معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس يكتب :
دراسة نقدية عن نص :
( القصيدة البازية ) للشاعر /
غزوان ياقوت العراقي
.........................................
نص الاشتغال (( القصيدة البازية ))
أنا امامٌ لأهــــلِ العشقِ ما عشقـــــــــوا
وغيرَ دينيَ في الأكــــــــوانِ ما اعتنقوا
منْ غيرِ شمسيَ لا شمسٌ بأفقهـــــــــمُ
منْ غيرِ نوريَ ما الأقمـــــــــــارُ تأتلقُ
منْ غيرِ أمري لم يعرفْ لهــــــــم خبرٌ
وقبلَ ذكـــــري ما هلّــــــــوا ولا بَرِقوا
منْ غيرِ كأسي سلافَ الرّوحِ ما شربوا
منْ غيرِ خبزيَ ما ســــــدّتْ لهم رمقُ
ذي دولتي وعيونُ اللهِ تحرسُهـــــــــــا
( من كلِّ ما ذرَّ نجمٍ أو هوى صَعِق )
وذي جيوشي وراياتي مرفرفــــــــــــةٌ
مثلَ الشّواهينِ في الأفــــــلاكِ قد علقوا
وذي صحوني بطيبِ الزّادِ مترعـــــــةٌ
وفـــــــــــوقَ ما تشتهي عينٌ ومُرتَزقُ
عصا الكليمُ بكفّي كنتُ صاحبَهـــــــــا
أرمي بها سحــرَ مَن كادوا ومنْ مرقوا
دقّتْ طبوليَ في الآفــــــــــــــاقِ قاطبة
فالأرضُ في قبضتي كأنّهــــــــــا طبقُ
شوباشُ دارتْ رحى الأكــــوانِ ناطقةً
فاحظوا بنيلِ المنى يا من بنا وثقـــــوا
هذا زمانيَ وحــــــدي قد خصصتُ بهِ
ابشــــــــــــرْ مريدي زماني كلّهُ عبقُ
فاسعدْ بذا الفخـــــــرِ حتّى تستطيلَ بهِ
ففخرُ غيريَ مكـــــــــــــذوبٌ ومختلقُ
واستمطرِ الجـــــــودَ من كفّي بلا مننٍ
فمنهُ جـــــــــاءكَ هـــــذا الوابلُ الغَدَقُ
بارتْ تجاراتُ غيري مِن غباوتِهــــــم
ومــــــــا عليَّ إذا باروا وما نفقــــــوا
ومذْ دحا ربُّكَ الأفــــــــلاكَ وانشطرتْ
وقـــــــــــالَ لي : كنْ وعيّتْ ألسنٌ ذُلُقُ
روّيتُ من خمـــــرةِ الفردوسِ منتشياً
فصرتُ ربَّ القوافي حينمــــــــا نطقوا
أنا البيانُ لمــــــن أعيا اللســــــــانُ بهِ
أنا الأميرُ لأهلِ الشّعــــــــــــرِ لو نطقوا
أنا الدّليلُ لمـــــن تاهـــــــوا وما علموا
وفي يدي تلتقي الأضـــــــــــــدادُ تتفقُ
الشّعرُ فخري بثوبِ المجــــــــدِ متّشحٌ
ابصرْ ترانيَ إنجيلاً لمــــــــــن عشقوا
ومثلُ شعريَ لن يأتي بهِ أحــــــــــــــدٌ
ولا أراني أنا والشّعــــــــــــــرُ ننعتقُ
ميّاسةُ القدِّ اشعــــــــــاري اذا انفتقتْ
رأيتَ منهـــــــــــا عيونَ النّورِ تنبثقُ
ذي معجزاتُ قصيدي دونَ مفخـــــرةٍ
نصيبُ غيريَ منهُ الهـــــــــمُّ والرّهقُ
يجيؤني وعيونُ القــــــــــومِ مسهدةٌ
وحشوهــــــــــا الغمُّ والتّنهيدُ والأرقُ
تمضي بهِ ألسنُ الأيّامِ منشــــــــــــدةً
أرمي بهِ الكـونَ والأنوارُ تندلــــــــقُ
ركبتُ مهـــــــــريَ لمْ أعثرْ بقــــافيةٍ
الحبرُ زاديَ والأقــــــــــــلامُ والورقُ
إنّي إذا قلــــــــتُ بيتاً ضجَّ في شفتي
طــــــــارتْ إليهِ عيونُ النّاسِ تستبقُ
أنا ومهـريَ والأشعــــــــــارُ في سفرٍ
نكادُ من جمـــرةِ التّرحــــــالِ نحترقُ
ألفانِ نمضي وهـــــذا الطّيرُ يصحبُنا
حتّى تضلُّ بنا الأسفــــــــــارُ والطّرقُ
أسري بها في فجـاجِ الأرضِ صاهلةً
حتّى تناثرَ مِنْ اعطافِهــــا العـــــــرقُ
ما زلتُ اشكمَهــــا توقاً واطلقُهــــــــا
كأنّهــا البرقُ في الظلمــــــــاءِ ينفلقُ
أصاحــبُ الليلَ إذ ما لاحَ بارقــــــــــهُ
وأسبقُ الرّيحَ إذ مــا الرّيحُ تنطلــــقُ
وكلّمـــــــــــا قيلَ عنّا ســـوفَ نفترقُ
نبقى عصيّانِ مثلَ الجـــــــذرِ نلتصقُ
أنا العـــــــــراقيُّ والألــــواحُ تعرفُني
أمشي وخلفَ لوائي المجــدُ يصطفقُ
بغدادُ سيّدتي ماءُ الفـــــــــــراتِ أبي
ودجلــــــــــةُ الخيرِ أمّي ماؤهــا دفقُ
يا أرضُ تيهي سما فوقَ السّما علمي
بازُ القوافي أنا والأفــــــــــقُ منطلقُ
سبقتُ أهلَ الهــوى ظرفاً وفي ادبي
وعندَ عُتبةِ بابي تلتقي الفـــــــــــرقُ
أنسيتُ في علميَ الماضينَ من سلفٍ
كأنّهم فوقَ هذي الأرضِ ما خلقــــوا
وخضتُ في لججِ الأسرارِ أكشفُهــــــا
إذا تقّحمَ غيري نالهُ الغــــــــــــــــرقُ
وعاذرٌ لو عيونُ القـــــــــومِ تنكرُني
بعضُ العيونِ تُرى في اللؤمِ تختنقُ
شعر ورسم/ غزوان علي.
.............................................
** العنوان : ** ( القصيدة البازية )
الباز : هو نوع معين من أنواع الشياهين أو الصقور وهوجنْس طَيْر من الفَصيلة الصقرية ( فصيلة الصَّقْريّات ورُتْبة الجوارح ) ، وهو من طيور مصر النادرة ، وله مهارة فائقة في الصيد، والجمع : أبْواز وبيزانٌ،
وهو طائر كبير القَدّ ، رَبْع الجُثّة ، مُدوّر الرَّأْس، مُنْعَقِف المِنْقار قَويّ المَخالب ، وهو سَريع الطَّيَران، شديد الوَثْب مِقدام ، يُعتبر من الطُّيور الضَّارّة الَّتي لا تَعفّ عن داجن أو غير داجن ، ويَأْلف الأحراش الكثيفة.
وكون الشاعر أطلقه علما وعنوانا على قصيدته فهو يعني معناها ويقصده قصدا : ( القصيدة البازية ) أي ( الصقرية ) أي قصيدة العزة والرفعة والسؤدد والشرف والمجد التليد والشموخ والتعالي ، فالنسور والصقور تحوم دائما في الفضاء الرمادي ، وتقتنص فريستها في خطفة عين ولمحة بصر ، ومعني ذلك أن صاحب القصيدة مقتنس ومقتبس عبقري صياد لمعاني شرف عظمة الكلمات ، فارس همام في مجال الشعر يريد أن يوصل لنا ( المتلقي ) رسالة فحواها ومغزاها ومضمونها : (إنه متنبىء هذا الزمان ، وإنه شاعر العصر والأوان ، وإنه الرهوان والأديب الأدباتي صاحب البيان ، صاحب القلم الرهيب الأريب العجيب الذي لا يشق له غبار ، ولا يكسر له سنان ، وإنه شاعر من عيار ثقيل وله وزن يفوق أوزان الكثيرين ، وإنه من نمط فريد يريد أن يباري أعاظم شعراء العصر العباسي حيث كانت العراق هي حاضرة الدول العربية ، وقاطرة الخلافة الإسلامية ، وصدرها المنوط حامي الحمى في الشرق والغرب وما بينهما من بعد أو كثب ) ، وهذا العنوان مستجلب من ذات وداخل ورحم القصيدة وجزء أساسي منزوع منها من البيت السابع والعشرين ( ٢٧ ) حيث يقول الشاعر : ( باز القوافي أنا والأفق منطلق) ؛ ولذلك هذا العنوان يصب في معناها جملة وتفصيلا ، وجعله الشاعر علما وتاجا ونبراسا عليها لدقته في الوصف والفخر ، وإذا دلفنا من العنوان الذي به براعة استهلال وطلاقة ثقة ، وقدرة ، وحسن ، وبيان ، وقرأنا الأبيات الأولى من القصيدة لتأكدنا من الفخر الذي يقصده الشاعر من العنوان .. فخر شاعر له نفس وذات أبية ، نفس تمتلأ بالعظمة والرفعة ، والنرجسية ، روح متميزة ، شاعر له من أكاليل الغار الكثير والكثير المستحق ويزيد ، وله برج عاج يسكنه برصين حروف تحمل معاني النمق والألف والبهاءبأجمل العبارات ، شاعر يطرز القريض بمداد من بحر محيط ، ويشعر كأنه ملك متوج على عرش الشعر ، وله مقام وصولجان وتاج وكرسي ومملكة ، وإنه إمام الشعر ، وهذا السحر والعشق والبيان ( وإن من البيان لسحرا ) كما قال الرسول في حديثه الشريف ، فنجد مطلع القصيدة منذ الوهلة الأولى : (أنا إمام لأهل العشق ما عشقوا...). والعنوان بيان واضح على ما يقصده الشاعر من قصيدته التي تمثل ذاته بذات المتنبي شاعر العربية الأول بلا منازع في جنون العظمة حيث لم تكفه إمارة الشعر فحصدت روحه أمنيات تمني الملك ، هكذا دائما هم شعراء وملوك العراق أشاوس ومغاوير
** وصف القصيدة **
القصيدة تتكون من تسعة وثلاثين (٣٩) بيتا من طراز الشعر التقليدي العمودي الخليلي القديم موحد الوزن وموحد القافية ، ولقد نظمها الشاعر على وزن بحر البسيط : ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ) وهي من القطع الطويل نسبيا قافيتها ( متراكب ///٥ ) ورويها (مطلق) قاف ممدودة مجراها الضم. كما سيأتي وسنبينه في العنصر الموسيقي ، بها وحدة بناء وشكل وقالب ، ومضمونها واحد وفكرتها واحدة ( الفخر ) وفيها يمتزج هذا الفكر ( المضمون ) بالعاطفة الجياشة ( حب الذات ) أو مايسمى ( الوجدان ).
** غرض القصيدة **
الفخر بالذات والاعتزاز بالنفس فخر الشاعر بنفسه وبوطنه العراق الأسير وبمقدرته الشعرية التي يريد الشاعر أن تجوب الآفاق ( هذا زماني وحدي زماني كله عبق .. أنا العراقي ..أنا الأمير ..أنا الدليل ..أنا إمام .. أنا البيان .. الشعر فخري .. مثل شعري لا يأتي به أحد .. أنا والشعر ننعتق .. الأرض في قبضتي كأنها طبق .. هذي معجزات قصيدي دون مفخرة .. ) ، والفخر غرض قديم منذ العصر الجاهلي حينما كان عنترة يفتخر بذاته ويعلو بقدره وقدرته على قدرة القبيلة ، وهذا يسمى فخر ذاتي ، وكما وجد الفخر القبلي فخر الشاعر بقبيلته وخير من يمثله عمرو بن كلثوم التغلبي حيث يفخر بأمجاد قبيلته في معلقته الشهيرة ، وظل الفخر مستمرا لا يتوقف على العصور حتى وصل إلى عصرنا هذا وبدأ الشعراء يفخرون بوطنهم وأمنهم وقوميتهم العربية وصار الفخر معهم ( قوميا )، والشاعر في قصيدته يفخر بنفسه فخرا ذاتيا ويفخر ببلده ووطنه العراق فخرا قوميا، ولقد أجاد الشاعر في الفخر بنوعيه الذاتي والقومي أو الوطني وهذا يحسب لشاعرنا.
** مناسبة القصيدة **
كتبت القصيدة بتاريخ : ( ٥ -٣ - ٢٠٢١ م ) ؛ لبيان عظمة ومقدرة الشاعر على مباراة ومساجلة ومعارضة ومجاراة الشعراء الكبار إبان العصر العباسي عصر الحضارة الزاهرة للعراق ، ولقد حاول الشاعر أن يقلد عظماء شعراء العربية في فخرهم بنسبهم وبذاتهم من أمثال عمر بن الفارض سلطان العاشقين الصوفي الكبير المصري صاحب التائية الكبرى التى تجاوزت سبع مائة ( ٧٧٤ ) بيتا ، والصوفي الكبير عبد القادر الجيلاني سلطان الأولياء"، "باز الله الأشهب" و"تاج العارفين" و"محيي الدين" و"قطب بغداد ، والشيخ القطب الصوفي العراقي أحمد الرفاعي "أبو العلمين"، و"شيخ الطرائق"، و"الشيخ الكبير"، و"أستاذ الجماعة "صاحب الطريقة الأحمدية الرفاعية، في القرن السادس الهجري/القرن الثاني عشر الميلادي ، وكلهم شعراء حدس صوفي، وكذلك الشعراء الكبار من أمثلة : (الطغرائي) شاعر، وأديب، ووزير، وكيميائي، من أشهر قصائدة ( لامية العجم ) ، و( الأبيوردي ) : كاتب وشاعر وأديب عربي عاش في القرن الخامس الهجري ، وأبو الطيب ( المتنبىء) ( ٣٠٣ : ٣٥٤ هجريا ) شاعر العربية الأول وغيرهم .. ) وكلهم شعراء طبع مجيدون ، وليت ( شاعرنا ) قصد شاعرا واحدا معينا وجاراه في قصيدته لقلنا سجال ومعارضة ومناظرة وانتهى الأمر وكان يسيرا، وإنما قصد الشاعر فقط أن يثبت أنه بمثابة شاعر عظيم مثلهم لا يقل عنهم شيئا فجاراهم فتداخلت معاني القصيدة ( اللغوية والصوفية ) وكثرت وتعمقت ودارت حول الفخر وامتزجت بالذات، وحازت الفخر بالعراق ، و عرفنا الشاعر أن العراق أرض ولادة تتيه بعظماء الشعراء ، وجعل وكرس كل ذلك الفخر وكل تلك المعاني النفسية والصوفية واللغوية النفيسة لنفسه ولذاته .. نراه يقول :
( يا أرض تيهي سما ...فوق السما علمي ... أنا العراقي ...والألواح تعرفني .. أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق .. بغداد سيدتي .. ماء الفرات أبي .. ودجلة الخير أمي .. ماؤها دفق .. الحبر زادي والأفلام والورق .. أسعد بذي الفخر حتى تستطيل به .. لو عيون القوم تنكرني .. أبشر مريدي .. أنسيت في علمي الماضين من سلفي.. ) وهكذا جمع الشاعر في طيات ذاته ومفردات حياته بين شعراء الصوفية ، وشعراء الطبع المرموقين فكان له أسلوبه الخاص الذي جمع بينهم في بوتقة الانصهار فكان الأسلوب الراقي من جواهر عمامة وقلادة الشاعر.
** الجديد في القصيدة **
إذا كان هدف القصيدة ومضمونها هو : ( إن الشعر مازال بخير ) ، ( وما زال يوجد شعراء كبار عظام في عصرنا الحالي والآني مثل الشعراء القدامى السابقين يجب أن نفتخر بهم ونعزهم جدا ، ونمجدهم ونقدرهم ) ،
وأن نعترف بعظمة شعراء العراق وخاصة ( بغداد ).
* فإن الجديد في القصيدة*
إنها كتبت بأسلوبين عبقريين مختلفين أو جمعت بينهما بين الأسلوب القديم الرصين أسلوب الطراز المنمق القديم حيث جزالة الألفاظ وسموق التراكيب وجودة ومتن السبك وروعة العبارات ، وبهاء التصوير ، وفخامة شرف نسيب المعاني ، وجمعت بين الأسلوب الحديث المعتمد على الحداثة واللسانيات وما بعد الحداثة من تحليل الخطاب الصوفي واللغوي وتفتيتها وتجديدهما وبنائهما من جديد وبين لغة المتصوفة الذين لهم نمط ومعجم خاص بهم ( معجم ألفاظ الصوفية ) ، ولغتنم لغة خاصة نابضة حية معاشة بينهم تقوم على فكرة الفناء والاتحاد والحلول والحقيقة المحمدية والكونية والكون الكبير والكون الصغير ، ونظرية وحدة الوجود ، بما تقابله مما يكتبه الفقهاء والمحدثون من لغة الشريعة وعلم أصول الدين ومفاهيم التوحيد ولغة الحديث، وهذا ما يميز هذه القصيدة : ( ركبت مهري لم أعثر بقافية ... أنا ومهري والأشعار في سفر .. نكاد من حمرة الترحال نحترق .. ألفان نمضي وهذا الطير يصحبنا .. وأسبق الريح إذا ما الريح تنطلق .. حتى تضل بنا الأسفار والطرق .. ذي دولتي وعيون الله تحرسها .. وذي جيوشي وراياتي مرفرفة.. ) كما نجد شاعرنا تأثر أيضا بقصيدة الشريف المرتضى من شعراء العصر المملوكي في قصيدته على بحر البسيط والتي مطلعها : ( يَهون عندكُمُ أنّي بكم أَرِقُ .. وأنّ دمعا على الخدّين يستبقُ )، حيث ضمن منها هذا البيت وقام بعمل ( تناص ) أو ( اقتباس ) منها فقال : (( من كل ما ذر نجم أو هوى صعق )).. والشاعر أجاد في هذا ... وجمع بين الأسلوبين ودل ذاك على سعة وغزارة علمه بشعراء العصور الذهبية للشعر ، وهذا ما يجعل نمط هذه القصيدة فريدا في بابها ، وهذا ما يميزها عن غيرها من بقية القصائد.
** معاني الكلمات الصعبة في القصيدة : **
١- شوباش : وإن بحثت عن معنى كلمة "شوباش" ستجد أن أصل هذه الكلمة يعود إلى اللغة الهيروغليفية القديمة ( لغة الفراعنة وقدماء المصريين )، ويقال عنها رأيان الأول يقسم الكلمة إلى جزأين "شو" بمعنى "مئة"، وباش بمعنى "فرحة وسعادة"، وعندما تقوم بجمع الجزأين ستجدها "مئة فرحة وسعادة" ؛ لذلك كانت تقال فى الأفراح الشعبية "شوباش يا أهل العريس" وهي مشهورة في ريف مصر ويعرفها أهل الصعيد جيدا ومازالوا يستخدمونها حتى اليوم ، ويقولون شوباش لأهل العروس.
والرأي الثاني هو : شوباش : لفظ تركي كردي وهو مأخوذ من ( صوباش) بمعنى منبع ، ومن فيه الكفاءة لضبط البلد من قبل السلطان ، ووكيل المزرعة. وشوباش يستخدم للذكور.وعكسها وضدها في اللغة الفرنسية ( سوفاج ) : ومعناه شىء سيء سخيف.
٢- معنى كلمة ( سلاف ) :
اسم علم مؤنث عربي ، معناه : ما سال وتحلَّبَ قبل العصر ، وهو أفضل وأجود ماعصر من الخمر الخالص من كل أنواع الخمور على الإطلاق ، ويزاد تأنيثه بإضافة التاء المربوطة في آخره، فيقال : ( سلافة ). وأم الإمام علي بن الحسين اسمها ( سلافة ) ، و( سلاف ) : اسم علم لمؤنث تركي معناه (تحية)، السُّلْفَةُ : قليلٌ من الطعامِ يتناوله الجائع قبلَ الغَدَاءِ · السُّلْفَةُ : ما تدَّخره المرأَةُ وغيرُها لتُتحِف به من زارها
وفي القصيدة : ( سُلاف الروح ) ما يسكرها من أقوال وأشعار، وحالات فناء وشطحات ومقامات وعروج ونزوح في الملكوت.
٣-معنى كلمة ( الشواهين ) :
الشاهين، والذي يُعرف أحيانا باسم الصقر الجوّال، أو الشيهانة عند أهل الجزيرة العربية وكثير من أهل الأردن، والمعروف تاريخيا عند الأمريكيين باسم "باز البط"؛ طائر جارح عالمي الموطن تقريبا من فصيلة الصقريات. ... وكما في الكثير من الجوارح قانصة الطيور، وفي فصيلة الصقور خصوصا ، فإن الأنثى تكون أكبر حجما من الذكر ، و( الشواهين ) أنواع من السفن المصرية كانت تستخدمها شجرة الدر في مصر ضد لويس التاسع.
٤- معنى ( دحا ) : مد وبسط ، وفي القرآن ( والأرض بعد ذلك دحاها.. ) مدها وبسطها ، وفي القصيدة : ( دحا ربك الأفلاك وانشطرت ) .
٥- ( عيت ) : بتشديد الياء أعجزت وأتعبت، وفي القصيدة : ( وعيت ألسن ذلق ) أي أخرستها وأتعبتها وأعجزتها عن الكلام.
٦- ( رب ) : سيد والجمع أرباب ، وفي سورة يوسف : ( إنه ربي أحسن مثواي ) أي سيدي ، وفي القصيدة ( فصرت رب القوافي حينما نطقوا ) : أي سيدها ومالكها.
٧- مهري : ( فرسي ) وهي مؤنث والمقصود خيل الشاعر وخياله فرسه الذي يركبه بطلاقة الإبداع ومرآة رؤى أشعاره، وفي القصيدة: ( أنا ومهري والأشعار ....)
٨- إلفان : الإلف : الوليف والحبيب والحبيب ، وفي القصيدة : ( إلفان نمضي وهذا الطير يصحبنا )
٩- ( يصطفقان ) : الصفقة إصدار صوت وجلبة باليد من الارتطام والتصفيق نقول : صفق بيديه ، وفي القصيدة : ( امشي وخلف لوائي المجد يصطفق ).
١٠ - تيهي : افخري ، من الفخر وليس من التوهان ، وفي القصيدة : ( يا أرض تيهي ) معناها افخري يا أرض العراق.
١١- ( عتبة ) بضم العين وليست ( عتبة ) بفتح العين
أي من الحب والعتاب ، وفي القصيدة : ( وعند عتبة بابي تلتقي الفرق ) بالعتب والود.
١٢- ( ذر ) : ترك ، وفي القرآن قول فرعون : ( ذروني أقتل موسى..... ) أي : اتركوني اقتله ، و( أبو ذر الغفاري ) اسم صحابي جليل ، وفي القصيدة : (( ومن كل ما ذر نجم أو هوى صعق )) ، ويمكن أن يكون معنى ( ذر ) : من عالم الذر والخلق والجعل والإنشاء والأمر.
** ملحوظة مهمة جدا **
قبل أن نشرع في تلخيص شرح مآلات القصيدة .. لابد أن ننوه على : إن الشاعر حينما أراد أن يساجل أو يناظر أو يباري عظماء وشعراء اللغة العربية اختار نمطين : ( النمط الصوفي ، النمط اللغوي ) ، وهذا ما جعل معيارية ( الإزدواج ) وجدلية ( الثناء ) في القصيدة بين :
١- أهل اللغة والفصاحة والبيان ( أصحاب الفنية الشعرية كالمتنبي، و( محمد بن عبد المطلب شاعر مصري معاصر سوهاجي ولد سنة ١٨٧١ وتوفي سنة ١٩٣١ ميلاديا درس في الأزهر الشريف ) وكان معاصرا لأمير الشعراء ( أحمد شوقي ١٨٧٠ : ١٩٣٢ ميلاديا ) عن طريق اللغة الذي تأثر شاعرنا بهم من ناحية ) ، وبين : ٢-( أهل التجربة والتذوق والحقيقة الصوفية والحدس والجذب والشطح والمواجيد من ناحية أخرى كالجيلاني وابن الفارض وابن عربي والحلاج والبسطامي والرفاعي والأبيوردي والطغرائي وقد تأثر بهم شاعرنا عن طريق الإشارة المغرقة والتلويح والرموز والتجليات واللا معقول) ، (( سيميائية غنوصية )) ، وسنجد تلك الجدلية وهذه الثنائية عندما نقرأ القصيدة ستجدها بين الفقهاء والمحدثين وأهل الشرع والشريعة وأصول الدين ومعهم الحكام والأمراء من ناحية ، ومن ناحية أخرى أهل الذكر وأصحاب الأسرار ومشاهدة الأنوار وعشاق الذات ، وقد يكفر أهل الشرع أصحاب التصوف ويقولون إن علمهم بلا أصل يرجع إليه أو سند يعتمد عليه ؛ بسبب شطحاتهم وانجذاباتهم وكلامهم اللا معقول ، وقد يقتلون ويحاكمون ويسجنون ، ويتهمون بالكفر والزندقة كما حدث مع السهروردي المقتول ومع أمير الأولياء (أبي منصور الحلاج ) ، وغيرهم ... ، ويكفي أن تعرف أن أبا يزيد البسطامي كان يقول عن الاتحاد والحلول في ذات الله : ( ما في الجبة إلا الله ) وإذا وقف أمام المرآة قال : ( سبحاني ما أعظم شاني ) ، ويكفي ابن عربي الكبريت الأحمر قوله عن نظرية وحدة الوجود : ( أنا هو وهو أنا ، وأنا أنت وأنت أنا ) فأصبح الخالق والمخلوق شىء واحد بالاتحاد والحلول والفناء والكشف والتجليوالتخلي في ذات الله وعشقها دون حسابات الجنة ودون حسابات النار ، فمن بحسب الحسابات بالحسنات والسيئات ستبور تجاراتهم ويخسرون ومن يعشقون ذات الله سيربحون ويكسبون وينعمون..... ، فتاهت ذاتهم وذابت في ذات الله عشقا وكأن ذات الله ( أنثي) حاضرة للعشق ، فاللغة لا تكفي عن التعبير عن حالهم وأسرارهم وكشف حالاتهم وانجذابهم ومواجيدهم وأسرارهم فيفسر كلامهم بالكفر حينا وبالخلاعة تارة ، وبالزدندقة والمجون أحيانا ، .. وهكذا ستسمر الجدلية والثنائية بين الصوفية ( أصحاب الحقيقة) وبين الفقهاء والمحدثين ( أصحاب الشريعة والدين) ، وبين ( شعراء اللغة الأدباء والمثقفين العظماء ) وبين ( شعراء الذوق الصوفيين الكبار ) ، ودون قصد أو بقصد أخذ الشاعر ذلك عنهم في قصيدته التى معنا بصدد الدراسة ، التي عرفها بغلاف عنوانه ( التيه والفخر بنفسه وببلده العراق التي تنجب العظماء والقمم الشماء من أهل الأدب والفن من ناحية ، ومن أهل الكشف والذوق من ناحية أخرى ) ؛ لأنه لما باراهم وساجلهم وأراد أن يتفوق عليهم ويثبت أنه شاعر فحل فخم صخم مخضرم وصوفي كبير متذوق وصاحب تجربة ومشهد وقع في تلك الثنائية وفي هذه الجدلية ، نعم لقد أخذ شاعرنا النموذجين كلاهما ، والنمطين معا وأدمجهما في قصيدته : ( اللغة الفنية الشعرية ) وأدمجها ( بالشطحات والرموز الصوفية ) وذلك عن طريق التعبيرات غير المعتادة وبلغة إشارة سيمائيةوبلغة إنزياحية ، ويكفي أن نضرب مثالا واحدا موجودا في القصيدة عن ( الخمر ) وهذه اللفظة موجودة فعلا في القصيدة بمعناها الصوفي لا بمعناها الفقهي. كما سنبينه الآن كمثال......
** مثال على جدلية وثنائية معنى ( الخمر ) عند الفقهاء ومعنى ( الخمر ) عند الصوفية : **
وردت كلمة الخمر في القصيدة تلويحا وإشارة في قول الشاعر في البيت (٥) الخامس : ( من غير كأسي سلاف الروح ما شربوا ... ) ، ووردت كلمة الخمر تصريحا وإقرارا في قول الشاعر في البيت (١٦) السادس عشر : ( رويت من خمرة الفردوس منتشيا ) هكذا ورد لفظ ( الخمر ) تلويحا وإشارة وتصريحا في القصيدة ، والآن نكشف النقاب عن الثنائية الجدلية فيه هذا اللفظ ( الخمر ) بين الفقهاء من ناحية وبين الصوفبة من ناحية أخرى ، وأنا كناقد سأتبنى وجهة نظر الفقهاء ، وشاعرنا غزوان علي ( كشاعر صوفي ) سيتبنى وجهة نظر الصوفية وبيان ذلك كالتالي :
يقول الفقهاء عن الخمر قال الله تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا .. }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ مُسْكرٍ خَمْرٍ وكُلُّ خَمْر، حَرَامٌ " وقرأ حمزة والكسائي: { وفيهما إثم كثير بدل كبير } بالثاء المثلثة، أي: آثام كثيرة لقوله عليه الصلاة والسلام: " لَعَنَ اللّهُ الخَمْرَ، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعَهَا، والمُشتَرَاة لَهُ، وعَاصَرَهَا، والمَعْصُورَةَ لَه، وسَاقِيها، وشَاربهَا، وحَامِلهَا، والْمْحمُولة لَهُ، وآكل ثَمِنِها "صدق الله وصدق رسوله .وويقول الصوفية ( أهل الإشارة ) : { يقول سيد بن عجيبة رضي الله عنه : اعلم أن الحق تعالى جعل للعقل نورا يُميز به بين الحق والباطل ، بين الضار والنافع، وبين الصانع والمصنوع، ثم إن هذا النور قد يتغطى بالظلمة الطينية وهي نشوة ( الخمر الحسية ) عند الفقهاء ، وقد يتغطى أيضا ( بالأنوار الباهرة من الحضرة الأزلية إذا فاجأته ) هذه الخمر المعنوية عند الصوفية ، فيغيب عن الإحساس في مشاهدة الأنوار المعنوية، وهي أسرار الذات الأزلية، فلا يرى إلا أسرار المعاني القديمة، وينكر الحوادث الحسية، فسمي الصوفية هذه الغيبة خمرة لمشاركتها للخمر في غيبوبة العقل، وتغنوا بها في أشعارهم ومواجيدهم، قال عمر بن الفارض رضي الله عنه : ( شَرِبْنَا على ذِكْر الحبيبِ مُدامَةً ... سَكرنَا بها من قبل أن يُخلَقَ الكَرْمُ )
ثم قال: ( على نفسه فَليبْكِ مَن ضاع عُمْرُه .... وليسَ لهُ منها نَصِيبٌ ولاسَهْمُ ) ، وقلت في عينيتي: ( وَلِي لَوْعَةٌ بالرَّاحِ إِذْ فِيه رَاحِتِي وَرَوْحِي ورَيْحَانِي، وخيرٌ واسِعُ سَكرْنَا فهِمْنَا في بَهاءِ جَمَالِه فَغِبْنا عَن الإحساسِ، والنُورُ ساطعُ ) وأنشدوا :
( لَوْ كَان لي مُسْعدٌ يُسعِدُني لمَا انتظرتُ لشُربِ الراحِ إفطارا فالراحُ شيءٌ شَريفٌ أنتَ شَاربُه، فاشْرَب، ولو حَمَّلَتْكَ الراحُ أوْزارا يا مَنْ يلومُ على صَهْبَاءَ صافيةٍ خُذ الجِنَانَ، ودَعْنِي أَسكنُ النَارا) ، وقال عمر بن الفارض :
( وقالُوا: شَرِبْتَ الإثَم ! كلاّ، وإنما شرِبْتُ التي في ترْكِها عنديَ الإثْمُ ) ، وقال آخر : ( طابَ شُرْبُ المُدامِ في الخَلَواتْ، اسْقِني يا نديمُ بالآنِيَاتْ، خْمْرَةٌ تركُها علينا حرَامٌ، ليسَ فيها إثمٌ ولا شُبُهَاتْ، عُتِّقَتْ في الدَّنان مِنْ قَبْلِ آدمْ ،أصلُها طيّبٌ من الطَّيِّبَاتْ، أَفْتِ لي أيُّهَأ الفقيهُ وقلْ لي: هل يجوزُ شُرْبُها على عَرَفاتْ ؟ } أ.ه.
هذه هي الثنائية والجدلية التي قامت عليها القصيدة وهي ما يقول عنها شاعرنا غزوان علي ( كصوفي ) موجها كلامه الفقهاء : ( بارت تجارات غيري من غباوتهم ...وما علي إذ بارزا وما نفعوا ).
** محاولة ربط بين أبيات الطعام والشراب الخمسة الواردة في النص**
١- البيت الرابع (٤) : ( من غير كأسي سلاف الروح ما شربوا ...من غير خبزي ما سدت لهم رمق ).
٢- البيت السابع (٧) : ( وذي صحوني بطيب الزاد مترعة .. وفوق ما تشتهي عين ومرتزق )
٣- البيت التاسع (٩) : ( ..... فالأرض في قبضتي كأنها طبق )
٤- البيت الثالث عشر (١٣) : ( واستمطر الجود من كفي بل منن ... ) ٥- البيت السادس عشر (١٦) : ( رويت من خمرة الفردوس منتشيا ) وإذا ربطنا بين هذه الأبيات وبين كل معاني الطعام المرتزق وشراب الروح والطبق والجود والسخاء لدل ذلك على معنى مختلف غير الطعام والشراب المادي المعهود لدى الناس ولوجدنا معان جديدة عند الصوفية ،وعن أهل الهوى وعند الأدباء والشعراء ، وقد عبر عنها الشاعر وجمعها بقوله : ( الحبر زادي والأوراق والقلم ) وفي البيت الخامس والسادس (٥-٦) : ( ذي دولتى ) ، ( وذى جيوشي ) ، وفي البيت الرابع عشر (١٤) : ( بارت تجارات غيري ) ، وفي البيت الثاني والعشرين (٢٢) : ( ذى معجزات قصيدي ) أظهرت لنا معان جديدة من بين السطور.
**خلاصة شرح القصيدة **
أراد الشاعر في القصيدة مجاراة شعراء كبار الصوفية ومساجلتهم ومعارضتهم ، وإظهار منهجهم ، والسؤال الذي يتردد في الذهن ما الإيدلوجية الدينية للشاعر ؟ وأتمنى أن يجيب الشاعر بنفسه عن أيدلوجيته الدينية والثقافية فمن خلال القصيدة تحدث بعمق عن دولة الصوفية وخلافتهم الباطنية وبيعتهم الخاصة ، ونظرية وحدة الوجود وكأنه واحد منهم ،( ذي دولتي وعين الله تحرسها ... وذي جيوشي وراياتي مرفرفة ) ، وتحدث عن الشيعة ونظرية القطب الأكبر أو الغوث والمهدي المنتظر و إمام آخر الزمان ( أبو الحسن العسكري) وكأنه واحد منهم (عصا الكليم بكفي كنت صاحبها .. والأرض في قبضتي كأنها طبق .. هذا زماني وحدي قد خصصت به .. أبشر مريدي ماني كله عبق .. ) وتحدث عن أهل الصفة : ( وذي صحوني بطيب الزاد مترعة.. وفوق ما تشتهي عين ومرتزق ) وكأنه واحد منهم عاش معهم في المسجد وأكل طعامهم... وتحدث عن التجار الذين يتاجرون بالحسنات مع الله ومن يحرمون أنفسهم من عطاء الله ( بارت تجارات غيري من غباوتهم وما علي إذا باروا وما نفعوا .. ) مصداقا لقول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون .. الأية العاشرة من سورة الصف ) ، وتحدث عن رحلته مع مهره وكأنه نبي يوحى إليه في رحلة الإسراء والمعراج وكشف أسرار الكون ( أنا الدليل لمن تاهوا وما علموا ), وتحدث عن نظرية المحبة عند المسيحين باعتبار أن الله محبة والحب دين الشاعر ( أبصر تراني إنجيلا لمن عشقوا ... مساجلاته للأدباء العظماء أمثال المتنبي شاعر العراق الأكبر بلا منازع وشاعر العربية الأول وجاراه وساجله وفخر بذاته فخرا فرديا فأعلى فيه من شأن العراق وأن العراق ما زال بخير ينجب العظماء من الشعراء في كل عصر ( يا أرض تيهي سما .. ) فجعل شاعرنا نفسه ملكا على مملكة الشعر ( الشعر فخري ) ، ( أنا والشعر ننعتق ) ، (أنا ومهري والأشعار في سفر ) ، ( باز القوافي أنا ) ، ( أنا الأمير لأهل الشعر لو نطققوا ) ، ( فصرت رب القوافي إذا نطقوا) ، ( مياسة القد أشعاري ) ، ( ذي معجزات قصيدي ) ، ( الحبر زادي والأفلام والورق ) ، ( إذا قلت بيتا ضج في شفتي .. طارت إليه عيون الناس تستبق ) ، ( ومثل شعري لم يأت به أحد ) ، ( سبقت أهل الهوى ) ، ( أنا العراقي والألواح تعرفني .. أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق ) ، ( أنا إمام لأهل العشق .. ) وليت شاعرنا قال ( أنا أمان لأهل الشعر ) لكان أوقع ، وهكذا استطاع الشاعر أن يثبت الفخر لنفسه ولبلده وأن يجعل من قصيدته البازية والشاهينية مكانا في العصر الحديث وإن كتبت بالشعر الخليلي الموزون وبالقافية الموحدة إلا أنه فاق الحداثيين وما بعد الحداثة وهذا يحسب للشاعر وفي ميزان النقد قد أجاد وأحسن . ولذلك مازلنا نطالبه بالكشف عن هويته الثقافية وإيدلوجيته الدينية**خلاصة شرح القصيدة **
أراد الشاعر في القصيدة مجاراة شعراء كبار الصوفية ومساجلتهم ومعارضتهم ، وإظهار منهجهم ، والسؤال الذي يتردد في الذهن ما الإيدلوجية الدينية للشاعر ؟ وأتمنى أن يجيب الشاعر بنفسه عن أيدلوجيته الدينية والثقافية فمن خلال القصيدة تحدث بعمق عن دولة الصوفية وخلافتهم الباطنية وبيعتهم الخاصة ، ونظرية وحدة الوجود وكأنه واحد منهم ،( ذي دولتي وعين الله تحرسها ... وذي جيوشي وراياتي مرفرفة ) ، وتحدث عن الشيعة ونظرية القطب الأكبر أو الغوث والمهدي المنتظر و إمام آخر الزمان ( أبو الحسن العسكري) وكأنه واحد منهم (عصا الكليم بكفي كنت صاحبها .. والأرض في قبضتي كأنها طبق .. هذا زماني وحدي قد خصصت به .. أبشر مريدي ماني كله عبق .. ) وتحدث عن أهل الصفة : ( وذي صحوني بطيب الزاد مترعة.. وفوق ما تشتهي عين ومرتزق ) وكأنه واحد منهم عاش معهم في المسجد وأكل طعامهم... وتحدث عن التجار الذين يتاجرون بالحسنات مع الله ومن يحرمون أنفسهم من عطاء الله ( بارت تجارات غيري من غباوتهم وما علي إذا باروا وما نفعوا .. ) مصداقا لقول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون .. الأية العاشرة من سورة الصف ) ، وتحدث عن رحلته مع مهره وكأنه نبي يوحى إليه في رحلة الإسراء والمعراج وكشف أسرار الكون ( أنا الدليل لمن تاهوا وما علموا ), وتحدث عن نظرية المحبة عند المسيحين باعتبار أن الله محبة والحب دين الشاعر ( أبصر تراني إنجيلا لمن عشقوا ... مساجلاته للأدباء العظماء أمثال المتنبي شاعر العراق الأكبر بلا منازع وشاعر العربية الأول وجاراه وساجله وفخر بذاته فخرا فرديا فأعلى فيه من شأن العراق وأن العراق ما زال بخير ينجب العظماء من الشعراء في كل عصر ( يا أرض تيهي سما .. ) فجعل شاعرنا نفسه ملكا على مملكة الشعر ( الشعر فخري ) ، ( أنا والشعر ننعتق ) ، (أنا ومهري والأشعار في سفر ) ، ( باز القوافي أنا ) ، ( أنا الأمير لأهل الشعر لو نطققوا ) ، ( فصرت رب القوافي إذا نطقوا) ، ( مياسة القد أشعاري ) ، ( ذي معجزات قصيدي ) ، ( الحبر زادي والأفلام والورق ) ، ( إذا قلت بيتا ضج في شفتي .. طارت إليه عيون الناس تستبق ) ، ( ومثل شعري لم يأت به أحد ) ، ( سبقت أهل الهوى ) ، ( أنا العراقي والألواح تعرفني .. أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق ) ، ( أنا إمام لأهل العشق .. ) وليت شاعرنا قال ( أنا أمان لأهل الشعر ) لكان أوقع ، وهكذا استطاع الشاعر أن يثبت الفخر لنفسه ولبلده وأن يجعل من قصيدته البازية والشاهينية مكانا في العصر الحديث وإن كتبت بالشعر الخليلي الموزون وبالقافية الموحدة إلا أنه فاق الحداثيين وما بعد الحداثة وهذا يحسب للشاعر .
** الأساليب الإنشائية **
أولا أساليب النداء : ١- في البيت العاشر (١٠) : ( يامن بنا وثقوا ) أسلوب نداء أداته ( يا ) وسرجماله التنبيه والتعظيم.
٢- في البيت (٣٥) الخامس والثلاثين : ( يا أرض تيهي .. ) أسلوب نداء أداته ( يا ) وسر جماله التنبيه ، وفيه تشخيص وتصوير أرض العراق بإنسان له أذن ينادى عليه فيسمع ويلبي ويستجيب للنداء ثم يأمرها بأن تفتخر ويصل فخرها لعنان السماء ، ( تيهي ) أسلوب أمر للحث والتمني.
ثانيا أساليب الأمر : التي توحي بالتمني والحث والطلب والوجوب والإلزام من مثل : ١- في البيت (١٠) العاشر ( فاحظوا بنيل المنى ) باستخدام فاء التعقيب والسرعة ، وفي البيت (١١) الحادي عشر : ( أبشر مريدي )، وفي البيت (١٢) الثاني عشر : ( فاسعد بذا الفخر حتى تستطيل به ) باستخدام فاء التعقيب والسرعة و( ذا ) اسم إشارة القريب ، و( حتى ) للغاية والهدف ، وفي البيت (١٣) الثالث عشر : (استمطر الجود من كفي بلا منن ) ، وفي البيت (١٥) الخامس عشر ( وقال لي : كن ) ، في البيت (١٩) التاسع عشر : ( أبصر تراني إنجيلا لمن عشقوا ) : وفيه مبالغة شديدة لجعل الشاعر من نفسه كتابا سماويا ، والمقصود الطهر والنقاء والبراءة، ولو قال الشاعر ( ابصر تراني ( قرآنا ) أو ( أنوارا ) أو (قرصانا ) أو ( تمثالا ) أو ( رهبانا ) أو ( أنهارا ) أو أي شىء آخر ما انكسر الوزن مما يدعو للسؤال عن أيدلوجية الشعراء الثقافية والدينية التي جارهم الشاعر لماذا ( إنجيلا ) بالذات دون غيره؟ هي وحدة الوجود وأن الواحد يظهر في الكثرة.
** الأساليب الخبرية **
١- استخدم الشاعر ضمير المتكلم المفرد ( أنا ) الذي يفيد الفخر والاعتزاز والثقة بالنفس والنرجسية وحب الذات ثمان (٨) مرات : ( أنا إمام - أنا ومهري والأشعار - أنا البيان - أنا والشعر ننعتق -- أنا الدليل - أنا الأمير - أنا العراقي - باز القوافي أنا ).٢- بعض التعبيرات العملاقة التي تفيد الفخر مثل : ( هذا زماني وحدي - زماني كله عبق - عصا الكليم بكفي كنت صاحبها - فصرت رب القوافي - الشعر فخري - ذي معجزات قصيدي - مياسة القد أشعاري - فالأرض في قبضتي كأنها طبق - وعاذر لو عيون القوم تنكرني- فوق السما علمي - سبقت أهل الهوى ظرفا وفي أدبي - عند عتبة بابي تلتقي الفرق - أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق - بارت تجارات غيري - فخر غيري مكذوب ومختلف - دقت طبولي في الآفاق قاطبة - أبصر تراني إنجيلا - خضت في لجج الأسرار أكشفها )
٣- استخدم الشاعر أداة التحقيق (إذا ) أربع (٤) مرات ( إذا تفحم غيري - إذا باروا - إذا انفتقت - إذا قلت بيتا ضج في شفتي ) ، و (٢) مرتين ( إذ ) هما : ( أصاحب الليل إذ ما لاح بارقه ) ، (وأسبق الريح إذ ما الريح تنطلق ).
٤- استخدم الشاعر ( قد ) التي تفيد التوكيد (٢) مرتين في قوله : ( قد خصصته - قد علقوا ).
٥-استخدم الشاعر أساليب النفي التي تفيد التوكيد (١١) إحدى عشرة مرة : ( مثل شعري لن يأتي به أحد - ما هلوا - ولا برقوا - وما نفعوا - وما علي - ما الأقمار تأتلق - ما سدت لهم رمق - لم يعرف لهم خبر - لم أعثر بقافية - لا شمس بأفقهم - لا أراني )
٦- بعض التعبيرات المجازية من علم البيان ( استعارة - تشبيه - كناية - مجاز ) ومنها : ( خمرة الفردوس - ثوب المجد متشح - جمرة الترحال - كأنهم فوق هذي الأرض - تصل بنا الأسفار - ألسن الأيام - ألسن ذلق - عيون النار تنبثق - دحا ربك الأفلاك - عين الله تجريها -جاء هذا الوابل الادب - عيون الناس تستبق ).
** الموسيقا في النص **
الموسيقا في النص تنقسم إلى قسمين : ( موسيقا خارجية وموسيقا داخلية ) أولا الموسيقا الخارجية الواضحة الجلية الموجودة في : ( ١- الوزن ٢- والقافية ٣- والجناس
٤- والتصريع ٥- وحسن التقسيم ) كالتالي : ١- الوزن أو البحر هو : ( البسيط ) ومفتاح هذا البحر : ( إن البسيط يبسط لديه الأمل .. ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ) مكررة (٢) مرتين مرة في الشطر الأول ، ومرة في الشطر الثاني صدر وعجز كل بيت من أبيات القصيدة وهذه هي الصورة المثالية لهذا البحر ، ولقد قمنا بتقطيع كل أبيات القصيدة ووجدانها مخبونة والخبن : زحاف يصيب ثواني الأسباب ويكون في كل البيت في العروض والضرب والحشو ، والخبن : هو حذف الثاني الساكن من تفعيلة ( فاعلن ) فتصير ( فعلن ). ولقد قمنا بتقطيع القصيدة وكلها منضبطة وموزونة ما عدا قول الشاعر في البيت رقم (٢٦) السادس والعشرين ( يجيؤني وعيون القوم مسهدة ...) في كلمة : ( يجيئوني ) فوزنها ( مفاعيلن ) ؛ والسبب في ذلك هو موضع الهمزة على نبرة ومد الواو وربما لو كتبت الهمزة على ( واو ) المعدل الوزن هكذا ( يجيؤني ) أو باستبالها بكلمة أخرى مثل ( تضمني ) هكذا :. ( تضمني وعيون القوم مسهدة ... ) ، وباستثناء هذا الكسر الشاعر موفق في عنصر الوزن .
٢- القافية : هي أصوات وحروف كلمة أو بعض كلمة أو كلاهما معا ، وهي من أول متحرك بعده ساكنان ويحصران بينهما حروف متحركة من آخر كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي أنواع ( متكاوس ومتراكب ومتدارك ومتواتر ومترادف)
وقافية القصيدة ( البازية ) التي معنا ونحن بصدد دراستها هى قافية ( المتراكب /٥///٥ ) ثلاثة متحركات بين ساكنين بعد أول متحرك من نهاية كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي قافية مطلقة بالواو مجردة من الردف والتأسيس ووصىها حرف لين ( الواو ) ، وروي القافية ( القاف المضمونة ) المطلقة الممدودة ، وحركة مجراها ( الواو ) ، وكلمات القافية (٣٩) تسع وثلاثون كلمة هي : ( ما عتنقو - تأتلقو - لا برقو - هم رمقو - وى صعقو - قد علقو - مرتزقو - من مرقو - هاطبقو - نا وثقو - هو عبقو - مختلقو - للغدقو - ما نفعو - نن ذلقو - ما نطقو - لو نطقو - تتفقو - من عشقو - ننعتقو - تنبثقو - وررهقو - ولأرق - تندلقو - ولورقو - تستبقو - نحترقو - وططرقو - ها لعرقو - ينفلقو - تنطلقو - تلتصقو - يصطفقو - ها دفقو - منطلقو - قلفرقو -
ما خلقو - هلغرقو - تختنقو ) ، والشاعر موفق جدا في القافية باستناء قافية البيت (١٦) السادس عشر (رويت من حمرة الفردوس منتشيا .. فصرت رب القوافي حينما نطقوا ) ، وقافية البيت ( ١٧) السابع عشر ( أنا البيان لمن أعيا اللسان به ... أنا الأمير لأهل الشعر لونطققوا ) ، تكررت كلمة ( نطقوا ) مرتين متتاليتين بنفس المعنى ، ولم يكونا ( جناسا تاما ) فذلك يعد خطأ كبيرا في قافية الشعر الخليلي التقليدي عند الخليل بن أحمد الفراهيدي مؤسس علمي العروض والقافية، لأنه لا ينبغي تكرار كلمة القافية بعد نتفة أو مقطوعة تتكون من (٧) سبعة أبيات على الأقل ، حتى لا يدل على الفقر االقاموسي عند الشاعر ؛ ولكن لو الكلمتان بنفس الحروف واختلاف المعنى لا ضير في ذلك مثل : ( صليت المغرب في بلاد المغرب ) ، وبخلاف هذا الخطأ الشاعر موفق في القافية.٣- التصريع أو المصراع : ويكون في البيت الأول من القصيدة فقط بتكرار نفس الكلمة من نهاية الشطر الأول ( العروض ) ونفس الكلمة تتكرر في نهاية الشطر الثاني مايسمى ( الضرب ) مثل دلفتى الباب أوالمصراع أو بوابة القصيدة في العروض والضرب والبيت الاول هو : ( أنا إمام لأهل العشق ما عشقوا .... وغير ديني في الأكوان ما اعتنقوا ) فنجد نهاية الشطر الأول أو الصدر منه أو العروض كلمة ( ما عشقوا ) ، وفي نهاية الشطر الثاني أو عجزه نجد الضرب كلمة ( ما اعتنقوا ) ، ولذلك نقول لا يوجد ( تصريع ) في البيت الأول من القصيدة وهذا أمر اختياري يرجع إلى الشاعر يصرع أو لا يصرع ، إذا صرع زادت الموسيقى وإذا لم يسرع لم يضر القصيدة.
٤- الجناس : العنصر الرابع من عناصر الموسيقا الخارجية ، والجناس ينقسم إلى قسمين : ( تام و ناقص)
الجناس التام غير موجود في القصيدة ، والجناس الناقص موجود بكثرة في القصيدة وموجود دون تكلف ودون صنعة لفظية ؛لأن الشاعر مطبوع وموهوب ويكتب على الفطرة والسليقة ، ومن أمثلة الجناس الناقص : ( قاطبة - ناطقة ) ، ( طارت - دارت ) ، ( أكشفها - أشكمها ) ، ( خمرة - جمرة ) ، ( البيان - اللسان ) ، ( المنى - منن ) ، ( منشدة - مسهدة ) ، ( الغم - الهم ) ، ( الرهق - الأرق - الفرق - الطرق - العرق - الغدق - الغرق - الورق - دفق - البرق ) ، ( خبزي- خبر ) ،
( الخير - الحبر ) ، ( الأسفار - الأشعار ) ، ( ينفلق - نفترق - تستبق ) ، ( الأقمار - الأقلام ) ، ( معجزات - تجارات - رايات ) ، وسر جمال الجناس يعطي جرسا موسيقيا ونغمة تستريح له الأذن ويشد انتباه السامع ويجذب الذهن ويساعد على الحفظ ويرهف الحس.
٥- حسن التقسيم : وهو تقطيع الأبيات على وحدات متساوية في التفعيلات بأزمنة وأصوات متساوية، وأمثلة حسن التقسيم هي :
( ذي جيوشي وراياتي مرفرفة ) ،( ذي صحوني بطيب الزاد مترعة ) ، (دقت طبولي في الآفاق قاطبة ) ، ( دارت رحى الأكوان ناطقة ) ، ( أبشر مريدي زماني كله عبق ) ، ( طارت إليه عيون الناس تستبق ) ( أنا العراقي والألواح تعرفني ) ، ( أمشي وخلف لوائي ) ، ( بغداد سيدتي ) ، ( ماء الفرات أبي ) ، ( دجلة الخير أمي ) ، ( المجد يصطفق ) ، ( ماؤها دفق ) ، وسر جمال حسن التقسيم يعطي موسيقا ظاهرة جلية واضحة خارجية تطرب الأذن وتشد الانتباه و تجذب الذهن وتساعد على الحفظ.
** ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية الناتجة من روعة اختيار الكاتب لألفاظه **
لقد اختار الشاعر بعض الألفاظ المتناسقة بهرمونية وانسجام وتناغم بين الكلمات وتآلف بين العبارات وتناسق بين الجمل مثل حبات أو خرزات العقد (الألماس) المتراصة بجانب بعضها البعض من الحبة أو الخرزة الأم الجوهرة الكبيرة ثم بقية الحبات أو الخرزات تتلألأ وتتمحور حولها قربا وبعدا صغرا وكبرا ؛ حيث تنبعث منها المعاني والإشعاعات والمجازات ، وذلك بتكرار كلمات معينة أو حروف همس وجهر أو مد ولين فتتكون قواف داخلية وتراكيب موسيقية ذات دلالات تستريح لها النفس وتأنس لها الروح وتشد الانتباه من مثل : ١-القوافي الداخلية الناتجة من استخدام حرف التاء بتشكيلاته المختلفة تاء الفاعل ، وتاء التأنيث ، وتاء جمع المؤنث السالم ومنها : (دارت - بارت - طارت ) ، ( قلت - ركبت - فصرت - أنسيت - خضت - كنت - رأيت - ركبت - ما زلت - سبقت ) ، ( وعيت - انشطرت ) ، ( معجزات - تجارات - رايات ) ٢-القوافي الداخلية الناتجة من استخدام (واو الجماعة) بغزارة نتج عنه قواف داخلية كالتالي : ( عشقوا - نطقوا - هلوا - شربوا - من كادوا - من مرقوا - من تاهوا - برقوا - فاحظوا - نفعوا - اعتنقوا - وثقوا - باروا - علموا ) ،
٣-القوافي الداخلية الناتجة من تشابه الكلمات : ( ماء - ماؤها ) ، ( ناطقة - نطقوا ) ( بارت - باروا ) ، ( العشق - عشقوا ) ، ( صحوني - جيوشي ) ، ( فخر - مفخرة ) ، ( قصيدي - أشعاري )
٤- القوافي الداخلية باستخدام المفرد والجمع ( النور - الأنوار ) ، ( سفر - الأسفار ) ، ( لسان - ألسن ) ، ( قافية - القوافي ) ، ( عين - عيون ) ، ( النور - الأنوار) ، الأفق - الآفاق )
٥- القوافي الداخلية باستخدام ضمير ( هاء الغيبة ) مثل : ( أعطافها - أشكمها - أكشفها - ماؤها - أطلقها - صاحيها - حشوها - أسرى بها - تستطيل به - خصصت به - تأتي به - تمضي به - أعيا اللسان به - أرمي به ) ٦- القوافي الداخلية باستخدام الفعل المبني للمجهول مثل : ( خصصت - أنسيت - سدت - رويت - قيل - خلقوا - أسري )
** ملحوظة هامة :- **
ويكفي أن تجد كلمات الموسيقا الداخلية لو بحثت عن الكلمات التي تحتوي على ( ألف مد ) في وسطها سواء مفردة أو جمع تكسير أو الضمير ( ياء المتكلم ) أو الأفعال التي تنتهي بحرف الياء في آخرها ستجد ذلك بكل سهولة ، وبيان ذلك كالتالي : ١-كلمات المفرد الذي في وسطه ألف مد هي : ( إمام - الترحال - بارقة - قافية - مياسة - سلاف - الفرات - الظلماء - بغداد - عاذر - ماء - البيان - اللسان ) ، ٢-كلمات جمع التكسير الذي في وسطه ألف مد هي : ( الأكوان - الأقلام - الأقمار - الشواهين - فجاج - الناس - الأشعار - الأسفار - الأفلاك - الآفاق - الألواح - الأسرار - الأيام )، ٣- كلمات المفرد والجمع الذي ينتهي بياء هي : ( غيري - كفي - مهري - سيدتي - علمي - يدي - شفتي - قصيدي - ديني - خبزي - ذكري - فخري - كأسي - أبي - أمي - دولتي - جيوشي - ) ، ٤- الأفعال التي تنتهي بياء هي : ( تنكرني - يجيؤني - أراني نمضي - أسري - تيهي - يأتي)، ٥- الكلمات التي بها الألف المد ، والضمير ياء المتكلم مفرد أو جمع : ( زماني - العراقي - لوائي - القوافي - بابي - زادي - راياتي - أشعاري).
* الوحدة العضوية والفنية في النص*
القصيدة كالكائن الحي فإذا كانت أعضاء الكائن الحي السليمة والصحيحة كل عضو في مكانه المناسب يؤدي وظيفته على أكمل وأفضل وأحسن وجه مناسب وممكن فإذا كانت خلية وخلية وخلية يكونون نسيجا، والنسيج والنسيج والنسيج يكونون عضوا ، والعضو والعضو والعضو يكون جهازا ، والجهاز والجهاز وا?
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق