معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس يكتب :
دراسة نقدية عن نص :
(لُجة الرُّوح ..) للشاعرة
السورية / Gadaa Ahmd
غادة الياسين أحمد
...............................
نص الاشتغال : ( لُجة الرُّوح .. )
🌸☘️🌸
( لُجة الرُّوح ..)
يا واثق الأركان مثلك ..إنني
أرنو لفيض فيه كل أماني
هديٌ وألطافٌ ونورٌ مُغرِقٌ
قد أنبتت في القلب بحر حنانِ
وفراشةُ الكون الفسيح أصير إذ
سُدت عليَّ منافذُ الأوطانِ
وكما النسائم في الفضاءِ عليلة
ترقى رُقي الروحِ في الأبدانِ
قد شدني عِشقٌ إليكَ لعلني
أروي الفؤادَ وانتشي لثوانِ
فإذا مساحاتُ الضياءِ تَلفنُي
في عالمٍ مًتبتلٍ ..نوراني
فالروح طارت نحو حبكً سابقت
فيك الرجا وغدوت كل كياني
الوصلُ أوقد كل جمرٍ خامدٍ
وجلا الأسى وغدوتَ نور زماني
ويُقالُ أني قد جُننتُ وأنني
لأُقِرُ أن هوى هُداكَ سباني
نفحاتُ حُبكَ يا إلهي أنعشتْ
قلبي المُعنى والأمانُ ..أتاني
وغدوتُ في بحر الهوى صوفيةً
قد أغرقتني لُجة الإيمانِ
غادة ياسين الأحمد *🌹🦋
..........................................
الدراسة :
** عنوان القصيدة **
العنوان : ( لجة الروح )
إنه عنوان مناسب جدا وتنطبق عليه شروط العنوان الجيد للقصيدة فهو ليس بالقصير المخل ، ولا بالطويل الممل ، وهو يتكون من كلمتين فقط : ( لجة ) ، و( الروح ) ، ومعنى كلمة ( لجة ) : مُعْظم البَحْر حيث لا يُدرك قَعْرُه ، وما يَبْدو بعيدَ الغَوْر، ومنه قول الله عز وجل : ( وقيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته ''لجة" وكشفت عن ساقيها ... آية ٤٤ من سورة النمل .. أما كلمة ( الروح ) فمن معانيها : ١- هي مادَّة مُستَخرجَة بالتَّقطير ومُرَكَّزة فنقول: "رُوْحُ الزَّهْرِ" أي سره وخلاصته وصفوته وقوامه وعصارته ولبه وأثمن ما فيه ، وهذا يتماشى مع خلاصة تجربة الشاعرة في الوصول للحب الإلهي.
2- الروح هي : النَّفس والذات ومالها وما فيها من ضمير وإدراك وما به حياتها، وهي الجانب المعنوي من الإنسان عبارة عن جسم اثيري هلامي لطيف خفيف ليس فيه ثقل أو كتلة شفاف غير معروف الشكل ولا الكنه ولا الوزن ولا اللون ولا الرؤية به يقوم وينهض البدن وبه قوام الجسد ، وبها تقوم كل العمليات الفسيولوجية، ومن غير الروح يهمد ويخمد ويتعفن الجسد ، وهي سر الله في خلقه ، ونفخة منه ( ونفخت فيه من روحي ) و"ليس للأَشياء رُوح" ، ( ويسألونك عن الروح فقل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ... آية ٥٤ من سورة الإسراء ) ، فالروح من عالم الأمر وغير قابلة للبحث أو التجريب أو ( الدراسة المعملية ) ، وهذا العنوان ( لجة الروح ) مناسب جدا للقصيدة ؛ لأن موضوعها صوفي فيه رحلة للوصول لحقيقة الإيمان و البحث والكشف عن سبر أغوار سر الذات وانتشاء النفس البشرية، ولذة ومتعة لجمال الطبع والرضا الذاتي النفسي والاطمئنان لرسول الحب الرباني وشحنات ونفحات وألطاف الأمن والسعادة الربانية الحقيقية، وهذا العنوان ( لجة الروح ) مأخوذ من البيت الأخير رقم (١١) الحادي عشر من القصيدة والذي يقول : ( قد أغرقتني لجة الإيمان )، وليت الشاعرة جعلت عنوان النص : ( لجة الإيمان ) أي عمقه بدلا من ( لجة الروح ) ، ولكن الشاعرة استصعبتها واستثقلتها فالإيمان بضع وسبعين (٧٠) شعبة ، وهذا العنوان ( لجة الروح ) ليس بغريب عن مقاصد ومعاني القصيدة ( الحياة ) ومغزاها فكلما كان العنوان جزءا مهما من أجزاء القصيدة كلما كان أولى وأحق وأجدر وأحسن وأفضل وأنسب وأميز وأروع وأجمل.
** غرض النص ومغزاه**
**والجديد فيه **
١- غرض النص :
هو ( الوصف ) : وصف الحالة الشعورية النقية التي عليها الشاعرة ، وإحساسها بلذة وحلاوة الإيمان .
٢-ومغزى النص أوهدف القصيدة : -
هو توصيل للمتلقي نفحة، و( جرعة ) إيمانية دسمة من الحب والعشق الإلهي تسمو بروحه وتصعد بنفسه لإشراقات علوية وبهاءات سنية ، استطاعت الشاعرة فيها أن تحول تجربتها الذاتية الخاصة لتجربة صوفية ذاتية عامة يشعر بها ويحسها كل من يقرأ القصيدة ( كمنبع صاف دافق ينهل منه الآخرون فتمتلأ قلوبهم بالمحبة والإيمان والنور والرضا والاطمئنان والثبات ).
٣- الجديد في النص :-
إنه تواصل وشعور ورسالة وطاقة إيجابية روحية إيمانية منبعثة من ذات الشاعر لله عز وجل في صورة فطرية سليمة بلا إعدادات مسبقة، ولا أحزاب مبرمجة ، ولا مذاهب مشتتة ، ولا اتباع شعراء سابقين تسير على نهجهم الشاعرة بل هو توظيف لحالة الشاعرة الفطرية في حبها الفياض لله عز وجل وتمسكها بحبل الله المتين.
** شرح مجمل أبيات القصيدة **
-تبدأ الشاعرة قصيدتها في البيت الأول : ( ١- يا واثق الأركان مثلك .. إنني أرنو لفيض فيه كل أماني ) بأسلوب النداء كعادة الشعراء القدامي الإحيائين بخطاب الصاحب ( يا صاح ...) أو بخطاب المثني ( يا صاحبيا .. ) فتقول : ( ياواثق الأركان ) تقصد أركان الإلهام والدين والقيم والمثل والعادات والتقاليد وواثق الأركان هو : آدم ( الإنسان بوجه عام في أي زمان وأي مكان في أي بيئة وفي كل عصر من العصور على وجه العموم ) ، وتعني وتقصد الشاعرة بكلمة ( مثلك ) : أي المحبوب ( الشخص المحترم الملتزم المحب بصدق ونقاء وإخلاص وطهارة روح وفيض عبادة ، وليس شغف الجسد على وجه الخصوص) ، ثم تضع الشاعرة مجموعة من النقاط بعد كلمة مثلك هكذا (....) ومعناها تخيل صديقي القاريء وأكمل أنت النقط أكمل أنت النقط سيدي المتلقي كما تحب وترضى شاركنا برؤيتك وكتاباتك هكذا : ( مثلك ... ينبع منه كل خير ومثلك ينبع منه كل حب) ، فالشاعرة مثلك ترنو وترقب وتنتظر وتشاهد فيوضات من أمنيات الرؤى الجميلة ، وجدير بالذكر إن الشاعرة موفقة جدا في البيت الأول وبخاصة في كلمة : ( أرنو ) ؛ لأن من معانيها ( أدام النَّظر إليه في سكون طَرْفٍ )، فنقول : ( أخذت الأم ترنو إلى طفلها بعطف)، ونقول : ( رنا إلى ..) أو نقول : (رنا لـمنظرٍ طبيعيّ.. ) ونقول : ( رنا فلان يعني : طرب ولها مع شغل قلب ) ، ونقول : ( رنا إلى حديثه أي أصغى إليه ) ، ( فالرنا : مايرنى إليه لحسنه ولحسن ذاته ) ، وفي البيت الثاني : ( ٢- هدي وألطاف ونور مغرق .. قد أنبتت في القلب بحر حنان ) وهذه الرؤى هدي وهداية بيان وهداية رشاد وهداية معونة وغوث وألطاف ربانية وأنس ورحمات إلهية ونور وضياء نغرق فيه من كثرة نور الهداية التي هي بالفعل ضد الضلال ، هذا الهدى وهذا الهدي ، وهذه الألطاف النورانية قد أنبتت فعلا وترعرعت كالأرض في القلب ببحر مكنون مسجور من حنايا الحنو والتحنان والحنان ، وفي البيت (٣) الثالث : ( وفراشة الكون الفسيح أسير إذ ... سدت علي منافذ الأوطان ) ، وهنا تعترف الشاعرة وتتخيل إنها فراشة وحيدة بذاتها لكل هذا الكون ( الدنيا أو المجرة كلها ) الواسع الفسيح ، والفراشة ما زالت تطير نحو النور إذ سدت وأقفلت وأغلقت عليها منافذ الأوطان .. لماذا ؟ بما ولما يفعله أهل الشر والمعاصي في أوطانهم ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .. الآية ٣٠ من سورة الأنفال )، وفي البيت الرابع : ( ٤- وكما النسائم في الفضاء عليلة ... ترقي رقي الروح في الأبدان ) وباستخدام التشبيه التمثيلي ( تشبيه حالة بحالة ) تشبيه حالة النسيم الرقيق المتصاعد في الفضاء والمتعالي في السماء ( نسيم الصبا ) بحالة سمو ورقي الروح في المعراج واكتمالها ثم نزولها وسكونها في الأبدان والأجساد ، ومعنى كلمة ( عليلة ) : 1- مُنْعِش ونقول : "نَسيم عَليل" ، هواء عليل : أي نسيمٌ رقيق ليِّنُ الهبوبِ، مُنعشٌ لطيف. وعليه كان المعنى الذي تقصده الشاعرة ... أما المعنى الثاني2- سَقيم، مريض، مُتَوَعِّك. "أَحسَّ بأَنَّه عليلٌ" أي ( مريض) ، وما تقصده الشاعرة هو : (نسائم عليلة بمعنى رقيقة ) ، فالهواء إذا رق ولأن وضعف وصار عليلا كان أنسب وأحسن للمريض وكان سببا في شفائه ، وفي البيت الخامس : ( ٥- قد شدني عشق إليك لعلني .. أروي الفؤاد وانتشي لثواني )، وهنا تقرر الشاعرة الصوفية باستخدام ( قد ) وهي أداة توكيد للفعل الماضي أنها شدها وجذبها ( عشق ) باستخدام المفردة النكرة بدون ( ألف ولام التعريف أو العهد ) التي تفيد تعظيم العشق وأي عشق جنوني هذا قد شد الشاعرة ؟ لابد أن يكون عشق عظيم عشق كما يقول الصوفية للذات الإلهية ( حب عبادة ) كما فعلت أم الخير مولاة آل عتيك رابعة بنت إسماعيل العدوية المولودة بالبصرة. سنة (١٠٠)مائة هجريا حين قالت في قصيدتها أحبك حبين :
(عرَفْتُ الهَوى مُذ عَرَفْتُ هواك ... وأغْلَقْتُ قَلْبى عَلىٰ مَنْ عَاداكْ
وقُمْتُ اُناجِيـكَ يا مَن تـَرىٰ ...
خَفايا القُلُوبِ ولَسْنا نراك
أحِبُكَ حُبَيْنِ حُبَ الهَـوىٰ ...
وحُبْــا لأنَكَ أهْـل لـِذَاك
فأما الذى هُوَ حُبُ الهَوىٰ ...
فَشُغْلِى بذِكْرِكَ عَمَنْ سـِواكْ
وامّـا الذى أنْتَ أهلٌ لَهُ ...
فَلَسْتُ أرىٰ الكَوْنِ حَتىٰ أراكْ
فلا الحَمْدُ فى ذا ولا ذاكَ لي ...
ولكنْ لكَ الحَمْدُ فِي ذا وذاك) ،
ثم تعطي الشاعرة سببا لهذا العشق لعلها؛ تروي الفؤاد والتأثر واضح بالقرآن الكريم في قول الله عز وجل : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا .. آية ٣٦ من سورة الإسراء ) ، وباستخدام الواو العاطفة ( وانتشي لثواني ) ولماذا تنتشي الشاعرة من هذا العشق؟ إنها حالة وجودية فيها وجد وحب وعشق وأنس بالله ، ولكن لماذا هذا الانتشاء أو هذه النشوة أو حالة الوجد ( لبضع ثواني فقط ) ؟..إنها تقصد عودة الحياة للفراشة المختنقة ( الشاعرة ذاتها ) فالفراشة كناية عن الشاعرة بعد سد منافذ الأوطان في سرعة تكفيها ثواني لعودة الحياة في رأتيها
ولربما الشاعرة غير موفقة في قولها : ( انتشي لثواني ) هل تكفي الثواني لرقي الروح في الأبدان ولشد العشق ، ولإقرار الحب ونفحاته ولروي الفؤاد ، وإجلاء الأسى والحزن ، وطيران الروح؟ هل لأن الشاعرة عبارة عن فراشة رقيقة فتكفيها الثواني والوصل جمر ؟؟ وكان يمكنها أن تقول : ( انتشي بمكاني ) أو( انتشي لعناني) أو( انتشي لبياني ) أو أي تعبير مجازي آخر ... وهذا التعبير ( انتشي لثواني ) يؤخذ على الشاعرة ، لأن اللحظات لا تكفيها ولا تكفي حبيبها ولا تكفي المتلقي ، ( فالثواني وحتى وإن كانت جمرات في دمها ) قليلة على الانتشاء بكمية ، وقدر هذا الحب المهول الممتليء بالفيوضات التي تعيشها مع النسيم وإن دبت فيها الروح لعودة الحياة، ولعل الشاعرة دون قصد أو عمد متأثرة بقول أمير الشعراء أحمد شوقي : ( دقات قلب المرء قائلة له .. إن الحياة دقائق وثوان ) ،وفي البيت (٦) السادس : ( فإذا مساحات الضياء تلفني ... في عالم متبتل نوراني ) فتقر الشاعرة في هذا البيت باستخدام ( إذا ) التي تفيد التحقيق أن مساحات الضياء ومسافات النور تلف وتحاصر وتطوق الشاعرة في عالم مثال مفضال يحوطها من كل مكان تتواجد به أو فيه وحولها رهبة وخشوع وتبتل وخضوع ، ومن معاني تَبَتَّل :1- تفرَّغ لعبادة الله.
2- ترَك الدنيا زُهْدًا فيها
3- انقطع للعبادة ولم يتزوج،
وفي البيت (٧) السابع : ( فالروح طارت نحو حبك سابقت ... فيك الرجا وغدوت كل كياني ) فالشاعرة هنا لا تخاطب حبيبها الرقيق الخاشع المتبتل ( واثق الأركان ) ولكنها تخاطب حبيبها الذي تحبه وتخشاه وهو ( الله ) وتقول له : ( إن الروح طارت وهامت وطاشت جنونا وعرجت في عالمها الملكوتي نحو وتلقاء وتجاه حبك وقد سابقت في ملكوت محبوبها الرجاء حتى أصبح حبيبها ومحبوبها رفيقا في كل كيان عالم ذات الشاعرة. وفي البيت (٨) الثامن : ( الوصل أوقد كل جمر خامد .. وجلا الأسى وغدوت نور زماني ) ، فلم تخاطب الشاعرة هنا حبيبها البشري ولكن حبيبها الحق والحقيقي ( الله ) وتقول : فالوصل والوصال وما بينهما ( الشاعرة ومحبوبها ) قد أوقد وألهب وأشعل كل جمر خامد وساكن وهامد وخافت ومنطفيء ، فظهر ورحل وجلا الأسى والحزن حين غدى محبوبها وصار كل كيانها ونور زمانها وسراجه.
وفي البيت (٩) التاسع : ( ويقال إني قد جننت وأنني ... لأقر أن هوى هداك سباني ) ، وباستخدام لغة التمريض والمبني للمجهول للعلم بالفاعل وهم : ( المرجفون - النمامون - الوشاة - سعاة الشر - الحاسدون، وكل من على شاكلتهم أوغيرهم) يقولون على الشاعرة ، ويتقولون إنها قد جنت وطار عقلها وإنها باستخدام ( لام التوكيد ) لتقر وتعترف أن هوى هدى وهدي ورشاد وعقل وفعل حبيبها ( الله ) قد أسرها وسباها وصيرها محبوبة وعاشقة ليس لها إرادة وكأنها جارية أو سبية أو أسيرة حرب هوى الطاعة والحب) ، وفي البيت (١٠) العاشر قبل الأخير من القصيدة : ( نفحات حبك يإلهي قد أنعشت ... قلبي المعنى والأمان أتاني ) وأخيرا تكشف الشاعرة في هذا البيت عن هوية حبيبها فتقول : ( نفحات حبك يا إلهي ) فمحبوبها هو ( الله ) وكأنها تسير على خطى رابعة العدوية شهيدة الحب والعشق الإلهي أو أنها تخاطب حبيبها ( البشري واثق الأركان ) فقط في أول بيت القصيدة على عادة الشعراء العرب القدامى وعلى عادة شعراء الأحياء ، وتكون جملة ( - يا إلهي - ) جملة اعتراضية بين شرطتين ( نداء تعجبي) فيه استغراب وتعجب وجمال وجلال من نفحات الإنعاش التي وصبتها غمرا وأصابت قلبها المعنى الأسير ، وكأنه سهم قد أتاها ، ولكنه سهم الأمان وليس سهم القتل والموت.
ثم تنهي الشاعرة روائع قصيدتها بقولها حين تتحدث عن نفسها في البيت (١١) الحادي عشر والأخير من القصيدة : ( وغدوت في بحر الهوى صوفية .. قد أغرقتني لجة الإيمان ) وهذا اعتراف صريح ومباشر من الشاعرة أنها صوفية ( مجازا ) لا ( حقيقة ) فالصوفية عند الشاعرة هي : اتباع منهج للحياة يعتمد على حب ( الله ) وليس الخوف منه ، وعلى هذا عاشت الشاعرة قصة حب طاهرة نورانية زكية ، رحلت فيها الشاعرة مع الروح إلى عالم مثال مفضال، وقد غرقت فيه الشاعرة في لجة بحر الهوى الصوفي بالإيمان مثل حبيبها واثق الأركان يتناجيان پإلهام (حديث الروح ) وما أجمله من حديث !! وما أروعه من لقاء !! يغرقان فيه ويصلان إلى ( لجة الروح) وسرها العاطر المكنون.
** الموسيقا في القصيدة **
ينقسم العنصر الموسيقي في النص إلى قسمين : أولا : ١- موسيقا جلية ظاهرة وواضحة وخارجية تتمثل في : الوزن - القافية - التصريع - حسن التقسيم - الجناس ). وثانيا : ٢-موسيقا داخلية خفية نابعة من تضافر وانسجام وتناغم الألفاظ وتناسق هرمونيتها .
أولا : الموسيقا الخارجية
ومنها : ١- الوزن أو البحر وهو : ( الكامل ) متفاعلن (///٥//٥ ) مكررة ٦ ( ست ) مرات في كل بيت من أبيات القصيدة (٣) ثلاثة في صدره و(٣) وثلاثة في عجزه ، ومفتاح البحر ( كمل الجمال من البحور الكامل .. متفاعلن متفاعلن متفاعلن ) ، وله ثلاثة أعاريض وتسعة أضرب ، والصورة التي اختارتها الشاعرة لهذا البحر هي : العروض صحيحة والضرب مقطوع ) وجدير بالذكر أن (علة القطع) هي : حذف الساكن الأخير من التفعيلة وتسكين ماقبله فتتحول ( مفاعلتن ) إلى ( مفاعيل )، ويدخل حشو هذا البحر زحاف (الإضمار ) بحسن ولطف ، وهذا ما فعلته الشاعرة فقد أدخلته على القصيدة في الحشو والعروض والضرب ، ويستعمل هذا البحر تاما ومجزوءا ، ولقد استخدمته الشاعرة تاما. والقصيدة بعد تقطيعها عروضيا لم نجد فيها أى ذلل أو أى كسر ، وهذا كله يحسب للشاعرة .
العنصر الثاني من عناصر الموسيقا الجلية (٢- القافية ) - القافية : هي أصوات وحروف كلمة أو بعض كلمة أو جزء من كلمة أو كلاهما معا ، وهي من أول متحرك بعده ساكنان يحصران بينهما حروف متحركة من آخر كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي أنواع : ( متكاوس ومتراكب ومتدارك ومتواتر ومترادف)
وقافية القصيدة ( لجة الروح ) التي معنا ونحن بصدد دراستها الآن هى قافية ( المتواتر /٥/٥ )، والمتواتر كل لفظ قأفية فصل بين ساكنيها حركة واحدة ، ( متحرك واحد بين ساكنين ) بعد أول متحرك من نهاية كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي قافية مطلقة بالنون المكسورة وهو ( رويها ) وحركة مجراها الكسرة ورويها المطلق ( النون ) ممدود ومشبع أو موصول ( بياء ) ، وهي قافية مجردة من الردف والتأسيس ، ومردوفة ( بألف مد ) قبل الروي ( النون ) ، وكلمات القافية (١١) إحدى عشرة كلمة هي : ( ماني - ناني - طاني - داني - واني - راني - ياني - ماني - ياني - ناني - ماني) مأخوذة من الكلمات : ( أماني - حناني - أوطاني - أبداني - ثواني - نوراني - كياني - زماني - سباني - أتاني - إيماني ). والشاعرة موفقة جدا في القافية.
ثالثا : (٣- التصريع أو المصراع وهو بوابة القصيدة ودلفتيها ) ، والتصريع من عناصر الموسيقا الظاهرة الجلية ، ويكون في البيت الأول فقط من أي قصيدة عمودية تتبع منهج الخليل في ( العروض والضرب ) فقط ، والتصريع هو : تكرار الحرف الأخير من آخر كلمة في صدر البيت الأول وآخر كلمة في عجز الشطر الثاني من البيت الأول هكذا : ( يا واثق الأركان مثلك إنني ...أرنو لفيض فيه كل أماني ) فالمصراع بين : ( إنني - أماني ) فالكلمتان تنتهيان ( بالنون والياء )، وهو يعطي جرسا موسيقيا ونغمة تستريح لها الأذن ويجذب الذهن ويشد الانتباه ويساعد على الحفظ.
** رابعا الجناس **
( ٤- التجنيس من عناصر الموسيقا الجلية الواضحة الخارجية )
وهو نادر وشحيح وقليل في القصيدة ، وذلك ؛ لأن الشاعرة لا تقصده قصدا ، وليست من مدرسة عبيد الشعر والصنعة .. إنما هي شاعرة مطبوعة على الفطرة من مدرسة ( شعراء الطبع والسهل الممتنع ) ، وتكتب ما تحسه وتقرأ ما تحبه وتعرف متى تكتب ؟ وتعرف متى تقرأ ؟ فتحس وتشعر وينبض قلمها فتكتب بطلاقة وسهولة وليونة ثم تحب ماتكتبه فتقرأه بعيونها وتعيشه في خلدها، فالجناس عندها غير متكلف وغير مقصود لذاته ولا تقصده، والجناس هو تشابه الكلمتين في الحروف واختلافها في المعنى ، وينقسم إلى قسمين جناس تام بنفس حروف الكلمة ونطقها وعدد حروفها و ونفس ترتيب حروفها ونفس تشكيلها والشاعرة لم تستخدم الجناس التام في القصيدة ، وإنما استخدمت النوع أو الصنف أو القسم الثاني : ( الجناس الناقص) ومن أمثلة ذلك أو بيان ذلك كالتالي : ( الأماني - الأمان ) ، ( لعلني - الفني - إنني ) ، ( هوى - هدي ) ، ( نوراني - ثواني - زماني ) ، ( أتاني - سباني ) والشاعرة موفقة في الجناس **خامسا : ( ٥- حسن التقسيم )** :
وهو من عناصر الموسيقا الصاخبة ونعني به تقسيم الأبيات إلى وحدات صوتية بحروف معينة متساوية في الزمن والنطق والتقطيع والإبداع من مثل : ( هدى وألطاف ... ونور مشرق ) ، ( متبتل نوراني - نور زماني ) ،ة( هداك سباني - الأمان أتاني - لجة الإيمان - متبتل نوراني ) ، ( فيك الرجا - جلا الأسى ).
**:ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية **
وتتبع من تضافر الحروف وتناسق الكلمات وتناغم العبارات ، وهرمونية الألفاظ وانسجام الجمل وتعانقها ، ومنها مايلي : ( الأوطان - الأبدان - الأركان ) ، ( ترقى - رقي ) ، ( نفحات - مساحات ) ، ( أنبتت - انتشت - سابقت ) ، ( غدوت - جننت ) فعليك أن تلاحظ تكرار حروف ( الألف والنون والتاء ) في مثل هذه الكلمات المتألقة والمتداخلة والمتراصة والمنتظمة والمتوائمة في نطقها. والشاعرة موفقة في العنصر الموسيقي ويحسب لها.
** الأساليب في القصيدة **
أولا الأساليب الإنشائية :
١- ( يا واثق الأركان ) : أسلوب نداء للتنبيه والتعظيم ولإظهار الحب العميق وأداة النداء (يا) للقريب.
٢-( يا إلهي ) : أسلوب نداء للتعظيم ، وأداة النداء ( يا ) وفيه إظهار للحب.
ملحوظة :
وعلينا أن نلاحظ قلة الأساليب الإنشائية وندرتها ، لأن المقام الذي فيه الشاعرة مقام علو وسمو مقام لذة وسموق ومقام مناجاة الحبيب لحبيبه فتخاطبه الشاعرة بالحب والصدق وليس بأساليب الإنشاء والطلب فهي قنوعة جدا وراضية بحالها مع الله ، وليس لديها طلبات تطلبها من الله غير العيش في رغد والاستمتاع في معيتها مع الله ، فلم نجد تساؤلا أو استفهاما أو نفيا أو تمنيا أو أمرا أو ورجاء .. لم تسمح الشاعرة لنفسها أن تخرج من حالة الوجد والعشق والحب الذي تحياها وتعيشها مع مولاها فهي تحبه ولا تخاف منه ، وتقبل عليه بلا إدبار عارمة في رحمته غارقة في لجة الإيمان في بحر الهوى.
** ثانيا الأساليب الخبرية **
ومن أساليب التوكيد :
١- ( إنني أرنو ) ، ( أني قد جننت ) ، ( وأنني لأقر أن هوى هداك سباني ) ثلاثة أساليب مؤكدة للجمل الأسمية ( بإن وأن واللام ) ، وكلها تؤكد الحالة الإيمانية التي عليها الشاعرة.، ٢-( قد أنبتت ) ، (قد شدني) ، ( قد أغرقتني) ثلاثة أساليب مؤكدة ( بقد ) التي تؤكد الجمل الفعلية ، وفعلها ماض للاستقرار والتوكيد وثبوت حالة الإيمان وترسيخها عند الشاعرة ، ٣-( فإذا مساحات الضياء تلفني ) ، ( إذ سدت على منافذ الأوطان ) أسلوبان للتحقيق باستخدام ( إذا ) للتحقيق ، و (إذ ) الفجائية.
٤- (فيك الرجاء ) : أسلوب قصر وتخصيص و توكيد باستخدام التقديم والتأخير فلا تبدأ الجملة في اللغة العربية بجر ومجرور ( في ) حرف جر والكاف ( ك) ضمير في محل اسم مجرور ( فيك) وشبه الجملة خبر مقدم والمبتدأ ( الرجاء ) مبتدأ مؤخر ، وترتيب الجملة الطبيعي إنها جملة اسمية مبتدأ وخبر ( الرجاء فيك ). وكلها أساليب توكيد تؤكد أحاسيس وشعور وعاطفة الشاعرة الجياشة وتجربتها.
** ومن التعبيرات العملاقة في النص ( الخيال الجزئي) **
-ومن الأساليب الخبرية التي اعتمدت على علم البيان باستخدام ( التشبيه أو الاستعارة ) ما يلي :
١- التشبيهات : - وكما النسائم في الفضاء عليلة ) تشبيه تمثيلي أداته ( كما ) تشبيه حالة النسائم في رقيها بحالة رقي الروح في الأبدان وهو تشبيه منتزع من البيئة وفيه سمو.
-( نور مغرق ) ، ( عالم متبتل نوراني ) تشبيه بليغ عن طريق الوصف ( بالنعت) ، ( غدوت نور زماني ) ، ( غدوت .... صوفية ) عن طريق الضمير والناسخ وخبره.
ثانيا الاستعارات :
١-ومن الاستعارات المكنية :
( شدني عشق ) ، ( جلا الأسى ) ، ( أروي الفؤاد ) ، ( مساحات الضياء تلفني ) ، ( أنعشت قلبي المعنى )، ( أغرقتني لجة الإيمان ) ،
٢- ومن الاستعارات التصريحية :
-(الروح طارت ) ، ( الأمان أتاني ) ، ( نفحات حبك أنعشت ) ، ( الوصل أوقد ) ، ( هوى هداك سباني ) ، وكلها فيها خيال وإبداع وابتكار وصور بيانية ولون بلاغي وخيال جزئي.
** خصائص أسلوب الشاعرة **
استطعنا أن نرصد من خصائص أسلوب الشاعرة ( ٨ ) ثمان خصائص منها : ١- الخصيصة الأولى : استخدام الفعل المبني للمجهول أو المبني ( للمفعول ) للعلم بالفاعل مثل : ( سدت ) فعل ماض مبن للمجهول للعلم بالفاعل وهم الأعداء ومن يسعون بالوشاية ويجرون الخراب على أوطاننا من الأعداء، ومثل الفعل ( يقال ) : فعل مضارع مبن للمجهول ، ( وبه لغة تمريض في علوم الحديث ) فلم تقل الشاعرة من الذي قال ؟ لكثرتهم وللعلم بهم وهم الوشاة والحاسدون ، والكارهون للحب .
٢- الخصيصة الثانية :
وهي : ( خصيصة الترادف ) ومثالها ما يلي : ١-أولا الترادف : ( القلب = الفؤاد ) ، ( النور = الضياء ) ، ( سباني = شدني ) ( هوى = حب ) ، ( المعنى = سدت = شدني ) ، ( المنافذ = الفضاء = الفسيح ) ، (طارت = ترقي = رقي) من حيث دلالات المعاني وإشعاعاتها.
٢-ثالثاالخصيصة الثالثة التضاد والطباق ومنها : ( الروح × الأبدان ) ، ( واثق × يقال ) ، ( حنان × جمر ) ، ( سباني × طارت ) ، ( الأمان × أغرقتني ) ، ( منافذ × طارت ) ، ( الأسى × أنعشت ) ، ( حنان × الأسى ) ، ( ترقى × شدني ) ، ( المعنى × طارت ) ، ( المنافذ × سدت ) ، ( طارت × أتاني ) ، ( أتاني × غدوت ).
٣- الخصيصة الرابعة : ( خصيصة التكرار) ومنها : ١-( الروح ) : تكررت مرتين ( الروح طارت - رقي الروح )، ٢- ( إنني ) تكررت مرتين ( إنني أرنو - إنني لأقر ) بالإضافة إلى ( أني قد جننت ) ، ٣-تكرار كلمة ( هدى ) مرتين في البيت الثاني والتاسع ( هدى وألطاف - هدى هداك ) ،
٤-تكرار كلمة ( بحر ) مرتين في البيت الثاني والحادي عشر ( بحر حنان - بحر الهوى ) ،
٥- تكرار كلمة (قد ) أربع مرات في البيت الثاني ( قد أثبتت ) ، وفي البيت الخامس ( قد شدني ) ، وفي البيت التاسع ( قد جننت ) ، وفي الحادي عشر ( قد أغرقتني )
٦-تكرار كلمة ( غدوت ) ثلاث مرات في البيت السابع (غدوت كل كياني )، وفي البيت الثامن(غدوت نور زماني)، وفي البيت الحادي عشر ( غدوت في بحر الهوى ). ٧- تكرار كلمة ( نور ) مرتين في البيت الثاني ( نور مغرق ) وفي البيت الثامن ( نور زماني ) بالإضافة إلى ( مساحات الضياء.
٥- الخصيصة الخامسة ( خصيصة العطف ) : فقد تكرر العطف بالواو والفاء ، ١- تكرار (بالواو) في (١٢) أثني عشر موضعا هي : ( وألطاف - ونور - وفراشة - وكما - وانتشي - وغدوت - وغدوت - وجلا - ويقال - وأنني - والأمان - وغدوت ) ،
٢-وكذلك تكرر العطف مرتين باستخدام (الفاء) العاطفة مرتين
في موضعين اثنين هما : ( فإذا - فالروح ).
٧-الخصيصة السادسة : ( خصيصة الإضافة بالمضاف والمضاف إليه)
فقد تكررت هذه الظاهرة حوالي (١٥) خمس عشرة مرة بيانها كالتالي : ( مثلك - كل أماني - بحر حنان - منافذ الأوطان - رقي الروح - فيه - مساحات الضياء - نحو حبك - كل كياني - كل جمر - نور زماني - هوى هداك - نفحات حبك - بحر الهوى - لجة الإيمان ) ،
٨- الخصيصة السابعة : استخدام (الوصف) فقد استخدمته الشاعرة (٧) سبع مرات في قولها : ( لفيض .. فيه كل أماني ) - ( نور ... مغرق ) - ( الكون .. الفسيح ) - ( عالم .. متبتل .. نوراني ) - ( جمر .. خامد ) - ( قلبي .. المعنى ).
الخصيصة الثامنة : ( خصيصة الجر والمجرور ) فقد تكررت (٩) تسع مرات في قول الشاعرة : ( فيه - في القلب - علي - في الفضاء - في الأبدان - إليك - لثوان - في عالم - في بحر ).
ملحوظة هامة : ولاشك أن كثرة تكرار ألفاظ معينة بنصها قد يضعف ويفقر من قاموس كلمات القصيدة.
** دراسة ظاهرة الأفعال في النص **
١-الفعل الماضي : تكرر (١٦) ست عشر مرة بيانها كالتالي : ( أنبتت - سدت - شدني - لعلني - طارت - سابقت - غدوت - أوقد - جلا - غدوت - جننت - سباني - أنعشت - أتاني - غدوت - أغرقني ).
٢- الفعل المضارع : وقد تكرر (٨) ثمان مرات بيانها كالتالي : ( أرنو - ترقى - أروي - انتشي - تلفني - يقال - أقر - أصبر ) والفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار والتتابع واستحضار الصورة في الذهن .
٣- الفعل الأمر صفر لا يوجد في القصيدة أفعال أمر ؛ لأن الشاعرة في حالة وجد وحب وعشق وليس أمر ونهي ، وجدير بالذكر أن أفعال الماضي ضعف أفعال المضارعة مما يعني ثبوت وتوطيد وتوكيد واستقرار حالة الحب والعشق في وجدان الشاعرة والنسب كالتالي : ( الماضي :١٦ ، المضارع: ٨ ، والأمر صفر ). فالأفعال بيان واضح لعاطفة الشاعرة الجياشة وحالة الوجد والفيض،
والشاعرة موفقة في ذلك.
** الصورة الكلية القصيدة **
قد استطاعت الشاعرة أن تنقل لنا حروف قصيدتها من فضاءات عالم الانزياح والخيال الجزئي المنظم إلى خيال كلي ومركب ورسمت لنا لوحة زيتية جدارية بريشة فنان تشكيلي تعلق على الحائط تضافرت (شخوصها) في : شاعرة محبة عاشقة لربها في نفحات شهر رمضان تخاطب واثق الأركان مثلك ، ثم تخاطب ربها وتثبت علاقة الحب والوحدة والفيض بينها لربها في حالة إيمانية صوفية عميقة ، وتجلت ( خيوط اللوحة في : صوت ولون وحركة ) ١- ومن الكلمات التي تدل على اللون (٨) كلمات هي : ( نور - نوراني - الضياء - فراشة - الأبدان - جمر - بحر - لجة ).
٢- ومن الكلمات التي تدل على الصوت (٦) ست كلمات هي : ( يا واثق - يا إلهي - يقال - لجة -الإيمان )
٣- ومن الكلمات التي تدل على الحركة (٣٠) ثلاثون كلمة هي : ( أرنو - مغرق - أنبتت - فراشة - الفسيح - سدت - منافذ - النسائم - تربى - رقي - شدني - أروي - انتشي - مساحات - تلفني - متبتل - طارت -غدوت - غدوت - غدوت - سابقت -أوقد - خامد -جلا -سباني - أنعشت - أتاني - بحر - أغرقتني - لجة )، وعليه تكون الكلمات التي تدل على الحركة هي التي لها الغلبة في القصيدة لتدل على النفحات الإيمانية في شهر رمضان وأكثر من كلمات اللون والصوت بضعفين ،وعليه تكون النسبة كالتالي : ( الحركة : ٣٠ : اللون ٨ : الصوت :٦ ).
وكلها تصب في مصلحة القصيدة.
** الخاتمة ( ** كلمة الناقد **) :
١-إن ظاهرة الحب الإلهي ليست بجديدة على الشعر العربي بل أجادها الشعراء منذ عصر رابعة العدوية حتى عصرنا هذا ... ولكن الشاعرة برغم أنها قالت في البيت الأخير من القصيدة : ( غدوت في بحر الهوى صوفية ) إلا أنها تقصد نفحات رمضان الإيمانية ، فلا يوجد صوفي حقيقي في الكون يعترف بصوفيته ، ولكن الشاعرة تتحدث وتنقل لنا تجربتها وعاطفتها الجياشة والمؤثرة وترجم إحساسها المفعم بالسعادة والمعية مع حبيبها ربها ( الله )، فبرغم تقصيرها مع الله واعترافها بذنوبها فهي لا تخاف من الله بل تحبه وتعشقه وعندها أمل كبير في رحمته التي وسعت كل شىء فهي واقعة في حبه وطامعة في جنته ، وفي غفران ذنوبها ، وهي على الإيمان المجمل مثل بقية المسلمين إيمان الفكرة النبيلة والفطرة النقية السليمة ، وليس على منهج الصوفية الضال ( بالشطحات والحلول وبنظرية وحدة الوجود والاتحاد والفناء والمثول عن شهود السوى والمواجيد والتغزل في الذات الإلهية .. فحب الشاعرة لله حب طبيعي حب مؤمنة صادقة مع ربها تشعر بنفحات إيمانية في ليالي مباركة من شهر رمضان الفضيل .
٢-وفؤ النهاية لا يسعني إلا شكر الشاعرة وتقديم إحصائية كلمات القصيدة : فتحتوي القصيدة على (١٤٥) كلمة موزعة كالتالي : ( الحروف ٣٨ ، والضمائر ٢٧ ،وكلمات الجمع ١٣ ، وكلمات المفرد ٤٢ والأفعال ٢٥ ) وهذا يدل على سهولة وجمال ورونق النص.
................................................
كتبه الناقد / معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس ، القاهرة ، مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق