معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس يكتب :
دراسة نقدية عن نص :
( سامية التكوين )
للراقية السورية
الشاعرة / ساميا أحمد
.........................
نص الاشتغال :
...... سامية التكوين .....
إلامَ تنظرين
يا امرأة أنهكتها السنون ؟؟
تائهة حائرة بين برزخين
بالظنون والجنون والمنون
فمن يدفع الزمن ؟
ومن يدفع الثمن ؟
تسبح الروح ... متأملة
في ولادة الزمن
هناك حيث بداية النهاية
في فضاء التكوين
واااأسفاه...
كيف أضناك الأنين
خانك العمر وتسرب
من بين أصابعك الوتين
كقطرات الماء الحزين
بماذا تفكرين .. ؟؟
حانية تتأملين
هل إلا نهاية البداية ؟؟!!!!
أمازلت تحلمين... ؟!!
تتسربل الثواني والدقائق والساعات من عمرك ببطءٍ ..... ولا تدرين
هرب منك زمانك..
فلا تتأسفي على ضنين
كان قدرا محموما...
بعدة فصولٍ وأحرف من نور
ربيعُ العمرِ النابضِ بعطر الياسمين
وصيفُ الأماني الحالمة
شتاءُ العمرِ الزاهي
وانتهاء بخريف الضمور
تناثر جسدك الغضُ ألما
سقط رداء النور
على مقصلة العمر
لكن .... مهلا
سيحضنك أديمُ الأرضِ وثراه
ويقفُ قطار ُحياتك بمنتهاه
كابدت متاعب الحياة
في سباق لنهاية..
باهتة الألوان
وتناسيت أنك ستعبرين
عمق زجاجة الزمن بصمت الأنين
كذرات الرمل المتسربلة
في ساعة .... النسيان
كفاكِ تحلمين ...
لن تعودي إلى ماكان ...
ستتلاشين وستبقين ...
ذكرى .. ورجع ...صدى
يضمك التّرابُ بدمع حزين
ولكن ...... ستسمو الروح
وستبقي .... سامية التكوين
بقلمي ..... ساميا أحمد .....
............................................
الدراسة النقدية :
* أولا عنوان القصيدة : *
( سامية التكوين ) عنوان مبهر وملفت للنظر مركب من كلمتين ومسند للإضافة ( فسامية ) مضاف ، و ( التكوين ) مضاف إليه جعلته الشاعرة علما بارزا على قصيدتها بغرض حسن البراعة والاستهلال، ووفقت في ذلك ؛ حيث يكون العنوان هو العتبة والبوابة الأولى والجسر والمعبر الذي نعبر وندلف منه لأبيات القصيدة ، وهو عنوان متوازن وليس بالقصير الذي فيه خلل ولا بالطويل الذي فيه سأم وملل ، فقد استطاعت الشاعرة أن تجعلنا منذ اللحظة الأولى لقراءته نحلق في السموات بعلو الشأن والسموق والرفعة ، فالفعل سمو يسمو سموا ظاهرا في العلاء برفعة الذات ، أما ( التكوين ) والخلق والإنشاء والترتيب كلها مفردات تزهو بالسمو والفخر والإبداع والابتكار ، وتجافي وتخاصم التقليد والمحاكاة ، ( فسامية التكوين ) هل تخص لغة الجسد والبدن والأعضاء والتجسيم ، والبعد والسمو عن العذاب والضنا والأنين أم سيسطو القدر المكتوب والمحموم بالموت على مقصلة العمر ؟؟ أم تسمو الشاعرة بالروح لمنتهاها بعطر الياسمين في العلو؟؟ ستجيب الشاعرة عن ذلك السؤال في نهاية القصيدة ، فنسمعها تقول : ( ولكن ستسمو الروح وستبقى سامية التكوين ) باستخدام ( لكن ) التي تفيد الاستدراك على ما فات فهي عاصفة في وجه الزمان ...
نعم استطاع العنوان أن يلمس شغاف القلب بشفاف صدق المشاعر ، ويلخص تجربة الشاعرة باحتراف فهي موفقة في اختيار العنوان.
** ثانيا تصنيف النص ونوعه وغرضه : **
١- نوع النص : النص قصيدة نثر حداثية من القطع المتوسط مكتوبة بطريقة السطور ، وليس بطريقة كتابة الأبيات في الشعر الخليلي العمودي الموزون المقفى الدال على معنى مفكك الأبيات، فالنص قصيدة غير موحدة الروي، ومتعددة القوافي الداخلية والخارجية ، وتحمل بين طياتها الأسى والحزن والحرمان والعذاب والأنين، واستطاعت الشاعرة أن تنقل فيه تجربتها الذاتية الخاصة وتحولها لتجربة ذاتية عامة ذات بعد إنساني مشترك وذات نزعة إنسانية عامة معاشة بين الناس ، وعلى مر العصور وفي معظم الأمكنة.
٢- غرض النص : النص متعدد الأغراض ومن هذه الأغراض ١- إظهار الأسى واللوعة والاعتذار ( وأسفاه كيف أضناك الأنين ؟ ) ، ( فلا تتأسفي على ضنين ) وجدير بالذكر أن شعر الاعتذار قليل جدا ، ونادر وشحيح في الشعر العربي الجاهلي، فبالكاد - وعلى سبيل المثال لا الحصر - نجد شاعرا كالأعشى يعتذر لملك العرب ( النعمان بن المنذر بن ملك السما ) في قصائده ، وندرة شعر الاعتذار في الأدب العربي راجعة للأنفة والكبر والشمم والفخر وسببها هو الاعتزاز بالنفس والقبلية والإباء وعلو الهمم ، ونرجسية الذات ، فالعربي يأنف بطبعه أن يعتذر ، ويكره أن يقلل من شأنه أحد ، وهكذا فعلت الشاعرة في قصيدتها تأسفت ( وأسفاه .... ) ثم عادت بسرعة وألغت وسحبت الأسف ( فلا تتأسفي ... ) ، وجدير بالذكر أيضا أن نذكر أن ( الأسف غير الاعتذار ) ، فأبو بكر الصديق كان رجلا أسيفا أي كثير الحزن يبكي دائما في الصلاة، والقرآن في سورة يوسف يخبرنا أن الأسف هو شدة الوجد وكثرة الحزن فقال على لسان نبي الله يعقوب : ( وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم ... آية ٨٤ من سورة يوسف ) ، وقال في موضع آخر ( إنه ليحزنني أن تذهبوا به ... آية ١٤ من سورة يوسف ) ، وقال في موضع آخر : ( قال إني أشكو بثي وحزني إلى الله... آية ٥٦ من سورة يوسف ) .
٢- ومن أغراض القصيدة أيضا أن الشاعرة ( تتحدث عن شكوى الدهر ومرارة الزمان ، ومكابدة الحياة وغصة الأيام ، وضياع الشباب ، كما فعل ( المتنبي ) من تجارب الحياة في قصيدته شكوى الزمان حيث قال : ( صحب الناس قبلنا ذا الزمانا وعناهم في شأنه ما عنانا وعادوا كلهم بغصة منه وإن سر بعضهم أحيانا ) ، فنسمعها تقول في قصيدتها: ( كابدت متاعب الحياة .. )كما قال زهير بن أبي سلمى من قبل في معلقته : ( سئمت تكاليف الحياة.. ومن يعش ثمانين حولا ..
لا أبا لك يسأم .. ).
٣- ثم تتحدث عن : ( القدر المكتوب والمحموم بالعذاب بداية من شتاء العمر الزاهي حتى الانتهاء بخريف الضمور ، وحتى يقف قطار الحياة ويصل لمنتهاه ) ، فالنص متعدد الأغراض ، وذو حسن وضاء وبيان ، وفصاحة وبلاغة ظاهرة وإغراق في ظاهرة الحزن وضياع الشباب وتفلت العمر الذي أنهكته السنون.
** ثالثا : ( شرح أبيات القصيدة )**
تبدأ القصيدة بتساؤل ونداء واستعارة مكنية ( إلام تنظرين ؟ ) ، ( يا امرأة ) ( أنهكتها السنون ) دلالة على تمكن وتميز الشاعرة ، فقد جردت الشاعرة من نفسها شخصا آخر يخاطبها ويحدثها ويكلمها ويسألها عن سبب. حيرتها ( تائهة حائرة بين برزخين ومتون ) وحاجزين وعالمين مختلفين (عالم الحقيقة أو الواقع ) و(عالم المثال أو الطيف والخيال ) بجدلية تامة بينهما ( بالظنون والجنون والمنون ) فمن سيدفع الزمن ؟؟ ومن سيدفع الثمن ؟؟ تساؤل آخر تلقيه الشاعرة على مسامعنا استفهام استفساري تقريري تقصد به عالم المشهد والواقع والحقيقة ، وتؤكد أن عالم الحقيقة هو من ستدفع فيه الثمن كما يقولون في علم النفس : ( أزمة الخمسين أزمة منتصف العمر ) و(المقارنة بين عالم الواقع المرير وعالم المثال الجميل العالم المحتوم الذي نهايته الموت والعالم الرائع الذي تسمو فيه الروح لعالم الخلود سامي التكوين ) .. وتسرح الشاعرة بخيالها ثم تتجه تغمرها عاطفتها وتجنح للحظات لثواني معدودات للحديث عن عالم المثال عالم الروح العالم المفضال - الذي تحبه ويعشقه كل الشعر والشعراء - وتتمناه في خلدها لكن هيهات إنه عالم آخر يربو على عالم الواقع فيه ( تسبح الروح في ولادة الزمن ) الروح التواقة الروح الوثابة ( هناك حيث بداية النهاية في فضاء التكوين ) ثم تعود الروح لعالمنا عالم الواقع ، وتتذكر آلامها وأوجاعها ( وأسفاه كيف أضناك الأنين ) لقد ( خانك العمر وتسربل من بين أصابعك الوتين كقطرات الماء الحزين ) .. ثم تعود وتتساءل بالاستفهام التقريري وتقرر وتؤكد على الواقع المرير من جديد ( بماذا تفكرين ؟ .. حانية تتأملين؟ هل إلا نهاية البداية ؟ أما زلت تحلمين؟؟ ) أربعة استفهامات متتالية تمرق بها وتعبر وتدلف وتدلل على ضياع العمر ( تتسربل الثواني والدقائق والساعات من عمرك ببطء ولا تدرين هرب منك زمانك ) ..( فلا تتأسفي على ضنين كان قدرا مكتوبا كان قدرا محموما بعدة فصول وأحرف من نور ) نعم قدر مكتوب كان فيه : ( ربيع العمر النابض بمطر الياسمين ) كان فيه : ( صيف الأماني الحالمة .. شتاء العمر الزاهي ) وانتهي ( بانتهاء خريف الضمور ) و( تناثر جسدك الغض ألما ) ( سقط رداء النور على مقصلة العمر بين السطور ) هل هذه هي النهاية المحتومة أو المختومة ؟ تقول الشاعرة : ( لكن مهلا .. سيحضنك أديم الأرض وثراه ، ويقف قطار حياتك بمنتهاه ) فقد تعبت الشاعرة من رحلة الحياة الأليمة نراها ونسمعها تقول : ( كابدت متاعب الحياة في سباق لنهاية باهتة الألوان وتناسيت أنك ستعبرين عمق زجاجة الزمن بصمت الأنين كذرات الرمل المتسربلة في ساعة النسيان ) وبعبق محموم ومشحونبرهافة الذكريات ، ثم تعود الشاعرة بتساؤل آخر يبين حالتها ويكشف عن عمق مشاعرها أنها لن تعود إلى ما كانت عليه من سابق عهدها باستخدام اسم فعل ماض بمعنى ( كفى ) فتقول : ( كفاك أما زلت تحلمين ؟ ) وتقرر ( لن تعودي إلى ما كان .. ستتلاشين وستبقين ذكرى .. ورجع .. صدى وعاصفة.. في وجه الزمان .. يضمك التراب بدمع حزين ) ثم تستدرك نفسها باستخدام ( لكن ) من عالم الواقع لعالم الروح لتؤكد وتقرر في جدلية تامة بين عالم الواقع وعالم الروح إنها سامية التكوين : ( ولكن .. ستسمو الروح وستبقى سامية التكوين ) والموت المعنوي لن يؤثر فيها بالطبع ولكل تأكيد .. فهي سامية التكوين.
** رابعا الأساليب في القصيدة : **
تنقسم الأساليب في القصيدة إلى قسمين اثنين : ( إما أساليب إنشائية وإما إساليب خبرية وجمل عملاقة )
١- الأساليب الإنشائية ومنها : أولا أساليب الاستفهام ( إلام تنظرين ؟ .. فمن يدفع الثمن ؟ .. كيف أضناك الأنين ؟ .. بماذا تفكرين ؟ .. حانية تتألمين ؟ .. هل إلا نهاية البداية ؟ .. أما زلت تحلمين ؟ .. كفاك أما زلت تحلمين ؟ ) ثمانية (٨) استفهامات في القصيدة كلها استفسارية تقريرية ومنها للتعجب والدهشة.
ثانيا أسلوب النداء : ( يا امرأة ) المعرب المنون المنصوب وعلامة نصبه الفتحة ، باستخدام النكرة غير المقصودة دلالة على التجربة الذاتية العامة ، والنزعة الإنسانية المشتركة ذات البعد والامتداد البشري أجمل من المنادى المبني على الضم باستخدام النكرة المقصودة ، ويكون فيه المنادى حالة خاصة متفردة للشاعرة فقط دون غيرها ، وتضيع منه النزعة الإنسانية المشتركة.
ثالثا أسلوب النهي : ( فلا تتأسفي .. ) أسلوب نهي للحث والطلب والتمني والتوجيه والنصح والإرشاد.
٢- الأساليب الخبرية والجمل العملاقة المجازية ومنها :
١- ( ولا تدرين .... ) ،( لن تعودي .... ) أسلوبان للنفي في الزمانين الماضي والمستقبل بغرض التوكيد .
٢-( كفاك ..) اسم فعل ماض بمعنى كفي وانتهى ..للتمني
٣- (ولكن ستسمو الروح ) أسلوب العطف باستخدام (لكن) التي تفيد الاستدراك.
ومن الجمل المجازية العملاقة :
١- الاستعارات المكنية ومنها : ( أنهكتها السنون ) ، ( خانك العمر ) ، ( هرب منك زمانك ) ، ( سقط رداء النور ) ، ( تسرب من بين أصابعك الوتين ) ، ( تناثر جسدك ) ست (٦) استعارات مكنية باستخدام الماضي بغرض التوكيد والثبوت .
( تتسربل الثواني ) ، ( تسبح الروح ) , ( يضمك التراب ) ثلاث استعارات ( ٣ ) مكنية باستخدام المضارع التجدد والتتابع والاستمرار .
( سيحضنك أديم الأرض )، (ستبقين ذكرى ) ، ( ستسمو الروح ) ثلاثة (٣) استعارات مكنية باستخدام ( سين ) الاستقبال التي تدل على المستقبل القريب ، و من المعلوم أن غلبة الاستعارات المكنية في الزمن الماضي على من سواها من الاستعارات الأخرى تدل دلالة أكيدة على استقرار الحدث وثبوته وتوكيده.
٢- ومن التشبيهات البليغة سبعة عشر (١٧) تشبيها هي : ( ولادة الزمن ) ، ( فضاء التكوين ) ، ( سامية التكوين ) ، ( أحرف من نور ) ، ( ربيع العمر النابض بعطر الياسمين ) ، ( وصيف الأماني الحالمة ) ، ( شتاء العمر الزاهي ) ، ( خريف الضمور ) , ( مقصلة العمر بين السطور ) ، ( قطار حياتك ) ، ( نهاية باهتة الألوان ) ، ( عمق زجاجة الزمن ) ، ( ساعة النسيان ) ( صمت الأنين ) ، ( رجع صدى ) ، ( متاعب الحياة في سباق ) ، ( وجه الزمان ) ، وجدير بالذكر أن التشبيهات البليغة تعد من أقوى أنواع التشبيه في البلاغة واللغة لجعل المشبه والمشبه به ركني التشبيه الأساسيين أو ( طرفي التشبيه ) كأنهما شىء واحد بلا استخدام أي أداة تشبيه فيدخل المشله في المشبه به ، وكأنهما جنس لشىء واحد.
٣- ومن التشبيهات التمثيلية تشبيه حالة بحالة ومنتزع من البيئة تشبيهان (٢) اثنان ( كقطرات الماء الحزين ) ، ( كذرات الرمل المتسربلة).
ولقد أجادت الشاعرة في معجمها التصويري والخيالي.
** خامسا الموسيقا في القصيدة :**
أولا الموسيقا الخارجية الطنانة الظاهرة الجلية اعتمدت عليها الشاعرة اعتمادا كليا في إظهار عاطفتها الجياشة ( مرارة ضياع العمر ) ، وكان حرف ( النون ) هو معول البناء في موسيقا القصيدة الخارجية وبطلها واللاعب الرئيسي فيها ومعقلها ، وفي قصائد النثر الحداثية لا نتحدث عن قافية ثابتة أو حرف روي واحد كنظام موحد كما هو الوضع أو الحال في الشعر العمودي الخليلي التقليدي الموزون المقفى الدال على معنى من المعاني ؛ ولكن سنجد القوافي متعددة ومتنوعة ومترابطة ومتداخلة ومتراكبة ، وبيان ذلك كالتالي : ١- ( السنون - المتون - المنون ) ، ( الثمن - الزمن ) ، ( الأنين - الوتين - الحزين ) ، ( ضنين - حزين ) ، ( تفكرين - تتأملين ) ، ( تحلمين - تدرين ) ، ( الياسمين - ستعبرين - التكوين ) ، ( ستبقين - ستتلاشين )
٢- حرف الهاء والتاء المربوطة : ( منتهاه - تراه - الحياة ) ٣- حرف الراء : ( النور - السطور - نور - الضمور ).
٤- ظاهرة تكرار الكلمات تعطي رنينا وجرسا يساعد على الحفظ ومنها : تكرار كلمة ( التكوين ) مرتين : ( فضاء التكوين - سامية التكوين ) أضف إليها عنوان القصيدة (سامية التكوين) ، وكذلك جملة : ( هل إلا بداية النهاية؟ - حيث بداية النهاية - في سباق لنهاية باهتة الألوان ) تكررت كلمة ( النهاية) ثلاث (٣) مرات وكلمة ( البداية ) تكررت (٢) مرتين ، وكذلك كلمة ( الحزين ) تكررت (٢) مرتين ( الماء الحزين - بدمع حزين ) ، وكذلك تكررت تكررت جملة : ( ما زلت تحلمين - كفاك أما زلت تحلمين ) مرتين (٢) اثنتين ، وكذلك تكرار كلمة ( الزمن ) ثلاث مرات ( ٣ ) هكذا : ( فمن يدفع الزمن - في ولادة الزمن - عمق زجاجة الزمن ) ، وكذلك تكررت كلمة ( الزمان ) مرتين (٢) اثنتين هكذا : ( في وجه الزمان - هرب منك زمانك ) ، وكذلك تكررت كلمة ( الأنين ) مرتين (٢) اثنتين هكذا : ( كيف أضناك الأنين ؟ - بصمت الأنين ) ، وكذلك تكررت كلمة ( العمر ) خمس (٥) مرات هكذا : (خانك العمر - من عمرك - ربيع العمر - شتاء العمر - مقصلة العمر )، وكذلك كلمة (ولكن) للاستدراك مرتين (٢) اثنتين هكذا : ( لكن مهلا - ولكن ستسمو الروح ) ، وكذلك تكرار كلمة ( الروح ) مرتين (٢) اثنتين هكذا : ( ستسمو الروح - تسبح الروح ) ، وكذلك تكرار كلمة (ستبقى) مرتين (٢) اثنتين هكذا : ( وستبقى سامية التكوين - وستبقين ذكرى ) ، وكذلك تكرار كلمة النور مرتين (٢) اثنتين هكذا : ( أحرف من نور - سقط رداء النور ).
٥- الجناس الناقص الذي يعطي جرسا موسيقيا تستريح له الأذن ويساعد على الحفظ ويشد الإنتباه ويجذب الذهن ومنه : ( تسرب - تتسربل- المتسربلة ) ، ( حانية - الحالمة ) ، ( الأماني - الثواني ) ، ( النور - السطور - الضمور ) ، ( النسيان - الألوان - ما كان - الزمان ) ، وهذا الجناس غير متكلف ولا مصنوع ولا مسجوع بقصد بل يأتي عند الشاعرة عفو الخاطر ؛ لأنها شاعرة مطبوعة على الفطرة وأسلوبها السهل الممتنع الممزوج بالعاطفة الجياشة وليس مقصودا فهي لم تقصده لذاته في القصيدة،ووهكذا وفقت الشاعرة في استخدامها الموسيقا الخارجية.
** ثانيا الموسيقا الداخلية في القصيدة : **
والموسيقا الداخلية دائما وأبدا ما تنبت من تضافر الحروف وتوافق الكلمات وتناسق الجمل وهرمونية وانسجام العبارات مما يجعل القصيدة كأروكسترا كامل متناغم يرقص فيه النص ويتمايل ببديع الألحان يدركها الشاعر الحاذق في كل بيان ، وفي قصيدة الشاعرة كان حرف الألف هو معول البناء فيها وهو الحارس الأساسي الأمين الذي ينظم الكلمات حتى بالكاد لا تجد كلمة في القصيدة تنبو عن الألف أو الهمزة إلا فيما ندر ومن أمثلة الكلمات التي تناغم فيها حرف الألف المد ما قد يصل لستين ( ٦٠ ) كلمة منها : ( بداية - نهاية - ولادة - حانية - عاصفة - الحالمة - باهتة - أضناك - أصابعك - كفاك - زمانك - الساعات - قطرات - ذرات - الأماني - الثواني - الزاهي - ما كان - كان - ولكن - بماذا - إلا - النابض - ذكرى - صدى - ستبقى - النسيان - أما - الألوان - سامية - الحياة ستتلاشين - متاعب - قطار - حياتك - كابدت - منتهاه - ثراه - الحياة - انتهاء - رداء - وأسفاه - فضاء - شتاء - الماء - الزمان - زمانك - إلام - يا - أنهكتها - هناك - تائهة - حائرة - خانك - الدقائق - الياسمين - التراب - تناسيت - سباق - زجاجة ) ويمكن توزيعها على قوافي داخلية كالتالي : ١- حرف النون : ( الظنون - الجنون ) ( برزخين - الثمن - لن - كان - ولكن - ما كان - النسيان - الألوان ) ٢- حرف التاء المربوطة : ( بداية - نهاية - ولادة - عاصفة - تائهة - حائرة - حانية - الحالمة - باهتة - المقصلة - امرأة - المتسربلة - الحياة ).
٣- حرف الهاء : ( وأسفاه - ثراه - منتهاه ) ٤- حرف الكاف : ( أضناك - حياتك - هناك - أصابعك - كفاك - عمرك - منك - زمانك - جسدك - سيحضنك - خانك - إنك - يضمك )،
٥ - حرف الياء : ( الأماني - الثواني - الزاهي - تعودي - تتأسفي ).
٦- جمع المؤنث السالم : ( الساعات - قطرات - كذرات ).
٧- حرف السين : ( ستسمو - سامية - تتأسفي - النسيان - ستبقى - ستتلاشين - ستبقين ).
٨- حرف الألف اللينة ( ذكرى - صدى - ستبقى ).
٩- الألف الممدودة ( فضاء - انتهاء - الماء - رداء ).
١٠- بعض الكلمات على أوزان معينة نأخذ منها على سبيل المثال لا الحصر وزن ( فعل ) بتسكين العين وخير من يمثل هذا الوزن من كلمات جاءت بها الشاعرة في القصيدة هي : ( صمت - صيف - دمع - رجع - وجه - عمق ) وكلها مصادر لأفعال ثلاثية...
ولقد وفقت الشاعرة في الموسيقا الداخلية للنص .
** سادسا من خصائص أسلوب الكاتبة : **
١- لا شك أن ظاهرة التكرار خصيصة مهمة جدا من خصائص أسلوب الشاعرة وهدفها هو التوكيد وكثرتها يضر ويفقر القاموس اللغوي للنص وسبق أن نوهنا على الكلمات المكررة في القصيدة كصدى صوت ورجع في الموسيقا الخارجية وتجاوزناها وعرضنا لهاوشرحناها ...
٢- ظاهرة استخدام المفرد والجمع ومنها في القصيدة ( ساعات - ساعة ) ٣- وذكر الكلمة ونفيها بالتضاد السلبي هكذا : ( وأسفاه × لا تتأسفي ) ، ( كان × ما كان ).
٤- وظاهرة استخدام المقابلة والطباق بالتضاد الإيجابي : ( هل إلا بداية × النهاية ) ، (حيث بداية × النهاية ) ، ( انتهاء × بداية ) ، ( ستبقين × ستتلاشين ) ، ( ستبقى × انتهاء ) ، ( مقصلة × حياة ) ، ( تناسيت × ذكرى ) ( كفاك × أما زلت ) ، ( أما زلت × تناسيت ).
٥- ومن خصائص أسلوب الشاعرة استخدام حرف الجر بكثرة لتوصيل فكرتها ، فقد استخدمت الشاعرة حرف الجر بتنويعاته المختلفة قرابة من إحدى وعشرين (٢١) مرة في القصيدة منها تسع (٩) كلمات بحرف الجر الباء هي : ( بالظنون - بماذا - بعطر - بعدة - بصمت - بدمع - ببطء بخريف - بمنتهاه ) ، ومنها أربع (٤) كلمات باستخدام حرف الجر في هي : (في ولادة - في فضاء - في سباق - في وجه ) ، ومنها ثلاث (٣) كلمات بحرف الجر (من) هي : ( من بين - من عمرك - من نور ) ، ومنها كلمتان (٢) اثنتان بحرف الجر الكاف هي : ( كقطرات - كذرات ) ، ومنها كلمة واحدة باستخدام حرف الجر اللام هي : ( لنهاية ) ، ومنها كلمتان (٢) اثنتان بحرف الجر على وهي : (على ضنين - على مقصلة).
٦- ومن خصائص أسلوب الشاعرة الاعتماد على حرف العطف ( الواو ) للمشاركة والمغايرة ، ويدل على توالي الدفقات الشعورية المتوالية والمتواصلة عند الشاعرة والتي لا تكاد تنتهي فقد استخدمت ( الواو) العاطفة والاستئنافية قرابة من (١٦) ست عشرة مرة هكذا : ( ومتون - والجنون - والمنون - وأسفاه - ويقف - والدقائق - والساعات - ولا تدرين - وأحرف - وثراه - وتناسيت - ولكن - ورجع - وستبقين - وعاصفة - وستبقى).
٧- ومن خصائص أسلوب الشاعرة الاعتماد على المضاف إليه لتوصيل فكرتها فقد استخدمت الشاعرة ظاهرة الإضافة ما يقارب (٢٨) ثمان وعشرين مرة هكذا : ( بين برزخين - بين أصابعك - بين السطور - ولادة الزمن - بداية النهاية - فضاء التكوين - كقطرات الماء - نهاية البداية - من عمرك - بعدة فصول - ربيع العمر - بعطر الياسمين - وصيف الأماني - شتاء العمر - بخريف الضمور - رداء النور - مقصلة العمر - قطار حياتك - بمنتهاه - متاعب الحياة - باهتة الألوان - عمق زجاجة - زجاجة الزمن - كذرات الرمل - في ساعة النسيان - رجع صدى - في وجه الزمان - سامية التكوين ).
٨- ومن خصأيص أسلوب الشاعرة الاعتماد على ظاهرة النعت والصفات فقد وردت ( ٩ ) تسع مرات هكذا : ( تائهة حائرة - الماء الحزين - قدرا محموما - العمر النابض - الأماني الحالمة - العمر الزاهي - جسدك الغض - ذرات الرمل المتسربلة - دمع حزين ).
٩- شيوع وذيوع ظاهرة الحال في شعر الشاعرة وهو من خصائص أسلوبها ورصدنا منه في القصيدة (٥) خمس كلمات وردت كحال مفرد منصوب هكذا : ( حائرة - متأملة - حانية - ألما - ذكرى ). هذه بعض خصائص أسلوب الشاعرة.
** سابعا عاطفة الشاعرة في القصيدة وامتزاج الفكر بالوجدان وتحقق الوحدة الموضوعية في النص :**
الشاعرة تنعي في القصيدة ضياع عمرها ، وتفلته من بين يديها ، فهي تتحسر عليه وتتساءل فيم ضاع العمر ؟ وفيم أنهكته السنون ؟ فشكوى الدهر دائما مرة وذات غصة في الحلق ، ويكفي أن نتعرف على عاطفتها الجياشة بذكر مقطع من شعرها يظهر فيه صراعها مع الأيام ما يسمى في علم النفس ظاهرة ( منتصف العمر ) فحين تصل الأنثى إلى الخمسين يتغير في تركيبها أشياء فسيولوجية تجعلها في صراع دائم مع الأيام فحين تظهر بعض التجاعيد على الوجه أو بياض لون الشعر في المرآة تتوقف الأنثى كثيرا وتراجع حياتها مرات ( تتسربل الثواني والدقائق والساعات من عمرك ) ثم في النهاية تنتصر على الزمن بسمو الروح وسمو التكوين وهذا عنوان القصيدة ( سامية التكوين )، فنسمع الشاعرة وتراها تقول : ( فلا تتأسفي على ضنين كان قدرا محموما بعدة فصول وأحرف من نور ) ثم بعد ذكر الشاعرة للعام وهو ( الفصول ) ستأتي وتخصصها وذلك من خصائص أسلوب الشاعرة ( ذكر الخاص بعد العام ) فنراها تقول وتقسم الفصول الأربعة هكذا : ( ١- ربيع العمر النابض بعطر الياسمين ٢- وصيف الأماني الحالمة - ٣- شتاء العمر الزاهي ٤ - انتهاء بخريف الضمور على مقصلة العمر بين السطور ) وإذا جاز لنا أن نسأل بأي فصل الشاعرة الآن ؟ هي تجيب وتقول : ( لكن مهلا : سيحضنك أديم الأرض وثراه ، ويقف قطار حياتك بمنتهاه ، وكابدت متاعب الحياة في سباق لنهاية باهتة الألوان ) هل هذه لحظات استسلام لخريف ضمور العمر ؟؟ هل هذه هي النهاية ؟؟ تستطرد الشاعرة قائلة : ( وتناسيت أنك ستعبرين عمق زجاجة الزمن بصمت الأنين كذرات الرمل المتسربلة في ساعة ( ساحة ) النسيان ....
كفاك أما زلت تحلمين ؟ وباستخدام النفي في المستقبل تقول : (لن تعودي إلى ما كان ستتلاشين وستبقين ذكرى ورجع صدى وعاصفة في وجه الزمان يضمك التراب بدمع حزين ) هل هي النهاية وإلى زوال كلا إنه الوهم .... لكن الحقيقة في النهاية هي سمو الروح فنجد الشاعرة قد استخدمت (لكن) للاستدراك : ( ولكن ستسمو الروح وستبقى سامية التكوين ) اسما على مسمى فهي فعلا سامية التكوين وهذا اسمها ، وبالتالي نصل للنتيجة المرجوة ونسأل هل تحققت الوحدة العضوية في القصيدة ؟ هل امتزج الفكر بالوجدان في القصيدة ؟؟ الإجابة نعم تم ذلك امتزج الفكر بالوجدان في القصيدة ، وتحققت الوحدة الموضوعية في النص، وجعلت الشاعرة من القصيدة وحدة عضوية تامة كما جسم وجسد الإنسان كل عضو في مكانه المناسب يؤدي وظيفته المناسبة على أكمل وجه . نعم الشاعرة فكرت بقلبها وشعرت وأحست بعقلها ، ومزجت وجدانها بفكرها فامتزجا ، وجاءت القصيدة كلوحة فنية مترابطة الاجزاء فيها شخوص وزمان ومكان ، وصوت ولون وحركة ، وكان الخيال كليا وكأننا أمام لوحة فنية زيتية ، وجدارية تعلق على الحائط ، وكأننا أمام فنانة تشكيلية متمكنة من أدواتها تصنع قصيدتها ولوحتها...
* ثامنا الخيال الكلي في القصيدة : *
النص عبارة عن لوحة فنية إبداعية صيغت بريشة فنان تشكيلي فجاء النص عبارة عن لوحة فنية تذكارية لأجمل سنين العمر ، جدارية زيتية تعلق على الحائط .. تناسق فيها الخيال الكلي المركب ( اللوحة الزيتية ) ، وتعانق مع الخيال الجزئي ( علم البيان ) الاستعارة والتشبيه والمجاز والكناية ، فجاءت : ١-شخوص اللوحة ( الشخصيات الأساسية و الثانوية ) كالتالي : شاعرة متميزة متأنقة تجعل من نفسها شخصا آخر يحاورها وتكلمه وتحكي مأساتها حيث ضياع سنين العمر ، وتنادي : ( إلام تنظرين يا امرأة أنهكتها السنون ) ، وتجعل من الزمان : ( الربيع والخريف والصيف والشتاء ) ملاذا لها ، وتنعي حظها الثواني والدقائق والساعات.
٢- فجاءت خيوط اللوحة متضافرة ، ومتمركزة في : (صوت ، ولون ، وحركة ) ، ١-فنجد الصوت في (٨) ثمان كلمات هي : ( يا امرأة - الأنين - تتأسفي - ألما - كابدت - بصمت - صدى - عاصفة ).
٢- ونجد كلمات اللون في ( ١٧ ) سبع عشرة كلمة هي : ( أديم الأرض - ثراه - زجاجة - التراب - برزخين - فضاء - قطرات - الساعات - أحرف - نور - جسدك الغض - رداء - وجه - مقصلة - السطور - الرمال - أصابعك).
٣- ومن الكلمات التي تدل على الحركة (٤٢) اثنين وأربعين كلمة هي : ( تنظرين - ستتلاشين - سقط - مهلا - سيحضنك - ستعبرين - تائهة - حائرة - متأملة - تسبح - يقف - دمع - ستبقين - عاصفة - حانية - ولادة - هناك - أصابعك - تسرب - قطرات - ببطء - تتأملين - رجع - ستسمو - ستبقى - تتسربل - الدقائق - الساعات - الثواني - قطار - هرب - شتاء - صيف - ربيع - خريف - جسدك - ضمور - تناثر - مقصلة - سباق - المتسربلة - يضمك) ، وكانت الغلبة في خيوط اللوحة لكلمات الحركة مما يدل دلالة قاطعة على كثرة سعي الشاعرة وتحركها حتى تحصل على ما تصبو إليه وهو سمو الروح على عوائل وعوارض فناء الجسد عبر الزمن )، والشاعرة موفقة جدا في لوحتها الفنية وخيالها الكلي.
** تاسعا ظاهرة الأفعال في القصيدة : **
كان الزمن من تحاربه الشاعرة في القصيدة وتشتكي من مرارة الدهر
كما حدث المتنبي قديما : ( صَــحِــبَ الــنَّـاسُ قَـبْـلَـنَـا ذَا الـزَّمَـانَـا وَعَــنَــاهُــمْ مِــنْ شَــأْنِــهِ مَــا عَــنَــانَـا
وَتَـــوَلَّـــوْا بِـــغُـــصَّـــةٍ كُـــلُّــهُــمْ مِــنـْ ـهُ وَإِنْ سَـــرَّ بَـــعْـــضَــهُــمْ أَحْــيَــانَــا ) أي كل الناس تشتكي مرارة الزمن ، وفي قصيدة الشاعرة جاءت الكلمات التي تدل على الزمن كالتالي : ١- الأفعال الماضية وعددها في القصيدة (١٠) عشرة أفعال للزمن الماضي كلها تدل على الثبوت والرسوخ والتوكيد والاستقرار مثل : ( تناسيت - أنهكتها - كان - أضناك - خانك - تسرب - تناثر - سقط - كابدت - مازلت ) كما يوجد اسم فعل أمر ماض هو: ( كفاك ) بمعنى كفي ، كما يوجد نداء للتحسر و الندبة والتوجع والتبرم والضيق النفسي والتبرم والامتعاض ، ويدل على الحزن وهو ( وأسفاه ) .
٢- الكلمات التي تدل على الفعل المضارع وعددها (١٦) ستة عشر فعلا مضارعا كلها التجدد والتتابع والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن وهي : ( ستعبرين - سيبقى - تعودي - ستتلاشين - يدفع - ستبقين - يضمك - ستسمو - تنظرين - تسبح - تفكرين - تتأملين - يقف - تحلمين - تتسربل - تتأسقي ).
٣- أفعال الأمر لاتوجد ولم تستخدمها الشاعرة في القصيدة ؛ لتكون علما ودلالة على ثقتها بنفسها وتواضعها وعدم تكبرها فهي شاعرة ليست ناهية أو آمرة أو متعجرفة، وليست من ذوات الصلف والكبرياء. وعليه تكون النسبة كالتالي : ( الأمر صفر : والماضي ١٠ : والمضارع ١٦ ) ، وتكون الغلبة للفعل المضارع الآني مما يعني حضور ذات الشاعرة واستمرارها في سمو الروح في المستقبل أيضا ، وذلك هو هدف القصيدة، ومغزاها الأساسي والذي كتبت من أجله .
** عاشرا مآخذ وعيوب القصيدة **
القصيدة متماسكة ، وليس بها من العيوب إلا قول الشاعرة :
١-(سيحضنك أديم الأرض وثراه) فكلمة(سيحضنك) الشاعرة غير موفقة فيها لأنها كلمة دارجة على ألسنة الناس عوامهم قبل خاصتهم فهي كلمة غير انزياحية وغير شاعرية ، وتقتل من كثرة ما تقال في مناسبات معينة، وليس لكل الناس تقال هذه الكلمة ؛ ولكن يحسب للشاعرة إنها حاولت استخدامها استخداما جديدا بإشعاع جديد مع ( أديم الأرض).
٢-وكذلك كلمة ( ثراه ) لم تفد ولم تعط معنى جديدا بعد ( أديم الأرض ) فأديم الأرض ( هو ثراها وترابها الطاهر وسمرتها ومنه سمى سيدنا آدم ، فأديم الأرض ظاهرها وسطحها ) ، وبالتالي تكون الكلمة مجلوبة للقافية ، ولم تضف معنى جديدا ..
٣-كما أن الشاعرة ذكرت أيضا كلمة (التراب) في قولها : ( يضمك التراب بدمع حزين ) فالإطناب والإسهاب قد أضرا المعنى وخاصة عندما يتكرر نفس المعنى ، ولكن يمكننا الدفاع عن الشاعرة بقولنا أتت بهذا المعنى وكررته للتوكيد... وبقية القصيدة الشاعرة موفقة فيها.
وفي النهاية لا يسعنا إلا تقديم التحية والتقدير لذات الشاعرة على ما بذلته من مجهود وجهد جهيد في قصيدتها.
................................................
الناقد / معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس ، القاهرة ،مصر.