( ليس أنا / ربيع دهام)
تراني ماذا أفعلُ هنا
وكلُّ ما حولي ليس أنا
وأبحث عن قلمي ولا أُلاقي
غير نزيفَ الصّمتِ في أوراقي
وترسو في غياهبَ الليلِ سفينتي
ويغرقُ العمرُ في وُحولِ السنةْ
وأنشجُ مع الريح معزوفةَ النبضِ
وأصرخُ مع الليلِ وأصيحُ :
" تراني ماذا أفعل هنا
وكلُّ ما حولي ليس أنا"
وأطرق بابَ الغدِ
والغدُ ماكرٌ رهيبُ
يصبغُ بالأسودِ ساعاتَ شمسِنا
ويرتسمُ فوق معالمنا الشيبُ
لا قوس قزحٍ يشدو في مدينتي
ولا بلبلٌ يغني ... ولا حبيبُ
أذاك الفجرُ،
يصحو مع موتِنا ويعتصرُ؟
أو هذا قلبي،
بقمقمِ الفجرِ يختمرُ؟
وأسكرُ أنا بفلذاتِ الأرقِ
وقبّعةَ الصبرِ أعتمرُ
أمشي معِ الليلِ
ويحرق الصمتُ أنّاتي
لمن أشكو صرختي؟ مهجتي؟ آهاتي؟
نَامي معي في الدُرج
يا أحلاميَ الفتيّةْ
هنا،
لا أملاً نصبو إليه، ولا قضيةْ
نامي معي في درجِ العتمةِ وانسحِقي
لا خيار لك بين الموتِ والأرقِ
أفي غير الحلم يرفرف جناحُ الأماني؟
أفي غير الحلم أعيش في حضنكِ
وتعيشين بأحضاني؟
أفي غير الحلم تكون أيامنا ورديّة؟
نامي معي يا أحلامي المنسيّة،
فكل مقبّلات الصحوِ
في ضجرِ الأقباءِ تحتضرُ
هنا،
حيث لا وردٌ يطفو فوق مرقدنا
ولا عودٌ يدندنُ ولا وترُ
دفءُ الشوارع قد صار لهيبها
ولحافُ النوم لا بُدَّ مُنتظرُ
أنا راحلٌ عنكِ يا مدينتي
ويا سيدتي ...ويا حبيبتي
أنا راحلٌ
بجسدي الذي خسر
بقلبي الذي زأرَ،
مثل الأسدِ الجريحِ:
" وداعاً حبيبتي... وداعاً
وداعاً ...
فإني لَأسدٌ منكسرُ"
وأبحث عن قلمي ولا ألاقي
غير نزيفَ الصّمتِ في أوراقي
وترسو في غياهبَ الليلِ سفينتي
ويغرقُ العمرُ في وُحولِ السنةْ
تراني ماذا أفعل هنا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق