العزلة درب العارفين/ شذرة التأمل
الكاتب ابراهيم السهلي- المغرب
نميل أحيانا للوحدة لنفهم ذاتنا نتأمل وجودنا وأحواله، نتعالى عن السوقية والملل، ذلك اليومي الرتيب الذي يكبل أعناق الناس ويجعلهم لا يستطيعون رفع بصرهم للأعلى نحو إشراقة شمس يوم جديد أو تأمل لحظة المغيب، للنظر إلى العالم من زاوية مخالفة لما اعتاد الناس عليه..
أمام شقاء النفوس وسخافة العالم تحتاج الروح للوحدة، للكف عن ضجيج المألوف وشطحات اللغة المجلجلة الفارغة المعنى، صوت رخيم في داخلي ينسل بين عروقي ينثر عطر الوحدة، يدعوني لأخد رشفة من عوالم الصمت وتموجاته المتدفقة المعنى، الروح تتعالى عن شطحات اللغة السخيفة والفكر يتسلق جدار المعنى، فيطيح بجدار الكلام الأجوف وفوضى العالم السخيف..
ما أجمل أن تصمت وتنصت لدبدبات الروح ودقات الفكر وهو ينظم أشعاره بعيدا عن خشبة مسرح الحياة اليومية وشخوصها التي ترتدي أقنعة بهلوانية تختفي وراء سترة الحياة تحت اسمها المستعار الحياة جميلة.
تعيس هو الإنسان الذي يختفي وراء حجاب اللغة ليخفي شقاءه وآلامه.
الوحدة هي النافذة التي نطل من خلالها على العالم، وننظر إليه على حقيقته، سخيف حد السقم، فوضوي لدرجة العبث، صورته الجميلة التي كونها عنه سرعان ما تهوى وتنكسر عوالم الجمال المزيف وتنهار نظم الحقيقة الواهمة، دهشة شديدة قد تدفع بعضنا للهروب وعدم النظر مرة أخرى من النافذة، الحقيقة مؤلمة وشقية، بقدر شقاء العالم، لكنها بداية التحرر من كل عوالق العالم التي لحقت بنا والأقفال التي كبلت نظرنا ومنعته من النظر للوجود، للعالم والحقيقة، إنه السبيل الذي تسلكه الأرواح الطيبة في هذا العالم لفهم الوجود وإدراك الحقيقة، تلك الأرواح التي ترفض أن ترتدي الأقنعة البهلوانية وتتبجح على خشبة المسرح بمازوشية الحياة تحت اسم مستعار...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق