الكلاسيكية أو الإحيائية )؛ لأن الشعر الإحيائي أو الكلاسيكي شعر غيري لا يتحدث الشاعر فيه عن نفسه أوذاته ، وإنما يتحدث فيه عن منجزات عصره بعكس الشعر الرومانسي المرهف الذي يتحدث فيه الشاعر عن نفسه وعاطفته والتهاب مشاعره وتقيظ وجدانه ، وعمق أحاسيسه بغض النظر عن البناء والتجديد في الشكل والنمط والقالب، فالمهم القلب والمضمون والفكرة الكلية والشعور والوجدان ومخالب النفس البشرية وما يعتريها من هم وقلق وحيرة وألم ووجع وفراق وعتاب ، ومسحة حزن وفرح وسعادة وما شابه ذلك .
** غرض النص ومغزاه **
نص رومانسي يحمل حالة رومانسية طارئة ومفاجئة حين نزل علي الشاعرة الوحي والإلهام ولحظة الاستغراق في الكتابة،
حالة نفسية طارئة طرأت على الشاعرة وشعور رومانسي رهيف جاء في خلد الشاعرة في لحظة ميلاد القصيدة استطاعت الشاعرة أن تحول فيها تجربتها من تجربة ذاتية خاصة بها إلى تجربة ذاتية عامة لكل من يقرأ القصيدة سيتمثل حالة الشاعرة النقية المغلوبة المعاتبة لحبيبها الجاف القاسي المتبلد العواطف.
-فغرض النص : يمثل النص حالة ( الرفض والعتاب ) قرب الشاعرة وابتعاد محبوبها ونفوره الغاشم ومعاتبتها له في فخر واعتزاز بالنفس في أنقرة وشموخ .. معاتبة ليست في ضعف واستكانة وخضوع.
** مناسبة قول القصيدة **
وتحكي الشاعرة في النص عن حالتها النفسية ومعاناتها الروحية في الحب والقرب ( كمصطلح صدق فني ) فليس بالضرورة أن يكتب الشاعر أو تكتب الشاعرة ( بالصدق الحقيقي الانفعالي الخاص بلهفة المشاعر ومهجة الروح ) فالشاعر أو الشاعرة ليس شرطا أن يقع تحت مؤثر ما ( موقف ما ) يعاني منه ويقاسيه ويجابهه وبواجهه ويؤثر ( سلبا أو إيجابا عليه ) كي يكتب ، فيمسك قلمه ويعبر عنه بصدق وإلهام ، وإنما يمكن للشاعر أو الشاعرة أن بكتب من وحي وعبقرية رحى الخيال بلغة شاعرية مرهفة نابضة حية مجازية ينتقي ألفاظها من فضاءات الكلمات المنمقة والمبعثرة فينظمها ويلضمها ويجمعها في خيط وسلك ونظام ورونق يجعل من القصيدة بناء لغويا منمقا يحمل مشاعرا ومجازات وخيالات وتصاوير وتشبيهات واستعارات غاية في الروعة و الأناقة والجمال والكمال ، وهنا تصل الشاعرة المهذبة بمشاعرها الفنية الأنقية لمرحلة الذروة ، وصل الحب والعشق عندها لمنتهاه فجاءت جنة الحب إليها حيث أهدت المحبوبة حبيبها الروح والقلب والسمت والنبض والرمق والحياة الكاملة ، وجهزته أن يحيا حياة سعيدة ، وهو ( محبوبها ) على العكس والنقيص تماما أهداها الصد والإهمال والجرح والفقد مما جعل الشاعرة تقلع عما بداخلها وما يجيش بقلبها وخلجات روحها وما يحوك يصدرها من مشاعر ملتهبة فأرادت أن تنسحب بهدوء وعفوية وآثرت السلامة لذاتها ومالت من الندامة وحافظت على كبريائها وعظمتها وثباتها الانفعالي.
** شرح مجمل أحداث القصيدة **
الشاعرة مرهفة الحس وهي تكتب أبيات القصيدة الثمانية(٨) حيث تقول في
١- البيت الأول : إنها فلقت وأسفرت وكشفت وشقت ونقبت عن وجعها وأظهرت وجه أشواقها وأعلنت عن حبها وما أخفت وما أسرت وما كتمت حالها وأرادت وهمت وفكرت وتحملت المتاعب والهموم كي تهدي عمرها الباقي لحبيبها اامزعوم، وعزمت على ذلك عزما أكيدا وبادرت سريعا. .
٢- وفي البيت الثاني تقول : إنها كتمت جرحا وأخفت تعبأ وآلاما دون الحب فما جزاؤها على كل ما فعلته من أجل محبوبها ؟ هوي بها محبوبها في مكان سحيق وافترسها بالضنا والفراق حتى قضى عليها بالهلاك.
٣- وفي البيت الثالث تقول الشاعرة عن نفسها : إنها مثل الصب الغرير لا تتحمل العذاب والنار تنهش في لحمها حتى وصلت للعظام
والقلب مسجون ومرهون ومقيد ومكبل بلا أصفاد وبغير وثاق ولا قيود يعيش مأسورا مكسورا في زنزانة الحب وجب مهوى العشق .
٤-وفي البيت الرابع مازالت شاعرتنا تعاتب حبيبها على بعده وتقول له : إن نزيف شبحك وصورتك وطيفك وخيالك وجسمك الهلامي الشفاف وشفافيتك تتقطر في دمائي مستخدمة ( إذ ) الفجائية، وإللظى يشب من نيران حبك المستعرة والمتقدة في جسدي فتقطع أوصالي كالرتق وتمزق أوراقي وذكرياتي وما كتبته عنك يا حبيب العمر من أشعار وحكايات دليلا على الحب العذري الشريف بيننا.
٥- وفي البيت الخامس : تتمنى الشاعرة ( وتمنيها مستحيل ) لأنها استخدمت الأداة ( ليت ) وهي لتمني المستحيل ولن تتحقق أمنيتها مهما كانت مع بساطة ما تتمناه الشاعرة فليس لها مطالب غير أنها تتمنى أن ينام حب حبيبها بين قلبها وجوانحها وضلوعها في أمان بلا رفض من حبيبها ينغص عليها حياتها ثم تتساءل الشاعرة أنى وكيف لقلبها يصوغ ويصنع الوفاق بينهما بين قلبها وبين حبيبها ؟
إذ كيف تصير الأمور بينهما إلى هذا الحد المستهجن ؟ وكيف تكون على ما يرام ؟
٦- وفي البيت السادس تنادي الشاعرة على محبوبها باستخدام أداة النداء الصالحة للقريب والبعيد معا
( يا ) بغرض التنبيه والتعظيم ، وواضح جدا تأثرها بأشعار السيرة النبوية في قولها (يا أيها المبعوث) في أفق الهوى، ودرب رحاب الغرام المحظور لقد تجهزت وتهيأت لك وأعددت نفسي لك فأسرع وبادر وتعال وتستخدم أداة الشرط الجازمة التي تفيد الشك ( إن ) جاز في حق محبوبها الشغف والتقبيل والعناق.
٧- وفي البيت السابع تحدثنا الشاعرة وتخبرنا عن مدى إيمانها بالحب و تجدد العهود والمواثيق والرباط المقدس ( الزواج ) بينها وبين حبيبها وهو على النقيض والعكس من ذلك كله يكفر بمقصد وبكعبة وبقبلة صلاة العشاق وبمقام الوصال باستخدام توكيد الضمائر تاء الفاعل و الضمير أنت ( فكفرت أنت ) حتى بمكاني ومكوثي بين يديك كفرت حتى بقبلة صلاة واحدة حائرة من شفتيك.
٨- وفي البيت الثامن والأخير من القصيدة تحكي الشاعرة وتقول : إنه بعزم الجبال بنى وشيد وأقام حدا يمنعهما من الغرام والحب والعشق والهوى حتى بعشق الروح الخالد ، وأنه قطع على نفسه وصلا كان ينام ويرتاح ويستقر قريرا هانيء البال في حدقة العين هكذا هو الحب العذري الحقيقي وحال صدق المحبين العذارى
** الإحصاء في القصيدة **
أولا الأساليب الإنشائية :
- البيت الخامس صدره وعجزه من الأساليب الإنشائية وبيان ذلك
١- صدره ( يا ليت حبك نام بينن جوانحي ) أسلوب تمني أداته ( ليت ) وهي لتمني المستحيل ، والتمني طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله ؛ لكونه مستحيلا فقد تم إبراز المرجو في صورة المستحيل لغرض بلاغي هو المبالغة في بعد نيله ، وعدم تحققه ، ولن يتحقق هذا التمني مصداقا لقول الشاعر العباسي الشهير « أبي العتاهية » حين كتب قبل ما يقارب الألف عام : ( ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب ) فلن يعود الشباب على وجه الحقيقة مهما فعلنا ومهما قلنا..
٢- عجزه : ( أنى لقلبي أن يصوغ وفاقي ) أسلوب استفهام للتعجب والاستنكار أداته : ( أنى ) ومن معانيها أنها استفهام عن مكان أوجهة يقصد إليها كما قاله الإمام السعدي في تفسيره ، ومن معانيها ( كيف ) للحال و من معانيها ( أين ) للمكان ، والشاعرة متأثرة بالقرآن الكريم في قول الله عز وجل ( فأنى تؤفكون ) ؟ ( فأنى تصرفون ) ؟ سورة غافر آية ( ٦٢ ) ، وسورة فاطر أية ( ٣ ) وسورة غافر آية (٦٩) ومعناها كيف تصرفون ؟ أي وجه وأي جهة تصرفون لها ؟
- البيت السادس صدره وعجزه من الأساليب الإنشائية وبيان ذلك :
١- صدره : ( يا أيها المبعوث في أفق الهوى ) أسلوب نداء للتنبيه والتعظيم أداته : ( يا ) حرف نداء مبن على السكون لا محل له من الإعراب للقريب والبعيد، وواضح جدا تأثير الشاعرة بأشعار السيرة النبوية ( أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع ) مما يدل على سعة ثقافة الشاعرة الدينية والعقائدية.
٢- عجزه : ( لا هيت لك إن جاز فيك عناقي ) أسلوب خبري لفظا إنشائي معنى وهو دعاء تهكمي فيه حض وحث وتحريض وليس فيه سخرية لاذعة و لا استهزاء ، وهو من التعابير التي تفهم حسب القرائن ، فثمة تعابير ظاهرها دعاء على الشخص، لكنها قيلت كثيرًا في الدعاء له ومنها : ( تربت يداك - لا ابا لك - تربت جبينك - ثكلتك أمك - لا هيت لك ) والشاعرة موفقة جدا في اختيار وانتقاء أساليبها الإنشائية حيث دلت على عمق وسعة ثقافتها الدينية .
** الإحصاء في القصيدة **
ثانيا الأساليب الخبرية والتعبيرات العملاقة المجازية في النص ومنها :
١- أولا الاستعارات بأنواعها المختلفة : ( المطلقة والمقيدة والمجردة والمكنية والتصريحية والمرشحة ) والاستعارة ماهي إلا تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه مثل
١- ( شققت عن وجعي ) تصوير الوجع بنبات نشق الأرض عنه وفيه تأثر واضح بالقرآن الكريم في قوله ( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ ....
.... فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ) ،
( فَالِقُ الْإِصْبَاحِ ...... ) الآيتان ( 95 - 96) من سورة الأنعام .
٢-( كتمت جرحا متعبا ) تصوير الجرح بصوت عال نكتمه أو سرنكتمه ونحفظه ٣- ( وهممت أهديك عمري ) : صور العمر وهو معنوي بالهدية وهي مادية لإبراز التجسيم، ونلاحظ التأثر بألفاظ القرأن الكريم في قوله : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَان ربه..... أية رقم (24) من سورة يوسف.
٤- ( النار تنهش أضلعي ) : تصوير للنار بثعبان أو أفعى ينهش ضلوع الشاعرة لإظهار المبالغة والتهويل والتنفير من اضرار البعد.
٥- ( نزيف طيفك إذ تقطر في دمي ) تصوير لخيال المحبوب وطيفه بسائل (كجلكوز) يتقطر في الدم ويمشي بين العروق وفيها ترشيح ، وفيها مفاجئة باستخدام إذ الفجائية
٦-(حبك نام بين جوانحي) : تصوير للحب بكائن حي ينام بين الضلوع وفيها ترشيح. ٧ - ومثلها : ( وصلا نام نام بالأحداق ) فقد صورت الشاعرة الوصل بكائن حي ينام قريرا بين حدقة العين والحبيب يقطعه كأنه حبل. ٨- ( يصوغ وفاقي ) استعارة مكنية حيث شبه الوفاق أو التوافق وهو شىء معنوي بالذهب الذي يصاغ ، وهو شىء حسي وسر جمالها التجسيم. ٩-( وأقمت حدا للغرام وللهوى ) : فقد صورت الشاعرة الحب والغرام وهما معنويان ببناء يقام ويشيد والبناء شىء حسي وسر جمال الاستعارة المكنية التجسيم ،
ولقد جمعت الشاعرة بين ( الهوى والغرام ) لإفادة التوكيد والتنويع .
٢- ثانيا التشبيهات : ومنها البليغ والضمني والتمثيلي مثل : ١- ( هويت بي كفريسة لفراقي ) تشبيه مفصل به أركان التشبيه الأربعة المشبه ( هويت بي) ، وأداة التشبيه (حرف الكاف ) ، والمشبه به ( الفريسة) ، ووجه الشبه ( الفراق ) فاكتملت كل عناصر التشبيه مجتمعة.
٢- التشبيه المقلوب ( صب أنا ) فيه تقديم وعاخير وهو أسلوب اختصاص التوكيد ،ولو عدلناه ( أنا صب ) لصار تشبيها بلبغا صورته المبتدأ والخبر ، وسرجماله التوضيح لأن المشبه والمشبه به كلاهما ماديان محسوسان، ويعاب على الشاعرة قولها عن نفسها : ( صب أنا ) بلغة المذكر وكان الأجمل أن تقول : ( صبة أنا ) بلغة التأنيث ، وساعتها يتكسر وزن تفعيلة الكامل متفاعلن،
ويمكن الدفاع عن الشاعرة يقولنا : ( إن لغة التذكير لغة كثرة وفيها تغليب وتحوي في باطنها لغة التأنيث ). مثلما فعل الرسول في الحديث الشريف حيث قال : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) فكلمة مسلم مذكر وتحوي بداخلها ( مسلمة ) لغة تغليب تحوي وتتضمن التذكير والتأنيث.
٣- التشبيه البليغ : ( القلب مرهون ) صورته المبتدأ والخبر ، وفيه شبه القلب وهو شىء مادي محسوس بشىء مادي يباع ويشتري ويرهن وسر جماله التوضيح
٣- ثالثا الكتابات :
ثلاثة أنواع ( كناية عن صفة - كناية عن موصوف - كناية عن نسبة )
١- ( فمزقت أوراقي ) كناية عن صفة التغافل الإيجابي المقصود والضيق والتبرم وتناسي الذكريات الأليمة.
٢- ( العهد المقدس ) كناية عن موصوف وهو الزواج وسرجمال الكتابة الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل فى إيجاز وتجسيم.
رابعا ومن التعبيرات العملاقة : ١- ( أسلوب الشرط الذي يفيد الشك ( إن جاز فيك عناقي لا هيت لك ) أداة الشك ( إن ) ، فعل الشك ( جاز )
وفعل جواب الشرط منفي ( لاهيت )
٢- ومن ألفاظ التوكيد :
توكيد الضمائر ( كفرت أنت ) تاء الفاعل ضمير متصل مع الضمير ( أنت ) ضمير منفصل.
**( خصائص أسلوب الشاعرة ) **
تتميز الشاعرة في كتابتها بالسلاسة والوضوح والسهولة والترتيب المنطقي فنجد كلماتها واضحة، وعباراتها ممنطقة، وجملها غير معقدة وأبيات قصيدتها سهلة الفهم ، فالمفردات تلبس نمطا زاهية من الحب ، وليس بها حشو أو تعقيد لفظي أو معنوي، والتراكيب تحمل شريف النسب من المعاني كما تتميز بالرونق وجودة السبك وصياغة البناء لدرجة نستطيع أن نقول معها إنها شاعرة موهوبة تتميز بأسلوب شيق ورشيق تعرف ما تكتب وتكتب ما تعرف، ومع بساطة العبارات لا نجد في الألفاظ أي ركاكة أو ليونة دليلا على الانسحاب والرفض والشموخ والكرامة، وهذا ما يطلق عليه في النقد ( الأسلوب السهل الممتنع ) تراه وتقرأه وتحبه وتعشقه بعاطفة جياشة حتى إذا جئت تكتبه أو تكتب مثله فوجئت بتأنقه وصعوبته فلا تستطيع كتابة مثله ، فهي شاعرة انطباعية من مدرسة ( الطبع ) وليست من مدرسة ( الصنعة اللفظية أو عبيد الشعر ).
متأثرة بانطباعية المتنبي والشابي وجويدة وكل من سار على هذا النهج.
-ومن خصائص أسلوب الشاعرة أولا شيوع ظاهرة ( التكرار ) ونجدها في :
١- تكرار حروف العطف وكأن القصيدة خرجت من أحاسيس الشاعرة دفقة شعورية واحدة ، ودفعة متلاحقة وسريعة فقد تكرر حرف العطف ( الواو ) الذي يفيد المصاحبة والمشاركة والمغايرة ( ٨ ) ثماني مرات كالتالي : ( وشققت - وهممت - وكتمت - والنار تنهش - والقلب مرهون - ونزيف طيفك - وقطعت وصلا - وأقمت حدا ).
٢- وتكرر حرف العطف ( الفاء) مرتين (٢) والفاء تفيد التعقيب والسرعة وتستغرق مدة منية سريعة جدا مثل : ( فهويت بي - فمزقت أوراقي )
٣- المصدر المؤول تكرر (٢) مرتين : ( أن يهديك - أن يصوغ ).
٤- تكرار الفعل الماضي
( نام ) مرتين (٢) أولهما في صدر البيت الخامس : ( ياليت حبك نام بين جوانحي ) ، وثانيهما عجز البيت الأخير من القصيدة : ( وصلا نام بالأحداق ) ٥- تكرار كلمة ( حبك ) مرتين (٢) في قولها في صدر البيت الثاني وصدر البيت الخامس : ( جرحا دون حبك - ياليت حبك ).
٦- تكرار كاف الخطاب (٦) ست مرات كالتالي : ( أهديك - حبك - طيفك - حبك - لك - فيك).
٧- تكرار الضمير المتصل تاء الفاعل (٨) ثماني مرات : ( شققت - هممت - كتمت - هويت - آمنت - كفرت - أقمت - قطعت ). ٨- تكرار ( ياء المتكلم ) ثلاث عشرة (١٣) مرة كالتالي : ( وجعي - أشواقي - عمري- الباقي - بي - فراقي - أصبعي - دمي - أوراقي - جوانحي - قلبي - وفاقي - عناقي )٩- تكرار كلمة الهوى مرتين (٢) في صدر البيت السادس وصدر البيت الثامن كالتالي: (أفق الهوى - للغرام والهوى)١٠- استخدمت الشاعرة الطباق بالتضاد بغرض توكيد وتوطيد وترسيخ وتوثيق المعنى ثلات (٣) مرات كالتالي : ( آمنت× كفرت ) ، ( أقمت × قطعت ) ، (شققت × كتمت ). ولاشك أن ظاهرة التكرار من أهم خصائص أسلوب الشاعرة حيث تساهم هذه الخصيصة في القافية الداخلية خاصة بتكرار حروف معينة تعطى نفس النغمة الموسيقية للجرس.
** ( الوزن ) **
الوزن أو البحر من عناصر الموسيقا في القصيدة :
- ينقسم العنصر الموسيقي العمودي لي القصيدة إلى قسمين اثتين لا ثالث لهما أولهما : الموسيقا الخارجية وثانيهما : الموسيقا الداخلية -( أولا : الموسيقا الخارجية و هي : موسيقا ظاهرة جلية واضحة في ( ١- الوزن ٢- القافية ٣- الجناس )
١- الوزن : القصيدة موزونة على بحر الكامل وهو البحر الخامس من بحور الخليل والشعر العربي ، وتفعيلته : ( متفاعلن ///٥ //٥ ) مكررة ( ٦ ) ست مرات في كل بيت كالتالي : ثلاثة ( ٣ ) في كل شطر من شطري البيت ينتهي صدر البيت الأول ( بالعروض) ، وينتهي عجز البيت ( بالضرب ) ، وهكذا دواليك حتى نهاية أبيات القصيدة مكتملة.
: ومفتاح البحر هو : ( كمل الجمال من البحور الكامل *** متفاعلن متفاعلن متفاعلن) ، وضابطه هو : ( متكامل وجمال وجهك فاتن *** متفاعلن متفاعلن متفاعلن ) ،وسمي بذلك للكم المهول من الحركات ( ٣٠ ) ثلاثين حركة ، وهذا لا يتوافر في بحر أخر من بقية بحور الشعر ، وهو بحر ثقيل في الاستخدام ولا يستخدمه إلا الشعراء العملاقة الكبار وكتب ثلث الشعر العربي عليه ولذلك يحتل المرتبة الثالثة ، من بين منازل البحور الستة عشر ،ووهو بحر صاف في تفعيلته ( متفاعلن ///0//0 ) ، وليس مركبا من تفعيلات متنوعة أو مزدوجا من تفعيلتين مختلفتين ، وهذا البحر اكتمل وله ثلاثة (٣) عروض وله ( ٩ ) تسعة أضرب ، ولقداستخدمت شاعرتنا واحدة منها وهي العروض التامة الصحيحة ( آخر تفعيلة الشطر الأول ) ، والضرب المقطوع متفاعل ( آخر تفعيلة من عجز البيت أو آخر تفعيلة من الشطر الثاني في نفس البيت أصابتها علة القطع.
وعلة القطع : هي ذهاب أو حذف ساكن الوتد المجموع وتسكين ما قبله من نهاية التفعيلة ( متفاعلن ///0//0 ) تتحول إلى متفاعل ( ///0/0 ) لتسهيل النطق ، وبيانها هكذا الوتد المجموع ( علن //٥ ) نحذف منه النون وتسكن اللام فتصير ( عل ) ، وبذلك حل القطع على هذه الكيفية ،وهذا الإجراء يسمى علة القطع أو الضرب المقطوع .
- وحكمها : يجب أن تلتزم في الضرب من أول القصيدة لآخرها ( متفاعل ///٥/٥ ) .
-والعلة إذا أتت بها الشاعرة لابد أن يلتزمها من أول القصيدة حتى آخرها فالعلة التزام وقيد ، وهكذا فعلت شاعرتنا باحترافية كبيرة .. كما دخل على التفعيلة زحاف (الإضمار) : وهو مقبول ومستحسن في ( الحشو ) أو بقية البيت، والزحاف عبارة عن مرض أو تغير مفاجىء يصيب ثواني الأسباب من التفعيلات وإذا أتت به الشاعرة لا يلتزم به ، فالزحاف جائز وجوده أو عدم وجوده ، وزحاف الإضمار هو : تسكين الثانى المتحرك من تفعيلة (متفاعلن ///٥ //٥ ) فتصير ( مستفعلن /٥/٥//٥ ) ولا يلزم تكراره في القصيدة بما يعني أن ( متفاعلن تصبح مستفعلن ) هكذا ( ///0//0 تتحول إلى /0/0//0) . وذلك لتبطيىء سرعة البحر ودلالة على الحزن والأسى ومناسبة لوصف واقع الحب المرير ورفضه بشموخ وعزة
وبعد تقطيع القصيدة كاملة عمليا اتضح لنا ما يلي :-
١- الشاعرة لم تستخدم زحاف ( الوقص ) وهو جائز وصالح في هذا البحر ، ولكن الشاعرة لم تستخدمه أبدا في القصيدة .
- وزحاف ( الوقص) هو : حذف الثاني المتحرك من تفعيلة ( متفاعلن ///٥//٥) فتصير ( مفاعلن //٥ //٥ ) ، والشاعرة موفقة لأنها لم تستخدمه وحق لها هذا ؛ حتى لا تزداد حركة البحر ويدل على الفرحة والسعادة فتبطيىء الرتم حزن وألم ووجع ، وتسريع الرتم فرح وطرب ونشوى وسعادة.
٢- في البيت الأول يوجد كسر في الضرب ( ريل باقي //٥/٥/٥ ) والكسر في الوزن جاء من إعراب كلمة ( عمري ) : مفعول به منصوب بالفتحة فأصبحت ياء كلمة ( عمري ) متحركة بالنصب ( أهديك عمري الباقي ) فكسرت الوزن من ( متفاعلن ) إلي ( مفاعيلن ) ولكن يمكن الدفاع عن الشاعرة إنها سكنت الضمير ياء المتكلم في كلمة ( عمري ) باعتبارها من الجوازات أو الضروريات العشرة للشاعر أو الشاعرة ومنها تسكين المتحرك إذا كان حرف علة.
٣- البيت السادس من القصيدة ( لاهيت لك ) الكاف عليها يكون وهذا لا يجوز فالضمير المتصل ( كاف الخطاب) مبني على الفتح في محل جر اسم مجرور باللام ، ولا يجوز الوقوف عليه بالسكون في منتصف البيت، وهو من عيوب القصيدة ، و تبرير ذلك يمكن القول بإنها وقفة اضطرارية لالتقاط الأنفاس الحارقة المرة من رئتي حزن الشاعرة الأليم.
٢- وجدنا ( التصريع أو البيت المصراع ) في البيت الأول فقط من القصيدة ، وهو عنصر هام من عناصر الموسيقا الظاهرة ، والتصريع هو اتفاق شطري البيت الأول فقط من القصيدة في آخر حرف من كلمتي العروض ( أشواقي) والضرب ( الباقي ) وهو القاف الممدودة بالياء المكسورة.
٤- الجناس الناقص : وهو من الموسيقا الظاهرة ومعناه تشابه الكلمتين في الحروف واختلافها في المعنى مثل : ( عشاق - أشواق ) ، ( فراق - أوراق ) ، ( وفاق - عناق ) ، ( أحداق - وثاق ) ، ( وفاق - أفق ) ، ( آمنت - أقمت ) ، ( غرام - نام ) ، والجناس أتى عبر الخاطر ولم تقصده الشاعرة قصدا ولم تتكلفه ، لأنها شاعرة من شعراء الطبع ، وليست من شعراء الصنعة اللفظية ، وهي موفقة فيه ، ويتبقى لنا من الموسيقا الظاهرة عنصر ( القافية).
** ( القافية ) **
أهم عنصر من عناصر الموسيقا الخارجية الظاهرة الجلية الواضحة مثلها مثل الوزن في الأهمية والترتيب ولقد عرفها الخليل ابن أحمد الفراهيدي اليمني البصري المتوفي سنة ( ١٧٥ ) مائة وخمس وسبعون من الهجرة منشىء علمي العروض والقافية بإنها اسم لعدد من الحروف أو ( الأصوات ) التي ينتهي بها كل بيت من أبيات القصيدة من اول متحرك قبل آخر ساكنين .
-والقافية في هذه القصيدة هي قافية ( المتواتر ) وهي كل لفظ فصل بين ساكنيها حركة واحدة هكذا( /٥/٥) وسميت متواترا ؛ لأنها استقامت من تواتر الإبل أي مجييء شىء منها ثم مجيىء شىء آخر مع انقطاع بينهما لأن الساكن الثاني جاء بعد الأول بتراخ بينهما بسبب توسط الحرف المتحرك بينهما .
- نوع القافية : قافية مطلقة مردوفة ، ومجردة من التأسيس ، وصلها ياء حرف لين ، والقاعدة العروضية تقول : إذا كانت القافية مردفة فلا مكان ولا مجال للتأسيس فيها ،
وهذه القافية الموجودة في النص مطلقة وليست مقيدة ( رويها القاف المتحركة بالكسر ) ، والروي : هو الحرف الأساس الذي تبنى عليه القصيدة وبه تسمى، وحركة الروي تسمى المجرى فرويها القاف المكسورة . وحركة مجراها الكسرة ، وتسمى القصائد بحركة الروي يعني نستطيع أن نقول عن الروي القاف المطلقة ( قافية الشاعرة رضا عبد الوهاب ) ، والردف ملتزم من أول القصيدة لآخرها لأنه ( ألف ). أما الواو والياء يمكنهما التناوب عن بعضهما أما الألف فلا لابد أن يلتزم في القصيدة كما فعلت الشاعرة وأجادت فيها ،وكلمات القافية هي : ( باقي - راقي - ثاقي - راقي - فاقي - ناقي - شاقي - داقي ) وكلمة التصريع ( واقي ) نجد في كل الكلمات ( الألف ردفا ) ، ( القاف رويا مطلقا ) ، ( الياء وصل ). وقبلهم الحرف المجرد المتحرك المتغير الذي تبدأ به القافية وقبل الردف حركته تسمى ( حذوا ) وهي هنا فتحة تناسب الألف المردفة.
والشاعرة موفقة جدا في عنصر الموسيقا الخارجية ( القافية )أيما توفيق فنجد كلمات الضرب أو التفعيلة الأخيرة من عجز كل بيت هي : ( رل باقي ) علىة قطع وزحاف إضمار ، ( لفراقي ) علة قطع فقط ، ( روثاقي ) على قطع فقط ،( أوراقي ) إضمار وقطع ، ( غوفاقي ) قطع فقط ، ( كعناقي ) قطع فقط ، ( عشاقي) إضمار وقطع ،( أحداقي ) إضمار وقطع ، وهكذا تبين لنا أن القافية ضربها مقطوع وعلى ملتزمة التزمت بها الشاعر.ة وأجادت فيها ، أما زحاف الإصدار فجائز وقوعه في الضرب أو امتناعه كما هو جائز في الحشو وأصابت الشاعرة في ذلك وأجادت فهي موهوبة ومتميزة.
** ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية الهادئة في النص**
إن اللغة في ذاتها لغة موسيقية لها كلمات رنانة ومسجوعة ينتقيها الشاعر في قصيدته بحكمة وعناية بالغة ، فتطرب لها الأذن وتشد انتباه السامع وتجذب ذهن المتلقي وتساعد على الحفظ ، وتروق للقاريء ، وفي الشعر العمودي نجد الشاعر يهتم بالموسيقا الخارجية الصاخبة المتمثلة في الوزن والقافية والتصريع والتجنيس وحسن التقسيم، وغيرها... وربما ينسى الموسيقا الداخلية الخفية الهادئة ، والشاعر الجيد هو الذي يصنع لها عالما فريدا قائما بذاته من تضافر الحروف ، وتناسق الكلمات وهرمونية الجمل وانسجام العبارات ، وتكرار بعض الكلمات فتأتي مزدانة في خيط رفيع أو سلك عقد بديع يلم جواهر الخرزات في القصيد من ذوبان الإحساس ورقة المشاعر ، وجودة سبك الحروف في بوتقة انصهار الكلمات الواضحة الرصينة دون تعقيد لغوي أو منطقي أو تعقيد لفظي ومعنوي دون تداخل وتشابك وتفرع ؛ حتى لا تتوه المعاني ، ويكن اللفظ حصيفا فصيحا بليغا فخما ضخما جزلا يحمل في طيات ذاته نغما وجرسا وهمساوحسا ، وهو يحمل في نفس الوقت غزير شرف المعاني وروعة البديع والتأنق ، يجمعها كلها الشاعر الجيد بقصد أو دون تكلف كما فعلت شاعرتنا وأجادت في موسيقا نصها الداخلية ، وكأننا أمام نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني صاحب كتاب دلائل الإعجاز والمتوفى في القرن الرابع فوجدنا كلمات بعينيها مكررة مرتين وأكثر لإفادة التوكيد ووجدنا كلمات تحمل حروف العلة واللين وكان أعظمها سموا في القصيدة امتداد حرف الألف ( أنا - بيننا - لظاه - الغرام - الهوى - أيها - نام - يا ليت - جوانحي ) ، والياء في: ( دمي - وجعي - أضلعي - قلبي - جوانحي - نزيف) ، وكذلك تكرار الضمير تاء الفاعل ( شققت - هممت -كتمت - هويت - هيت - أمنت - كفرت - أقمت - قطعت ) ، وكاف الخطاب : ( لك - حبك - أهديك - طيفك - فيك ) ، وكلمات التنوين مثل : ( جرحا - وصلا - منتعبا - فريسة - مرهون ) ، وكذلك كلمات الاسم المجرور ( عن وجعي - عن أشواقي - في دمي - لقلبي - في أفق - لك - فيك - بالعهد - بقبلة - للغرام - للهوى - بالأحداق- لفراقي - كفريسة ) ، وكلمات الإضافة : ( وجعي - أشواقي - أهديك - حبك - لفراقي - وثاقي - أوراقي - بين جوانحي - وفاقي - أفق الهوى - عناقي - بيننا - بقبلة العشاق ) ، وكلمات المفعولية أو المفعول به مثل : ( عمري - جرحا - متعبا - أ ضلعي - أوراقي - حدا - وصلا ) ، وكلمات النعوت أو الصفات مثل : ( الباقي - متعبا - المقدس - المبعوث ) وغيرها من نظام صنعته الشاعرة عبر الخاطر ودون قصد منها ولم تقصده قصدا لإنها موهوبة بالفعل يتآتى لها عالم الموسيقا الخفية الهادئة دون مجهود أو صنعة منها، وهكذا أجادت شاعرتنا في العنصر الموسيقي بحرفية.
** ** الوحدة العضوية والفنية وامتزاج الفكر بالوجدان **
-وإذا تسائلنا هل تحققت الوحدة العضوية و( الفنية ) في القصيدة أم لا وهل امتزج الفكر بالوجدان في التجربة الشعرية لدى الشاعرة أم لا ؟
ستكون الإجابة نعم تحققت الوحدة الفنية والعضوية بجدارة فقد استطاعت الشاعرة أن تمزج فكرتها ( الانسحاب من الحب الذي يحقق الضياع ، ورفض الحب الفاشل في عزة وكرامة وشموخ وإباء بإثار السلامة على الندامة ) فلماذا تتحمل ( عاطفة الألم والعذاب والضنا والفراق ) بعاطفة بطولية جياشة عن محبوب قطع وصلا نام بالإحداق ووضع حدا للغرام والهوى والوصال ؟
وبذلك ربطت الشاعرة بين امتزاج فكرتها وعاطفتها ووجدانها، فالشاعر الجيد هو من يفكر بقلبه ووجدانه ويشعر ويحس وينبض بعقله وأفكاره ، وهذا ما فعلته شاعرتنا في القصيدة فقد استطاعت أن تعبر عن ذلك أيما تعبير فشعرت وحست ونبضت وتحركت في كلمات النص بعقلها ، وفكرت ودبرت بقلبها وبوجدانها وبمشاعرها المستفيضة، فجاءت القصيدة ملحمة من الفكر والعواطف والملاحم والمواقف كمثل جسد الإنسان الواحد كل عضو وكل شلو في مكانه الصحيح الطبيعي المتميز كما خلقه الله يؤدي وظيفته على أكمل وجه ممكن بنضج وعبقرية متقطعة النظير ، فالرجل تسعى والقدم يركل واليد تعمل وتكدح وتنفق والعين تبكي والقلب ينبض ويدق والعقل يفكر واللسان يتحدث ويتكلم ، وكل يعمل بهرمونية وانسجام وكأننا في مقطوعة أو معزوفة موسيقية يديرها قائد مايسترو عازف عبقري يجمع الجميع لعصاته حين يشاور بها في أنفة ورقي ، كذلك جاءت القصيدة مترابطة في شاعريتها وكينونتها من عنوانها حتى آخر كلمة فيها في فضاء صنعته الشاعرة وصاغته في أبهى رونق ، فلم نجد كلمة شاذة أو لفظة نابية منحرفة أو معقدة أو غير فصيحة أو حتى كلمة عادية من لغة الشارع ، بالعكس تماما استطاعت الشاعرة أن تجمع في وحدتها الفنية كل مقومات القصيدة البهية ، فاكتملت الوحدة العضوية وحدة الشكل والمضمون والعاطفة الجياشة والوجدان المستنير بتناسق الحروف وشذى الموسيقا وتناغم الكلمات ، وترابطت دلالة اللفظ الفهيم على شريف المعنى الراقي الفخيم فامتلأت القصيدة بالإبداع والخصوبة والرقي وتجمعت بيضات الأبيات في سلة واحدة بألق ونمق ، وترابطت وردات الأبيات وزهورها الفواحة في باقة ( بوكيه ) حلقات متكاملة متناغمة منسجمة ، وسارت الأساليب روعة وبيانا وفصاحة وبلاغة وجمالا ، وغاية وآية كالخرزات المتراصة في سلسلة العقد المتناصة بالزبرجد واللؤلؤ ، وكالحبات المتراكبة في السنبلة لا انفصام في التركيب بين النور والطلع والأكمام ، وبراعم الساق وأصل الجذور وقوة العود ، فلا استوحاش في اللفظ، ولا غرابة في التركيب ولا استهجان في جودة السبك والتناسق والصياغة والفكرة والعاطفة والعبارة والبيان.
فهنيئا للشاعرة قصيدتها .
** الأزمنة والأسماء في جعبة القصيدة **
-الاسم أو المصدر : حدث دال على معنى مجرد من الزمان ، وهو المادة الخام للغة قبل تشكيلها في أبنية ومشتقات وتصريفات مختلفة فكل زيادة في المبنى تعطي وتقابلها زيادة في المعنى ،
- الفعل : حدث يحدث فيستغرق زمنا ، والزمن إما (ماض أو مضارع أو أمر ) ، والقصيدة كلمات ، والكلمة ( اسم وفعل وحرف )، ولقد استخدمت الشاعرة في قصيدتها ( ١٢٧ ) مائة وسبعة وعشرين كلمة متنوعة ما بين أدوات وضمائر وأسماء وأفعال وحروف نخص منها على وجه الخصوص لا الحصر
كأمثلة ما يلي : تكرار تاء التأنيث (٢) مرتين في : ( شبت - مزقت ) ، ونخص منها (١١) إحدى عشر أسما معرفة معرفا بآلاف واللام هي : ( الهوى) مكررة (٢) مرتين ، و ( الباقي - النار - القلب - المبعوث - العهد - المقدس - العشاق - الغرام - الأحداق ) في مقابل (٧) سبعة من الاسماء النكرة المجردة من الألف واللام هي : ( جرحا - متعبا - فريسة - مرهون - وثاق - حدا - وصلا )، وجدير بالذكر ورود الضمير ( أنا ) مرة واحدة للفخر والاعتزاز والثقة بالنفس والأنفة في مقابل الضمير ( أنت ) المخاطب المفرد المذكر ( الآخر ) مرة واحدة لدلالة المساواة بين المحبوبين ، وكذلك حرف النصب المصدري ( أن ) للتوكيد (٢) مرتين هي : ( أن يهديك - أن يصوغ ) في مقابل حرف الشك ( إن ) مرة واحدة هي ( إن جاز ) في مقابل ( إذ ) الفجائية مرة واحدة في مقابل أداة التمني ( ليت ) مرة واحدة ، والنداء(٢) مرتين مرة للتمني والمستحيل ، ومرة للتعظيم ( يا ليت - يا أيها المبعوث )،
ناهيك عن جمل الحال مثل : ( النار تنهش أضلعي - إذ تقطر في دمي - مزقت أوراقي - بيننا ) ، وجمل الوصف مثل : ( بغير وثاق- للغرام - نام بالإحداق ).
هذه بعض الأمثلة على ما استخدمته الشاعر. في قصيدتها .
** ظاهرة الأفعال في القصيدة **
( بيان الأزمنة في النص )
استخدمت الشاعرة الفعل الماضي في القصيدة حوالي (١٥) خمس عشرة مرة بغرض التوكيد والثبوت والاستقرار ، وبيان ذلك كالتالي : ( شققت - هممت - كتمت - هويت - تقطر - شبت - مزقت - نام - نام - هيت - جاز - آمنت - كفرت - أقمت - قطعت ).
وكذلك استخدمت الشاعرة الفعل المضارع الآتي الحالي (٣) ثلاث مرات بغرض التتابع والتجدد والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن ولم تستخدمه مستقبلا قريبا باستخدام ( السين ) ، أو مستقبلا بعيدا باستخدام ( سوف ) ، كذلك لم تستخدم الشاعرة في القصيدة أي فعل أمر نهائيا الفعل الأمر في القصيدة نسبته ( صفرا ) ، وإن دل ذلك على شىء دل على قوة بساطة شخصية الشاعرة المتواضعة فهي ليست جبارة ولادكتاتورة متزمتة ولا فرعونة مستبدة تلقي بالأوامر لغيرها أو تجبر حبيبها على فعل معين ، فإذا قارنا نسبة الفعل الماضي إلى نسبة المضارع ستكون النسبة ( ١٥ : ٣) بما يعني خمسة أمثال أو أضعاف ، وهذا يعني أن هذا الحب والشغف ، وذلك الرفض والانسحاب تم في الماضي وانتهى ومات، ولم يعد يبلغ شيئا ، أو لم يعد يقبع في الحاضر شيء منه متبق، وليس له تأثير فذاك حدث تم وانتهى بانسحاب ورفض مشرف بكرامة وفخر وإباء وأنفة.
** اللوحة الزيتية في القصيدة **
(( الصورة الكلية والخيال الكلي ))
الشاعر العبقري الجيد هو من يستطيع أن يحول كلمات قصيدته من مجرد كلمات تقال على اللسان وتحكى وتعجب الرعيل من أصحاب الأذواق إلى لوحات جدارية أو لوحة فنية زيتية تشكيلية تعرض في المعارض والأسواق، وذلك هو الشعر الجيد الخالد الذي يستطيع فيه أن يتحول الشاعر إلى فنان تشكيلي حاذق عينه ألة( كاميرا ) لاقطة تسجل أجمل لحظات الحياة وتحولها من كلمة إلى لوحة كلية كاملة بخيال كلي مركب ، فالرسام أو الفنان التشكيلي يمتلك وحده أدواته من الألوان والزبت والظلال والمنظور والرؤية ، والنحات هو وحده من يمتلك أدواته من الأحجار والأزميل والتشكيل والتشىريح وكل مقاييس جماليات النحت ، وكذلك الموسيقي هو وحده يمتلك أدواته من النغمات والمعزوفات والإلحان والمقامات وسلم الموسيقا ونوتة البيانات ويوزعها بين أدوات الأورج والبيان والوتريات والنفخ والدق والطبل والزمر وغيرها من أدوات العزف والتلحين ، وهكذا كل الفنون يمتلك الفنان أدواته وحده منفردا بها إلا الشاعر لا يمتلك أبدا وحده منفردا أدواته ولغة كلماته بل يشترك معه كل الناس فيها، كل الناس تشترك معه في اللغة والكلام قولا وقراءة وكتابة وإملاء ونقشا وتدوينا ونطقا ، فينطق بها الرب الإله والملاك والشيطان والكهان وبقية بني الإنسان حتى الرجل العامي الذي يسير في الشارع ،ومن هنا تأتي خطورة الكلمة ، فالكلمة في البدء عقيدة
وأمانة وبها تم الخلق ومنها نشأ عالم الأمر وفيها الصدق والكذب ، ومن هنا يأتي دور الشاعر الواعد الماهر الجيد فيعيد تنظيم كل فوضى هذه الكلمات المقروءة والمنطوقة والمنظومة ويجعلها في خلق جديد وتركيب فريد وبناء راق في الشكل والمضمون يسمى القصيدة، فيستطيع تحويل كلمات قصيدته إلى لوحة جدارية تعلق على الجدار وتجعل شكل الحائط رائعا وجميلا تشد بألوانها الزاهية كل عيون الناس وتفتح مغاليق ما أغلق من قلوبهم وأذهانهم وتربو بوجدانهم للسموق لعالم مثالي فضيل وتعكس كل مافي الحياة، معتمدا على ما فيها من شخوص وخيوط وصوت ولون وحركة ، وهكذا استطاعت شاعرتنا أن تنقلنا من قصيدتها الكلامية إلى لوحتها الزيتية الجدارية في قفزة عالية منمقة أجادت فيها وتوضيح ذلك كالتالي :
١- الحكاية والمغزى والفكرة والمضمون في القصيدة : شاعرة محبة بإخلاص دق قلبها بإحساس نابض بين الضلوع ووجدان مفعم مملوء بالخفقان تريد أن تهدي عمرها لحبيبها، وحبيب مراوغ آفاق ألعبان يريد أن يهوي بها كفريسة بين الذئاب ، يقطع كل أسباب الحب والوصال ، استطاعت الشاعرة أن تنجو منه برفض وإباء وشموخ وامتناع، وفضلت الانسحاب في صمت بدلا من علاقة نهايتها الشتات والعذاب ، حافظت الشاعرة بموقفها هذا على قلبها من رحلة الضياع والعذاب والنار التي تنهش ضلوعها لأن محبوبها منقطعة روحه عن العطاء بالصلف والغرور والكبرياء.
٢- فكانت الشخوص والكينونات هي : ( الشاعرة المحبة - الحبيب المراوغ - القلب المكسور - الضلوع المنهوشة - نار العذاب الملظاة - نزيف القلب - أوراق ممزقة ، حب ساكن ونائم بين الجوانح - عهد إيمان برىاط مقدس - كفر بقبلة صلاة للعشاق يصوغ الوفاق - رفض لمبعوث الهوى في كل الآفاق - حد مقطوع لدرب الهوى والغرام - وصل منهوك نائم وساكن بين الأحداق تغفو عنه العيون ) فحق أن يكون العنوان لا هيت لك.
٣- وتجلت الخيوط في : ( الصوت - اللون - الحركة ) ١- الصوت : ومن الألفاظ التي تدل على الصوت هي : ( هيت - وجعي - أشواقي - كتمت - متعبا - أنا - أنت - النار - القلب - دمي - شبت - لظاه - مزقت ) ثلاثة عشر (١٣) كلمة.
٢- الحركة : ومن الكلمات التي تدل على الحركة هي : ( هيت - شققت - هممت - أهديك - متعبا - هويت - فراقي - أنا - أنت - النار - تنهش - أضلعي - القلب - وثاق - تقطر - مزقت - شبت - يصوغ - نام - عناقي ) عشرون (٢٠) كلمة.
٣- ومن الكلمات التي تدل على اللون هي : ( جرحا - فريسة - أنا - أنت - النار - أضلعي - القلب - وثاق - طيف - دمي - أوراقي - جوانحي - قلبي - أيها - المبعوث ) خمس عشرة (١٥) كلمة. والنسبة مابين الحركة واللون والصوت على الترتيب هي : (٢٠ : ١٥ : ١٣ ) ، وبالتالي تكون الغلبة لأفعال الحركة والتي تدل على المنع والرفض لهذا الحب الذي نهايته الوجع والألم والشتات فانسحبت بهدوء وسلام في عزة وكبرياء ، وهكذا استطاعت الشاعرة أن تنقلنا من قصيدتها الكلامية إلى لوحتها الزيتية الجدارية ، استطاعت أن تنقلنا من الخيال الجزئي السطحي المجازي من تشبيهات واستعارات وغيرها إلى خيال كلي مركب بصورة كلية ، ووفقت الشاعرة في ذلك أيما تنظيم.
** ملامح شخصية الشاعرة **
لقد استطاعت القصيدة أن تكشف لنا عن أغوار نفس الشاعرة ، وتضىء لنا جوانبا مشرفة من حياة الشاعرة : فهي : ١- مسلمة متمسكة بدينها وعاداتها وقيمها ومثلها ومبادئها.
٢- شخصية اجتماعية اعتبارية يشار لها بالبنان محبة لوطنها مقبلة على الحب والحياة.
٣- مؤمنة بقضية الحب ودوره في الحياة ، وأثره في قلوب الناس.
٤- مسالمة الروح ، شامخة النفس لديها عزة وأنفة وشموخ وليس كبرياء.٥- متواضعة محبة للسلام وتتجنب الانسحاب على الإبقاء في الجراح ٦- رافضة للذل وللهوان وكافة أشكال الضعف ٧- صبورة محتملة للألام والجروح على قدر الجلد والاستطاعة ٨- راجحة الذهن عاقلة تعمل في صمت لا تحب ثرثرة الكلام
٩-شاعرة وأديبة مرموقة موهوبة منذ صغرها متأثرة بالقرآن الكريم في كتاباتها١٠- معلمة وقور في سمتها وشخصيتها متمكنة من لغتها ويجب أن تدرس العروض بصورة جيدة.
** عيوب القصيدة **
١- أولا عيوب الشكل والقالب والبناء :
لا يوجد عند الشاعرة أخطاء في الإملاء أو همزات الوصل والقطع أو التشكيل للحروف أو التنوين ناتجة من استخدام الموبيل ( الهاتف المحمول الجوال أو النقال ) ، وننتهز هذه الفرصة وننوه عن تنوين الفتح الذي يكتب فوق الألف فتحتان بالخطأ ، والصواب تنوين الفتح توضع الفتحتان على الحرف الذي قبل الألف ،و لقد خلت القصيدة من ذلك العيب.
٢- ثانيا عيوب في القلب والمضمون نذكر منها :
١- كسر في عجز البيت الأول ، الوزن مكسور في ( الضرب ) هكذا ( ريل باقي //٥/٥/٥ مفاعيلن ) لنصب كلمة (عمري) بالفتحة على إنها مفعول به. والشاعرة سكنت ياء كلمة ( عمري ) ليستقيم الوزن ( رل باقي /٥/٥/٥ متفاعل أو مستفعل قد أصابها زحاف الإضمار وهو مفبد ).
٢- كسر في صدر البيت السادس : ( لاهيت لك
/٥/٥//٥ مستفعلن ) بسكون كاف الخطاب ، والصواب بفتح الكاف ضمير الخطاب مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
٣- صدر البيت الخامس : ( أنى لقلبي أن يصوغ وفاقي ) بتخصيص قلبها بالضمير ياء المتكلم ، ويا ليت الشاعرة قالت ( أنى لقلب ) بتنوين كلمة ( قلب ) بالكسر حتى تصبح نكرة للتعظيم والعموم والشمول وتنقل الشاعرة تجربتها من تجربة خاصة تخص ذاتها للتجربة عامة تخص كل الناس فيها شمول وعموم. ، ومثلها في البيت الأول ( وشققت عن وجعي وعن أشواقي ) ليتها قالت : ( وشققت عن وجع وعن أشواقي ) ومثلها ( أهديك عمري الباقي ) ليتها قالت ( أهديك عمرا باق) بالإطلاق وبلا تحديد ، فدائما العموم والشمول أفضل من التحديد والتقيد واللفظ العام أفضل من اللفظ الخاص إذا أريد به العموم .
٤- قولها : (صب أنا ) ليتها قالت : ( مسك أنا ) وخرجت من دائرة التذكير والتأتيث ولغة التغليب.
٥- عجز البيت السابع : ( قبلة العشاق) ليت الشاعرة لم تشكل كلمة ( قبلة ) بكسر الكاف وتركتها دون تشكيل ليقرأها كل على هواه سواء ( قبلة ) بضم القاف من التقبيل وسواء ( قبلة ) بكسر القاف من الوجهة والقصد والاتجاه.
٦- صدر البيت الخامس ( حبك نام بين جوانحي ) لفظة ( نام ) تدل على الراحة والهدوء والاستقرار فليت الشاعرة قالت : ( حبك هام بين جوانحي ) أو (حبك ثار بين جوانحي ) سيكون فيها غليانوثورة وعدم استقرار أو قالت : ( حبك طار بين جوانحي ) وسيكون فيها سرعة حركة وطيران والتفاف . ومثلها عجز البيت الثامن : ( وصلا نام با?
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق