بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 أغسطس 2021

انظر إليها /للشاعر ياسر قديري

 انظر إليها هل ترى في وجهها ... إلَّا البراءَةَ قبلَ أيِّ تأَوُّلِ


وسمَتْ مُحيَّاها البراءَةُ إذ بدتْ ... كبراءَةِ الأُنثى بعَينَي مُطفِلِ


و ترى المَلاحةَ أشرقَتْ أنوارُها ... مِن حُسْنِ طلعةِ وجهِها المُتَهَلَّلِ


لكَأنَّ جبهتَها صحيفةُ مُصحَفٍ ... و كأنَّ خدَّيها ورودُ قَرَنفُلِ


لِلحُسْنِ شطرٌ فيكِ أنتِ وجدتُهُ ... و بيُوسُفٍ شطرُ الجَمالِ الأوَّلِ


عبرَتْ على كُلِّ النِّساءِ نواظري ... و على مُحيَّاكِ استقَرَّ تأمُّلِي


سُبحانَ مَن خلقَ الجمالَ كأنَّما ... وحياً جمالُكِ قد تنزَّلَ مِنْ عَلِ 


لمَّا رأيتُكِ أنتِ أوَّلَ مرَّةٍ ... كالوَحيِ كنتِ و كنتُ كالمُتَزَمِّلِ 


أغزو جمالَكِ لا أريدُ غنيمةً ... إلَّا الجمالَ قُتِلتُ أم لم أُقتَلِ 


هلَّا سمحتِ بلمسةٍ ليَ يا لمى ... مِن شَعركِ الذَّهبيِّ ذي النُّورِ الجَلِي


لكأنَّ شلالَينِ منهُ تحدَّرا ... مِن حُسْنِ منظرِ شَعركِ المُستَرسِلِ 


ما شِئتِ تِيهي يا لمى و تدَلَّلي ... فأنا مثالُ العاشقِ المُتَحَمِّلِ 


ما ذُقتُ طعمَ العَيشِ دونَكِ مرَّةً ... إلَّا و طعمُ العيشِ مثلُ الحنظلِ 


و أنا الَّذي ما تُقتُ أدخلُ منزِلاً ... إن لم تكوني ربَّةً للمنزِلِ 


لَوَدِدتُ لو أنَّ الولائدَ في الدُّنى ... سُمِّينَ باسمِ لمَى اسْمِكِ المُتَفَضِّلِ


الأربعاء، 25 أغسطس 2021

دراسة نقدية للشاعر معروف صلاح أحمد لنص الشاعرة غادة ياسين الأحمد بعنوان لجة الروح

 معروف صلاح أحمد

شاعر الفردوس يكتب :

دراسة نقدية عن نص  :

(لُجة الرُّوح ..) للشاعرة

 السورية / Gadaa Ahmd  

غادة الياسين أحمد

............................... 

 نص الاشتغال : ( لُجة الرُّوح .. )

🌸☘️🌸

 ( لُجة الرُّوح ..)

يا واثق الأركان مثلك ..إنني

أرنو لفيض فيه كل أماني


هديٌ وألطافٌ ونورٌ مُغرِقٌ

قد أنبتت في القلب بحر حنانِ


وفراشةُ الكون الفسيح أصير إذ

سُدت عليَّ منافذُ الأوطانِ


وكما النسائم في الفضاءِ عليلة

ترقى رُقي الروحِ في الأبدانِ


قد شدني عِشقٌ إليكَ لعلني

أروي الفؤادَ وانتشي لثوانِ


فإذا مساحاتُ الضياءِ تَلفنُي

في عالمٍ مًتبتلٍ ..نوراني


فالروح طارت نحو حبكً سابقت

فيك الرجا وغدوت كل كياني


الوصلُ أوقد كل جمرٍ خامدٍ

وجلا الأسى وغدوتَ نور زماني


ويُقالُ أني قد جُننتُ وأنني

لأُقِرُ أن هوى هُداكَ سباني


نفحاتُ حُبكَ يا إلهي أنعشتْ

قلبي المُعنى والأمانُ ..أتاني 


وغدوتُ في بحر الهوى صوفيةً

قد أغرقتني لُجة الإيمانِ


غادة ياسين الأحمد *🌹🦋

..........................................

الدراسة :

** عنوان  القصيدة **

العنوان : ( لجة الروح ) 

إنه عنوان مناسب جدا وتنطبق عليه شروط العنوان الجيد للقصيدة فهو ليس بالقصير المخل ، ولا بالطويل الممل ، وهو يتكون من كلمتين فقط : ( لجة ) ، و( الروح ) ، ومعنى كلمة ( لجة ) :  مُعْظم البَحْر حيث لا يُدرك قَعْرُه ، وما يَبْدو بعيدَ الغَوْر، ومنه قول الله عز وجل : ( وقيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته ''لجة" وكشفت عن ساقيها ... آية ٤٤ من سورة النمل .. أما كلمة ( الروح ) فمن معانيها : ١- هي مادَّة مُستَخرجَة بالتَّقطير ومُرَكَّزة فنقول: "رُوْحُ الزَّهْرِ" أي سره وخلاصته وصفوته وقوامه وعصارته ولبه وأثمن ما فيه ، وهذا يتماشى مع خلاصة تجربة الشاعرة في الوصول للحب الإلهي.

2- الروح هي : النَّفس والذات ومالها وما فيها من ضمير وإدراك وما به حياتها، وهي الجانب المعنوي من الإنسان عبارة عن جسم اثيري هلامي لطيف خفيف ليس فيه ثقل أو كتلة شفاف غير معروف الشكل ولا الكنه ولا الوزن ولا اللون ولا الرؤية به يقوم وينهض البدن وبه قوام الجسد ، وبها تقوم كل العمليات الفسيولوجية، ومن غير الروح يهمد ويخمد ويتعفن الجسد ، وهي سر الله في خلقه ، ونفخة منه ( ونفخت فيه من روحي ) و"ليس للأَشياء رُوح" ، ( ويسألونك عن الروح فقل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ...  آية ٥٤ من سورة الإسراء ) ، فالروح من عالم الأمر وغير قابلة للبحث أو التجريب أو ( الدراسة المعملية ) ، وهذا العنوان ( لجة الروح ) مناسب جدا للقصيدة ؛ لأن موضوعها صوفي فيه رحلة للوصول لحقيقة الإيمان و البحث والكشف عن سبر أغوار سر الذات وانتشاء النفس البشرية، ولذة ومتعة  لجمال الطبع والرضا الذاتي النفسي والاطمئنان لرسول الحب الرباني وشحنات ونفحات وألطاف الأمن والسعادة الربانية الحقيقية، وهذا العنوان ( لجة الروح ) مأخوذ من البيت الأخير رقم (١١) الحادي عشر من القصيدة والذي يقول : ( قد أغرقتني لجة الإيمان )، وليت الشاعرة جعلت عنوان النص : ( لجة الإيمان ) أي عمقه بدلا من ( لجة الروح ) ، ولكن الشاعرة استصعبتها واستثقلتها فالإيمان بضع وسبعين (٧٠) شعبة ، وهذا العنوان ( لجة الروح ) ليس بغريب عن مقاصد ومعاني القصيدة ( الحياة ) ومغزاها فكلما كان العنوان جزءا  مهما من أجزاء القصيدة كلما كان  أولى وأحق وأجدر وأحسن وأفضل وأنسب وأميز وأروع وأجمل.

** غرض النص ومغزاه**

  **والجديد فيه ** 

١- غرض النص : 

هو ( الوصف ) : وصف الحالة الشعورية النقية التي عليها الشاعرة ، وإحساسها بلذة وحلاوة الإيمان .

٢-ومغزى النص أوهدف القصيدة : -

هو توصيل للمتلقي نفحة، و( جرعة ) إيمانية دسمة من الحب والعشق الإلهي تسمو بروحه وتصعد بنفسه لإشراقات علوية وبهاءات سنية ، استطاعت الشاعرة فيها أن تحول تجربتها الذاتية الخاصة لتجربة صوفية ذاتية عامة يشعر بها ويحسها كل من يقرأ القصيدة ( كمنبع صاف دافق ينهل منه الآخرون فتمتلأ قلوبهم بالمحبة والإيمان والنور والرضا والاطمئنان والثبات ).

٣- الجديد في النص :-

إنه تواصل وشعور ورسالة وطاقة إيجابية روحية إيمانية منبعثة من ذات الشاعر لله عز وجل في صورة فطرية سليمة بلا إعدادات مسبقة، ولا أحزاب مبرمجة ، ولا مذاهب مشتتة ، ولا اتباع شعراء سابقين تسير على نهجهم الشاعرة  بل هو توظيف لحالة الشاعرة الفطرية في حبها الفياض لله عز وجل وتمسكها بحبل الله المتين.

** شرح مجمل أبيات القصيدة **

-تبدأ الشاعرة قصيدتها في البيت الأول : ( ١- يا واثق الأركان مثلك .. إنني أرنو لفيض فيه كل أماني ) بأسلوب النداء كعادة الشعراء القدامي الإحيائين بخطاب الصاحب ( يا صاح ...) أو بخطاب المثني ( يا صاحبيا .. ) فتقول : ( ياواثق الأركان ) تقصد أركان الإلهام والدين والقيم والمثل والعادات والتقاليد وواثق الأركان هو : آدم ( الإنسان بوجه عام في أي زمان وأي مكان في أي بيئة وفي كل عصر من العصور على وجه العموم ) ، وتعني وتقصد  الشاعرة بكلمة ( مثلك ) : أي المحبوب ( الشخص المحترم الملتزم المحب بصدق ونقاء وإخلاص وطهارة روح وفيض عبادة ، وليس شغف الجسد على وجه الخصوص) ، ثم تضع الشاعرة مجموعة من النقاط بعد كلمة مثلك هكذا (....) ومعناها تخيل صديقي القاريء وأكمل أنت النقط  أكمل أنت النقط سيدي المتلقي كما تحب وترضى  شاركنا برؤيتك وكتاباتك هكذا : ( مثلك ... ينبع منه كل خير ومثلك ينبع منه كل حب) ، فالشاعرة مثلك ترنو وترقب وتنتظر وتشاهد فيوضات من أمنيات الرؤى الجميلة ، وجدير بالذكر إن الشاعرة موفقة جدا في البيت الأول وبخاصة في كلمة : ( أرنو ) ؛ لأن من معانيها ( أدام النَّظر إليه في سكون طَرْفٍ )، فنقول : ( أخذت الأم ترنو إلى طفلها بعطف)، ونقول : ( رنا إلى ..) أو نقول : (رنا لـمنظرٍ طبيعيّ.. ) ونقول : ( رنا فلان يعني : طرب ولها مع شغل قلب ) ، ونقول : ( رنا إلى حديثه أي أصغى إليه ) ، ( فالرنا : مايرنى إليه لحسنه ولحسن ذاته ) ، وفي البيت الثاني : ( ٢- هدي وألطاف ونور مغرق .. قد أنبتت في القلب بحر حنان ) وهذه الرؤى هدي وهداية بيان وهداية رشاد وهداية معونة وغوث وألطاف ربانية وأنس ورحمات إلهية ونور وضياء نغرق فيه من كثرة نور الهداية التي هي بالفعل ضد الضلال ، هذا الهدى وهذا الهدي ، وهذه الألطاف النورانية قد أنبتت فعلا وترعرعت كالأرض في القلب ببحر مكنون مسجور من حنايا الحنو والتحنان والحنان ، وفي البيت (٣) الثالث : ( وفراشة الكون الفسيح أسير إذ ... سدت علي منافذ الأوطان ) ، وهنا تعترف الشاعرة وتتخيل إنها فراشة وحيدة بذاتها لكل هذا الكون ( الدنيا أو المجرة كلها ) الواسع الفسيح ، والفراشة ما زالت تطير نحو النور إذ سدت وأقفلت وأغلقت عليها منافذ الأوطان .. لماذا ؟ بما ولما يفعله أهل الشر والمعاصي في أوطانهم ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .. الآية ٣٠ من سورة الأنفال )، وفي البيت الرابع : ( ٤- وكما النسائم في الفضاء عليلة ... ترقي رقي الروح في الأبدان ) وباستخدام التشبيه التمثيلي ( تشبيه حالة بحالة ) تشبيه حالة النسيم الرقيق المتصاعد في الفضاء والمتعالي في السماء ( نسيم الصبا ) بحالة سمو ورقي الروح في المعراج واكتمالها ثم نزولها وسكونها في الأبدان والأجساد ، ومعنى كلمة ( عليلة ) : 1- مُنْعِش ونقول : "نَسيم عَليل" ، هواء عليل : أي نسيمٌ رقيق ليِّنُ الهبوبِ، مُنعشٌ لطيف. وعليه كان المعنى الذي تقصده الشاعرة ... أما المعنى الثاني2- سَقيم، مريض، مُتَوَعِّك. "أَحسَّ بأَنَّه عليلٌ" أي ( مريض) ، وما تقصده الشاعرة هو : (نسائم عليلة بمعنى رقيقة ) ، فالهواء إذا رق ولأن وضعف وصار عليلا كان أنسب وأحسن للمريض وكان سببا في شفائه ، وفي البيت الخامس : ( ٥- قد شدني عشق إليك لعلني .. أروي الفؤاد وانتشي لثواني )، وهنا تقرر الشاعرة الصوفية باستخدام ( قد ) وهي أداة توكيد للفعل الماضي أنها شدها وجذبها ( عشق ) باستخدام  المفردة النكرة  بدون ( ألف ولام التعريف أو العهد ) التي تفيد تعظيم العشق وأي عشق جنوني هذا قد شد الشاعرة ؟ لابد أن يكون عشق عظيم عشق كما يقول الصوفية للذات الإلهية ( حب عبادة ) كما فعلت أم الخير مولاة آل عتيك رابعة بنت إسماعيل العدوية المولودة بالبصرة. سنة (١٠٠)مائة هجريا حين قالت  في قصيدتها أحبك حبين : 

 (عرَفْتُ الهَوى مُذ عَرَفْتُ هواك ... وأغْلَقْتُ قَلْبى عَلىٰ مَنْ عَاداكْ 

وقُمْتُ اُناجِيـكَ يا مَن تـَرىٰ ...

 خَفايا القُلُوبِ ولَسْنا نراك

أحِبُكَ حُبَيْنِ حُبَ الهَـوىٰ ...

وحُبْــا لأنَكَ أهْـل لـِذَاك

فأما الذى هُوَ حُبُ الهَوىٰ ...

فَشُغْلِى بذِكْرِكَ عَمَنْ سـِواكْ

وامّـا الذى أنْتَ أهلٌ لَهُ ...

فَلَسْتُ أرىٰ الكَوْنِ حَتىٰ أراكْ

فلا الحَمْدُ فى ذا ولا ذاكَ لي ...

 ولكنْ لكَ الحَمْدُ فِي ذا وذاك) ،

ثم تعطي الشاعرة سببا لهذا العشق لعلها؛ تروي الفؤاد والتأثر واضح بالقرآن الكريم في قول الله عز وجل : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه  مسئولا .. آية ٣٦ من سورة الإسراء ) ، وباستخدام الواو العاطفة ( وانتشي لثواني ) ولماذا تنتشي الشاعرة من هذا العشق؟ إنها حالة وجودية فيها وجد وحب وعشق وأنس بالله ، ولكن لماذا هذا الانتشاء أو هذه النشوة أو حالة الوجد ( لبضع ثواني فقط ) ؟..إنها تقصد عودة الحياة للفراشة المختنقة ( الشاعرة ذاتها ) فالفراشة كناية عن الشاعرة  بعد سد منافذ الأوطان في سرعة تكفيها ثواني لعودة الحياة في رأتيها

 ولربما الشاعرة غير موفقة في قولها : ( انتشي لثواني ) هل تكفي الثواني لرقي الروح في الأبدان ولشد العشق ، ولإقرار الحب ونفحاته ولروي الفؤاد ، وإجلاء الأسى والحزن ، وطيران الروح؟ هل لأن الشاعرة عبارة عن فراشة رقيقة فتكفيها الثواني والوصل جمر ؟؟ وكان يمكنها أن تقول : ( انتشي بمكاني ) أو( انتشي لعناني) أو( انتشي لبياني ) أو أي تعبير مجازي آخر ... وهذا التعبير ( انتشي لثواني ) يؤخذ على الشاعرة ، لأن اللحظات لا تكفيها ولا تكفي حبيبها ولا تكفي المتلقي ، ( فالثواني وحتى وإن كانت جمرات في دمها ) قليلة على الانتشاء بكمية ، وقدر هذا الحب المهول الممتليء بالفيوضات التي تعيشها مع النسيم وإن دبت فيها الروح لعودة الحياة، ولعل الشاعرة دون قصد أو عمد متأثرة بقول  أمير الشعراء أحمد شوقي : ( دقات قلب المرء قائلة له .. إن الحياة دقائق وثوان ) ،وفي البيت (٦) السادس : ( فإذا مساحات الضياء تلفني ...  في عالم متبتل نوراني ) فتقر الشاعرة في هذا البيت باستخدام ( إذا ) التي تفيد التحقيق أن مساحات الضياء ومسافات النور تلف وتحاصر وتطوق الشاعرة في عالم مثال مفضال  يحوطها من كل مكان تتواجد به أو فيه وحولها رهبة وخشوع وتبتل وخضوع ، ومن معاني تَبَتَّل :1- تفرَّغ لعبادة الله.

2- ترَك الدنيا زُهْدًا فيها

3- انقطع للعبادة ولم يتزوج، 

وفي البيت (٧) السابع : ( فالروح طارت نحو حبك سابقت ... فيك الرجا وغدوت كل كياني ) فالشاعرة هنا لا تخاطب حبيبها الرقيق الخاشع المتبتل ( واثق الأركان ) ولكنها تخاطب حبيبها الذي تحبه وتخشاه وهو ( الله ) وتقول له  : ( إن الروح طارت وهامت وطاشت جنونا وعرجت في عالمها الملكوتي نحو وتلقاء وتجاه حبك وقد سابقت في ملكوت محبوبها الرجاء حتى أصبح حبيبها ومحبوبها رفيقا في كل كيان عالم ذات الشاعرة. وفي البيت (٨) الثامن : ( الوصل أوقد كل جمر خامد .. وجلا الأسى وغدوت نور زماني ) ، فلم تخاطب الشاعرة هنا حبيبها البشري ولكن حبيبها الحق والحقيقي ( الله ) وتقول : فالوصل والوصال وما بينهما ( الشاعرة ومحبوبها ) قد أوقد وألهب وأشعل كل جمر خامد وساكن وهامد وخافت ومنطفيء ، فظهر ورحل وجلا الأسى والحزن حين غدى محبوبها وصار كل كيانها ونور زمانها وسراجه.

وفي البيت (٩) التاسع : ( ويقال إني قد جننت وأنني ... لأقر أن هوى هداك سباني ) ، وباستخدام لغة التمريض والمبني للمجهول للعلم بالفاعل وهم : ( المرجفون - النمامون - الوشاة - سعاة الشر - الحاسدون، وكل من على شاكلتهم  أوغيرهم) يقولون على الشاعرة ، ويتقولون إنها قد جنت وطار عقلها وإنها باستخدام ( لام التوكيد )  لتقر وتعترف أن هوى هدى وهدي ورشاد وعقل وفعل حبيبها ( الله ) قد أسرها وسباها وصيرها محبوبة وعاشقة ليس لها إرادة وكأنها جارية أو سبية أو أسيرة حرب هوى الطاعة والحب) ، وفي البيت (١٠) العاشر قبل الأخير من القصيدة : ( نفحات حبك  يإلهي قد أنعشت ... قلبي المعنى والأمان أتاني ) وأخيرا  تكشف الشاعرة في هذا البيت عن هوية حبيبها فتقول : ( نفحات حبك يا إلهي ) فمحبوبها هو ( الله ) وكأنها تسير على خطى رابعة العدوية شهيدة الحب والعشق الإلهي أو أنها تخاطب حبيبها ( البشري واثق الأركان ) فقط في أول بيت القصيدة على عادة الشعراء العرب القدامى وعلى عادة شعراء الأحياء ، وتكون جملة ( - يا إلهي - ) جملة اعتراضية بين شرطتين ( نداء تعجبي) فيه استغراب وتعجب وجمال وجلال من نفحات الإنعاش التي وصبتها غمرا وأصابت قلبها المعنى الأسير ، وكأنه سهم قد أتاها ، ولكنه سهم الأمان وليس سهم القتل والموت.

ثم تنهي الشاعرة روائع قصيدتها بقولها حين تتحدث عن نفسها في البيت (١١) الحادي عشر والأخير من القصيدة : ( وغدوت في بحر الهوى صوفية .. قد أغرقتني لجة الإيمان ) وهذا اعتراف صريح ومباشر من الشاعرة أنها صوفية  ( مجازا ) لا ( حقيقة ) فالصوفية عند الشاعرة هي : اتباع منهج للحياة يعتمد على حب ( الله ) وليس الخوف منه ، وعلى هذا عاشت الشاعرة قصة حب طاهرة نورانية زكية ، رحلت فيها الشاعرة مع الروح إلى عالم مثال مفضال، وقد غرقت فيه الشاعرة في لجة بحر الهوى الصوفي بالإيمان مثل حبيبها واثق الأركان يتناجيان پإلهام (حديث الروح ) وما أجمله من حديث !! وما أروعه من لقاء !! يغرقان فيه ويصلان إلى ( لجة الروح) وسرها العاطر المكنون.

** الموسيقا في القصيدة **

ينقسم العنصر الموسيقي في النص إلى قسمين : أولا : ١- موسيقا جلية ظاهرة وواضحة وخارجية تتمثل في : الوزن - القافية -  التصريع - حسن التقسيم - الجناس ). وثانيا : ٢-موسيقا داخلية خفية نابعة من تضافر وانسجام وتناغم الألفاظ وتناسق هرمونيتها .

أولا : الموسيقا الخارجية

ومنها : ١- الوزن أو البحر وهو : ( الكامل ) متفاعلن (///٥//٥  ) مكررة ٦ ( ست ) مرات في كل بيت من أبيات القصيدة (٣) ثلاثة في صدره و(٣) وثلاثة في عجزه ، ومفتاح البحر ( كمل الجمال من البحور الكامل ..  متفاعلن متفاعلن متفاعلن ) ، وله ثلاثة أعاريض وتسعة أضرب ، والصورة التي اختارتها الشاعرة لهذا البحر هي : العروض صحيحة والضرب مقطوع ) وجدير بالذكر أن (علة القطع) هي : حذف الساكن الأخير من التفعيلة وتسكين ماقبله فتتحول ( مفاعلتن ) إلى ( مفاعيل )، ويدخل حشو هذا البحر زحاف (الإضمار ) بحسن ولطف ، وهذا ما فعلته الشاعرة فقد أدخلته على القصيدة في الحشو والعروض والضرب ، ويستعمل هذا البحر تاما ومجزوءا ، ولقد استخدمته الشاعرة تاما. والقصيدة بعد تقطيعها عروضيا لم نجد فيها أى ذلل أو أى كسر ، وهذا كله يحسب للشاعرة . 

العنصر الثاني من عناصر الموسيقا الجلية (٢- القافية ) - القافية :  هي أصوات وحروف كلمة أو بعض كلمة أو جزء من كلمة أو كلاهما معا ، وهي من أول متحرك بعده ساكنان يحصران  بينهما حروف متحركة من آخر كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي أنواع : ( متكاوس ومتراكب ومتدارك ومتواتر ومترادف)

وقافية القصيدة ( لجة الروح ) التي معنا ونحن بصدد دراستها الآن هى قافية ( المتواتر /٥/٥ )، والمتواتر كل لفظ قأفية  فصل بين ساكنيها حركة واحدة ، ( متحرك واحد بين ساكنين ) بعد أول متحرك من نهاية كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي قافية مطلقة بالنون المكسورة وهو ( رويها ) وحركة مجراها الكسرة ورويها المطلق ( النون ) ممدود ومشبع أو موصول ( بياء ) ، وهي قافية مجردة من الردف والتأسيس ، ومردوفة ( بألف مد ) قبل الروي ( النون ) ، وكلمات القافية (١١) إحدى  عشرة كلمة هي : ( ماني - ناني -  طاني - داني - واني - راني - ياني - ماني - ياني - ناني -  ماني)  مأخوذة من الكلمات : ( أماني - حناني - أوطاني -  أبداني - ثواني - نوراني - كياني - زماني - سباني - أتاني  - إيماني ). والشاعرة موفقة جدا في القافية.

ثالثا : (٣- التصريع أو المصراع وهو بوابة القصيدة ودلفتيها ) ، والتصريع من عناصر الموسيقا الظاهرة الجلية ، ويكون في البيت الأول فقط من أي قصيدة عمودية تتبع منهج الخليل في ( العروض والضرب ) فقط ، والتصريع هو : تكرار الحرف الأخير من آخر كلمة في صدر البيت الأول وآخر كلمة في عجز الشطر الثاني من البيت الأول هكذا : ( يا واثق الأركان مثلك إنني ...أرنو لفيض فيه كل أماني ) فالمصراع بين : ( إنني - أماني ) فالكلمتان تنتهيان ( بالنون والياء )، وهو يعطي جرسا موسيقيا ونغمة تستريح لها الأذن ويجذب الذهن ويشد الانتباه ويساعد على الحفظ.

** رابعا الجناس  **

( ٤- التجنيس من عناصر الموسيقا الجلية الواضحة الخارجية )

وهو نادر وشحيح وقليل في القصيدة ، وذلك ؛ لأن الشاعرة لا تقصده قصدا ، وليست من مدرسة عبيد الشعر والصنعة .. إنما هي شاعرة مطبوعة على الفطرة من مدرسة ( شعراء الطبع والسهل الممتنع ) ، وتكتب ما تحسه وتقرأ ما تحبه وتعرف متى تكتب ؟ وتعرف متى تقرأ ؟ فتحس وتشعر وينبض قلمها فتكتب بطلاقة وسهولة وليونة ثم تحب ماتكتبه فتقرأه بعيونها وتعيشه في خلدها، فالجناس عندها غير متكلف وغير مقصود لذاته ولا تقصده، والجناس هو تشابه الكلمتين في الحروف واختلافها في المعنى ، وينقسم إلى قسمين جناس تام بنفس حروف الكلمة ونطقها وعدد حروفها و ونفس ترتيب حروفها ونفس تشكيلها والشاعرة لم تستخدم الجناس التام في القصيدة ، وإنما استخدمت النوع أو الصنف أو القسم الثاني : ( الجناس الناقص) ومن أمثلة ذلك أو بيان ذلك كالتالي : ( الأماني - الأمان ) ، ( لعلني - الفني - إنني ) ، ( هوى - هدي ) ، ( نوراني - ثواني - زماني ) ، ( أتاني - سباني ) والشاعرة موفقة في الجناس **خامسا : ( ٥- حسن التقسيم )** :

وهو من عناصر الموسيقا الصاخبة ونعني به تقسيم الأبيات إلى وحدات صوتية بحروف معينة متساوية في الزمن والنطق والتقطيع والإبداع من مثل : ( هدى وألطاف ... ونور مشرق ) ، ( متبتل نوراني - نور زماني ) ،ة( هداك سباني - الأمان أتاني - لجة الإيمان - متبتل نوراني ) ، ( فيك الرجا - جلا الأسى ).

**:ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية **

وتتبع من تضافر الحروف وتناسق الكلمات وتناغم العبارات ، وهرمونية الألفاظ وانسجام الجمل وتعانقها ، ومنها مايلي : ( الأوطان - الأبدان - الأركان ) ، ( ترقى - رقي ) ، ( نفحات - مساحات ) ، ( أنبتت - انتشت - سابقت ) ، ( غدوت - جننت ) فعليك أن تلاحظ تكرار حروف ( الألف والنون والتاء ) في مثل هذه الكلمات المتألقة والمتداخلة والمتراصة والمنتظمة والمتوائمة في نطقها. والشاعرة موفقة في العنصر الموسيقي ويحسب لها.

** الأساليب في القصيدة **

أولا الأساليب الإنشائية :

١- ( يا واثق الأركان ) : أسلوب نداء للتنبيه والتعظيم ولإظهار الحب العميق وأداة النداء (يا) للقريب.

٢-( يا إلهي ) : أسلوب نداء للتعظيم ، وأداة النداء ( يا ) وفيه إظهار للحب.

ملحوظة :

وعلينا أن نلاحظ قلة الأساليب الإنشائية وندرتها ، لأن المقام الذي فيه الشاعرة مقام علو وسمو مقام لذة وسموق ومقام مناجاة الحبيب لحبيبه فتخاطبه الشاعرة  بالحب والصدق وليس بأساليب الإنشاء والطلب فهي قنوعة جدا وراضية بحالها مع الله ، وليس لديها طلبات تطلبها من الله غير العيش في رغد والاستمتاع في معيتها مع الله ، فلم نجد تساؤلا أو استفهاما أو نفيا أو تمنيا أو أمرا  أو ورجاء .. لم تسمح الشاعرة لنفسها أن تخرج من حالة الوجد والعشق والحب الذي تحياها وتعيشها مع مولاها فهي تحبه ولا تخاف منه ، وتقبل عليه بلا إدبار عارمة في رحمته غارقة في لجة الإيمان في بحر الهوى.

** ثانيا الأساليب الخبرية **

ومن أساليب التوكيد :

١- ( إنني أرنو ) ، ( أني قد جننت ) ، ( وأنني لأقر أن هوى هداك سباني ) ثلاثة أساليب مؤكدة للجمل الأسمية ( بإن وأن واللام ) ، وكلها تؤكد الحالة الإيمانية التي عليها الشاعرة.،  ٢-( قد أنبتت ) ، (قد شدني) ، ( قد أغرقتني) ثلاثة أساليب مؤكدة ( بقد ) التي تؤكد الجمل الفعلية ، وفعلها ماض للاستقرار والتوكيد وثبوت حالة الإيمان وترسيخها عند الشاعرة ، ٣-( فإذا مساحات الضياء تلفني ) ، ( إذ سدت على منافذ الأوطان ) أسلوبان للتحقيق باستخدام ( إذا ) للتحقيق ، و (إذ ) الفجائية.

٤- (فيك الرجاء ) : أسلوب قصر وتخصيص و توكيد باستخدام التقديم والتأخير فلا تبدأ الجملة في اللغة العربية بجر ومجرور  ( في ) حرف جر  والكاف ( ك) ضمير في محل اسم مجرور ( فيك) وشبه الجملة خبر مقدم والمبتدأ ( الرجاء ) مبتدأ مؤخر ،  وترتيب الجملة الطبيعي إنها جملة اسمية مبتدأ وخبر ( الرجاء فيك ). وكلها أساليب توكيد تؤكد أحاسيس وشعور وعاطفة الشاعرة الجياشة وتجربتها.

**  ومن التعبيرات العملاقة في النص ( الخيال الجزئي) **

-ومن الأساليب الخبرية التي اعتمدت على علم البيان باستخدام ( التشبيه أو الاستعارة ) ما يلي : 

١- التشبيهات : - وكما النسائم في الفضاء عليلة ) تشبيه تمثيلي أداته ( كما ) تشبيه حالة النسائم في رقيها بحالة رقي الروح في الأبدان وهو تشبيه منتزع من البيئة وفيه سمو. 

-( نور مغرق ) ، ( عالم متبتل نوراني ) تشبيه بليغ عن طريق الوصف ( بالنعت) ، ( غدوت نور زماني ) ، ( غدوت .... صوفية ) عن طريق الضمير والناسخ وخبره.

ثانيا الاستعارات :

١-ومن الاستعارات المكنية :

( شدني عشق ) ، ( جلا الأسى ) ، ( أروي الفؤاد ) ، ( مساحات الضياء تلفني ) ، ( أنعشت قلبي المعنى )، ( أغرقتني لجة الإيمان ) ، 

٢- ومن الاستعارات التصريحية :

-(الروح طارت ) ، ( الأمان أتاني ) ، ( نفحات حبك أنعشت ) ، ( الوصل أوقد ) ، ( هوى هداك سباني ) ، وكلها فيها خيال وإبداع وابتكار وصور بيانية ولون بلاغي وخيال جزئي.


** خصائص أسلوب الشاعرة **

استطعنا أن نرصد من خصائص أسلوب الشاعرة ( ٨ ) ثمان خصائص منها : ١- الخصيصة الأولى : استخدام الفعل المبني للمجهول أو المبني ( للمفعول ) للعلم بالفاعل مثل : ( سدت ) فعل ماض مبن للمجهول للعلم بالفاعل وهم الأعداء ومن يسعون بالوشاية ويجرون الخراب على أوطاننا من الأعداء، ومثل الفعل ( يقال ) : فعل مضارع مبن للمجهول ، ( وبه لغة تمريض في علوم الحديث ) فلم تقل الشاعرة من الذي قال ؟ لكثرتهم وللعلم بهم وهم الوشاة والحاسدون ، والكارهون للحب .

٢- الخصيصة الثانية : 

وهي : ( خصيصة الترادف ) ومثالها ما يلي : ١-أولا الترادف : ( القلب = الفؤاد ) ، ( النور = الضياء ) ، ( سباني = شدني ) ( هوى = حب ) ، ( المعنى = سدت = شدني ) ، ( المنافذ = الفضاء = الفسيح ) ، (طارت = ترقي = رقي) من حيث دلالات المعاني وإشعاعاتها.

٢-ثالثاالخصيصة الثالثة التضاد والطباق  ومنها : ( الروح × الأبدان ) ، ( واثق × يقال ) ، ( حنان × جمر ) ، ( سباني × طارت ) ، ( الأمان × أغرقتني ) ، ( منافذ × طارت ) ، ( الأسى × أنعشت ) ، ( حنان × الأسى ) ، ( ترقى × شدني ) ، ( المعنى × طارت ) ، ( المنافذ × سدت ) ، ( طارت × أتاني ) ، ( أتاني × غدوت ).

٣- الخصيصة الرابعة : ( خصيصة التكرار) ومنها : ١-( الروح ) : تكررت مرتين ( الروح طارت -  رقي الروح )، ٢- ( إنني )  تكررت مرتين ( إنني أرنو - إنني لأقر ) بالإضافة إلى ( أني قد جننت ) ، ٣-تكرار كلمة ( هدى ) مرتين في البيت الثاني والتاسع ( هدى وألطاف - هدى هداك ) ،

 ٤-تكرار كلمة ( بحر ) مرتين في البيت الثاني والحادي عشر ( بحر حنان - بحر الهوى ) ،

 ٥- تكرار كلمة (قد ) أربع مرات في البيت الثاني ( قد أثبتت ) ، وفي البيت الخامس ( قد شدني ) ، وفي البيت التاسع ( قد جننت ) ، وفي الحادي عشر ( قد أغرقتني ) 

٦-تكرار كلمة ( غدوت ) ثلاث مرات في البيت السابع (غدوت كل كياني )، وفي البيت الثامن(غدوت نور زماني)، وفي البيت الحادي عشر ( غدوت في بحر الهوى ). ٧- تكرار كلمة ( نور ) مرتين في البيت الثاني ( نور مغرق ) وفي البيت الثامن ( نور زماني ) بالإضافة إلى ( مساحات الضياء.

٥- الخصيصة الخامسة ( خصيصة العطف ) : فقد تكرر العطف بالواو والفاء ،  ١- تكرار (بالواو) في (١٢) أثني عشر موضعا هي : (  وألطاف - ونور - وفراشة - وكما -  وانتشي - وغدوت - وغدوت - وجلا - ويقال -  وأنني - والأمان - وغدوت ) ،

٢-وكذلك تكرر العطف مرتين باستخدام (الفاء) العاطفة مرتين

 في موضعين اثنين هما : ( فإذا - فالروح ). 

٧-الخصيصة السادسة : ( خصيصة الإضافة بالمضاف والمضاف إليه) 

فقد تكررت هذه الظاهرة حوالي (١٥) خمس عشرة مرة بيانها كالتالي : ( مثلك - كل أماني - بحر حنان - منافذ الأوطان - رقي الروح -  فيه  - مساحات الضياء - نحو حبك  - كل كياني - كل جمر -  نور زماني - هوى هداك -  نفحات حبك -  بحر الهوى - لجة الإيمان ) ،  

٨- الخصيصة السابعة :  استخدام (الوصف) فقد استخدمته الشاعرة  (٧) سبع مرات في قولها : (  لفيض .. فيه كل أماني )  - ( نور ... مغرق ) - ( الكون .. الفسيح ) - ( عالم .. متبتل .. نوراني ) -  ( جمر .. خامد ) -  ( قلبي .. المعنى ).

الخصيصة الثامنة : ( خصيصة الجر والمجرور ) فقد تكررت (٩) تسع مرات في قول الشاعرة : ( فيه - في القلب - علي - في الفضاء -  في الأبدان - إليك - لثوان -  في عالم -  في بحر ).

 ملحوظة هامة : ولاشك أن كثرة تكرار ألفاظ معينة بنصها قد يضعف ويفقر من قاموس كلمات القصيدة.

** دراسة ظاهرة الأفعال في النص **

١-الفعل الماضي : تكرر (١٦) ست عشر مرة بيانها كالتالي : ( أنبتت - سدت - شدني - لعلني - طارت - سابقت - غدوت - أوقد - جلا - غدوت - جننت - سباني - أنعشت - أتاني - غدوت - أغرقني ).

٢- الفعل المضارع : وقد تكرر (٨) ثمان مرات بيانها كالتالي : ( أرنو - ترقى - أروي - انتشي - تلفني -  يقال - أقر - أصبر ) والفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار والتتابع واستحضار الصورة في الذهن .

٣- الفعل الأمر صفر لا يوجد في القصيدة أفعال أمر ؛ لأن الشاعرة في حالة وجد وحب وعشق وليس أمر ونهي ، وجدير بالذكر أن أفعال الماضي ضعف أفعال المضارعة مما يعني ثبوت وتوطيد وتوكيد واستقرار حالة الحب والعشق في وجدان الشاعرة والنسب كالتالي : ( الماضي :١٦ ، المضارع: ٨ ، والأمر صفر ). فالأفعال بيان واضح لعاطفة الشاعرة الجياشة وحالة الوجد والفيض،

والشاعرة موفقة في ذلك.

** الصورة الكلية القصيدة **

قد استطاعت الشاعرة أن تنقل لنا حروف قصيدتها من فضاءات عالم الانزياح  والخيال الجزئي المنظم إلى  خيال كلي ومركب ورسمت لنا لوحة زيتية جدارية بريشة فنان تشكيلي تعلق على الحائط تضافرت (شخوصها) في : شاعرة محبة عاشقة لربها في نفحات شهر رمضان تخاطب واثق الأركان مثلك ، ثم تخاطب ربها وتثبت علاقة الحب والوحدة والفيض بينها لربها في حالة إيمانية صوفية عميقة ، وتجلت ( خيوط اللوحة في : صوت ولون وحركة ) ١- ومن الكلمات التي تدل على اللون (٨) كلمات هي : ( نور - نوراني - الضياء - فراشة - الأبدان - جمر -  بحر - لجة ).

٢- ومن الكلمات التي تدل على الصوت (٦) ست كلمات هي : ( يا واثق - يا إلهي - يقال - لجة -الإيمان )

٣- ومن الكلمات التي تدل على الحركة (٣٠) ثلاثون كلمة هي : (  أرنو - مغرق - أنبتت - فراشة -  الفسيح - سدت - منافذ -  النسائم -  تربى - رقي - شدني - أروي - انتشي - مساحات - تلفني - متبتل - طارت -غدوت -  غدوت - غدوت - سابقت -أوقد - خامد -جلا -سباني - أنعشت - أتاني - بحر - أغرقتني - لجة )، وعليه تكون الكلمات التي تدل على الحركة هي التي لها الغلبة في القصيدة لتدل على النفحات الإيمانية في شهر رمضان وأكثر من كلمات اللون والصوت بضعفين ،وعليه تكون النسبة كالتالي : ( الحركة : ٣٠ :  اللون ٨ : الصوت :٦ ).

وكلها تصب في مصلحة القصيدة.

** الخاتمة ( ** كلمة الناقد **) :

١-إن ظاهرة الحب الإلهي ليست بجديدة على الشعر العربي بل أجادها الشعراء منذ عصر رابعة العدوية حتى عصرنا هذا ... ولكن الشاعرة برغم أنها قالت في البيت الأخير من القصيدة : ( غدوت في بحر الهوى صوفية ) إلا أنها تقصد نفحات رمضان الإيمانية ، فلا يوجد صوفي حقيقي في الكون يعترف بصوفيته ، ولكن الشاعرة تتحدث وتنقل لنا تجربتها وعاطفتها الجياشة والمؤثرة وترجم إحساسها المفعم بالسعادة والمعية مع حبيبها ربها ( الله )، فبرغم تقصيرها مع الله واعترافها بذنوبها فهي لا تخاف من الله بل تحبه وتعشقه وعندها أمل كبير في رحمته التي وسعت كل شىء فهي واقعة في حبه وطامعة في جنته ، وفي غفران ذنوبها ، وهي على الإيمان المجمل مثل بقية المسلمين إيمان الفكرة النبيلة والفطرة النقية السليمة ، وليس على منهج الصوفية الضال ( بالشطحات والحلول وبنظرية وحدة الوجود والاتحاد والفناء والمثول عن شهود السوى والمواجيد والتغزل في الذات الإلهية .. فحب الشاعرة لله حب طبيعي حب مؤمنة صادقة مع ربها تشعر بنفحات إيمانية في ليالي مباركة من شهر رمضان الفضيل .

٢-وفؤ النهاية لا يسعني إلا شكر الشاعرة وتقديم إحصائية كلمات القصيدة : فتحتوي القصيدة على (١٤٥) كلمة موزعة كالتالي : ( الحروف ٣٨ ، والضمائر ٢٧ ،وكلمات الجمع ١٣ ، وكلمات المفرد ٤٢ والأفعال ٢٥ ) وهذا يدل على سهولة وجمال ورونق النص.

................................................

كتبه الناقد / معروف صلاح أحمد

شاعر الفردوس ، القاهرة ، مصر.


دراسة نقدية للشاعر معروف صلاح أحمد لنص الشاعرغزوان ياقوت العراقي بعنوان القصيدة البازية

 معروف صلاح أحمد

 شاعر الفردوس يكتب :

 دراسة نقدية عن نص : 

( القصيدة البازية ) للشاعر / 

غزوان ياقوت العراقي  

.........................................

نص الاشتغال (( القصيدة البازية )) 

أنا امامٌ لأهــــلِ العشقِ ما عشقـــــــــوا

وغيرَ دينيَ في الأكــــــــوانِ ما اعتنقوا

منْ غيرِ شمسيَ لا شمسٌ بأفقهـــــــــمُ

منْ غيرِ نوريَ ما الأقمـــــــــــارُ تأتلقُ

منْ غيرِ أمري لم يعرفْ لهــــــــم خبرٌ

وقبلَ ذكـــــري ما هلّــــــــوا ولا بَرِقوا

منْ غيرِ كأسي سلافَ الرّوحِ ما شربوا

منْ غيرِ خبزيَ ما ســــــدّتْ لهم رمقُ

ذي دولتي وعيونُ اللهِ تحرسُهـــــــــــا

( من كلِّ ما ذرَّ نجمٍ أو هوى صَعِق ) 

وذي جيوشي وراياتي مرفرفــــــــــــةٌ

مثلَ الشّواهينِ في الأفــــــلاكِ قد علقوا

وذي صحوني بطيبِ الزّادِ مترعـــــــةٌ

وفـــــــــــوقَ ما تشتهي عينٌ ومُرتَزقُ

عصا الكليمُ  بكفّي كنتُ صاحبَهـــــــــا

أرمي بها سحــرَ مَن كادوا ومنْ مرقوا

دقّتْ طبوليَ في الآفــــــــــــــاقِ قاطبة

فالأرضُ في قبضتي كأنّهــــــــــا طبقُ

شوباشُ دارتْ رحى الأكــــوانِ ناطقةً

فاحظوا بنيلِ المنى يا من بنا وثقـــــوا

هذا زمانيَ وحــــــدي قد خصصتُ بهِ

ابشــــــــــــرْ مريدي زماني كلّهُ عبقُ

فاسعدْ بذا الفخـــــــرِ حتّى تستطيلَ بهِ

ففخرُ غيريَ مكـــــــــــــذوبٌ ومختلقُ

واستمطرِ الجـــــــودَ من كفّي بلا مننٍ

فمنهُ جـــــــــاءكَ هـــــذا الوابلُ الغَدَقُ

بارتْ تجاراتُ غيري مِن غباوتِهــــــم

ومــــــــا عليَّ إذا باروا وما نفقــــــوا

ومذْ دحا ربُّكَ الأفــــــــلاكَ وانشطرتْ

وقـــــــــــالَ لي : كنْ وعيّتْ ألسنٌ ذُلُقُ

روّيتُ من خمـــــرةِ الفردوسِ منتشياً

فصرتُ ربَّ القوافي حينمــــــــا نطقوا

أنا البيانُ لمــــــن أعيا اللســــــــانُ بهِ

أنا الأميرُ لأهلِ الشّعــــــــــــرِ لو نطقوا

أنا الدّليلُ لمـــــن تاهـــــــوا وما علموا

وفي يدي تلتقي الأضـــــــــــــدادُ تتفقُ

الشّعرُ فخري بثوبِ المجــــــــدِ متّشحٌ

ابصرْ ترانيَ إنجيلاً لمــــــــــن عشقوا

ومثلُ شعريَ لن يأتي بهِ أحــــــــــــــدٌ

ولا أراني أنا والشّعــــــــــــــرُ ننعتقُ

ميّاسةُ القدِّ اشعــــــــــاري اذا انفتقتْ

رأيتَ منهـــــــــــا عيونَ النّورِ تنبثقُ

ذي معجزاتُ قصيدي دونَ مفخـــــرةٍ

نصيبُ غيريَ منهُ الهـــــــــمُّ والرّهقُ

يجيؤني وعيونُ القــــــــــومِ مسهدةٌ

وحشوهــــــــــا الغمُّ والتّنهيدُ والأرقُ

تمضي بهِ ألسنُ الأيّامِ منشــــــــــــدةً

أرمي بهِ الكـونَ والأنوارُ تندلــــــــقُ

ركبتُ مهـــــــــريَ لمْ أعثرْ بقــــافيةٍ

الحبرُ زاديَ والأقــــــــــــلامُ والورقُ

إنّي إذا قلــــــــتُ بيتاً ضجَّ في شفتي

طــــــــارتْ إليهِ عيونُ النّاسِ تستبقُ

أنا ومهـريَ والأشعــــــــــارُ في سفرٍ

نكادُ من جمـــرةِ التّرحــــــالِ نحترقُ

ألفانِ نمضي وهـــــذا الطّيرُ يصحبُنا

حتّى تضلُّ بنا الأسفــــــــــارُ والطّرقُ

أسري بها في فجـاجِ الأرضِ صاهلةً

حتّى تناثرَ مِنْ اعطافِهــــا العـــــــرقُ

ما زلتُ اشكمَهــــا توقاً واطلقُهــــــــا

كأنّهــا البرقُ في الظلمــــــــاءِ ينفلقُ

أصاحــبُ الليلَ إذ ما لاحَ بارقــــــــــهُ

وأسبقُ الرّيحَ إذ مــا الرّيحُ تنطلــــقُ

وكلّمـــــــــــا قيلَ عنّا ســـوفَ نفترقُ

نبقى عصيّانِ مثلَ الجـــــــذرِ نلتصقُ

أنا العـــــــــراقيُّ والألــــواحُ تعرفُني

أمشي وخلفَ لوائي المجــدُ يصطفقُ

بغدادُ سيّدتي ماءُ الفـــــــــــراتِ أبي

ودجلــــــــــةُ الخيرِ أمّي ماؤهــا دفقُ

يا أرضُ تيهي سما فوقَ السّما علمي

بازُ القوافي أنا والأفــــــــــقُ منطلقُ

سبقتُ أهلَ الهــوى ظرفاً وفي ادبي

وعندَ عُتبةِ بابي تلتقي الفـــــــــــرقُ

أنسيتُ في علميَ الماضينَ من سلفٍ

كأنّهم فوقَ هذي الأرضِ ما خلقــــوا

وخضتُ في لججِ الأسرارِ أكشفُهــــــا

إذا تقّحمَ غيري نالهُ الغــــــــــــــــرقُ

وعاذرٌ لو عيونُ القـــــــــومِ تنكرُني

بعضُ العيونِ تُرى في اللؤمِ تختنقُ

شعر ورسم/ غزوان علي.

.............................................

**  العنوان  :  ** ( القصيدة البازية )

الباز : هو نوع معين من أنواع الشياهين أو الصقور  وهوجنْس طَيْر من الفَصيلة الصقرية ( فصيلة الصَّقْريّات ورُتْبة الجوارح ) ، وهو من طيور مصر النادرة ، وله مهارة فائقة في الصيد، والجمع : أبْواز وبيزانٌ،

 وهو طائر كبير القَدّ ، رَبْع الجُثّة ، مُدوّر الرَّأْس، مُنْعَقِف المِنْقار قَويّ المَخالب ، وهو سَريع الطَّيَران، شديد الوَثْب مِقدام ، يُعتبر من الطُّيور الضَّارّة الَّتي لا تَعفّ عن داجن أو غير داجن ، ويَأْلف الأحراش الكثيفة. 

وكون الشاعر أطلقه علما وعنوانا على قصيدته فهو يعني معناها ويقصده قصدا : ( القصيدة البازية ) أي ( الصقرية ) أي قصيدة العزة والرفعة والسؤدد والشرف والمجد التليد والشموخ والتعالي ، فالنسور والصقور تحوم دائما في الفضاء الرمادي ، وتقتنص فريستها في خطفة عين ولمحة بصر ، ومعني ذلك أن صاحب القصيدة مقتنس ومقتبس عبقري صياد لمعاني شرف عظمة الكلمات ، فارس همام في مجال الشعر يريد أن يوصل لنا ( المتلقي ) رسالة فحواها ومغزاها ومضمونها : (إنه متنبىء هذا الزمان ، وإنه شاعر العصر والأوان ، وإنه الرهوان والأديب الأدباتي صاحب البيان ، صاحب القلم الرهيب الأريب العجيب الذي لا يشق له غبار ، ولا يكسر له سنان ، وإنه شاعر من عيار ثقيل وله وزن يفوق أوزان الكثيرين  ، وإنه من نمط فريد يريد أن يباري أعاظم شعراء العصر العباسي حيث كانت العراق هي حاضرة الدول العربية ، وقاطرة الخلافة الإسلامية ، وصدرها المنوط حامي الحمى في الشرق والغرب وما بينهما من بعد أو كثب ) ، وهذا العنوان مستجلب من ذات وداخل ورحم القصيدة وجزء أساسي منزوع منها من البيت السابع والعشرين  ( ٢٧ ) حيث يقول الشاعر : ( باز القوافي أنا والأفق منطلق) ؛ ولذلك هذا العنوان يصب في معناها جملة وتفصيلا ، وجعله الشاعر علما وتاجا ونبراسا عليها لدقته في الوصف والفخر ، وإذا دلفنا من العنوان الذي به براعة استهلال وطلاقة ثقة ، وقدرة ، وحسن ، وبيان ، وقرأنا الأبيات الأولى من القصيدة لتأكدنا من الفخر الذي يقصده الشاعر من العنوان .. فخر شاعر له نفس وذات أبية ، نفس تمتلأ بالعظمة والرفعة ، والنرجسية ، روح متميزة ،  شاعر له من أكاليل الغار الكثير والكثير المستحق ويزيد ، وله برج عاج يسكنه برصين حروف تحمل معاني النمق والألف والبهاءبأجمل العبارات ، شاعر يطرز القريض بمداد من بحر محيط ، ويشعر كأنه ملك متوج على عرش الشعر ، وله مقام وصولجان وتاج وكرسي ومملكة ، وإنه إمام الشعر ، وهذا السحر والعشق والبيان ( وإن من البيان لسحرا ) كما قال الرسول في حديثه الشريف ، فنجد  مطلع القصيدة منذ الوهلة الأولى : (أنا إمام لأهل العشق ما عشقوا...). والعنوان بيان واضح على ما يقصده الشاعر من قصيدته التي تمثل ذاته  بذات المتنبي شاعر العربية الأول بلا منازع في جنون العظمة حيث لم تكفه إمارة الشعر فحصدت روحه أمنيات تمني الملك ، هكذا دائما هم شعراء وملوك العراق أشاوس ومغاوير

** وصف القصيدة **

القصيدة تتكون من تسعة وثلاثين (٣٩) بيتا من طراز الشعر التقليدي العمودي الخليلي القديم موحد الوزن وموحد القافية ، ولقد نظمها الشاعر على وزن بحر البسيط : ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ) وهي من القطع الطويل نسبيا قافيتها ( متراكب ///٥ ) ورويها (مطلق) قاف ممدودة مجراها الضم. كما سيأتي وسنبينه في العنصر الموسيقي ، بها وحدة بناء وشكل وقالب ، ومضمونها واحد وفكرتها واحدة  ( الفخر ) وفيها يمتزج هذا الفكر ( المضمون ) بالعاطفة الجياشة ( حب الذات ) أو مايسمى ( الوجدان ).

** غرض القصيدة **

الفخر بالذات والاعتزاز بالنفس فخر الشاعر بنفسه وبوطنه العراق الأسير وبمقدرته الشعرية التي يريد الشاعر أن تجوب الآفاق ( هذا زماني وحدي زماني كله عبق .. أنا العراقي ..أنا الأمير ..أنا الدليل ..أنا إمام .. أنا البيان  .. الشعر فخري .. مثل شعري لا يأتي به أحد .. أنا والشعر ننعتق .. الأرض في قبضتي كأنها طبق .. هذي معجزات قصيدي دون مفخرة .. ) ، والفخر غرض قديم منذ العصر الجاهلي حينما كان عنترة يفتخر بذاته ويعلو بقدره وقدرته على قدرة القبيلة ، وهذا يسمى فخر ذاتي ، وكما وجد الفخر القبلي فخر الشاعر بقبيلته وخير من يمثله عمرو بن كلثوم التغلبي حيث يفخر بأمجاد قبيلته في معلقته الشهيرة ، وظل الفخر مستمرا لا يتوقف على العصور حتى وصل إلى عصرنا هذا وبدأ الشعراء يفخرون بوطنهم وأمنهم وقوميتهم العربية وصار الفخر معهم ( قوميا )، والشاعر في قصيدته يفخر بنفسه فخرا ذاتيا ويفخر ببلده ووطنه العراق فخرا قوميا، ولقد أجاد الشاعر في الفخر  بنوعيه الذاتي والقومي أو الوطني وهذا يحسب لشاعرنا.

** مناسبة القصيدة  **

كتبت القصيدة بتاريخ : ( ٥ -٣ - ٢٠٢١ م ) ؛ لبيان عظمة ومقدرة الشاعر على مباراة ومساجلة ومعارضة ومجاراة الشعراء الكبار إبان العصر العباسي عصر الحضارة الزاهرة للعراق ، ولقد حاول الشاعر أن يقلد عظماء شعراء العربية في فخرهم بنسبهم وبذاتهم من أمثال عمر بن الفارض سلطان العاشقين الصوفي الكبير المصري صاحب التائية الكبرى التى تجاوزت سبع مائة ( ٧٧٤ )  بيتا ، والصوفي الكبير عبد القادر الجيلاني سلطان الأولياء"، "باز الله الأشهب" و"تاج العارفين" و"محيي الدين" و"قطب بغداد  ، والشيخ القطب الصوفي العراقي أحمد الرفاعي "أبو العلمين"، و"شيخ الطرائق"، و"الشيخ الكبير"، و"أستاذ الجماعة "صاحب الطريقة الأحمدية الرفاعية، في القرن السادس الهجري/القرن الثاني عشر الميلادي ، وكلهم شعراء حدس صوفي، وكذلك  الشعراء الكبار  من أمثلة : (الطغرائي)  شاعر، وأديب، ووزير، وكيميائي، من أشهر قصائدة ( لامية العجم ) ، و( الأبيوردي ) : كاتب وشاعر وأديب عربي عاش في القرن الخامس الهجري ، وأبو الطيب ( المتنبىء) ( ٣٠٣ : ٣٥٤ هجريا ) شاعر العربية الأول وغيرهم .. )  وكلهم شعراء طبع مجيدون ، وليت ( شاعرنا ) قصد شاعرا واحدا معينا وجاراه في قصيدته لقلنا سجال ومعارضة ومناظرة وانتهى الأمر وكان يسيرا، وإنما قصد الشاعر فقط أن يثبت أنه بمثابة شاعر عظيم مثلهم لا يقل عنهم شيئا فجاراهم فتداخلت معاني القصيدة ( اللغوية والصوفية ) وكثرت وتعمقت ودارت حول الفخر وامتزجت بالذات، وحازت الفخر بالعراق ، و عرفنا الشاعر أن العراق أرض ولادة تتيه بعظماء الشعراء ، وجعل وكرس كل ذلك الفخر وكل تلك المعاني النفسية والصوفية واللغوية  النفيسة لنفسه ولذاته .. نراه يقول :

( يا أرض تيهي سما ...فوق السما علمي ... أنا العراقي ...والألواح تعرفني .. أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق .. بغداد سيدتي .. ماء الفرات أبي .. ودجلة الخير أمي .. ماؤها دفق .. الحبر زادي والأفلام والورق  .. أسعد بذي الفخر حتى تستطيل به .. لو عيون القوم تنكرني .. أبشر مريدي .. أنسيت في علمي الماضين من سلفي.. ) وهكذا جمع الشاعر في طيات ذاته ومفردات حياته بين شعراء الصوفية ، وشعراء الطبع المرموقين فكان له أسلوبه الخاص الذي جمع بينهم في بوتقة الانصهار فكان الأسلوب الراقي من جواهر عمامة وقلادة الشاعر.

** الجديد في القصيدة **

إذا كان هدف القصيدة ومضمونها هو : ( إن الشعر مازال بخير ) ، ( وما زال يوجد شعراء كبار عظام في عصرنا الحالي والآني مثل الشعراء القدامى السابقين يجب أن نفتخر بهم ونعزهم جدا ، ونمجدهم ونقدرهم ) ،

وأن نعترف بعظمة شعراء العراق وخاصة ( بغداد ).

* فإن الجديد في القصيدة* 

 إنها كتبت بأسلوبين عبقريين مختلفين أو جمعت بينهما بين الأسلوب القديم الرصين أسلوب الطراز المنمق القديم حيث جزالة الألفاظ وسموق التراكيب وجودة ومتن السبك وروعة العبارات ، وبهاء التصوير ، وفخامة شرف نسيب المعاني ، وجمعت بين الأسلوب الحديث المعتمد على الحداثة واللسانيات وما بعد الحداثة من تحليل الخطاب الصوفي واللغوي وتفتيتها وتجديدهما وبنائهما من جديد وبين لغة المتصوفة الذين لهم نمط ومعجم خاص بهم ( معجم ألفاظ الصوفية ) ، ولغتنم لغة خاصة نابضة حية معاشة بينهم تقوم على فكرة الفناء والاتحاد والحلول والحقيقة المحمدية والكونية والكون الكبير والكون الصغير ،  ونظرية وحدة الوجود ، بما تقابله مما يكتبه الفقهاء والمحدثون من لغة الشريعة وعلم أصول الدين ومفاهيم التوحيد  ولغة الحديث، وهذا ما يميز هذه القصيدة : ( ركبت مهري لم أعثر بقافية ... أنا ومهري والأشعار في سفر .. نكاد من حمرة الترحال نحترق .. ألفان نمضي وهذا الطير يصحبنا ..  وأسبق الريح إذا ما الريح تنطلق .. حتى تضل بنا الأسفار والطرق .. ذي دولتي وعيون الله تحرسها .. وذي جيوشي وراياتي مرفرفة.. ) كما نجد شاعرنا تأثر أيضا بقصيدة الشريف المرتضى من شعراء العصر المملوكي في قصيدته على بحر البسيط والتي مطلعها :  ( يَهون عندكُمُ أنّي بكم أَرِقُ .. وأنّ دمعا على الخدّين يستبقُ )، حيث ضمن منها هذا البيت وقام بعمل ( تناص ) أو ( اقتباس ) منها فقال : (( من كل ما ذر نجم أو هوى صعق )).. والشاعر أجاد في هذا ... وجمع بين الأسلوبين  ودل ذاك على سعة وغزارة علمه بشعراء العصور الذهبية للشعر ، وهذا ما يجعل نمط هذه القصيدة فريدا في بابها ، وهذا ما يميزها عن غيرها من بقية القصائد.

** معاني الكلمات الصعبة في القصيدة : **

١- شوباش : وإن بحثت عن معنى كلمة "شوباش" ستجد أن أصل هذه الكلمة يعود إلى اللغة الهيروغليفية القديمة ( لغة الفراعنة وقدماء المصريين )، ويقال عنها رأيان الأول يقسم الكلمة إلى جزأين "شو" بمعنى "مئة"، وباش بمعنى "فرحة وسعادة"، وعندما تقوم بجمع الجزأين ستجدها "مئة فرحة وسعادة" ؛ لذلك كانت تقال فى الأفراح الشعبية "شوباش يا أهل العريس" وهي مشهورة في ريف مصر ويعرفها أهل الصعيد جيدا ومازالوا يستخدمونها حتى اليوم ، ويقولون شوباش لأهل العروس.

والرأي الثاني هو : شوباش : لفظ تركي كردي وهو مأخوذ من ( صوباش) بمعنى منبع ، ومن فيه الكفاءة لضبط البلد من قبل السلطان ، ووكيل المزرعة.  وشوباش يستخدم للذكور.وعكسها وضدها في اللغة الفرنسية ( سوفاج ) :  ومعناه شىء سيء سخيف.

٢- معنى كلمة ( سلاف ) :

اسم علم مؤنث عربي ، معناه : ما سال وتحلَّبَ قبل العصر ، وهو أفضل وأجود ماعصر من الخمر الخالص من كل أنواع الخمور على الإطلاق ، ويزاد تأنيثه بإضافة التاء المربوطة في آخره، فيقال : ( سلافة ). وأم الإمام علي بن الحسين اسمها ( سلافة ) ، و( سلاف ) : اسم علم لمؤنث تركي معناه (تحية)،  السُّلْفَةُ : قليلٌ من الطعامِ يتناوله الجائع قبلَ الغَدَاءِ · السُّلْفَةُ : ما تدَّخره المرأَةُ وغيرُها لتُتحِف به من زارها

وفي القصيدة : ( سُلاف الروح ) ما يسكرها من أقوال وأشعار، وحالات فناء وشطحات ومقامات وعروج ونزوح في الملكوت.

٣-معنى كلمة ( الشواهين ) :

الشاهين، والذي يُعرف أحيانا باسم الصقر الجوّال، أو الشيهانة عند أهل الجزيرة العربية وكثير من أهل الأردن، والمعروف تاريخيا عند الأمريكيين باسم "باز البط"؛ طائر جارح عالمي الموطن تقريبا من فصيلة الصقريات. ... وكما في الكثير من الجوارح قانصة الطيور، وفي فصيلة الصقور خصوصا ، فإن الأنثى تكون أكبر حجما من الذكر ، و( الشواهين ) أنواع من السفن المصرية كانت تستخدمها شجرة الدر في مصر ضد لويس التاسع. 

٤-  معنى ( دحا ) : مد وبسط ، وفي القرآن ( والأرض بعد ذلك دحاها..  ) مدها وبسطها ، وفي القصيدة : ( دحا ربك الأفلاك وانشطرت ) .

٥- ( عيت ) : بتشديد الياء أعجزت وأتعبت، وفي القصيدة : ( وعيت ألسن ذلق ) أي أخرستها وأتعبتها وأعجزتها عن الكلام.

٦- ( رب ) : سيد والجمع أرباب ، وفي سورة يوسف : ( إنه ربي أحسن مثواي ) أي سيدي ، وفي القصيدة ( فصرت رب القوافي حينما نطقوا ) : أي سيدها ومالكها.

٧- مهري : ( فرسي ) وهي مؤنث والمقصود خيل الشاعر وخياله فرسه الذي يركبه بطلاقة الإبداع ومرآة  رؤى أشعاره، وفي القصيدة: ( أنا ومهري والأشعار  ....)

 ٨- إلفان : الإلف : الوليف والحبيب والحبيب ، وفي القصيدة : ( إلفان نمضي وهذا الطير يصحبنا )

 ٩- ( يصطفقان ) : الصفقة إصدار صوت وجلبة باليد من الارتطام والتصفيق نقول : صفق بيديه ، وفي القصيدة : ( امشي وخلف لوائي المجد يصطفق ).

١٠ - تيهي : افخري ، من الفخر وليس من التوهان ، وفي القصيدة : ( يا أرض تيهي ) معناها افخري يا  أرض العراق.

١١- ( عتبة ) بضم العين وليست ( عتبة ) بفتح العين

أي من الحب والعتاب ، وفي القصيدة : ( وعند عتبة بابي تلتقي الفرق ) بالعتب والود.

 ١٢- ( ذر ) : ترك ، وفي القرآن قول فرعون : ( ذروني أقتل موسى..... ) أي : اتركوني اقتله ، و( أبو ذر الغفاري ) اسم صحابي جليل ، وفي القصيدة : (( ومن كل ما ذر نجم أو هوى صعق )) ، ويمكن أن يكون معنى ( ذر ) : من عالم الذر والخلق والجعل والإنشاء والأمر.

** ملحوظة مهمة جدا **

قبل أن نشرع في تلخيص شرح مآلات القصيدة .. لابد أن ننوه على : إن الشاعر حينما أراد أن يساجل أو يناظر أو يباري عظماء وشعراء اللغة العربية اختار نمطين : ( النمط الصوفي ، النمط اللغوي ) ، وهذا ما جعل معيارية ( الإزدواج )  وجدلية  ( الثناء ) في القصيدة بين : 

 ١- أهل اللغة والفصاحة والبيان ( أصحاب الفنية الشعرية كالمتنبي،  و( محمد بن عبد المطلب شاعر مصري معاصر سوهاجي ولد سنة ١٨٧١ وتوفي سنة ١٩٣١ ميلاديا درس في الأزهر الشريف ) وكان معاصرا لأمير الشعراء ( أحمد شوقي ١٨٧٠ : ١٩٣٢ ميلاديا ) عن طريق اللغة الذي تأثر شاعرنا بهم من ناحية ) ، وبين : ٢-( أهل التجربة والتذوق والحقيقة الصوفية والحدس والجذب والشطح والمواجيد من ناحية أخرى كالجيلاني وابن الفارض وابن عربي والحلاج والبسطامي والرفاعي والأبيوردي والطغرائي وقد تأثر بهم شاعرنا عن طريق الإشارة المغرقة والتلويح والرموز والتجليات واللا معقول) ،  (( سيميائية غنوصية )) ، وسنجد تلك الجدلية وهذه الثنائية عندما نقرأ القصيدة  ستجدها بين الفقهاء والمحدثين  وأهل الشرع والشريعة وأصول الدين ومعهم الحكام والأمراء من ناحية ، ومن ناحية أخرى أهل الذكر وأصحاب الأسرار ومشاهدة الأنوار وعشاق الذات ، وقد يكفر أهل الشرع أصحاب التصوف ويقولون إن علمهم بلا أصل يرجع إليه أو سند يعتمد عليه ؛ بسبب شطحاتهم وانجذاباتهم وكلامهم اللا معقول ، وقد يقتلون ويحاكمون ويسجنون ، ويتهمون بالكفر والزندقة كما حدث مع السهروردي المقتول ومع أمير الأولياء (أبي منصور الحلاج ) ، وغيرهم ... ، ويكفي أن تعرف أن أبا يزيد البسطامي كان يقول عن الاتحاد والحلول في ذات الله : ( ما في الجبة إلا الله ) وإذا وقف أمام المرآة قال : ( سبحاني ما أعظم شاني ) ، ويكفي ابن عربي الكبريت الأحمر قوله عن نظرية وحدة الوجود : ( أنا هو وهو أنا ، وأنا أنت وأنت أنا ) فأصبح الخالق والمخلوق شىء واحد بالاتحاد والحلول والفناء والكشف والتجليوالتخلي في ذات الله وعشقها دون حسابات الجنة ودون حسابات النار ، فمن بحسب الحسابات بالحسنات والسيئات ستبور تجاراتهم ويخسرون ومن يعشقون ذات الله سيربحون ويكسبون وينعمون..... ، فتاهت ذاتهم وذابت في ذات الله عشقا وكأن ذات الله ( أنثي) حاضرة للعشق ، فاللغة لا تكفي عن التعبير عن حالهم وأسرارهم وكشف حالاتهم وانجذابهم ومواجيدهم وأسرارهم فيفسر كلامهم بالكفر حينا وبالخلاعة تارة ، وبالزدندقة والمجون أحيانا ، .. وهكذا ستسمر الجدلية والثنائية بين الصوفية ( أصحاب الحقيقة) وبين الفقهاء والمحدثين ( أصحاب الشريعة والدين) ، وبين ( شعراء اللغة الأدباء والمثقفين العظماء ) وبين (  شعراء الذوق الصوفيين الكبار ) ، ودون قصد أو بقصد أخذ الشاعر ذلك عنهم في قصيدته  التى معنا بصدد الدراسة ،  التي عرفها بغلاف عنوانه ( التيه والفخر بنفسه وببلده العراق التي تنجب العظماء والقمم الشماء  من أهل الأدب والفن من ناحية ، ومن أهل الكشف والذوق من ناحية أخرى ) ؛ لأنه لما باراهم وساجلهم وأراد أن يتفوق عليهم ويثبت أنه شاعر فحل فخم صخم مخضرم وصوفي كبير متذوق وصاحب تجربة ومشهد  وقع في تلك الثنائية وفي هذه الجدلية ، نعم لقد أخذ شاعرنا النموذجين كلاهما ، والنمطين معا وأدمجهما في قصيدته : ( اللغة الفنية الشعرية ) وأدمجها ( بالشطحات والرموز الصوفية ) وذلك عن طريق التعبيرات غير المعتادة وبلغة إشارة سيمائيةوبلغة إنزياحية ، ويكفي أن نضرب مثالا واحدا موجودا في القصيدة عن ( الخمر ) وهذه اللفظة موجودة فعلا في القصيدة بمعناها الصوفي لا بمعناها الفقهي. كما سنبينه الآن كمثال......

** مثال على جدلية وثنائية معنى ( الخمر ) عند الفقهاء  ومعنى ( الخمر ) عند الصوفية : **

وردت كلمة الخمر في القصيدة تلويحا وإشارة في قول الشاعر في البيت (٥) الخامس : ( من غير كأسي سلاف الروح ما شربوا ... ) ، ووردت كلمة الخمر تصريحا وإقرارا في قول الشاعر في البيت (١٦) السادس عشر : ( رويت من خمرة الفردوس منتشيا ) هكذا ورد لفظ ( الخمر ) تلويحا وإشارة وتصريحا في القصيدة ، والآن نكشف النقاب عن الثنائية الجدلية فيه هذا اللفظ ( الخمر ) بين الفقهاء من ناحية وبين الصوفبة من ناحية أخرى ، وأنا كناقد سأتبنى وجهة نظر الفقهاء ، وشاعرنا  غزوان علي ( كشاعر صوفي ) سيتبنى وجهة نظر الصوفية وبيان ذلك كالتالي :

يقول الفقهاء عن الخمر قال الله تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا .. } 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ مُسْكرٍ خَمْرٍ وكُلُّ خَمْر، حَرَامٌ " وقرأ حمزة والكسائي: {  وفيهما إثم كثير بدل كبير } بالثاء المثلثة، أي: آثام كثيرة لقوله عليه الصلاة والسلام: " لَعَنَ اللّهُ الخَمْرَ، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعَهَا، والمُشتَرَاة لَهُ، وعَاصَرَهَا، والمَعْصُورَةَ لَه، وسَاقِيها، وشَاربهَا، وحَامِلهَا، والْمْحمُولة لَهُ، وآكل ثَمِنِها "صدق الله وصدق رسوله .وويقول الصوفية ( أهل الإشارة ) :  { يقول سيد بن عجيبة رضي الله عنه : اعلم أن الحق تعالى جعل للعقل نورا يُميز به بين الحق والباطل ، بين الضار والنافع، وبين الصانع والمصنوع، ثم إن هذا النور قد يتغطى بالظلمة الطينية وهي نشوة ( الخمر الحسية ) عند الفقهاء ، وقد يتغطى أيضا ( بالأنوار الباهرة من الحضرة الأزلية إذا فاجأته ) هذه الخمر المعنوية عند الصوفية ، فيغيب عن الإحساس في مشاهدة الأنوار المعنوية، وهي أسرار الذات الأزلية، فلا يرى إلا أسرار المعاني القديمة، وينكر الحوادث الحسية، فسمي الصوفية هذه الغيبة خمرة لمشاركتها للخمر في غيبوبة العقل، وتغنوا بها في أشعارهم ومواجيدهم، قال عمر بن الفارض رضي الله عنه : ( شَرِبْنَا على ذِكْر الحبيبِ مُدامَةً ... سَكرنَا بها من قبل أن يُخلَقَ الكَرْمُ )

 ثم قال: ( على نفسه فَليبْكِ مَن ضاع عُمْرُه .... وليسَ لهُ منها نَصِيبٌ ولاسَهْمُ ) ، وقلت في عينيتي:  (  وَلِي لَوْعَةٌ بالرَّاحِ إِذْ فِيه رَاحِتِي وَرَوْحِي ورَيْحَانِي، وخيرٌ واسِعُ سَكرْنَا فهِمْنَا في بَهاءِ جَمَالِه فَغِبْنا عَن الإحساسِ، والنُورُ ساطعُ ) وأنشدوا : 

( لَوْ كَان لي مُسْعدٌ يُسعِدُني لمَا انتظرتُ لشُربِ الراحِ إفطارا فالراحُ شيءٌ شَريفٌ أنتَ شَاربُه، فاشْرَب، ولو حَمَّلَتْكَ الراحُ أوْزارا يا مَنْ يلومُ على صَهْبَاءَ صافيةٍ خُذ الجِنَانَ، ودَعْنِي أَسكنُ النَارا) ، وقال عمر بن الفارض : 

( وقالُوا: شَرِبْتَ الإثَم ! كلاّ، وإنما شرِبْتُ التي في ترْكِها عنديَ الإثْمُ ) ، وقال آخر : ( طابَ شُرْبُ المُدامِ في الخَلَواتْ، اسْقِني يا نديمُ بالآنِيَاتْ، خْمْرَةٌ تركُها علينا حرَامٌ، ليسَ فيها إثمٌ ولا شُبُهَاتْ، عُتِّقَتْ في الدَّنان مِنْ قَبْلِ آدمْ ،أصلُها طيّبٌ من الطَّيِّبَاتْ، أَفْتِ لي أيُّهَأ الفقيهُ وقلْ لي: هل يجوزُ شُرْبُها على عَرَفاتْ ؟  } أ.ه. 

هذه هي الثنائية والجدلية التي قامت عليها القصيدة وهي ما يقول عنها شاعرنا غزوان علي ( كصوفي ) موجها كلامه الفقهاء : ( بارت تجارات غيري من غباوتهم ...وما علي إذ بارزا وما نفعوا ).

** محاولة ربط بين أبيات الطعام والشراب الخمسة الواردة في النص**

١- البيت الرابع (٤) : ( من غير كأسي سلاف الروح ما شربوا ...من غير خبزي ما سدت لهم رمق ).

٢- البيت السابع (٧) : ( وذي صحوني بطيب الزاد مترعة .. وفوق ما تشتهي عين ومرتزق )

٣- البيت التاسع (٩) : ( ..... فالأرض في قبضتي كأنها طبق )

٤- البيت  الثالث عشر (١٣) : ( واستمطر الجود من كفي بل منن ...  ) ٥- البيت السادس عشر (١٦) : ( رويت من خمرة الفردوس منتشيا )  وإذا ربطنا بين هذه الأبيات وبين كل معاني الطعام المرتزق وشراب الروح والطبق والجود والسخاء  لدل ذلك على معنى مختلف غير الطعام والشراب المادي المعهود لدى الناس ولوجدنا معان جديدة عند الصوفية ،وعن أهل الهوى وعند الأدباء والشعراء ، وقد عبر عنها الشاعر وجمعها بقوله : ( الحبر زادي والأوراق والقلم ) وفي البيت الخامس والسادس (٥-٦) : ( ذي دولتى ) ، ( وذى جيوشي ) ، وفي البيت الرابع عشر  (١٤) : ( بارت تجارات غيري ) ، وفي البيت الثاني والعشرين (٢٢) :  ( ذى معجزات قصيدي ) أظهرت لنا معان جديدة من بين السطور.

**خلاصة شرح القصيدة **

أراد الشاعر في القصيدة مجاراة شعراء كبار الصوفية ومساجلتهم ومعارضتهم ، وإظهار منهجهم ، والسؤال الذي يتردد في الذهن ما الإيدلوجية الدينية للشاعر ؟  وأتمنى أن يجيب الشاعر بنفسه عن أيدلوجيته الدينية والثقافية فمن خلال القصيدة تحدث بعمق عن دولة الصوفية وخلافتهم الباطنية وبيعتهم الخاصة ، ونظرية وحدة الوجود  وكأنه واحد منهم ،( ذي دولتي وعين الله تحرسها ... وذي جيوشي وراياتي مرفرفة  ) ، وتحدث عن الشيعة ونظرية القطب الأكبر أو الغوث والمهدي المنتظر و إمام آخر الزمان ( أبو الحسن العسكري) وكأنه واحد منهم (عصا الكليم بكفي كنت صاحبها .. والأرض في قبضتي كأنها طبق .. هذا زماني وحدي قد خصصت به .. أبشر مريدي ماني كله عبق .. ) وتحدث عن أهل الصفة : ( وذي صحوني بطيب الزاد مترعة.. وفوق ما تشتهي عين ومرتزق ) وكأنه واحد منهم عاش معهم في المسجد وأكل طعامهم... وتحدث عن التجار الذين يتاجرون بالحسنات مع الله ومن يحرمون أنفسهم من عطاء الله ( بارت تجارات غيري من غباوتهم وما علي إذا باروا  وما نفعوا .. ) مصداقا لقول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون .. الأية العاشرة من سورة الصف ) ،  وتحدث عن رحلته مع مهره وكأنه نبي يوحى إليه في رحلة الإسراء والمعراج وكشف أسرار الكون ( أنا الدليل لمن تاهوا وما علموا ), وتحدث عن نظرية المحبة عند المسيحين باعتبار أن الله محبة والحب دين الشاعر (  أبصر تراني إنجيلا لمن عشقوا ... مساجلاته للأدباء العظماء أمثال المتنبي شاعر العراق الأكبر بلا منازع وشاعر العربية الأول وجاراه وساجله وفخر بذاته فخرا فرديا فأعلى فيه من شأن العراق وأن العراق ما زال بخير ينجب العظماء من الشعراء في كل عصر ( يا أرض تيهي سما .. ) فجعل شاعرنا نفسه ملكا على مملكة الشعر ( الشعر فخري ) ، ( أنا والشعر ننعتق ) ، (أنا ومهري والأشعار في سفر ) ، ( باز القوافي أنا ) ،  ( أنا الأمير لأهل الشعر لو نطققوا ) ، ( فصرت رب القوافي إذا نطقوا) ، ( مياسة القد أشعاري ) ، ( ذي معجزات قصيدي ) ، ( الحبر زادي والأفلام والورق ) ، ( إذا قلت بيتا ضج في شفتي .. طارت إليه عيون الناس تستبق ) ، ( ومثل شعري لم يأت به أحد ) ، ( سبقت أهل الهوى ) ، ( أنا العراقي والألواح تعرفني .. أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق ) ، ( أنا إمام لأهل العشق .. ) وليت شاعرنا قال ( أنا أمان لأهل الشعر ) لكان أوقع ، وهكذا  استطاع الشاعر أن يثبت الفخر لنفسه ولبلده وأن يجعل من قصيدته البازية والشاهينية مكانا في العصر الحديث وإن كتبت بالشعر الخليلي الموزون وبالقافية الموحدة إلا أنه فاق الحداثيين وما بعد الحداثة وهذا يحسب للشاعر وفي ميزان النقد قد أجاد وأحسن . ولذلك مازلنا نطالبه بالكشف عن هويته الثقافية وإيدلوجيته الدينية**خلاصة شرح القصيدة **

أراد الشاعر في القصيدة مجاراة شعراء كبار الصوفية ومساجلتهم ومعارضتهم ، وإظهار منهجهم ، والسؤال الذي يتردد في الذهن ما الإيدلوجية الدينية للشاعر ؟  وأتمنى أن يجيب الشاعر بنفسه عن أيدلوجيته الدينية والثقافية فمن خلال القصيدة تحدث بعمق عن دولة الصوفية وخلافتهم الباطنية وبيعتهم الخاصة ، ونظرية وحدة الوجود  وكأنه واحد منهم ،( ذي دولتي وعين الله تحرسها ... وذي جيوشي وراياتي مرفرفة  ) ، وتحدث عن الشيعة ونظرية القطب الأكبر أو الغوث والمهدي المنتظر و إمام آخر الزمان ( أبو الحسن العسكري) وكأنه واحد منهم (عصا الكليم بكفي كنت صاحبها .. والأرض في قبضتي كأنها طبق .. هذا زماني وحدي قد خصصت به .. أبشر مريدي ماني كله عبق .. ) وتحدث عن أهل الصفة : ( وذي صحوني بطيب الزاد مترعة.. وفوق ما تشتهي عين ومرتزق ) وكأنه واحد منهم عاش معهم في المسجد وأكل طعامهم... وتحدث عن التجار الذين يتاجرون بالحسنات مع الله ومن يحرمون أنفسهم من عطاء الله ( بارت تجارات غيري من غباوتهم وما علي إذا باروا  وما نفعوا .. ) مصداقا لقول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون .. الأية العاشرة من سورة الصف ) ،  وتحدث عن رحلته مع مهره وكأنه نبي يوحى إليه في رحلة الإسراء والمعراج وكشف أسرار الكون ( أنا الدليل لمن تاهوا وما علموا ), وتحدث عن نظرية المحبة عند المسيحين باعتبار أن الله محبة والحب دين الشاعر (  أبصر تراني إنجيلا لمن عشقوا ... مساجلاته للأدباء العظماء أمثال المتنبي شاعر العراق الأكبر بلا منازع وشاعر العربية الأول وجاراه وساجله وفخر بذاته فخرا فرديا فأعلى فيه من شأن العراق وأن العراق ما زال بخير ينجب العظماء من الشعراء في كل عصر ( يا أرض تيهي سما .. ) فجعل شاعرنا نفسه ملكا على مملكة الشعر ( الشعر فخري ) ، ( أنا والشعر ننعتق ) ، (أنا ومهري والأشعار في سفر ) ، ( باز القوافي أنا ) ،  ( أنا الأمير لأهل الشعر لو نطققوا ) ، ( فصرت رب القوافي إذا نطقوا) ، ( مياسة القد أشعاري ) ، ( ذي معجزات قصيدي ) ، ( الحبر زادي والأفلام والورق ) ، ( إذا قلت بيتا ضج في شفتي .. طارت إليه عيون الناس تستبق ) ، ( ومثل شعري لم يأت به أحد ) ، ( سبقت أهل الهوى ) ، ( أنا العراقي والألواح تعرفني .. أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق ) ، ( أنا إمام لأهل العشق .. ) وليت شاعرنا قال ( أنا أمان لأهل الشعر ) لكان أوقع ، وهكذا  استطاع الشاعر أن يثبت الفخر لنفسه ولبلده وأن يجعل من قصيدته البازية والشاهينية مكانا في العصر الحديث وإن كتبت بالشعر الخليلي الموزون وبالقافية الموحدة إلا أنه فاق الحداثيين وما بعد الحداثة وهذا يحسب للشاعر .

** الأساليب الإنشائية **

 أولا أساليب النداء :  ١- في البيت العاشر (١٠) : ( يامن بنا وثقوا ) أسلوب نداء أداته ( يا ) وسرجماله التنبيه والتعظيم.

٢- في البيت (٣٥) الخامس والثلاثين : ( يا أرض تيهي .. ) أسلوب نداء أداته ( يا ) وسر جماله التنبيه ، وفيه تشخيص وتصوير أرض العراق بإنسان له أذن ينادى عليه فيسمع ويلبي ويستجيب للنداء ثم يأمرها بأن تفتخر ويصل فخرها لعنان السماء ، ( تيهي ) أسلوب أمر للحث والتمني.

ثانيا أساليب الأمر : التي توحي  بالتمني والحث والطلب والوجوب والإلزام من مثل : ١- في البيت (١٠) العاشر ( فاحظوا بنيل المنى ) باستخدام فاء التعقيب والسرعة ، وفي البيت (١١) الحادي عشر : ( أبشر مريدي )، وفي البيت (١٢) الثاني عشر : ( فاسعد بذا الفخر حتى تستطيل به ) باستخدام فاء التعقيب والسرعة و( ذا ) اسم إشارة القريب ، و( حتى ) للغاية والهدف ، وفي البيت (١٣) الثالث عشر : (استمطر الجود من كفي بلا منن ) ، وفي البيت (١٥) الخامس عشر ( وقال لي : كن ) ، في البيت (١٩) التاسع عشر : ( أبصر تراني إنجيلا لمن عشقوا ) : وفيه مبالغة شديدة لجعل الشاعر من نفسه كتابا سماويا ، والمقصود الطهر والنقاء والبراءة، ولو قال الشاعر ( ابصر تراني ( قرآنا ) أو ( أنوارا ) أو (قرصانا ) أو ( تمثالا ) أو ( رهبانا ) أو ( أنهارا )  أو أي شىء آخر ما انكسر الوزن مما يدعو للسؤال عن أيدلوجية الشعراء الثقافية والدينية التي جارهم الشاعر لماذا ( إنجيلا ) بالذات دون غيره؟ هي وحدة الوجود وأن الواحد يظهر في الكثرة.

** الأساليب الخبرية **

١- استخدم الشاعر ضمير المتكلم المفرد ( أنا ) الذي يفيد الفخر والاعتزاز والثقة بالنفس والنرجسية وحب الذات ثمان (٨) مرات : ( أنا إمام - أنا ومهري والأشعار - أنا البيان -  أنا والشعر ننعتق --  أنا الدليل - أنا الأمير - أنا العراقي -  باز القوافي أنا ).٢-  بعض التعبيرات العملاقة التي تفيد الفخر مثل : ( هذا زماني وحدي - زماني كله عبق - عصا الكليم بكفي كنت صاحبها -  فصرت رب القوافي - الشعر فخري - ذي معجزات قصيدي -  مياسة القد  أشعاري -  فالأرض في قبضتي كأنها طبق - وعاذر لو عيون القوم تنكرني- فوق السما علمي - سبقت أهل الهوى ظرفا وفي أدبي - عند عتبة بابي تلتقي الفرق - أمشي وخلف لوائي المجد يصطفق - بارت تجارات غيري - فخر غيري مكذوب ومختلف - دقت طبولي في الآفاق قاطبة - أبصر تراني إنجيلا - خضت في لجج  الأسرار أكشفها ) 

٣- استخدم الشاعر أداة التحقيق (إذا ) أربع (٤) مرات ( إذا تفحم غيري - إذا باروا - إذا انفتقت - إذا قلت  بيتا ضج في شفتي ) ، و (٢) مرتين ( إذ ) هما : ( أصاحب الليل إذ ما لاح بارقه ) ، (وأسبق الريح إذ ما الريح تنطلق ).

٤- استخدم الشاعر ( قد ) التي تفيد التوكيد (٢) مرتين في قوله : ( قد خصصته - قد علقوا ).

٥-استخدم الشاعر أساليب النفي التي تفيد التوكيد (١١) إحدى عشرة مرة : (  مثل شعري لن يأتي به أحد - ما هلوا - ولا برقوا - وما نفعوا - وما علي - ما الأقمار تأتلق - ما سدت لهم رمق - لم يعرف لهم خبر - لم أعثر بقافية - لا شمس بأفقهم - لا أراني )

٦- بعض التعبيرات المجازية من علم البيان ( استعارة - تشبيه -  كناية - مجاز ) ومنها : ( خمرة الفردوس - ثوب المجد متشح - جمرة الترحال - كأنهم فوق هذي الأرض - تصل بنا الأسفار - ألسن الأيام - ألسن ذلق - عيون النار تنبثق - دحا ربك الأفلاك - عين الله تجريها -جاء هذا الوابل الادب - عيون الناس تستبق ).

 ** الموسيقا في النص **

 الموسيقا في النص تنقسم إلى قسمين : ( موسيقا خارجية وموسيقا داخلية ) أولا الموسيقا الخارجية الواضحة الجلية الموجودة في : ( ١- الوزن  ٢- والقافية ٣- والجناس

 ٤- والتصريع  ٥- وحسن التقسيم ) كالتالي : ١- الوزن أو البحر هو : ( البسيط ) ومفتاح هذا البحر : ( إن البسيط يبسط لديه الأمل .. ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ) مكررة (٢) مرتين مرة في الشطر الأول ، ومرة في الشطر الثاني صدر وعجز كل بيت من أبيات القصيدة  وهذه هي الصورة المثالية لهذا البحر ، ولقد قمنا بتقطيع كل أبيات القصيدة ووجدانها مخبونة والخبن : زحاف يصيب ثواني الأسباب ويكون في كل البيت في العروض والضرب والحشو ، والخبن : هو حذف الثاني الساكن من تفعيلة ( فاعلن ) فتصير ( فعلن ). ولقد قمنا بتقطيع القصيدة وكلها منضبطة وموزونة ما عدا قول الشاعر في البيت رقم (٢٦) السادس والعشرين ( يجيؤني وعيون القوم مسهدة  ...) في كلمة :  ( يجيئوني ) فوزنها ( مفاعيلن ) ؛ والسبب في ذلك هو موضع الهمزة على نبرة ومد الواو وربما لو كتبت الهمزة على ( واو ) المعدل الوزن هكذا ( يجيؤني )  أو باستبالها بكلمة أخرى مثل ( تضمني ) هكذا :. ( تضمني وعيون القوم مسهدة ... ) ، وباستثناء هذا الكسر الشاعر موفق في عنصر الوزن .

٢- القافية :  هي أصوات وحروف كلمة أو بعض كلمة أو كلاهما معا ، وهي من أول متحرك بعده ساكنان ويحصران  بينهما حروف متحركة من آخر كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي أنواع ( متكاوس ومتراكب ومتدارك ومتواتر ومترادف)

وقافية القصيدة ( البازية ) التي معنا ونحن بصدد دراستها هى قافية ( المتراكب /٥///٥ ) ثلاثة متحركات بين ساكنين بعد أول متحرك من نهاية كل بيت من أبيات القصيدة ، وهي قافية مطلقة بالواو مجردة من الردف والتأسيس ووصىها حرف لين ( الواو ) ، وروي القافية ( القاف المضمونة ) المطلقة الممدودة ، وحركة مجراها ( الواو ) ، وكلمات القافية (٣٩) تسع وثلاثون كلمة هي : ( ما عتنقو - تأتلقو -  لا برقو -  هم رمقو - وى صعقو -  قد علقو - مرتزقو - من مرقو - هاطبقو - نا وثقو - هو عبقو - مختلقو - للغدقو - ما نفعو - نن ذلقو - ما نطقو - لو نطقو - تتفقو - من عشقو -  ننعتقو - تنبثقو -  وررهقو -  ولأرق - تندلقو - ولورقو - تستبقو - نحترقو - وططرقو - ها لعرقو - ينفلقو - تنطلقو - تلتصقو -  يصطفقو - ها دفقو -  منطلقو - قلفرقو -

ما خلقو - هلغرقو - تختنقو ) ، والشاعر موفق جدا في القافية باستناء قافية البيت (١٦) السادس عشر (رويت من حمرة  الفردوس منتشيا .. فصرت رب القوافي حينما نطقوا ) ، وقافية البيت ( ١٧) السابع عشر ( أنا البيان لمن أعيا اللسان به ... أنا الأمير لأهل الشعر لونطققوا ) ، تكررت كلمة ( نطقوا ) مرتين متتاليتين بنفس المعنى ، ولم يكونا ( جناسا تاما ) فذلك يعد خطأ كبيرا في قافية الشعر الخليلي التقليدي عند الخليل بن أحمد الفراهيدي مؤسس علمي العروض والقافية، لأنه  لا ينبغي تكرار كلمة القافية بعد نتفة أو مقطوعة تتكون من (٧) سبعة أبيات على الأقل ، حتى لا يدل على الفقر االقاموسي عند الشاعر  ؛ ولكن لو الكلمتان بنفس الحروف واختلاف المعنى لا ضير في ذلك مثل : ( صليت المغرب في بلاد المغرب ) ، وبخلاف هذا الخطأ الشاعر موفق في القافية.٣- التصريع أو المصراع : ويكون في البيت الأول من القصيدة فقط بتكرار نفس الكلمة من نهاية الشطر الأول ( العروض ) ونفس الكلمة تتكرر في نهاية الشطر الثاني مايسمى ( الضرب ) مثل دلفتى الباب أوالمصراع أو بوابة القصيدة في العروض والضرب والبيت الاول هو : ( أنا إمام لأهل العشق ما عشقوا .... وغير ديني في الأكوان ما اعتنقوا ) فنجد نهاية الشطر الأول أو الصدر منه أو العروض كلمة ( ما عشقوا ) ، وفي نهاية الشطر الثاني أو عجزه نجد الضرب كلمة ( ما اعتنقوا ) ، ولذلك نقول لا يوجد ( تصريع  ) في البيت الأول من القصيدة وهذا أمر اختياري يرجع إلى الشاعر يصرع أو لا يصرع ، إذا صرع زادت الموسيقى وإذا لم يسرع لم يضر القصيدة.

٤- الجناس  :  العنصر الرابع من عناصر الموسيقا الخارجية ، والجناس ينقسم إلى قسمين : ( تام و ناقص)

الجناس التام غير موجود في القصيدة ، والجناس الناقص موجود بكثرة في القصيدة وموجود دون تكلف ودون صنعة لفظية ؛لأن الشاعر مطبوع وموهوب ويكتب على الفطرة والسليقة ، ومن أمثلة الجناس الناقص : (  قاطبة - ناطقة ) ، ( طارت - دارت ) ، ( أكشفها -  أشكمها ) ، ( خمرة - جمرة ) ، (  البيان - اللسان ) ، ( المنى - منن ) ، ( منشدة - مسهدة ) ، (  الغم - الهم ) ، ( الرهق - الأرق - الفرق -  الطرق - العرق - الغدق - الغرق - الورق - دفق  - البرق ) ، ( خبزي- خبر ) ،

( الخير - الحبر ) ، ( الأسفار - الأشعار ) ، ( ينفلق - نفترق - تستبق ) ، ( الأقمار - الأقلام ) ، ( معجزات - تجارات -  رايات ) ، وسر جمال الجناس يعطي جرسا موسيقيا ونغمة تستريح له الأذن ويشد انتباه السامع ويجذب الذهن ويساعد على الحفظ ويرهف الحس.

٥- حسن التقسيم : وهو تقطيع الأبيات على وحدات متساوية في التفعيلات بأزمنة  وأصوات متساوية، وأمثلة حسن التقسيم هي :

( ذي جيوشي وراياتي مرفرفة ) ،( ذي صحوني بطيب الزاد مترعة ) ، (دقت طبولي في الآفاق قاطبة ) ، ( دارت رحى الأكوان ناطقة ) ، ( أبشر مريدي زماني كله عبق ) ، ( طارت  إليه عيون الناس تستبق ) ( أنا العراقي والألواح تعرفني ) ، ( أمشي وخلف لوائي ) ، ( بغداد سيدتي ) ، ( ماء الفرات أبي ) ، ( دجلة الخير أمي ) ، ( المجد يصطفق ) ، ( ماؤها دفق ) ، وسر جمال حسن التقسيم  يعطي موسيقا ظاهرة جلية واضحة خارجية تطرب الأذن وتشد الانتباه و تجذب الذهن وتساعد على الحفظ.

** ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية الناتجة من روعة اختيار الكاتب لألفاظه **

لقد اختار الشاعر بعض الألفاظ المتناسقة بهرمونية وانسجام وتناغم بين الكلمات وتآلف بين العبارات وتناسق بين الجمل مثل حبات أو خرزات العقد (الألماس) المتراصة بجانب بعضها البعض من الحبة أو الخرزة الأم الجوهرة الكبيرة ثم بقية الحبات أو الخرزات تتلألأ وتتمحور حولها قربا وبعدا صغرا وكبرا ؛ حيث تنبعث منها المعاني والإشعاعات والمجازات ، وذلك بتكرار كلمات معينة أو حروف همس وجهر أو مد ولين فتتكون قواف داخلية وتراكيب موسيقية ذات دلالات تستريح لها النفس وتأنس لها الروح وتشد الانتباه من مثل : ١-القوافي الداخلية الناتجة من استخدام حرف التاء بتشكيلاته المختلفة تاء الفاعل ، وتاء التأنيث ، وتاء جمع المؤنث السالم ومنها : (دارت - بارت  - طارت ) ، ( قلت - ركبت - فصرت - أنسيت - خضت - كنت - رأيت - ركبت - ما زلت - سبقت ) ، ( وعيت - انشطرت ) ، ( معجزات - تجارات -  رايات ) ٢-القوافي الداخلية الناتجة من استخدام (واو الجماعة) بغزارة نتج عنه قواف داخلية كالتالي : ( عشقوا - نطقوا - هلوا - شربوا - من كادوا -  من مرقوا - من تاهوا - برقوا - فاحظوا - نفعوا  - اعتنقوا - وثقوا - باروا - علموا ) ،  

٣-القوافي الداخلية الناتجة من تشابه الكلمات : ( ماء - ماؤها ) ، ( ناطقة - نطقوا )  ( بارت - باروا ) ، ( العشق - عشقوا ) ، ( صحوني - جيوشي ) ، ( فخر - مفخرة ) ، ( قصيدي - أشعاري )

 ٤- القوافي الداخلية باستخدام المفرد والجمع ( النور - الأنوار ) ، ( سفر - الأسفار ) ، ( لسان - ألسن ) ، ( قافية - القوافي ) ، ( عين - عيون ) ، ( النور - الأنوار) ، الأفق - الآفاق )

٥- القوافي الداخلية باستخدام ضمير ( هاء الغيبة ) مثل : ( أعطافها - أشكمها - أكشفها - ماؤها - أطلقها - صاحيها - حشوها - أسرى بها - تستطيل به - خصصت به - تأتي به - تمضي به - أعيا اللسان به - أرمي به ) ٦- القوافي الداخلية باستخدام الفعل المبني للمجهول مثل : ( خصصت - أنسيت - سدت - رويت - قيل - خلقوا  - أسري )   

** ملحوظة هامة :- ** 

ويكفي أن تجد كلمات الموسيقا الداخلية لو بحثت عن الكلمات التي تحتوي على ( ألف مد ) في وسطها سواء مفردة أو جمع تكسير أو الضمير  ( ياء المتكلم ) أو الأفعال التي تنتهي بحرف الياء في آخرها ستجد ذلك بكل سهولة ، وبيان ذلك كالتالي : ١-كلمات المفرد الذي في وسطه ألف مد هي : ( إمام - الترحال - بارقة - قافية - مياسة - سلاف - الفرات -  الظلماء - بغداد -  عاذر -  ماء - البيان - اللسان ) ، ٢-كلمات جمع التكسير الذي في وسطه ألف مد هي : ( الأكوان - الأقلام - الأقمار - الشواهين - فجاج - الناس - الأشعار - الأسفار - الأفلاك - الآفاق - الألواح -  الأسرار - الأيام )، ٣- كلمات المفرد والجمع الذي ينتهي بياء هي : ( غيري - كفي - مهري - سيدتي -  علمي - يدي - شفتي -  قصيدي -  ديني - خبزي - ذكري - فخري - كأسي - أبي - أمي - دولتي - جيوشي - ) ، ٤- الأفعال التي تنتهي بياء هي : ( تنكرني - يجيؤني - أراني نمضي -  أسري - تيهي - يأتي)، ٥- الكلمات التي بها الألف المد ، والضمير ياء المتكلم مفرد أو جمع : ( زماني - العراقي - لوائي - القوافي - بابي -  زادي - راياتي - أشعاري).

* الوحدة العضوية والفنية في النص* 

القصيدة كالكائن الحي فإذا كانت أعضاء الكائن الحي السليمة والصحيحة كل عضو في مكانه المناسب يؤدي وظيفته على أكمل وأفضل وأحسن وجه مناسب وممكن فإذا كانت خلية وخلية وخلية يكونون نسيجا، والنسيج والنسيج والنسيج يكونون عضوا ، والعضو والعضو والعضو يكون جهازا ، والجهاز والجهاز وا?


الجمعة، 13 أغسطس 2021

أقترب عيد العشاق /للشاعر مصطفي غنوم

 أقترب عيد العشاق

 فتحيه لكل عاشق في هذا الوطن ...

تحيه للجندي الذي يعشق سلاحه .

والمقاوم المدافع عن ارضه .

للصحافي العاشق قلمه .

للأعلامي العاشق لميكروفونه .

للعامل العاشق لعمله .

للطالب العاشق درسه .

تحيه للأم العاشقه لطفلها .

للطفل الذي بعشق لعبه .

للمدمن العاشق لفايسبوكه .

تحيه لكل عاشق في هذا الوطن .

في عيد العشق اعايدكم .

تحية لكل عاشق يحافظ على عشقه ...


ومضات إلكترونية /محمد علي الشعار

 ومضاتٌ الكترونية 


لنجمِكَ سُمّارٌ وليلُكَ مُبْهِجُ

وأغفى على بِيضِ الوسائِدِ مُدْلِجُ

تبرّعْتَ بالصمتِ الجليلِ صوامِعاً 

وصوتُكَ برقٌ بالرعودِ مُدَجَّجُ

وأنكرْتَ حَدْسَ القارئينَ وبُنَّهُم

وأنتَ لزرقاءِ اليمامةِ أحْوَجُ

ليومِكَ أيّامٌ وشهرِكَ مَرْبَعٌ

وحرِّكَ نيرانٌ و بَرْدِكَ مُثْلِجُ 

عجنتَ بقُرْصِ الشمسِ أمسِ عجينةً 

و خبزُكَ بالتنورِ أشهى وأنضَجُ 

لقلبيْ لسانٌ لا يُريك كلامَهُ 

وعينُكَ تحكي بالغرامِ وتلْهَجُ

تذوبُ على نهْدِ القصيدةِ أضلعي 

وروحي إلى عرْشِ السمواتِ تعرجُ 

ترنّمَتِ الأوتارُ عندَ فراشتي 

لها شِرْعَةٌ في القافياتِ ومنهَجُ 

وبحّارةُ الموجِ العميقِ ولُجِّهِ 

من الغرقِ الأبهى هنالكَ ما نجوا 

لدمعي كُريّاتٌ تسابقْنَ ذَرْفةً

تظلُّ على خدِّ اللهيبِ تَدَحْرَج

مزجتُ يراعي بالشعاعِ سبيكةً 

وشعشعَ سطرٌ بالصحائفِ أبلَجُ

إلامَ تظلُّ النارُ تحتَ رمادِها 

ومِن بعضِ وخْزاتِ الشرارةِ نُحْرَجُ ؟!

تلوّى بِحاراتِ العرائشِ سيرُنا   

وقُلنا عن الصبِّ المُعذَّبِ ... أعرجُ ؟! 

متى نمنحُ الوردَ البهيجَ صلاتَنا 

ومن ألمِ  الجرحِ المعتّقِ نخرجُ ؟! 

ولي طائراتٌ بالغرامِ تُقِلُّني 

ومهبطُ أحلامٍ إليكِ ومَدْرجُ 

أولئكَ من ضمّوا الأصابعَ قبضةً 

وعاشوا محاقاتِ الأهلّةِ .... خُدَّجُ 

سنُودِعُ بالتُوتِ المُعلَّقِ شِعرَنا 

وكالخيطِ من ثغرِ الشرانقِ نَدْرجُ 

تعالَيْ إلى البُستانِ نسقي ظلالَنا 

وللنخلِ مبسوطَ الجناحِ نُعرِّجُ 

فللوردةِ الخجلى شِفاهُ رحيقِها

وللنحلِ في خفْقِ الربيعِ تَبُرُّجُ 

ونلبَسُ قُمصانَ الغصونِ بهمسةٍ

ونزرعُ قُطْناً للجراحِ ونَحْلُجُ 

إذا جاورَ *الحلاّجُ شُرفةَ قريتي

تفتّحَ شريانٌ وغنى البنفسجُ 

وللأزرقِ الشفّافِ فوقَ نسائمي

شقائقُ نُعمانٍ بلونِيْ مُضرَّجُ 

رَوى أعينَ القمحِ الصغيرةِ دامع ٌ

وحدَّقَ في عينِ المغاربِ أدْعَجُ 

يُراودُني الجنحُ الخفيُّ فصاحةً

وفي مِنبري الأعلى براني تلجْلُجُ 

سيرسِمُ خياطُ الحريرِ شجونَه 

ويرقصُ في زهرِ الغصونِ تَغنُّجُ 

على جرحِهم ساروا بدونِ درايةٍ

وبالطّرْفِ سيافِ الرموشِ تبنَّجوا 

طبعتُ على وجهِ الكتابِ ليالِكاً 

وفاحَ من الحبرِ الخضيبِ مُؤرَّجُ 

تؤصِّلُني الخيلُ المُطهَّمُ نِسْبةً 

و غيريْ وإنْ يصهلْ بشوطي*مُهَدْرَجُ . 


محمد علي الشعار 

9-4-2019


سورية


في عيد الحب /للشاعر صديق ماجد علي

 صديقيَّةُ  :  ❤️  في  عيد  الحُبِّ  ❤️ .. 👍 


               بَدِّي  عَبِّرْ  عنْ  حُبِّي …  ❤️

               بْوردِةْ  جُوري  حَمْرَا  كْتِيرْ … 🌺

               نَعْنَشْ  بِوجُودِكْ  قلبي … 

               وْمِنْ  فَرَحُو  رَفْرَفْ  تَيْطِيرْ … 

                     ****    ❤️    ****

               شَالِكْ  فيهْ  وْطَارْ  وعَلَّى … 

               يَا زِينِةْ  هالدِّنْيِ  كلَّا … 

               بْرَمْشِي  وِحْدي  مْنِ  عْيُونِكْ … 

               بْصِيْرِ  قْبَالِكْ  مِتْلِ  الزِّيرْ … 

                     ****    ❤️    ****

               بَدِّي  هْدِيكي  بْعِيدِ  الحُبّْ … 

               مَسْكَنْ  فَاخِرْ  جُوَّا  القَلبْ … 

               عِيشي  فيهْ  بْتِتْهَنِّي …  ❤️

               عَ مْخَدِّي  وْفَرشِي  وِسْرِيرْ … 

                      ****    ❤️    ****

               إنْ  بِتْحِبِّي  الشَّهْدِ  بْجِيبُو … 

               أَوْ  بِتْحِبِّي  الخَيرِ  بْزِيدُو … 

               وْإيْذا  كنْتِ  إنتِ  الدَّلْوْ … 

               قَلبي  كِرْمَالِكْ  هَالبِيرْ … 

                     ****    ❤️    ****

               وِالعَام  الجَاييِ  نْشَاللهْ … 

               تْنَينِ  بْواحِدْ  بَدْنَا  نْصِيْرْ … 

               وْعَادَرْبَكْ  يا عِيدِ  الحُبّْ …  ❤️

               بَلَّشْنَا  نْرُوحْ  مْشَاوِيرْ …   🌻  🌼         

                      ****    ❤️    ****


          بقلم  :  👍  :  @  الشاعر  :  صديق  علي .


تعمقني حضناََ /للشاعر خالد الخطيب

 تعمقني حضناً


فهلا كتبت

وهلا أتيت

وهلا كتبت إليَ قصيدة

تعال إليَ

وقل ما تشاء بغنج الحروف

وقل لي أُحبك بين الورق

وفوق السحاب 

وتحت التحافنا بيت القصيدة

أنا أرجو وصلك في عتم ليلي

وفي بعض بعضي

تخللني بين الضلوع وقلبي

تعمقني حُضناً.. 

وزد في اعتناقي

أنا فيك أحيا بذاك الوصال

فهلا أتيت إليَ بكلك

بسطوة عشقك

بلهفة شوقك

تعال استبحني 

وجند جنودك فيه اعتقالي

تعال وخذني إلى سجن قلبك

وسجن جنونك

فاق جنوني

فهلا أتيت.. بصوتك كُله

بصمت الدموع

بكل ضجيجك

بثورة كانت تطوف بأرضي 

تعال وخذني بلا أي ذنبٍ

سوى حُبي لك

وحُبك لي فهلا أتيت

#خالد_الخطيب


قلبي سقط /للشاعر خالد الخطيب

 قلبي سقط

واستبشرت بسقوطه عثرات من عمر الزمان 

الكل ينتظر انحناء قصائدي

سقط الورق

سقطت مشاعر أحرفي

يا أيها الفرسان من زمنٍ بعيد

يا أيها العشاق

حربٌ وجُهز جيشها

وجهابذ الفصل الأخير

رست البواخر في شواطئ قلعتي

نصبوا السهام 

نارٌ بلا جمرٍ توشح شاطئي

صفصافتي

ونمت حقول الشوك فوق دفاتري 

سكنت رياح الشك بين قوافلي

ألمٌ هناك 

وجراحٌ تنتظر القدوم بلا هوادة أو رسول أو كتب

القاضي خصم

والحاجبُ الموقوف في باب الوزير

والقابعون هناك في قلب السجون

والداخلون 

والخارجون من المحاكم كلهم 

خصمي أنا

وأعلنوا اتحادهم

قالوا الذي كتب القصائد بالغرام وبالهوى

صدق العهود

صدق الحديث بقلبه

ولسانه

واستوطن الحرف المدجج بالوفاء بقصته

قالوا اقتلوه

ثم اصلبوه 

ومثلوا بحرفه المكتوب في بحر العذاب

لا لم يعد في عصرنا عِشقٌ وحب

مات الوفاء وانتحر  

وتوسد العهد الأخير من الغرام

وتجرع الموت الزؤام بعصرنا 

الكل يشهد من جرائم لهفتك

وعذاب شوقك وارتحال مدامعك

لكن حرفك متهم

ونصبنا مقصلة الوفاء لمقتلك

عُذراً على غدر القضاء

الكل بات مُغيبون بذا الزمن

أنت انتصرت

لكن قلبك قد سقط

في الحب.. والحب أكبر متهم

وجريمةٌ فتكت بكل جريمةٍ

قلبي سقط 

والكل يرقب عثرتي 


#خالد_الخطيب


الصمت /للشاعر طه صلاح هيكل

 الصمت 

لامفر منه

فالكلام لايجدي

الشرود 

هو الحل 

فالحضور لايكفي

البعد

ربما ينسي

ماكان بينك وبيني

آهاتك جمر

تحرقني

أناتك

لهب يكويني

حروفك بين شفتي

تفضحني

كلماتك نصل يقتلني

فلن أكون حجرا 

تتقاذفه الأقدام

او صفرا بين الأرقام

أتساءل في صمت

يباعدني

لماذا كنت 

وكيف كنت

فارحل كما شئت

ولاتنس أن تذكر

لمن يسأل عني 

انني آثرت أن اعيش

في صمت

طه هيكل


أراك اليوم في قلبي شآم

 قصاصات شعرية ٧٤ 


أراكِ اليومَ في قلبي شآمُ 


فكوني مثلَما يهوى الغرامُ  


لظىً للظىً ودمعاً في حروفٍ 


يطيرُ على مشارفِكِ الحمامُ   


صحت أحلامُنا البيضاءُ خضراً 


ورفَّ لنخلِها السامي سلامُ 


---


لستُ أدري ما الذي أنهكَ طفلاً 


نامَ في الدربِ على رأسِ الحجر 


أهوَ الجوعُ أمِ الذلُّ أمِ القه


رُ أمِ الموتُ ضميراً في البشر ؟! 


--


وأجملُ ما في سجودِ العِباد  


مُناجاةُ قلبٍ بأُذْنِ الترابْ


فيسمعُ همسَك من في السماء 


يُترجِمُ ذلكَ حرفُ الكتابْ  


--


قولي لبُعْدكِ ينطوي 


فلعلّنا أن نلتقي


كوني لبحري زورقاً


وأنا قصيدُ الزورقِ 


ألظى بموجَيِّ الحروف ..


حبيبتي فترفّقي 


مازلتُ أُ طفئُ لوعةً 


بلْوَرتِها في مِحرقي 


وأراكِ ظلاً للهوى 


أغفو عليه بمِرفقي 


إنْ ضاءَ غيمي بارِقاً 


في كأسِ شُربِك فاغبقي  


وتنزّهي فوقَ السطو


رِ على الزهورِ وأورقي 


--


يا شامُ بانوا كلُّهم إذّ يكذبونْ 


وفقطْ أُصدِّقُ دمعةَ الزيتونْ 


ولكِ الفؤادُ على الضلوعِ على الندى 


ودمي لجرحِك دائماً مرهونْ 


-


ولبعضِهم رأسٌ كبيرٌ ما استفا


دتْ منهُ إلاّ شفرةُ الحلاّقِ 


سبحانَك ربّي بالمواشي والدوا


بِ جميعِها يُجبى جنى الأرزاق ِ !


-


كلامُ المرءِ يُشبههُ غُبارٌ  


إذا ما طارَ ديسَ على الترابِ 


فكن بالصدقِ حقاً لا يُبارى


وقلْ للناسِ يُغنيكم عِتابي 

-


لن يرجعَ اليومَ الذي فات 


وفقطْ تعشَّمْ بالذي آت 


-


لا تفقدِ الأملَ الحياةْ


وانفخْ بأطواقِ النجاة  


فإذا فقدتَ سحابةً 


عامت على نهر الفراتْ 


-


لا تسكتْ عن قولٍ حقٍّ 


وتَحُطَّ لِجاماً في ثغرِكْ 


واعلمْ إنْ كنتَ بلا سندٍ 


وضعوا خرجينِ على ظهرِكْ


-


حَضِّروا قبرينِ إنْ ماتَ فقيرٌ 


واحداً للفقرِ والثاني لحُلْمِهْ 


-


محمد علي الشعار 


٢٧-١-٢٠٢١


طارق الليل /للشاعر محمد علي الشعار

 طارِقُ الليل


مَرَّ ليلاً طارِقٌ يستكينُ 

يا تُرى مَن بالضيوفِ يكونُ ؟! 

خيَّمَ الصمتُ الجميلُ قليلاً 

واستدارت فوقَ تائي سكونُ 

كلُّ همسٍ هزَّني بنخيلي

واشتياقي ... رائعٌ و حَنونُ 

آهِ من طيفٍ إذا راحَ يسمو 

برؤى ضادٍ وأنتَ تَهُونُ 

تزرعُ الصاري لموجٍ و كلُّ ال

أُفْقِ صبحاً للمساءِ سفينُ 

كنتَ تُهدي النجمَ حلْماً وسيماً

وشراعُ النومِ فيكَ ضنينُ 

لعروسِ الوَردِ زُغْرودةُ الصبحِ ... 

بأوتارِ السنى و رنينُ 

غيمتي بِنتُ السما وأبوها ال

برقُ واللمحُ الشفيفُ شجونُ 

عزَّتِ الغيماتُ في الأرضِ نسْلاّ

وبنانُ الحَوْرِ فيها بنينُ 

حينَ فاضت زُرقَةٌ في يراعي 

كنتُ من خَضْرائِها أستدينُ 

وحدَهُ الفَخّارُ مائي وطيني 

آسِرٌ فيهِ الثرى ورهينُ  

نتلاشى في سرابٍ حروفاً

ثُمَّ تحيا في القصيدِ سنينُ 

غامَ في البحرِ العميقِ رسولي 

ليس يبدو منهُ إلاّ جبينُ 

كُلّما آخيتُ نهراً وطيراً 

أزهرتني في الروابي فتونُ 

لأُسودِ الشوقِ دوماً عرينُ 

وغزالِ الضفَّتينِ كمينُ 

آيةُ الشِعرِ استراحةُ عقلٍ 

يتعالى في مداهُ الجنونُ 

ويغيبُ السِربُ خلْفَ نواديك ...

وتبقى للجراحِ عيونُ 

غيّرتْ شمسُ الغروبِ قُفولاً

وأحاطت سارقيهِ حُصونُ 

نتهادى سنبُلاً وعلى موجِ ...

القوافي في الرياحِ نمونُ 

بينَ شعري في الهوى وشعوري

مثلُ قُطبَيْ كهرباءٍ كُمونُ 

مَن يلومُ المرءَ إنْ أدمنَ الكأسَ ...  

شُعاعاً  واستباهُ خدينُ ؟! 

أخلصَ القلبُ الذي صارَ جمْراً

ورماديْ في لظى الحُبِّ دينُ 

حُمِّلَ الوادي على النايِ يوماً

وتردّى من صداهُ الحنينُ .

  

محمد علي الشعار 


16-4-2019


ناى المطر /للشاعر محمد علي الشعار

 نايُ المطر 


هذي دموعُ الشِتا بنافِذتي 


تهمي على ناظري وإحساسي 


رسمتُ قلباً على الزجاجُ ندىً 


وإصبعي من روائِها حاسِ 


نُطِلُّ من كوخِنا لعالَمِها 


ببهجةِ الماءِ عندَ أعراسِ 


تُحيي الأماني مواسِماً لغدٍ 


وتُبرِقُ الروحَ في رُؤى الناسِ 


أتيتُها خافِقاً يُبلِّلُني


أقمتُ تحتَ الضلوعِ قُدّاسي   


وسِرْتُ تحتَ السماءِ نازفةً 


كي لا أُرى باكياً بأنفاسي 


غَنّتْ بإيقاعِها هوىً لهوىً


ودندنَ القطْرُ في صدى الكاسِ 


كتبتُ في النهرِ ألفَ قافيةٍ


وفي نخيلِ الضفافِ قِرطاسي 


تصفو بنايِ الهوى لفرحَتِنا 


ما مثلُها للجراحِ من واسِ 


فزيَّنتْ للصبا قلائدَها 


وسنبكتْ بالرياحِ افراسي  


أنا تَقرّي مسافةٍ ألِقَتْ 


بالنور والظلِّ دائماً كاسِ 


ومُفرداتي خيالُ غارسِها 


تُهديهِ شمسُ الغروبِ كُرّاسي


غرِقتُ في الحُلْمِ مَدْمعاً ودماً


لم يبقَ لي منهُما سوى راسي 


الموتُ حُبّاً يفوقُ قدرتَهُ    

    

شَكَلْتُ ما فوقَ تُربِه آسي 


الشعرُ وجدي وجمرتي وفمي 


و وحدَهُ إنْ ونى الدجى آسي


ما عبّأَ الليلُ منهُ خابيةً 


إلاّ ودارتْ بنَخْبِ جُلّاسي 


خَطرْتُ وسْطَ القصيدِ ساريةً


وأحرفي الخافقاتُ حُرّاسي 


رجعتُ من محوِ موجةٍ خفيتْ


كما يعودُ الصدى لأجراسي 


مسحتُ أوهانَ رملتي بيدي


وعِفْتُ للصخرِ ضربةَ الفاسِ 


تنبتُ فوقَ الرحى سنابِلُنا


على تجاعيدِ وجهِها القاسي 


فضْفضْتُ عني وما درتْ شفتي 


وطَفْرةُ الروحِ سيرةُ الناسي 


تقودُ بيضُ الغيومِ أشرعتي 


أسري وراها بزورقي الماسي .


محمد علي الشعار 


١٦-١-٢٠٢١


فوق القمر قمر /للشاعر محمد علي الشعار

 فوقَ القمرِ قمر


رأيتُ فوقَ بروجِ الليلِ ساهرتي 


في كلِّ خفقةِ حلْمٍ يرتقي قمرُ 


الضلعُ عندَ تماسِ الضلعِ أُغنيةٌ 


والقلبُ بعدَ شجونِ الملتقى وترُ 


تقاطرت بشراعِ الروحِ أخيلتي


ما بينَ حرفٍ و فَيْءٍ ينبتُ الشجرُ


كلُّ الذينَ أنا أهوى مودتَهم 


في دمعِ جفنيْ وزرقاءِ السما خطروا 


أقمتُ في النارِ حيثُ النارُ تُشبهني 


لكنْ رماديَ في عينِ النوى سفرُ 


الحبُّ أغرقني بالبحرِ قافيةً 


وما تبقى فقط من أحرفي جُزُرُ 


أنا نظيرُ سحابٍ بالدخانِ علا 


إذا التقينا تآخى الماءُ والشررُ 


أخيطُ في منتهى الإحساسِ ألبستي


أناملي في عُرى أزرارِها إبَرُ . 


محمد علي الشعار 


٨-٦-٢٠١٩


سمراء تعالي /للشاعر محمد علي الشعار

 سمراءُ تَعالَيْ  


تُذكّي الليلَ رائحةً وتهفو 


وجَمّعَها بسيلِ الليلِ هَوْرُ


وتلكَ القهوةُ الغناءُ تغلي 


على حطبٍ وقربَ النهرِ حَوْرُ 


أميلُ لشجوِها الصافي طروباً 


كلانا في هوىً نارٌ وفَوْرُ 


لها في النفسِ بحرٌ حينَ تسجو


وحينَ يهيجُ لُجُّ الشوقِ مَوْرُ 


حسَوْتُ شفاهَ فُنجاني وظنّي


تُرشِّفُني اللمى السمراءَ *نَوْرُ 


وذا حرفي يَشَمُّ البُنَّ شمّاً


يقولُ متى يجيءُ إليَّ دَوْرُ ؟! 


همى شعري سحاباً في سحابٍ


وفسَّرني بماءِ الأرضِ غَوْرُ 


يُلحّنُني النسيمُ على حفيفٍ 


ولي في غُصْنِه الميّادِ طَوْرُ 


ويا حسناءُ هاتِ الشمعَ ليلاً


فغيبُكِ عن معينِ الليلِ جَوْرُ .


محمد علي الشعار 


٢٦-٥-٢٠٢١


ملك /للشاعرة جوني العيا

 ⚘ملك 

و أنت يا ملَك ...

ملكت قلبي ....

و صار ينبض بك ...

صارت حياتي كلها جنوناً جميلاً..

معك ....

طيرتني في السماوات السبع ....

زرت كل النجوم ...

و طفت في الفلك ....

و أعدتني لقلبك ...

حضنك ....و بيتك ....

آه ....ما أجملك ....

كلَي ....لَك .

جوني العيا


تذكرة/للشاعرة مهابركات

 ،،،،،،تَذْكِرة،،،،،،

@@@@@@


      يا ابن آدم.....

انتشرت المتاجر في شتي البلاد

إزادت التجارة وساد الكساد

إمتلأت الأرض غشاً وفساد

الحقد والغل ملأ الأكبااااااد

فبعض الناس لا يحبون بعضهم

من العباااااد

أليس هذا دليل قوي

علي إقتراب يوم الحساب !!!!!


متي سنستغفر للخالق؟؟!!!

ونكون قدوة مشرفة للأحفاد

متي سنكون من الفئة 

التي سيُباهي الخالق بهم 

ملائكته يوم الحسااااب؟؟؟؟


   يا ابن آدم.....

إقترب الميعااااد

إقترب يوم الفصل وقراءة الكتاب

راجع نفسك يا ابن آدم

ماذا ستقرأ في كتابك؟؟؟!!!

ما هي أفعالك الخيرة

التي ستبعد عنك العذاب

كيف ستطلب رحمة الخالق 

    وشفاعة النبي

وكتابك مليء بالظلم والفساد

أليس عيباً أن تكون مسلماً موحداً بالله

وأفعالك ليس فيها شيءٍ من الصواب؟؟؟

أليس مخزياً أن يكون كلامك مواعظ

وأفعالك تُدمي الأبدان والألبااااب ؟؟؟!!!


ياابن آدم.....

      أعد حساباتك

      وحاسب نفسك قبل أن تُحاسب

     وتقف بين أيادي الغفور التواب

     وتندم علي كل ما إقترفته

      وتتمني الإياااااب

    يوم لا مفر فيه من حكم الواحد الأحد

    إليه وحده المرجع والمآب !!!!


بقلمي/

         مها 

             بركات


لميا وما أدراك ما لمياء /للشاعر ياسر قديري

 لميا و ما أدراكَ ما لمياءُ ... و كذا لمى هي غادةٌ حسناءُ


أشعارُها ذهبيَّةٌ مُشقرَّةٌ ... و جبينُها مرآتُها البيضاءُ


و خدودُها حمراءُ تُفَّاحيَّةٌ ... و عيونُها نجَليَّةٌ خضراءُ


أتُعارُ أجنحةُ الطُّيورِ حواجباً ... مُثلى فنِعمَ حواجبٌ سوداءُ


أهدتْ نفرتيتي إليها جيدَها ... و الأنفَ أهدتْهُ لها الخنساءُ


و لقد بدا الثَّغرُ الجميلُ كأنَّهُ ... لمَّا تبسَّمَ وردةٌ حمراءُ


يا صفحةً في مُصحَفٍ في مسجدٍ ... يكتظُّ في أرجائهِ القُرَّاءُ


يا لوحةً قُزَحِيَّةً ألوانُها ... في مُتحَفٍ يرتادهُ النُّبلاءُ


سجَّادةٌ عجميَّةٌ قد أُتقِنَتْ ... في نسجها الألوانُ و الأشياءُ


أو منظرٌ جادَ الربيعُ بحُسْنهِ ... و طبيعةٌ خلَّابةٌ غنَّاءُ


مُبيضَّةٌ مُشقرَّةٌ مُحمرَّةٌ ... و كأنَّها شمسُ الضُّحى الزَّهراءُ !


و الثَّلجُ يجثُمُ فوقَها ببياضهِ ... و كأنَّها قمرُ الدُّجى الوضَّاءُ


و الأُقحُوانُ كأنَّهُ أسنانُها ... برَدُ الغمامِ لآلئٌ بيضاءُ


و الشَّامةُ السَّوداءُ نِعمَ مكانُها ... يا ليتَ أنِّي الشَّامةُ السَّوداءُ


لَمكانُها في الذَّقنِ أكرمُ مسكناً ... من مسكني و أنا بهِ مُستاءُ


فجِوارُها البسَّامُ ثغرٌ مُشرقٌ ... مُتورِّدٌ و الوجنةُ الملساءُ


أمَّا جِواري فالَّذينَ تظالموا ... سكنوهُ و الأنذالُ و السُّفهاءُ


صحوة الحنين قبل اللقاء /للشاعر حسن المزوني

 صحوة الحنين قبل اللقاء


الى امراة كنحلة عاشت

تتنقل بين الاشواك والزهور

منذ زمن بعيد

لتدخل البهجة والفرحة والسرور


هاهي الان في ساحة الوقت المتبقي

تغتسل فتولد كمهرة من جديد

تنسج باحلامها العطشى افراحا

واعيادا... عيد يتبعه عيد

هي المحاربة في ادغال الزمن

باسمة وهي تعد للنصر النشيد


هي الان امامي كتلة من حنان

وما تراكم من احساس على مر السنين

تدفئني بنظرتهاالحبلى بالاماني

والاف الحكايات العجيبة

وتحيي الحياة في بمئات الاغاني

حين هوت بين ذراعي في غنج

ذابت لغتي  ومن عينيها

تفتحت انواع ورود واغان


معيون/للشاعر خالد بن عبدالله

 معيون

________


اِستيقظ مفزوعا على مثلِ النقر

منتفض الجسم متسارع الزَّفر

بقلب خافق من ضيق بالصدر

وبدا تائها، شارد الذهن و الفكر

ظل على ذاك حينا من الدهر

ألِفَته خلاله آلام بأسفل الظهر

وغدا تعباً دونما جهد أو زِفر

تجلت  عظام الركب و الخصر

 الأضلع والكتفين وأسفل النحر

راجع الطبيب مرارا بلا قصر

قال: حالك مثل... لا لا لست أدري

علتك، دواؤك غابا عني، عن خُبري

آلامك هوِّنْ هاك صنفا من الخَدَر

سواغ بدا له مع الوقت بلا أثر

ثم اهتدى للراقي راح للمقري

بعد التحية والسلام وإمعان النظر

قال: أخي بك عين وشئ من السحر

أَتهوي من جوِّ السما إلى قاع البحر؟

وأَتدحرجُ من الجبل إلى أسفل النهر:

أحلام، كوابيس مزعجات بلا حصر

حرباً أخوض، أقاسي في هذه العشر

بسم اللَّه تلا شيئا من القرآن والذكر

هيج جسما تمايل جَبْرا من غير سُكْر

ثم هوى أرضا عبثا  تمدد جاد بالسر

صياحا تعالى صاحبته بنات الشَّفر

عبرات جمر كأنما تحررت من الأسر

هدوء فاستفاقة على صاحب البشر

هاك دواك أخي كن دائم الحذر

ماء وقرآن، زيت وشئ من السدر

وِردَك لا تدع صبح مسا وبعد الوتر

حصنا لك لا تفت أبداً رغيبة الفجر

ثم داوم، إن تطق، سبعا من التمر

لله العلي كن ذاكراً ودُم على الطهر: 

ثوبا، بيتا نقيا طيب النَّفس والعطر

تَتَّقِ  شرور كم عائن متقد الشر

وتحاش غل حاسد حقود بليغ المكر

أَأُحسد على قبحي أم على فقري؟!

ومعيون على عسراتي، ضيقي أم قهري؟!

أُخَيَّ حاذر.  ولو أن تكون باسم الثغر.


خالد بن عبد الله