بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مارس 2021

مزاح البحر الطائش /للشاعرة سمراء عنجريني

 مزاح البحر الطائش 

-----------------------

وإذ بي  ..

أعدو عارية 

على جسر منصوب فوق هاوية 

عَرَق بارد 

يتصبب من جسدي ..

الصرخة تكشف كل شيء 

لاعب النرد المهزوم

الريِّس المروؤس ..

أقدام  اللاجئين الغارقة في الطين..

دعاة الحلم والرأفة 

اكذوبة العودة..

الرماح المسدلة في انقضاض هائج 

القاتل المقتول بفعلته 

شوَّهت جثته البهائم ..

وذاك المتربع على أريكة الحرير 

بهيئة الساخط 

يرعبنا الوعد ..

يا " ..ريِّس.." 

ومزاح البحر الطائش..

- كيف تحول تاريخنا أضحوكة 

وقادتنا مهازل ..!!!!؟

ريِّس سابق واخر لاحق 

المنزلة رفيعة..

لكن الوجدان ظالم ..

تمثالك البرونز يختال ..

طويلا..قوياً ..

ينتصب أمامنا كالجلمود 

يقبض بهراوة رصاصية رائعة 

لو حملتها...

لتكسَّرت يداك ..

ربما ستائر قصرك ثقيلة 

جدرانه المحملة بالنفاق

سودتها الاخبار ..!!!

حتى النظرة من عيون الصغار 

..تٌصادِر ..!!

فيا اخي العربي الجذل 

معقل الروح " ياوطني " 

أربتْ على كتفك

فما فوق البكاء ..بكاء 

جثث القتلى تتجول في أزقة بغداد 

واِربتْ على كتفي ..

حدثني ولا حرجِ 

عن الأمطار الكريمة 

التي عصفت بالمخيمات السعيدة 

ليس هناك أكثر جدِّية 

مما اقول " الآن ياريِّس" 

اليوم لك وغداً لنا 

من " الشام " إلى " بغداد " 

من " فلسطين " إلى " اليمن"

 لأرض اجدادنا الموغلة في القِدم 

- أما لهذا السلم الملعون من نهاية ..؟؟؟

أعطني لجوءاً " سيدي " 

قد ضاق عليّ وطني 

الترسانة العظمى بانتظارك ..

شٌلَّت يداك ..!!!!!

-------------------

سمرا عنجريني/ سورية


جرح المسافة /للشاعرة سمراء عنجريني

 جرح المسافة  ) 

----------------

شيء ..

أشبه بظلال الحكايات 

خائف ..عذب 

صوته شلال صاخب 

يصقل الصخر ..

قٌبلتٌه مثقلة باللوم والألم

مبطَّنة بحزن الحقيقة 

بشجن المعجزات 

بيته القمر الفضي 

سجين السماء 

أمنياته بحر ومراكب ..

قادمة من كل البلدان..

شيء ..

اشبه بصعود الخمرة  

الى رأس معتكفها 

قَلَبَ العَالَم

و..أثملني..!!!!

صبور ..جميل 

أورثني حسن الصمت ..

وبهجة الحلم ..

لغد ..قد لا اعيشه..!!!

كلما أعلنت العصافير زقزقتها الأولى 

أشتهي جرح المسافة ..

أهلل لقشعريرة الشتاء ..

لوجهي المنقسم..

 بين"  اسطنبول والشام " 

لسنين العمر الملونة 

تركض بي..

حتى آخر نقطة ..

".. انتهاء .."

شيء ..

لا اعرف كنهه

هو نفسه وهو أنا..

مسافران معاً..

من الحياة إلى الحياة..

-------------------

سمرا عنجريني/ سورية


مرايا البحر المتصدّعة /للشاعرة سمراء عنجريني

 ( مرايا البحر المتصدِّعة )  

------------------------------

أخبروني..

أنَّك رجلٌ منحرف المزاج 

محاط بالأسرار ..

تُزعزع سكوني بزمن ولَّى

ترسم بإصبعك دوائر 

تحتجزني داخلها بفطنة..

حسِّي الأنثوي ..

يدفعني برقة فلَّة

فأقف صامتة 

أمام مرايا البحر المتصدِّعة 

ارتِّب شعري الأشقر

بعثرته أنامل المجون 

أمسح اللون الفاقع 

والدمع الأسود المتساقط ..

أرهِف السمع لحديث موجة 

أفهم نصف الكلام 

فأومئ " نعم " بحياء 

النصف الآخر أتناساه 

بحكمة الإوزات ..

أيام من عمرنا انتهت يا .." أنت " 

الفضول المحموم 

قبلة الظل للصباح 

السمرة الناطقة وساعة الغفران..

أهديتُها " للصقر " ..

حلَّق بعيداً عنَّا وغاب ..

مشاتل البحر لو تعلم ..!!!

ما أكثفها ..

وما أجملها..

حدائق تتوسط الصخر

زواحف تتدفأ بحضن المرجان ..

أصفِّر ..

فتخرج سمكة وديعة 

هدية من الرحمن ..

فيا حامل الشعلة 

عهدتُ إليك بموسيقاي 

عود ومطر وناي..

اقرأ ما تنطوي عليه سريرتي

امنحني عفوك ..

قطرة نسيان ورغيف قمح 

و...حياة ..!!!!

------------------

سمرا عنجريني/ سورية


طائر العمر المهاجر /للشاعرة سمراء عنجريني

 (  طائر العُمْر المهاجر ) 

---------------------------

ألا..

يا أيام الصبا ..

ربيع الحياة 

حقل الورد

عمري المكسو ثلجاً

عيناي مسمرَّتان على بضعةٍ مني 

هي " الشام " 

نحيب المرآة يسأل:  

إلام تحدقين  ..!!؟؟؟

أحلك أيام الشتاء" ذاكرة"

ألسنة نار متعالية 

طقس غريب مغمور في الماء

صلاة محفورة في الصخر 

 تدُّقْ بوابة السماء ..

أخطأتِ بحق الروح " سمراء " 

ضعيفة ..رقيقة 

تقيمين على ضفاف زهرة 

تسبحين بمياه تتحول درراً 

يُطهرُّكِ غشاء الفُلك 

بنفس راضية 

قوية ..

تناقشين الصوت

تحثِّين خُطاكِ نحو الموت 

فتولدين في حياة جديدة 

بعطر " دالية " 

فيا أيها الطائر المهاجر 

بالظلمة..بالسكون..بالوقت 

بغربتي المكتظة حنيناً ولهاثاً 

بعيد ميلادي الحاضر الغائب 

برغيف خبزي المعجون بصبري

قبل إسدال ستار الأصيل 

أحتاج الصَفح

فهلا أرشدتني..!!!!

نحيب مرآتي يسأل..!!!!

-----------------

سمرا عنجريني/ سورية


أحبك بقوة ومازلت /للشاعرة سمراء عنجريني

 (  أُحبُّك بقوة و..مازلت  ) 

-------------------------

وكأنك ..

حكاية من نسج الخيال 

لمدينة غريبة 

 شرايين بيوتها " الفقر .." 

 جدرانها  الحصينة " قلب "

قديمة ..مضجرة ..

تمدُّها الفَرَاشات بالفرح

يحطّ عليها النحل البري..

فتجفل..

يطفح قلبي باللذة 

لإيقاع همسة تكتُبها..

فأصلْ الفرْدَوس..

 حُرش الرمان يتحرك

فأتحول غزالةً بعينين لامعتين 

رشيقة القوائم ..رقيقة 

تتخذ هيئة الدفاع ..

تثب في دفء الشمس 

و..تداعبك ..

لو كان لي حبيبي ..

جناحا طائر..

لواسيت كل المساكين 

في وطني ..

لسعيت نحو الحقيقة المختبئة 

خلف دمعة يتيم 

و ..مهاجر  ..

لانطلقت معك حبيبي 

الى السماء اللازوردية 

مفعمة الطيبة..

نتبادل الورود البيضاء 

نتراشق النظرات ..

نسكن في روض معزول 

نغترف كل أسرار الحب 

بلهفة المحروم..

لكننا حبيبي ..!!!

نحيا على صخرة وعرة 

كلما حاولنا اجتيازها 

يعيدنا قدرنا ..

 أحُبُّك بقوة ..

و..مازلت ..!!!!!

---------------------

سمرا عنجريني/ سورية


السبت، 27 مارس 2021

تحت خيمة الليل /للشاعرة ساميا أحمد


 تحت خيمة الليل

تعزف النبضات 

لحنا شجيا

وتتشظى الروح 

في فردوس الأمل

للقاء المنتظر

أساهر نجوم الليل

ويطول السهر

ذكريات تطرق 

ابواب القلب

وأنين لايحتمل

قصيدة الأمس 

عزفها الوتين

بلحن القبل

ياساكنا بين طابقات الجفون

أين انت...خطفتك غياهب الظلام

وعني لم تعد تسأل

هذيان بأروقة النبض

تنشد لحنا

تناجي قمرا

ترسم أملا

برسائل الشوق

لوصال يغزل

بصمت الكلم

وحنين يشتعل


بقلمي....ساميا أحمد


وصايا حكيم /للشاعر محمد عزو حرفوش

 #جامعة لظى الضاد الأدبية للثقافة العربية.

#وصايا حكيم..(٢٢)

بسم الله الرحيم الكريم أبدأ معكم.. وأسأله التوفيق والهداية لنا ولكم.

أحبّائي.. لقد خلق الله الكائنات جميعاً.. وجعل لكلّ منها صفات تميزها من غيرها.. جميلة كانت أم قبيحة.. إلا أنّ في كلّ ذلك عبرة لمن يعتبر.

وجعل للكائنات الحيّة طباعاً تُعرف بها.. وتكون ملازمة لها بحكم وصفها.

إلا أنّ الكائن البشري قد ميّزه الله من سائر مخلوقاته بالعقل.. وجعله خليفته على الأرض.. وترك له هامشاً كبيراً من الحريّة في السلوك.. واكتساب بعض الطباع.. وكلّ ذلك مراقب وعليه الحساب.. خيراً كان أو شرّاً.

وأخذ بنو البشر باكتساب بعض الطباع التي تُظهر هوية صاحبها في تعاملاته مع الغير.. منها ما يتغيّر تبعاً للظروف الخاصّة والعامة.. ومنها ما هو ثابت كما كل الكائنات.

أحبّائي.. الجاهل قد يصبح متعلّماً.. والكافر قد يتوب ويؤمن.. والصغير يكبر.. والكبير يهرم.. لكن الذئب لا يتحوّل إلى حمل وديع.. والبوم لا يصبح حمامة سلام.. والعدو الذي قتلك وسلبك أرضك.. لن ولن يتحوّل يوماً إلى صديق يودّك.. وإن أبدى لك رغبته في التسامح والسلام.. فهو لابدّ قاتلك حين تأمن وتنام. 

أحبائي.. احمدوا الله واشكروه على ما حباكم وميزكم به من نعمة العقل.. ولا تسلّموا بأنّ حسابات البيدر تطابق دوماً حسابات الحقل.

فلا تجعلوا من عدو أبائكم وأجدادكم صديقاً.. فتفرضوا على صديق آبائكم وأجدادكم أن يمسي لكم عدواً.. فيكون أشد خطراً.. وأكثر فتكاً.

أحبائي.. لا تكونوا على غيركم معتدين.. ولا تعطوا الأمان لمن كانوا يوماً عليكم معتدين.. فإنّ في ذلك ذلاً وهواناً.. قد لا تتبينونه إلا بعد فوات الأوان. 

أحبّائي.. حياتكم بأيديكم.. وأعماركم بيد الله.. فكونوا على قدر أمانيكم.. ولا تكونوا أشباهاً.. ففي فعل المرء يظهر معدنه وشطّ بحره ومرساه.

بسم الله بدأت وبحمده أختم.. وألتقيكم مجدّداً.. إن شاء الله.. ثمّ شئتم.

من يحبّكم ويسعى لمصلحتكم.

.. محمد عزو حرفوش..


الخميس، 25 مارس 2021

عزف على أوتار الرحيل /للشاعر طه صلاح هيكل

 عزف  على أوتار الرحيل 

عنفوان بدا في الأفق ثائرا كالمجنون

على وميض كلمات حيرى 

يبتسم من وجع كأنه حطام مزق صمت السكون

يناشد الروح أن تبقى بلا شجن 

أو أن ترى الدمع يكبل الجفون 

ذكريات  تمضي على خاطر  سرقت من هدوئه  الفتون

يبدو كطفل بلا مأوى 

تتناوشه في صفائه الظنون

ينتظر العودة إلى حضن الأمان  بلا خوف ولا ركون 

يستند على حروف تنتابه  تصرخ فيه لم الرحيل 

ولم  الهجر  

ولم  الألم 

ولم الأنين 

ومتى ترقأ من دمعها العيون 

طه صلاح هيكل


الأربعاء، 24 مارس 2021

في الجسد أوجاع /للشاعر محمد حسن محمد علي

 اسعد الله اوقاتكم 

وهذه #مشاركتي_الاولى

-----------

في الجسد اوجاع ...

لا طبيب يعالجها ...

ولا ترياق يداويها ...

وللروح أنين ...

مسجون في صمتها ...

والاحلام فراشات ...

مرهقة تتهاوى ....

قبل ان يأتي الربيع ...

والذكريات ظلام دامس ...

تحاصر شمعة أمل ...

برياح يأس وحزن !!

الى متى !!

ستبقين أسيرة ...

في "كوكب الموت" هذا

وتنتظرين البعث الجديد ...

في غد المستحيل...

نحن ياصغيرتي ...

نختار اقدارنا حينا ....

حتى لا تصبح بأيدينا ....

نحن ياصغيرتي ...

من نكبل أنفسنا في ركن صغير ...

في عالم الله الكبير ....

ثم نعودنلعن الحظ والقدر ....

في قدر كتبناه بايدينا ....

وجنينا به على أنفسنا ....

الى متى ونحن نترك ...

سبل النور ....

ونختار :

طرق الشوك والعذاب ...

وننتظر بعدها :

وهم حياة سعيدة ...

في غد لن يأتي ...

الى أبد أحزاننا ...

#ذكريات_السندباد

#نهر_الشوق

Mohammed Hassan Mohammed Ali


من رسائل المساء /للشاعرة نجلاء جميل

 أن ترقبه من بعيد دون أن يعلم ، أن تتحسس قسمات طيفه دون أن تلمسه  ، تتبعه من مكان لآخر ، تعانق زفراته المنسدلة إليك على نسيم مار ، تعرف أخباره بكل تفاصيلها وكأنك تقيم معه ، تحدثه ويردد كليماتك صقيع الصدى ، تحنّ إليه ، يضمك صوته ، يتكئ على نبضاتك دون أن تدري  بكل خطواته ، دون أن يشعر بك ، يُسافر فيك كأنه دم يسري في وريدك ، تتألم لألمه ، تشاركه ، بل تتقاسم وتفترش معه صراخ جراحه بصمت يفتك بك ..

تسعد به وله ،  حينما تزوره تلك البسمة الوارفة ويحط عنده ذلك الحلم الضائع وتلك الأمنية المتأرجحة بين أجفان حنين وضفاف لقاء مؤجل  .. 

تخشى عليه ، فتبتعد ، ولكن سرعان ما يحملك إليه فؤادك ، هو جزء منه ، فيأبى إلا أن يحيطه بسور وسر من تلك الروح بين ضلوعك .

تنتشي روحك بطلة من سناه دون أن يتعثر بصره بك أو يرأف بك 

تعود أدراجك بخطاك الباكية ، تضع يمينك على صغيرك ، وتُربت عليه لتُهدئ من روعه وتهمس بين أوتاره النازفة ، تكفكف دمعة راجفة أضاعتها زنبقة عطشى .. أيا صغيري ، 

اصبر وانتظر على شواطئ عمر شابت مفارق مراسيه   ، 

فحتما سيحتضن ذاك الشراع ويعود يوما  إلى موطنه .. 

فأي اسم وأي وصف يليق به ؟! ..

# نجلاء جميل #

( من رسائل المساء)


المشاهدون /للشاعر سلمان الفراج

 المشاهدون

قصة قصيرة للأديب والشاعر سلمان فراج


كانت الظباء تتراقص في المرعى الخصيب وكانت الفراشات الملونة تتهادى باطمئنان، والعصافير تتطاير وتتقافز بين الأعشاب الخضراء والشجيرات الصغيرة، أما الغزال الكبير فقد انفرد ونفش بدنه واستعد.


   ما هي إلا لحظات حتى حمي صراع القرون. لم تأبه الظباء ولم تلتفت. إكتفت بإخراج أصوات خافتة عند كل اصطكاك عنيف.

طال الكر والفر ثم لم يلبث الغزال الكبير أن وهنت قوته وبدأ يتراجع إلى الوراء، وصارت المسافة التي يرجعها كل مرة تكبر وتكبر. قبل أن ينهار استدار وراح يركض كما يركض الغزال مبتعداً عن الظباء ولم يلتفت إلى الوراء. أما الغريم فما أطال النظر، رجع واندس في القطيع وراح يقضم العشب بأناة كأن شيئا ما كان.


  من بين المشاهدين ثلاثة فقط حكَوا: أحدُهم أُعجب بحزم الغريم وشمت بالمهزوم، الثاني حزن على المهزوم ولعن قلة الحياء، والثالث أعجبته حكمة الظباء، أما الباقون فهزوا رؤوسهم وما حكوا.


لقاء العيون /للشاعرة ساميا أحمد

 .... لقاء العيون ....


تماهت الأرواح وانتحر

الصمت برعشةٍ وذهول

تلاقت العيون وفاضَ

الحنين بِسحرِ المُقل

عقارب الزمن توقفت

لحظة عناق ..طويل

أحداقٌ مزنها تفجرت

من بحر الجوى... فهطل

من نبع الوجد الظامِئ

استغاثات الشوق للقُبل

صمت الحرف

بين لهفة الانتظار

وتوق للحظةِ الأجمل

من سلالِ الروح شوقٌ

لاحتضانِ الأحبةِ لايحتمل

توقفت لحظات

الزمن في محطة ِ الأجل

نيران الحنين تستعر

وتناجي الأشواق.. لترحل

إليكَ يامهجة القلب والروح

بحضورك انبلج فجر الليل

ضاعت الحروف

لسان الصمت....تكلم

حنين ...تسربل

باحت العيون 

بماعجزت عنه الكلمات

ببوح ٍ للقاء الأمل

صرخت آهات الجوى

قائلة للزمن:

قف هنا....تمهل


بقلمي ساميا أحمد


أنت النّبض/للشاعرة ازدهار العتر

 ....... أنتَ النّبض .....


أناديكم أيا عطر الزهورِ

ويا سحرًا ببهجات الحبورِ


فأنت الحب يا قمري بليلي

وهبّات النسائمِ والعطورِ 


وأنت الروح في نبضات قلبي 

وضحكات المباسمِ والسرورِ 


فليت الشوق يحملني إليكم

محلقةً كأجنحة الطيورِ


فيا فجرًا ويا نجمًا مضيئًا

ويا صبحًا تبلّج بالظهورِ


أناجيكم ودمعاتي بليلي

تراودني كجمرات الحرورِ


فأنت النبض في بسمات ثغري

وأنت العشق يا بدر البدورِ


سأذكركم ولهفاتي ستبقى 

كمأسورٍ تذلّل للعبورِ


وأحفركم بقافيتي وشعري

وذكراكم بدايات السّطورِ 


وأكتبكم روايات وشعرًا

وأرسمكم ببهجاتي ونوري


وأدفن همّ أحزاني وسهدي

وأنساه على مَرّ العصورِ 


بقلمي : ازدهار العتر


الثلاثاء، 23 مارس 2021

عيد الأم/للشاعر سمير الفرج

 قصيدة من بحر الرجز / التام

عيد الأم

كانتْ   لأجلي   كلَّ   يومٍ   تسهرُ

حتّى   تراني   في   شبابٍ   أكبرُ


ماكنتُ  يوماً  غافلاً   عن   حبِّها

أمّي  بها   كانتْ   عيوني  تُبصِرُ


ماحبَّ  قلبي  في  حياتي  مثلَها

بالبعدِ    عنها    ساعةً    لاأصبرُ


تهتمُّ  بي عن  كلِّ  فعلٍ   طائشٍ

حتّى  تراني  شامخاً  بي  تفخرُ


بالهمِّ    لايبدو   أمامي    وجهُها

كانتْ   بأفراحٍ    حياتي    تَغمرُ


إن  صابني أمراضُ  جسمٍ   ليلةً

في   ليلِها   لو  غفوةٌ   لاتحضرُ


في  عيدِها   تأتي  لقلبي  فرحةٌ

مِن  كلِّ  عامٍ   في  ربيعٍ   يُسفِرُ


أهدي  لها   قلبي   وروحي  كلّما

يأتي   لها    عيدٌ    كنورٍ    يُبهِرُ


قد  فارقتْ  روحي  بيومٍ  أسودٍ

ماجاءَني    يومٌ    كهذا    يقهرُ


نارٌ  بقلبي كيف  أمضتْ   عمرَها

مِن  تحتِ  قبرٍ  في  ترابٍ  تُطمرُ


الحزنُ في  قلبي  سيبقى  مؤلِماً

في  ذِكرِها  إنّي  سأبقى   أشعرُ


يشتاقُ  قلبي  نظرةً  في صورةٍ

دمعٌ  عليها  مِن  عيوني   يمطرُ


ماغابَ عنّي  في حياتي  ذكرُها

في كلِّ فجرٍ مِن  صباحي  أذكرُ


أدعو  لها  مِن  عندِ  ربّي  رحمةً

في  جنّةٍ    تحيا   حياةً    تُزهرُ

          الشاعر والكاتب

            سمير الفرج


الاثنين، 22 مارس 2021

دراسة نقدية للشاعر/ معروف صلاح أحمد /لقصيدة الشاعر أبو محمد الحضرمي بعنوان /لا تتركيني

 معروف صلاح أحمد 

شاعر الفردوس يكتب :

( دراسة نقدية )

 عن نص الشاعر اليمني / أبي محمد الحضرمي أحمد عاشور جمعان ، والذي عنوانه : ( لا تتركيني أحتسي اليأس معلنا عن وفاتي )

...........    .............   ..............

نص الاشتغال :

  لا تتركيني أحتسي اليأس معلنا عن مماتي .

......................................

أشعليني من نار وجدِك إنّي

قَبَسٌ قَدْ خَبا مِنَ الأزَمَاتِ

يهدمُ الحزنُ بعضَ قصرِ حنيني

ويعيقُ الأسى خُطا كَلِمَاتي

كلّما رمتُ أنْ أغَنّيك عشقاً

يطعنُ الخَطبُ - عابسا  -  دندناتي

فيجفُّ المدادُ قهراً وتبكي

أحرفي في مهامهِ الحَسَراتِ

أحتويكِ فيحتويني عذابي

ودموعي تسيلُ في شذراتي

ضائع الفكرِ بين شوقي وحزني

حائرٌ بين صحوتي وسباتي

مزّقتني مصائب العصرِ لمّا

صغتُ بالطهرِ - حالما - أمنياتي

أقبلي من متاهتي اعتذاري

إنّ عجزَ المقلِّ يغتالُ ذاتي

إنْ أكُنْ قد خذلتُ نجواي فيكِ

فلأنّي سجينُ في ظلماتي

فخذيني من آهتي واحضنيني

وانبتيني في الصفوِ بالبسماتِ

واقرئي لي منابتَ الشوقِ عَلّي

أمتطي ثورةً تعيدُ ثباتي

أنتِ صدري الحنونُ لا تتركيني

أحتسي اليأسَ معلناً عن مماتي

بقلم / ابو محمد الحضرمي 

احمد عاشور جمعان قهمان

سيئون - حضرموت - اليمن .

...............     .............   ............

الدراسة :

** عنوان النص  : **

( لا تتركيني أحتسي اليأس معلنا عن مماتي ) ، ليس هذا العنوان الطويل غريبا عن أبيات القصيدة أو أتى به الشاعر من خارجها بل على العكس تماما هو جزء مهم وصميم وأصيل فيها مقتطع منها أو مقتطف ومجتزأ من البيت الثاني عشر ( ١٢ ) على وجه التحديد آخر بيت بالقصدة : ( أنت صدري الحنون لا تتركيني .. احتسي اليأس  معلنا عن مماتي ) على عادة الشعراء القدامي منذ العصر الجاهلي حتى المدرسة الإحيائية لم يكن الشعراء يعنون بوضع عنوان القصيدة أو يعنونون لقصائدهم أو يضعون لقصائدهم أو دواوينهم عناوينا .. إنما  كان يكفيهم أن يقولوا ديوان شوقي أو حافظ أو البارودي أو ديوان عنترة أو السموأل وهم يقصدون بذلك كل أعماله الكاملة ، أو يقولون مثلا قصيدة الحمى للمتنبي أو قصيدة الربيع لأبي تمام .. الخ ، وكان يكفيهم أن يقولوا قال الشاعر  يصف كذا .. أو يفخر بكذا .. وكانوا يسمون قصائدهم بسم الروي : ( الحرف الأساسي الغالب المسيطر على قافيتها )  فيقولون : سينية البحتري أو لامية العرب للشنفرى أو يقولون البردة للبوصيري وفي المعارضات يقولون مثلا نهج البردة لشوقي أو يقولون القصيدة التي بدأها الشاعر بقوله كذا .. فوضع عناوين القصائد يعد إنجازا من إنجازات المدرسة الرومانسية منذ مطران  ، ومنذ مدرسة الديوان بقيادة العقاد وشكري والمازني..

ولقد لفت انتباهنا ، ورعانا وأهمنا طول العنوان الذي اختاره الشاعر لقصيدته ، فيجب أن نعرف أن من الشروط الواجب توافرها في عنوان القصيدة منها ألا يكون طويلا مملا أو يكون زائدا عن الحد المطلوب كلمة أو كلمتين ، ولايكن قصيرا مخلا ، لا يلم بفكرة القصيدة ، بل لابد أن يكون معبرا عن مضمون ومغزى وهدف القصيدة  ومحتو على فكرتها الرئيسية ، والمعبر عنها بحق حتى يمكن اختزال القصيدة كلها تحت هذا  البند أو العنوان الذي يختاره الشاعر الجيد لقصيدته المتميزة ؛ لأنه مفتاحها وبدايتها وبوابتها ومدخلها الذي نمرق منه لأبيات القصيدة ، فلابد أن يكون به براعة استهلال فهو عتبة أساسية لها ، وليس عقبة أو صخرة يلقيها الشاعر في وجه القصيدة ، وهو أول ما سيقرأه المتلقي من إبداع الشاعر وسيرسخ في وجدانه وبه ينادي على القصيدة وتعرف به ..  وما يؤخذ على الشاعر هو طول العنوان فكان من الممكن أن يختزله  الشاعر في كلمة واحدة أو كلمتين : ( لا تتركيني ) أو ( أحتسي اليأس ) أو ( ما زلت أعيش ) أو ( معلنا عن حياتي ) ، فالشاعر أمامه مستقبل زاهر ومشرق وباهر ورسالته الشعرية لم تنته بعد ؛ حتى نراه منذ اللحظة الأولى التى تقع عينانا على قصيدته ، نراه يعلن عن مماته من مجرد تجربة حب رومانسية قتلتها الظروف ، حاشاه شاعرنا من احتساء الأسى وإعلان الممات ، فأمام شاعرنا العمر المديد بإذن الله ، وأمامه رسالته النبيلة فليؤدها على أكمل وجه ممكن ، ولكن الشاعر اقتطع العنوان قطعا من آخر بيت ووضعه رمزا للقصيدة وعلما عليها ، فكيف يعلن الشاعر عن مماته في أول القصيدة وهو أمام مهمات جسيمة ؟؟ ولابد أن نعلم أن هذا العنوان أعلن عن احتياج الشاعر لحبيبته ، أعلن عن حب الشاعر لمحبوبته التي لا يستطيع الاستغناء عنها لدرجة أنه يطلب منها وينهاها ألا تتركه ( لا تتركيني ) ، ولابد أن تمنعه عن تجرع واحتساء اليأس وفقدان الأمل ، هل الشاعر ضعيف إلى هذه الدرجة حين يطلب من محبوبته ألا تتركه يحتسي اليأس ؟ ويكأنه ينال من الخمر التي ستذهب عقله حتى ينسى ما يريد ، وحتى يصل به الأمر فيعلن عن مماته ، وليس وفاته ، لأن الممات حقيقي والوفاة معنوية والنوم وفاة ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ، ويعلم ماجرحتم بالنهار ) آية ٦٠ من سورة الأنعام ، وكذلك الآية ٤٢ من سورة الزمر تقول : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .. (42 : الزمر ) ، والوفاة رفع بعده إنزال .. يقول الله على لسان عيس (  ولما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) سورة المائدة أية ١١٧ ،  أما الممات فبعده بعث يقول الله واصفا حال العزير ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) سورة البقرة آية ٢٥٦ . والممات يلزمه قبر يقول الله : ( ثم أماته فأقبره ) سورة عبس أية ٢١ . 

هذا هو الفرق الجوهري بين الموت والوفاة ....  أسعد الله شاعرنا بحياته حتى يتم ويتمم رسالته كاملة ، أما هذه التجربة فهي مجرد قصة حب فاشلة نتيجة تكاليف وأعباء وضغوطات الحياة ، ومثلها مثل عشرات التجارب التي حدثت وتحدث ولن تتوقف عن الحدوث وسيعيش شاعرا بحرفه بإذن الله ملكا وأميرا ومتوجا وسنراه لا يحتسي اليأس ولا الشقاء ، ولن يعلن عن موته حتى تكتمل رسالته الشعرية فمال زال في جعبته الكثير والكثير ليقدمه لنا ، وما لانت قناته ، وما فرغت من حروف الشعر  حقيبته ، ولا نضبت ينابيعه ، ولا بعدت سهام كنانته عن المرمى ... سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58 ياسين ) لك شاعرنا متعك الله بالعمر المديد وحباك الصحة والعافية.

* غرض النص ومناسبة القصيدة : *

من العنوان ومن حروف القصيدة ، ومن بعد الاطلاع عليها نستطيع أن نستشف وندرك أن غرض القصيدة  وموضوعها الأساسي يمكن فهمه في إنها تحكي لنا عن قصة حب مأساوية وأحداثها حقيقية و( واقعية ) ترفع الزمن على أن تكتمل قصتها بالروعة والسعادة والزواج بل جحد وبخل وما جاد بلم الشمل ، فقد فترت أحداث قصة الحب هذه وجفت مع  الأيام بسبب هموم ومتاعب ومشاغل وضغوطات الحياة ، وبسبب مشكلاتها الاقتصادية ومشاكلها الاجتماعية وبسبب الأمور المادية المتفاقمة  والمعقدة مما أدى إلى تناثر عاطفة الشاعر الجياشة الضائعة بين الفقر والمر والحنظل ، وما نتج عنه من الأزمات المتكررة المتوالية المنغصة والمتلاحقة بسبب كدر هموم الحياة وغلظة أعبائها ، فكيف تشكلت قصة الحب هذه عبر الزمن ؟؟ هذا ما يخبرنا به النص وتحدثنا عنه الأبيات ، وجدير بالذكر أن النص عبارة عن ( رسالة موجهة ومقصودة ) من الشاعر لحبيبته أو غيرها .. ، 

وهذا يذكرنا بقصيدة ( أنا وليلى ) للشاعر  ، ويجعلنا نقوم بمقارنة أو موازنة بين قصيدة شاعرنا وقصيدة الشاعر حسن المرواني ( أنا وليلى ) أو وضع مقتطفات من القصيدتين بجانب بعضهما فيتضح التوافق في أسباب كتابة القصيدتين وموضوعهما ومضمونهما ومغزاهما .

**موازنة ومقاربة بين القصيدتين: ** 

١- أولا: قصيدة ( أنا وليلى ) التي كتبها الشاعر العملاق/ (حسن المرواني) من ميسان العراق على بحر البسيط ، والتي تحكي عن قصة حبه لليلى في كلية الآداب ، قسم اللغة العربية ، جامعة بغداد ، حين فوجىء غدرا بخطبتها في السنة الدراسية الثالثة ، وضياع حبه بسبب فقره مع اجتهاده وتفوقه العلمي ،  ولقد استطاع قدرا  عن طريق أحد أصدقائه المشتركين بينه وبين حبيبته أن يلقى القصيدة أمامها ليلة زفافها في مقصورة صولجان عرسها ( الكوشة ) عام ( ١٩٧٩ م) ، فبكت بحرقة وألم حينما مسك الميكرفون وقال : ( ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتي واستسلمت لرياح اليأس راياتي .. )، وبكى هو بوله ووجع ومرارة ، وغادر الحفل وغادر العراق كله هربا من قصة حبه الضائع ، وسافر إلى الإمارات وعمل بالتدريس معلما للغة العربية ، وحين وقعت أبيات هذه القصيدة في يد كاظم الساهر ظل ( كاظم ) يبحث عن صاحب هذه الأبيات لمدة (٥) خمسة سنوات كاملة حتى يستطيع أن يغنيها لدرجة أنه نزل إعلانا في الجرائد للبحث عن صاحب قصيدة ( أنا وليلى ) حتى وجده واستطاع كاظم الساهر أن يغنيها بكل أحاسيسه ومشاعره انتقى منها ( ٣٠ ) ثلاثين بيتا من أصل ثلاثمائة وخمس وخمسين ( ٣٥٥ ) بيتا ، استطاع كاظم أن ينقلها للخلود عبر صوته المنمق ولحنه الجميل المرونق ، والتي نقتطف منها هذا الجزء أو المقطع الذي يتفق مع موضوع وغرض قصيدة شاعرنا الرائع يقول حسن المرواني في قصيدته : ( ماتت بمحراب عينيكِ ابتهالاتي .. واستسلمت لريـاح اليـأس راياتـي 

جفت على بابك الموصود أزمنتي .. ليلى .. ما أثمرت شيئـاً نداءاتـي 

عامان ما رف لي لحنٌ على وتر .. 

ولا استفاقت على نـور سماواتـي

 أعتق الحب في قلبي وأعصره .. فأرشف الهـم فـي مغبـر كاساتـي

 ممزق أنـا لا جـاه ولا تـرف .. 

يغريـكِ فـيّ فخلينـي لآهاتـي

 لو تعصرين سنين العمر أكملها .. لسال منها نزيـف مـن جراحاتـي

 لو كنت ذا ترف ما كنت رافضة حبي .. لكن عسر فقر الحال مأساتـي

فليمضغ اليأس آمالي التي يبست .. وليغرق الموج يا ليلى بضاعاتي 

عانيت عانيت لا حزني أبوح به .. ولست تدرين شيئاً عـن معاناتـي ) ، ولجمال هذه القصيدة علقت على جدار جامعة بغداد .

*** ٢- ثانيا قصيدة شاعرنا : ***

نص الاشتغال :

العنوان ( لا تتركيني احتسي اليأس 

معلنا عن مماتي ) .

.....................................

أشعليني من نار وجدِك إنّي

قَبَسٌ قَدْ خَبا مِنَ الأزَمَاتِ

يهدمُ الحزنُ بعضَ قصرِ حنيني

ويعيقُ الأسى خُطا كَلِمَاتي

كلّما رمتُ أنْ أغَنّيك عشقا

يطعنُ الخَطبُ - عابسا  - دندناتي

فيجفُّ المدادُ قهرا وتبكي

أحرفي في مهامهِ الحَسَراتِ

أحتويكِ فيحتويني عذابي

ودموعي تسيلُ في شذراتي

ضائع الفكرِ بين شوقي وحزني

حائرٌ بين صحوتي وسباتي

مزّقتني مصائب العصرِ لمّا

صغتُ بالطهرِ - حالما - أمنياتي

اقبلي من متاهتي اعتذاري

إنّ عجزَ المقلِّ يغتالُ ذاتي

إنْ أكُنْ قد خذلتُ نجواي فيكِ

فلأنّي سجينُ في ظلماتي

فخذيني من آهتي واحضنيني

وانبتيني في الصفوِ بالبسماتِ

واقرئي لي منابتَ الشوقِ عَلّي

أمنطي ثورةً تعيدُ ثباتي

أنتِ صدري الحنونُ لا تتركيني

أحتسي اليأسَ معلنا عن مماتي .

أبو محمد الحضرمي )

............................................

وعلينا أن نلاحظ أن كلا الشاعرين بدأ قصيدته بالحديث عن الموت قصيدة شاعرنا ( الحضرمي اليمني ) جاء في عنوانها : لا تتركيني احتسي اليأس معلنا عن مماتي .. وقصيدة الشاعر ( المرواني العراقي ) بدأت ( ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتي .. واستسلمت لرياح اليأس راياتي .. ) والفرق واضح بين الموتين وإن اتفق السبب والمغزى والمضمون والمعالجة الموضوعية في كلا القصيدتين .. ولا نخوض في مقارنة بين القصيدتين فالشىء بالشىء يذكر ويحس ويتضح  تلقائيا ، وبالمقارنة بين الألفاظ والجمل والعبارات والمعاني والأسلوب يتضح ما بهما من جمال و ألق وتميز وإبداع .

** الشاعر والقصيدة  

و(حداثة النص) : **

 ١- النص متداول على كثير من المواقع والمنتديات والمجلات ، وموثق باسم شاعرنا ، وقد صبغه بطابعه ، والشاعر على يقين تام أن الناس لابد أن تحترم وتقر بالملكية الخاصة للنصوص والأعمال الأدبية ، وحقوق ملكية الفكر الأدبي ، وحق الانتفاع الأدبي ، وحق الانتفاع والأداء العام ، ويجب أن تفعل هذه القوانين لحماية مثل هذه النصوص من عبث السراق والسارقات ومحترفي سرقة النصوص ونسبها ونسبتها إلى ملك أنفسهم زورا وبهتانا ، ومنذ القدم ظهر مبحث السرقات الأدبية في الأدب العربي القديم والحديث على حد سواء ، ويخطىء من يظن أن مبحث السرقات الأدبية مبحث جديد ... 

بل على العكس تماما هذا المبحث متداول على مر العصور المختلفة ، فكثيرا ما نرى سرقة للنصوص المتميزة ، وتنسب لغير قائليها أو مبدعيها ومؤلفيها الأصليين ونحن نقرأ أن النص الذي بصدده الدراسة نص متميز لشاعرنا.

٢- الشاعر لا ينتمي لمدرسة أدبية معينة أو محددة أو ينتمي لاتجاه فكري معين يحسب عليه ، فقد يكتب شاعرنا الشعر العمودي ( كما هو حادث في النص الذي نحن بصدده الآن ) مع محاولة التجديد في الصور والتراكيب والأخيلة ، و شاعرنا نراه يحبذ السير في ركب الحداثة وما بعد الحداثة من تطور ، فنراه مرات يكتب الشعر الحر ، ومرات يكتب شعر التفعيلة ، ومرات نراه يكتب قصيدة النثر وقصيدة السرد ، فالشاعر يأخذ من كل المدارس الأدبية المختلفة ثم يصبغ ما يكتب بأسلوبه الخاص ، ويضفي وينمق ما يكتبه بشتى صور التجديد و أسلوبية البلاغة الحديثة وعلم النحو التركيبي ، والبلاغة والخطاب ، وتجديد النص حتى نستطيع أن نطلق عليه أنه ( يجمع بين الأصالة والمعاصرة ) .

٣- وفي رأي الشاعر أن التجديد أو الحداثة أو التحديث في الكتابة لا يقتصر على شكل النص الأدبي الشعري فقط ، ولا يصب التجديد في القالب والشكل الطباعي فحسب بل لابد أن يكون التجديد في القلب والمضمون والهدف والمغزى ، وليس الشكل فقط عن طريق الإتيان بالصور الرائعة المستحدثة والأخيلة المبتكرة والأساليب النموذجية  المتنوع  والمبهرة ، والبعد عن النمطية، ولابد أن تكون الكتابة بألفاظ نابضة حية معاشة تصب في النهاية تجاه غايات وأهداف شعرية ومجتمعية محددة ، ففي النهاية الشاعر لا يكتب في فراغ ولا يكتب لنفسه فقط فلابد من وجود رسائل شعرية موجهة في الحياة يخاطب بها ناس أحياء الشعر عندهم  بدهي جزء مهم ومنتج وفعال ومؤثر في الحياة التي نعيشها ونحياها بكرامة إنسانية.

٤- النص: ( القصيدة  موضوع حديثنا اليوم ) لايمكن قوقعتها فقط في قصة حب ضائعة أو فاشلة بين اثنين أو في قصة حب فترت عبر الزمن نتيجة الأزمات المادية الطاحنة أو الفواجع الاقتصادية والمالية المبالغ فيها والتي ينتج عنها عسر وضيق الحال فقط بل يتجاوز النص ذلك النسق المهيمن والمسيطر بل يمكن أن يشرح النص ( القصيدة ) في نسق أعلى من نسق المرأة ( الحبيبة ) إذا اعتبرنا أن المرأة ( الأنثى ) هي من يتخلق فيها وبداخلها الحياة أو تولد وتنبثق وتندفع من رحمها الحياة أو يخرج من حناياها ( الإنسان كجنين وزيجوت ) ، وتخرج من جوف قلبها النابض الأحاسيس والمشاعر فهي في النهاية ( رمز للحياة ) ، ويمكن أن تشرح القصيدة في نسق ثالث أعلى من نسق المرأة (الحبيبة  المتيمة بحبيبها )  إلى رمز وأيقونة ( للأرض والوطن )  فقد يمتد النص إلى حب غير المرأة إلى حب الأرض وعشق الوطن بترابه ورماله وصحاريه قبل ربيعه وسنديانه وبلسمه في زمن أجرب كثرت فيه المآسي والمشاق ، وتخلى كثير من الناس فيه عن منظومة الأخلاق والقيم والمثل و العروة الوثقى في المدينة الفاضلة.

** شرح أبيات القصيدة : **

١- بدأ الشاعر عنوان قصيدته طالبا من حبيبته ألا تتركه يحتسي ويتجرع اليأس ، ولا تتركه يعلن عن مماته ، ويفاجئنا في البيت الأول بقوله لها : ( أشعليني ) وأوقدي في النار ولكنها نار مختلفة نار الوجد وليست نار الاحتراق فإن للشاعر نور وهدي ، وضياء وقبس وجذوة قد انطفأت وخمدت وخفتت معالمها بسبب الأزمات المادية والاقتصادية وغيرها

٢- وفي البيت الثاني يصرح شاعرنا بأن الحزن يهدم بعض قصور حنينه ويمنع ويحول ويعوق الأسى خطى كلماته لحبيبته ....

٣- ويكمل في البيت الثالث شاعرنا باستخدام ( كلما ) التي تفيد التكرار والاستمرار فيقول : بإنه رام وأراد أن يغرد عشقا ويعتني بحبيبته ، ويغنيها في قصائده كلحن جميل ومعان رائعة تليق بها ، فيفاجئه وخز ووفر وتكرار الأحداث بالطعنات والشدائد وتشغله المتاعب والخطوب وتصده المصائب عابثة ولاهية بدندناته وبنشيده وبأغنياته وكلماته وأشعاره البراقة.

٤- وينتج عن ذلك في البيت الرابع أن المداد والوصال لحبل حبيبته يقطع ويجف حبر الوصول بالعسف والقهر والظلم وينفك عقد المحبة فلا تصل كلماته لمحبوبته فتبكي أحرف شاعرنا ضيقا وألما وتبرما ، وتحوطه من كل مكان الحسرات وتلاحقه جادة بحدة البين والفراق والبعاد.

٥- فيحاول الشاعر في البيت الخامس أن يحتوي محبوبته فيحتويه العذاب وتسيل وتنزل وتذرف دموعه وتصب صبا في شذرات كلامه المنمق الجميل والمزين والمذهب والمطلى بالشعر وصرح بعيوبه ومنها ( الفقر والعوز ) ، وحدث فعلا التفرق والتشتت وبعد ما بين الشاعر وحبيبته من حب ووله وغرام  وهيام وصار الحب مذاهب شتى ، وكأن الشاعر العملاق بعظمته ومحبوبته الأنيقة الرقيقة بلطف شغف جمالها كانا خرزات في عقد متين ، وانقطع سلك الوصال  بينهما ، وانفرطت تلك الخرزات ، وكأن الشاعر وحبيبته كانا قطعتين من الذهب الخالص الإبريز متصلتين وتم القطع بينهما والبتر ، فالشاعر موفق جدا في كلمة ( شذراتي ) التي تحمل معان عدة وعديدة وأنيقة .

٦- وفي البيت السادس يؤكد الشاعر على ضياع نفسه وضياع حبه فلقد أصبح ضائع الفكر بين شوقه وحزنه ، حائر بين نومه وسباته بين يقظته وأحلامه بين حركة شعره وشعوره وسكونه وخرسه وسكوته ، بين ضياع حبه وكثرة أشجانه وهمومه.

٧- وفي البيت السابع يصرح الشاعر تصريحا مباشرا بقوله : ( مزقتني مصائب العصر .. لما صغت بالطهر حالما أمنياتي ) فالأمور المادية ضيعت أحلامه وأمنياته وما أراده .

٨- وفي البيت الثامن يطلب من حبيبته أن تقبل ( كطيف حلم وخيال جميل وبديع) ، وتقبل منه اعتذاره فما زال الشاعر يعيش في ( متاهة ) الضيق وعسر الحال ويؤكد ذلك بقوله : ( إن عجز المقل يغتال ذاتي ) فنظرة العين عاجزة وكل يوم نفس الشاعر تغتال ألما وحسرة ولايستطيع أن يفعل شيئا ينقذ حبه من الضياع .

٩- وفي البيت التاسع يستخدم الشاعر ( إن ) التي تفيد الشك في محاولة لتبرير موقفه أنه لا ذنب له في أن الله قد خلقه فقيرا فقال : ( إن أكن قد خذلت نجواي فيك فلأني سجين في ظلماتي ) والنجوي : إظهار مافي القلب من أسرار وعواطف نحو قوله تعالى : ( وإذ هم نجوى ) سورة الإسراء جزء من الآية رقم ٤٧ ( أي يتناجون فيما بينهم بأمر النبي ) ، وهذا يدل على تأثر الشاعر بالقرآن الكريم وسعة ثقافته ومعرفته الدينية ، والشاعر هنا يصرح أن سبب خذلان نجواه وحديثه الصامت الخافت لحبيبته أنه فقير مسجون معنويا ويعيش في ظلمات.

١٠ - وفي البيت العاشر يطلب من حبيبته باستخدام حرف ( الفاء ) الذي يفيد التعقيب والسرعة أن تخلصه من وجعه وآلامه ومن آهته ( فخذيني من آهتي واحضنيني ) ، ويطلب منها أن تنبته كحبة وتزرعه في الصفو والسعادة والسمو والابتسام وتبعده عن الكدر والمنغصات والمضايقات فيقول : ( وانبتيني في الصفو بالبسمات ) ويشبه نفسه في نضارته وشبابه بالزرع والنبات والصفو والصفاء بالتربة والأرص .

١١- وفي البيت الحادي عشر يطلب من حبيبته أن تقرأ له منابت الشوق وكلام الحب والعشق حتى يجد السبب والعلة التي من أجلها يثور ويصحو ويستيقظ من أحلام ويقظته ومنامه ويفيق من أحلام الخيال ويمتطي صهوة الجد والتعب والكسب والعيش والغنى ، ويتخلص من الفقر والعوز والاحتياج ( واقرئي لي منابت الشوق علي امتطي ثورة تعيد ثباتي ) ،

 ١٢- وفي البيت الثاني عشر يغلق الشاعر قصيدته ويقفلها بخاتمة يقول فيها : ( أنت صدري الحنون ) ، وكما بدأ عنوان القصيدة يختم بتلك الجملة الجذرية المحورية مفتاح القصيدة ونهايتها ( لا تتركيني احتسي اليأس معلنا عن مماتي).

*** الصورة الكلية للقصيدة ***

 لقد ظهر مجمل القصيدة في شاعر محب ضعيف يطلب من حبيبته بإخلاص أن تشعله بنار الحب حتى يعمل بجد واجتهاد وحتى يتخلص من أزماته المادية المتكررة ، وحتى لا يضيع حبه على مر الأيام وحتى لا تخفت نار الحب وتخبو ، ويتفرق الأحباب في متاهة الفقر ، واستطاع أن يرسم لنا لوحة جدارية تعلق على الحائط أو الجدار حيث جعل من كلماته ألوانا وخطوطا وصورا وشخوصا وخيوطا وظهرت كالتالي  :

 ١- شخوص وأجواء وأجزاء اللوحة في : ( شاعر فقير محب مخلص - محبوبة غنية مترفة أو فقيرة مغلوب على أمرها تتركه وتتزوج - و قبس من نار تخبو - وقصور من حنين وشوق تهدم - وحزن ولوعة وحسرة وأسى -  وقهر ودموع تسيل - وفكر ضائع وأزمات مالية طاحنة - ومصائب تمزق الشمل - وعيون عاجزة زائغة حائرة المقل - وظلمات وسجن - وأمنيات صفو وابتسام - واحتساء يأس - وإعلان ممات للشاعر المحب العاشق المستهام ).

٢- وظهرت خيوط اللوحة في: ( صوت ولون وحركة ) استطعنا أن نرصد منها :

 ١-  الصوت : ومن الكلمات الدالة على الصوت ( كلماتي - أغنيك - دندناتي - قهرا - تبكي - أحرفي - حالما - نجواي - ثورة - بسمات - اقرئي - معلنا - اعتذاري - اقبلي -  يغتال - آهتي- مماتي .... ) ثمانية عشر ( ١٨ ) كلمة

 ٢- اللون :  ومن الكلمات الدالة على اللون ( نار - قبس - قصر - المداد - المقل - متاهتي - شذراتي - ظلماتي - صدري  - انبتيني - منابت - صغت.. ) اثنتا عشرة ( ١٢ ) كلمة.

٣- الحركة : ومن الكلمات الدالة على الحركة ( أشعليني - خبا - يهدم - يعيق - خطى - رمت - يجف - يطعن - عابسا - تحتويك - تحتويني - دموعي - تسيل - ضائع - حائر - مزقتني - صغت - عجز - سجين - خذيني - ثورة - تعيد - ثباتي -  بسمات - احضنيني - امتطي - تتركيني - سباتي - صحوتي - احتسي -  يغتال - متاهتي - انبتيني - ثباتي - مماتي.. ) خمسة  وثلاثون ( ٣٥) كلمة.

والنسب على التوالي هي :  حركة ٣٥ :  صوت ١٨ : لون ١٢ ) بحيث تغلبت كلمات الحركة على غيرها من الصوت ونداءات وكلمات وطلبات الشاعر المتكررة لمحبوبته ، ومن اللون الذي دل على الحسرة والقهر والسجن والسواد والبكاء والدموع مما يعني فعلا وحقيقة عجز الشاعر وفقره واحتاجه وكثرة الأزمات المالية التي فرقت بين الشاعر وحبيبته ؛  ولذلك جاءت كلمات الحركة لتدل على السعي الدائم من الشاعر وكثرة محاولاته وصدقه في الاحتفاظ بمحبوبته وفعلا لم يستطع فعل ذلك ، كما دلت على كثرة حركته لتغير من وضعه المالي المتأزم ...

** الوحدة العضوية في القصيدة : **

هل استطاع الشاعر أن يحقق الوحدة العضوية والفنية في القصيدة ؟؟ نعم استطاع الشاعر ذلك وبكل جدارة حتى جاءت كلماته وألفاظه وعباراته وجمله ( كملحمة ومأساة واحدة ) متسقة مع موضوع القصيدة ، ودلت فعلا على عاطفته الجياشة الصادقة جوهريا وواقعيا وحقيقة وصدقا ، وكشف النقاب عن صدق التئامها الواقعي مع صدق الشاعر الفني وطريقة كتابته وأسلوبه حيث امتزجت عاطفته بفكره ومضمونه حيث شعر الشاعر بعقله ، وفكر بقلبه ووجدانه ، فكتب ما أحس وما وعاه بعقله وقلبه ، و ما فكر فيه بقلبه ووجدانه ، فهو شاعر يعرف ما يكتب ، ويكتب ما يعرف وما يحس وما ينبض ؛ ولهذا السبب وجدنا القصيدة كالكائن الحي كل لفظ فيها يؤدي معنى معين شريف ونسيب كأعضاء الجسد الواحد كل عضو فيه يؤدي وظيفته المنوطة به على أتم وأكمل ما يكون ؛ ولذلك نجد في القصيدة نزعة إنسانية عالية ومشترك إنساني كبير في جعبة وكنانة وحقيبة ومنظومة القيم والمباديء والمثل التي يتبتدناها الشاعر، وبهذا استطاع  أن يحول تجربته الخاصة الذاتية لتجربة شاملة وعامة ومحورية ، والقصيدة أظهرت تجربة الشاعر الشخصية ومعاناته لفقدان محبوبته وضياع حبه عبر الزمن واستطاع أن يحولها لقصة تحكى وتروى وتقص في كل زمان ومكان وعبر الحدود  والأمومة والمسافات وتنوع البلدان ؛ ولهذا نستطيع أن نقول : إن قصيدة الشاعر صالحة للترجمة من لغة لأخرى ، وصالحة لكل زمان ومكان ؛ لأن بها منتزع عاطفي ، ومحتوى ثقافي ، وبعد اقتصادي ، ومشترك إنساني ذاتي ونزعة عامة شاملة ذات مضمون محدد ، ورسالة موجهة) .

*** الزمن في القصيدة : ***

ينقسم الزمن في القصيدة إلى ثلاثة أقسام : ( ماض - مضارع - أمر ) ، ومن المعلوم جيدا بالضرورة أن الزمن الماضي حدث وانتهى ويفيد التحقق والتثبت والتوكيد والاستقرار ، ولقد جاء به الشاعر في قصيدته أربع ( ٤ ) مرات فقط مما يعني أن الشاعر لا يلتفت إلى الماضي ، ولا يعول عليه وما حدث من أفعال أو ما حدث من تصرفات في الماضي لايقف عندها الشاعر كثيرا ، ومن طبيعة الشاعر الا يركن للقديم ، ولا يتمسك بما فات فما فات مات ، ومن الكلمات الدالة عليه ( خبا - رمت - مزقتني - خذلتني ). 

 ٢- الزمن الأمر  : الذي يدل على الحث والطلب والتمني فكم طلب الشاعر وتمنى من حبيبته طلبات كثيرة شعرنا معها بضعف موقفه وصدق حبه وتمسكه بها لدرجة أنها صارت البلسم والشفاء والملاذ والملجأ والمشير له في كل حياته ، ولو تركته لمات ، ومنها : ( أشعليني  - أقبلي - فخذيني - احضنيني - انبتيني - اقرئي ) ستة ( ٦ ) أفعال  للأمر .

٣- الفعل المضارع الذي يفيد التجدد والتتابع والاستمرار في الحب الذي ما زال يخبو مع مرور الزمن ، ومن الكلمات التي تدل عليه (  يهدم - يعيق - تعيد - أغنيك - يطعن -  يجف - تبكي - أحتويك - يحتويني - تسيل - يغتال - أكن - أمتطي - تتركني - أحتسي ) خمسة عشر (١٥) كلمة ، وعليه تكون نسب الأفعال في القصيدة  : (  الماضي٤ : والأمر ٦ :  والمضارع ١٥ )  ( ٤ : ٦ : ١٥ ) فعلا بالتمام والكمال والغلبة للمضارع وما يعيشه الشاعر وما عليه الآن.

*** الموسيقا في القصيدة : ***

 تنقسم الموسيقا في القصيدة إلى قسمين اثنين لا ثالث لهما : أولهما 

١- ( موسيقا جلية واضحة وظاهرة في  أربعة عناصر ١- الوزن ٢- حسن التقسيم ٣- الجزاء الناقص ٤- القافية برويها ونوعها وحروفها ) ،

 وثانيهما : موسيقا خفية داخلية نابعة من تناسق الكلمات وتناغم الحروف وهارمونية الجمل والعبارات ، وكلها تعطي جريا موسيقيا تستريح له الأذن ، ويشد ويلفت انتباه السامع ، ويجذب الذهن ويحض على التفكير لما سيقال ، وستعرض

أولا الموسيقا الخارجية الواضحة الجلية ومنها :

١- الوزن :  إن البحر الي كتبت عليه القصيدة وصيغت هو بحر الخفيف وتفعيلاته : ( فاعلاتن/٥//٥ /٥ سبب خفيف ووتد مجموع وسبب خفيف) ، ( مستفع لن /٥ /٥/ /٥ سبب خفيف ووتد مفروق وسبب خفيف ) ، ( فلاعلاتن/٥ //٥ /٥ سبب خفيف ووتد مجموع وسبب خفيف ) مضروبة في (٢) أو مكررة مرتين في صدر البيت مرة وفي عجزه مرة بحيث تتكرر فاعلاتن أربع مرات وتتكرر مستفعلن مرتين في كل بيت من أبيات القصيدة ، وضابط بحر الخفيف هو : ( ياخفيفا ألحاظكم فاتكات .. فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن ) ، ومفتاح هذا البحر هو : 

( يا خفيفا خفت به الحركات ... فاعلاتن ، مستفع لن ، فلاعلاتن ) ، فهو ليس من البحور الصافية أحادية التفعيلة بل من البحور المركبة ، ولقد استخدمه الشاعر بصورته المثالية العروض صحيحة  ( فاعلاتن ) وضربها مثلها صحيح ( فاعلاتن ) ، ولقد استخدم شاعرنا في هذا البحر من الجوازات ( الزحافات ) ما يلي :

١- زحاف ( الخبن ) وهو : حذف الثاني الساكن من السبب الخفيف بحيث تصبح فاعلاتن ( فعلاتن ) وتصبح مستفعلن (متفعلن) لتسريع التفعيلة ، و الشعور بنبض الحب القائم في حنايا ضلوعه ولكسر نبرة الحزن والأسي والقهر والحسرة المسيطرة عليه. وزحاف الخبن الذي استخدمه الشاعر في كل البيت صدره وعجزه وحشوه وعروضه وضربه مستحسن ولا يجب أو يلزم تكراره في كل بيت فهو متناثر بين ثنايا أبيات القصيدة .

٢- استخدم الشاعر زحاف( الكف) ألا وهو : حذف السابع الساكن من تفعيلة ( فاعلاتن ) فتصبح ( فاعلات ) وهذا الحذف مقبول في هذا البحر ولقد استخدمه الشاعر مرتين اثنتين في موضعين مختلفين هما : ( أحتويك 

/٥ //٥/ ) في البيت الخامس فلا إشباع في حرف الكاف ولا يجوز ومن الخطأ الإتيان في الشعر الفصيح بضميرين متتالين هما : ( كاف المخطابة ، وياء المخاطبة المؤنثة هكذا ( احتويكي ) ، والموضع الثاني هو ( وايفيك ) في البيت التاسع فلا إشباع الكاف ولا يجوز ومن الخطأ الإتيان في الشعر. الفصيح بضميرين متصلين هما : ( كاف الخطاب وياء المخاطبة المؤنثة ) هكذا ( وايفيكي ) . والشعر موفق جدا ومتميز في عنصر الوزن .

٢- أما عنصر التصريع فلم يصرع الشاعر بقصيدته في البيت الأول وهذا ليس بعيب .

٣- أما عنصر حسن التقسيم فلمحناه في قول الشاعر : ( شوقي وحزني ) ،( صحوتي وسباتي ) ، ( قصر حنيني ) ، ( خطا كلماتي ) ، ( عابسا دندناتي ) ، ( حالما أمنياتي ) ( يغتال ذاتي ) ، ( أحتويك - أغنيك ) ، ( احضنيني ؛ أنبتيني ) ، ( ضائع - حائر ) .. ٤- أما عنصر الجناس الناقص فقد نجده في قول الشاعر : ( سباتي - ثباتي ) ، ( إن ) حرف توكيد ونصب ( إن ) حرف شك وأداة جزم  جناس حروف ، ( أهاتي - متاهتي ) جناس ناقص وغيرها ... وهو يأتي عفو الخاطر ويدل على أن الشاعر مطبوع وغير متكلف وليس من مدرسة السنة اللفظية رقيق الحس غزير المشاعر يكتب صدقا وبعفوية وبسجية وفطرة.

٥- أما العنصر الخامس من عناصر الموسيقا الخارجية وهو ( القافية )  سنبينه فيما يلي :

من الموسيقا الخارجية :  ٥- القافية :

علم يعرف به أحوال أواخر الأبيات الشعرية من حركة وسكون ولزوم وجواز ، وفصيح وقبيح ، ونحوها وهي مع هذا اسم لعدد من الحروف ينتهي بها كل بيت ، وتعد هذه الحروف من أول متحرك قبل آخر ساكنين من كل بيت( /٥/٥ ) ومكان وجود القافيةالضرب و الضرب  : هو آخر تفعيلة من عجز كل بيت ، وعدد أبيات القصيدة آثنا عشر ( ١٢ ) بيتا ينتج عنها اثنا عشر ( ١٢ ) ضربا ( كلمة أو تفعيلة )

 * وكلمات الضرب هي : *

( أزمات - كلماتي - دندناتي - حسرات - شذراتي - سباتي - أمنياتي - ذاتي - ظلماتي - بسمات -  ثباتي - مماتي ) ينتج منها اثنتا عشرة ( ١٢ )  لفظة صارت قافية هي : (ماتي - ماتي - نأتي - راتي - راتي - باتي - يأتي - ذاتي - ماتي - ماتي -باتي - ماتي ) ولقب هذه القافية ( المتواتر ) : وهي كل لفظ قافية فصل بين ساكنيها بحركة واحدة ( /٥/٥) واسم هذه القافية : ( مطلقة مجردة  من ألف التأسيس وصلها ياء مكسورة  ممدودة ، ومردوفة بألف حرف لين  قبل الروي ) وبيان ذلك كالتالي : هي قافية مطلقة بتاء مكسورة 

الوصل : موصولة بياء بعدها مشبعة.

 أما الردف : فهي مردوفة بألف مد لين  قبل الروي.

 أما الروي : فهو التاء المكسورة المطلقة الموصولة بياء بعدها ، ويمكن أن تسمى القافية باسم حرف الروي فنقول : ( تائية أبي محمد الحضرمي ) ، فالروي مطلق وحركة مجراه الكسرة ( المجرى  : حركة التاء المكسورة ) والشاعر موفق فيها جدا.

* ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية : * 

وتنبع من عمق واقتراب واختيار بعض الكلمات ذات حروف متناغمة  مع بعضها البعض ، وكلمات ذات دلالات متناسقة ، فنجد العبارات تتساجم ، والجمل تتراقص في هرمونية داخلية تجذب القارىء ويحث معها بالارتياح فتعجبه كلمات القصيدة ذات الرنين والإيقاع الخفي الذي يصدر من ظاهرة تكرار بعض الحروف والكلمات وهذا ما سنبينه في خصائص أسلوب الشاعر .

*** الأساليب في القصيدة : ***

تنقسم الأساليب في القصيدة إلى قسمين اثنين لا ثالث لهما هما : (أساليب خبرية - أساليب إنشائية ) *١- أولا الأساليب الخبرية : التي تفيد التوكيد والتقرير  وهي جمل عملاقة استخدمها الشاعر في القصيدة  لبين مدى تأثر حالته النفسية والمعنوية ولإظهار الأسى والروعة والضيق والحنين لمحبوبته من مثل : ١- (  قد خذلت نجواي فيك ) أسلوب مؤكد بأداة التوكيد ( قد ) ، وفيه استعارة مكنية حيث شبه النجوى بإنسان يخذل ، وكذلك ٢- ( قد خبا من الأزمات ) أسلوب مؤكد بأداة التوكيد ( قد ) وفيه استعارة مكنية حيث شبه الأزمات بنور يخفت ويخبو وينطفيء شيئا فشيئا حتى يبهت ويتلاشى ويختفي ، والشاعر موفق فيه ؛ لأن  ( خبا من الأزمات ) أفضل من ( خلا من الأزمات ) ، 

٣- ( إني قبس ) : أسلوب مؤكد بإن والضمير ياء المتكلم اسم ( إن ) منصوب و( قبس ) خبر ( إن ) مفرد مرفوع ،  وكذلك ٤- ( أن أغنيك ) : أداة التوكيد ( أن ) واسمها الضمير المستتر ( أنا ) المتكلم وهو علم على الشاعر ، وخيرها ضمير الخطاب للمفرد المؤنث ( الكاف ) وهو علم على محبوبته ، وكذلك ٥ - ( إن عجز المقل يغتال ذاتي ) : فأداة التوكيد ( إن ) ، و(عجز ) اسم إن منصوب ، و( المقل ) مضاف إليه ، و( يغتال ) خبر جملة فعلية ، وفيه ( يغتال ذاتي ) استعارة مكنية شبه عجز مقل العيون بإنسان يحمل سيفا ويقتل به ويغتال ذات الشاعر ، وكذلك 

٦- ( فلأني سجين في ظلماتي ) : أسلوب مؤكد وأداة التوكيد ( أن ) ، واسمها الضمير ياء المتكلم علم على الشاعر ، و( سجين ) خبر مفرد مرفوع ، و( في ظلماتي ) جر ومجرور ومضاف ومضاف إليه ، وفيه تشبيه الظلمات بالسجن .

*ومن التعبيرات العملاقة * التي أتى بها الشاعر : ١- ( أمتطي ثورة ) : استعارة مكنية حيث شبه ثورة النفس بظهر ومطية يمتطيها ويركبها حتى تعيد شبابه وثباته في المواقف ، وكذلك ٢- ( منابت الشوق ) : حيث شبه وجعل للشوق أرضا ومنابت ينبت فيها ، وكذلك ٣- ( أنت صدري ) تشبيه بليغ حيث شبه محبوبته بصدر حنون ، وكذلك ٤- ( أحتسي اليأس) : استعارة مكنية حيث شبه ( اليأس ) بشراب يحتسيه ، و ( يحتسيه ) أفضل من ( يتذوقه ويشربه ويتجرعه ) ؛ لأن الاحتساء  فيه طعام ساخن وشراب و تذوق ويحمل جل المعاني السابقة في طياته ، ومثل هذه الجمل العملاقة كثيرة في النص منها ٥- ( يهدم الحزن بعض قصر حنيني) : استعارم مكنية حيث صور الحزن بأداة هدم ، ومنها

 ٦- ( صغت بالطهر أمنياتي ) استعارة مكنية حيث صور الشاعر نفسه بجواهرجي ( صائغ ) وجعل من ( الطهر ) أداة للصياغة  يطلي بها أمنياته ويصوغها حليا وجواهرا ، و( أمنياته ) فيها تجسيم الأمنيات وهي شىء معنوي بشيء مادي ( معدن ) حسي ملموس يمكن أن يصاغ ذهبا .

 ٧- ( يطعن الخطب دندناتي ) : استعارة مكنية حيث شبه الخطوب والمصائب بألة حربية ( رمح أو حربة ) يطعن بها وتصوير ( للدندنات ) وهي أصوات غناء مع النفس بجثث تطعن ومثلها نجد

 ٨- ( مزقتني مصائب العصر ) استعارة مكنية فقد شبه مصائب الزمن بخناجر تمزق جثة الشاعر ، وفيها ( كناية ) فقد كنى الشاعر بمصائب الزمن عن عسر الحال ، وقلة ذات اليد ، وكذلك ( يجف المداد قهرا ) : كناية عن ضيق الرزق ، ١٠- ( يعيق الأسى خطا كلماتي ) استعارتان مكنيتان فقد جعل من الأسى عقبة ومصد ، وجعل من الكلمات إنسانا يخطو ويتعثر من هذه العقبات.

١١- ( يحتويني عذابي ) :   استعارة مكنية حيث شبه العذاب بشىء مادي يحتوي الشاعر ، هذه بعض الأمثلة الخبرية التي وفق الشاعر في استخدامها بمهارة .

*** ٢- ثانيا الأساليب الإنشائية : ***

معظمها أفعال أمر للحث والطلب وتفيد التمني من مثل : ١- ( أشعليني من نار وجدك ) تصوير لذات الشاعر بشىء مادي يشتعل ٢- أقبلي من متاهتى اعتذاري ) تصوير المتاهة بمكان وتصوير الاعتذار بهدية تقبل ٣- ( فخذيني من آهتي ) تصوير الصرخة والآهة بمكان يؤخذ الشاعر منه .٤-( احضنيني ) فعل أمر للتمني يدل على مدى اشتياق الشاعر لمحبوبته.

 ٥- ( انبتيني في الصفو بالسمات) وفيها تصوير لنفس الشاعر بنبات ينمو والصفو بأرض وتربة صالحة للزراعة ، وتصوير البسمات بمياه وهواء وضياء وعوامل انبات. ٦- ( ا قرئي لي منابت الشوق ) تصوير لمنابت الشوق بديوان تقرأ منه المحبوبة للشاعر .

 ٧- ( لا تتركيني ) أسلوب نهي للتمني. 

ومن الملاحظ غلبة أساليب الخبر على أساليب الإنشاء والغرض من ذلك هو رسوخ وتوكيد وتقرير حب الشاعر لمحبوبته الذي يتلاشى مع مرورالزمن

* الإحصاء في أسلوب الشاعر *

 من خصائص أسلوب الشاعر التي أحصيناها في القصيدة 

أولا ظاهرة التكرار  :

١- تكررت حروف الجر في القصيدة  إحدي عشرة (١١) مرة كالتالي : ( من نار - من الأزمات - من متاهتي - من آهتي - في مهامه -  فيك - في شذراتي - في ظلماتي - عن مماتي - بالبسمات  - بالطهر )

٢- واو العطف التي تفيد المصاحبة والمشاركة والمغايرة تكررت ست ( ٦ ) مرات كالتالي : ( ويعيق - وتبكي - وحزني - وسباتي  - واحضنيني - وأنبتيني ) وحرف الفاء الذي يفيد التعقيب والسرعة تكررت أربع ( ٤ ) مرات كالتالي : ( فيجف - فيحتويني -  فخذيني - فلأني )

٣ - حروف التوكيد  : ( إني - فلأني - إن عجز ) بمقارنتها ب( إن ) التي تفيد الشك والتي نتج عنها أسلوب شرط في البيت (٩) التاسع ( إن أكن قد خذلت نجواي فيك فلأني سجين في ظلماتي ) ٤- تكررت ظرف المكان مرتين (٢) اثنتين في : ( بين شوقي - بين صحوتي) ، وكذلك ( الشوق - شوقي ) تكررت مرتين ،وكذلك وجدنا جملتين اعتراضيتين غرضهما التوكيد هما : ( عابسا - حالما ). 

٤- تكرار الإضافة مثل ( بعض قصر - خطا كلماتي - وجدك - ضائع الفكر - مصائب العصر - عجز المقل - منابت الشوق - مهامه وغيرها مثل ( ياء المتكلم) تكررت ثلاثين ( ٣٠ ) مرة ..

 وعلة التكرار هي التوكيد . وكذلك وجدنا البيت الثالث توضيحا للبيت الثاني وتأكيدا له .

ثانيا ظاهرة التضاد والترادف التي تفيد التوكيد  مثل : ( خذيني # تتركيني ) ، ( امتطي # ثباتي ) ، ( صحوتي # ثباتي ) , ( اقبلي # خذلت ) ، ( خذلت # تقبليني ) ، (صحوتي # ثباتي ) ، ( خذلت 

# لا تتركيني ) ومن الكلمات التي تفيد الإطناب بالترادف ( خذلت = تتركيني ) ،(  خذيني = لا تتركيني ).

** ومن خصائص أسلوب الشاعر **

والتي نستشف منها الموسيقا الداخليه في القصيدة.

ثالثا لعبة الضمائر  في القصيدة : ( الضمائر الأربعون ) وتوزيعهم كالتالي :

١- الضمير ياء المتكلم التي تدل على الأنا والملكية تكررت (٣٠) ثلاثين مرة مثل : (  تتركيني - احتسي - مماتي - أنبتيني - امتطي - ثباتي - سباتي - صدري - أشعليني - حنيني - كلماتي - دندناتي - أحرفي - عذابي - يحتويني  - دموعي - حزني - شذراتي - شوقي  - آهتي - صحوتي - مزقتني - أمنياتي - متاهتي - اعتذاري - ذاتي - نجواي - ظلماتي - فخذيني - احضنيني ) وهذه الياء إذا اتصلت باسم عربت مضافا إليه في محل جر ، وإذا اتصلت بفعل عربت مفعولا به في محل نصب لآن الضمائر مبنية ، والضمائر أعرف المعارف ،وهذه ( الياء ) كضمير مبن تدل على أنفة واعتزاز واعتداد الشاعر بنفسه ، وصدقه مع حاله حتى وإن كان به ضيق وعسر حال فإنه متمسك بكرامته وعزته وجاهه ووجهاته ، ٢-كاف الخطاب : تكررت أربع (٤) مرات في قوله : ( وحدك - فيك -  أغنيك - أحتويك ) وهذا الضمير كاف المخاطب إذا اتصلت باسم يعرب مضافا إليه في محل جر ، وإذا اتصلت بفعل تعرب مفعولا به في محل نصب . ، والضمير ياء المخاطبة المؤنثة ورد وتكرر ( ٢ ) مرتين ( أقبلي - اقرئى ) ، وكذلك جاء الضمير المنفصل للمفرد المؤنث ( أنت ) في مواجهة  الضمير تاء الفاعل الذي تكرر (٢) مرتين وهو في محل رفع في قوله : ( رمت - خذلت ) ، وكذلك جاء الضمير (هاء الغيبة ) مرة واحدة في قوله ( مهامه) وهاء الغيبة إذا اتصلت باسم تعرب مضافا إليه في محل جر ، وإذا اتصلت بفعل عربت في محل نصب مفعول به ..  وهكذا كان إحصاء ومجموع وعدد الضمائر في القصيدة (٤٠) أربعون ضميراكانت الغلبة فيها للضمير ياء الملكية الذي دل على الأنا العالية والمتضمنة عند الشاعر .

** عيوب القصيدة **

تنقسم العيوب إلى قسمين : ( عيوب في الشكل والقالب ) و ( عيوب في القلب والمضمون أو الجوهر )

١- أولا عيوب الشكل الطباعي :

لا توجد أخطاء في القالب (الشكل).

وفي النهاية الشاعر موفق في قصيدته ، ورائع في تعبيراته وقصيدته قيمة وقد تصل إلى ثمان درجات ونصف من عشر درجات وهي نسبة عالية جدا في عالم النقد فهنيئا للشاعر قصيدته ، وله منا ألف تحية


الأربعاء، 17 مارس 2021

على وقع آلام أمّة/للشاعر مح أبو محمد الحضرمي

 على وَقْعِ آلام أمّة

-------------------

على وَقْعِ آلام أمّةْ

تعمّقَ شِعْري يخاطبُ دمعةْ

(( ضعي تاج حزني

على رأسك واحكميني مدى العمر في لجّةٍ من عذابٍ طويلْ

فمازال صوتي قصير المدى

وقد شختُ طفلاً بدرب الأسى

صَرختُ مع كلّ خطبٍ وثرتُ

فما بارح الصوت أركانَه

وأرجع يأسي اليّ الصدى

فأطفأ روحي من الآه شمعةْ

وسافرَ حلمي الذي جفّ نبعهْ

إلى غير رجعهْ ))

فأطرقت الدمعة الحائرة

وقالت : (( اتيتك عَلّي أخفف من نار حزنكْ

ففجرك لاشك ياصاح قادمْ

فلا تبتئسْ

برغم الأسى والعذابْ

ستبحر في ذات يوم

سفينة أمّتك الحائرة 

لفجرٍ قريبْ

فمن رحم الليل يولدُ فجر

ويلتئم الجرح من ماءِ دَمْعَهْ ))


وكأن الحب مولود ليفنى/للشاعر أبو محمد الحضرمي

 وكأنّ الحبّ مولودٌ ليفنى

===============

أَنَّ مذ ذاق الهوى قلبي وَجَنَّ

إذ تمنّى وصل محبوب تَمَنَّى

ما تأنّى في هواه ما تأنّى

واطمأنّ واثق الخطو اطمأنّ

فتجنّى  و سقاه المرّ وَهْنَا

وَيْكَأَنَّ الشوق نارٌ وَيْكَأنَّ

كيف يهنى من غدا للشوق رَهْنَا

كيف يهنى و الأسى أشقاه سُكْنَى

كيف يهنى ومزون العين هُتْنَا

كيف يَهْنَى من به الحزنُ تَهَنَّى

كيف يهنى من لرسم الصبّ حَنَّ

كيف يهنى و أليم الخطب عنّ

فيه كير الشوق قد دنّ ودنّى

وتدنّى من علاه فتدنّى

فكأنّ الحلم أوهام ومُضْنَى

وكأنّ الحُبّ مولودٌ ليفنى

بقلمي:احمد عاشور قهمان

( ابو محمد الحضرمي )


إن لم أكن فيك محفوراََ فلست أنا /للشاعر أبو محمد الحضرمي

 إن لم أكن فيك محفورا فلست أنا

================

لا تَرْسميني بَأقْلامِ الهَوى عَبَثَا

إنْ لَمْ أكُنْ فيكِ مَحْفُورَاً فَلَسْتُ أَنَا

الرّسمُ بالحبرِ قَدْ تُمْحَى مَلَامحَهُ

كذا الهوى إنْ تَلَاشَى عُمْقَهُ انْدَفَنَ

إنْ لَمْ أكُنْ فِكْرَكِ المنسوجِ ,مِنْبَرَكِ

ولاعِجَ القلبِ ما أفْضَى وما اخْتَزَنَ

فَذَاكَ غَيرِيْ لأنِّي كل منبتكِ

وما تَلَتْهُ الخُطَى فارتَادَ أو سَكَنَ

هلاّ قَرَأتِ حُروفَ الغيمِ إذْ نَقَشَتْ

زهورَها عَالَمِيْ تَسْتَلْهِم الزَّمَنَ

وَهَلْ رَأيتِ بحورَ الشِّعْرِ تَحْمِلَنِيْ

كَيْ أرضِعَ الشّوقَ مِنْ أثدائِها شَجَنَا

عُمْقٌ وَ سُمْقٌ بِدَربِ الحُبِّ أَأْتَلِقُ 

أجتث مِنْ روحكِ الآهاتِ والمِحَنَ

شتّانَ بَيْن َهواٌ بالريحِ يَضْطَرِبُ 

وآخرٌ قَدْ تَخَطّى الريحَ والسّفنَ 

بقلمي:احمد عاشور قهمان

( ابو محمد الحضرمي )


أنتِ واحتي /للشاعر أبو محمد الحضرمي

 أَنتِ واحتي

=======

أَتَى العِيدُ أَفراحاً فَزِيْدِيْ تَألُّقَا

فَمَا فِيْ ظَلَامِ الكَونِ غَيرُكِ أَشْرَقَ

أُحِبُّكَ هَلْ تَدرينَ أنّكِ وَاحَتِي 

وَ فيكِ أريجُ الرّوحِ عطْراً تَدَفّقَ

وَغَنَّى الأسَى مِنْ لَحنِ حبٍّ معتّقٍ

وَ وَردُكِ للأشواقِ بالحُسْنِ أَوْرَقَ

أُطِلُّ عَلَى بُستانِ روحِكِ حَالِمَاً

وَ أَرْنُو لِعُمقٍ في سموٍّ تَعَمْلَقَ

شُموخٌ وَ غِنجٌ لَيسِ في الكونِ مِثلُهُ

وَ وِدٌّ وَ صَفوٌ في حياءٍ تعتّقَ

وَ قَدْ عَاشَ شَدوي فيكِ وَهْجٌ ضِيَاؤُهُ

تَرَقَّقَ في نَجوى خُطَاهُ تَرَقَّقَ

شَدَوتُ لِنُوري وَ إئتِلاقي وَ عَالَمِيْ

شَدَوتُ لِلَيلٍ ثُمَّ فَجْرٍ تَأنَّقَ

شَدَوتُ لِهَمْسِيْ وَ اختلافِ ثَقَافَتِيٰ

شَدَوْتُ لِسِلْمٍ وَ احتِرَابٍ تَزَنْدَقَ

شَدَوْتُ لِمِيْلَادٍ وَ مَوْتٍ تَسَفْسَطَ

شَدَوْتُ لِنَوْمٍ ثُمَّ صَحْوٍ قَدْ ارْتَقَى

شَدَوْتُ لِأَمْسِيْ بَلْ لِيَوْمِيْ وَ قَادِمِيْ 

لِأَنَّكِ كُلُّ الكُلِّ مَهْمَا تَفَرَّقَ 

وَ بَلْسَمُ كُلِّ المُبْكيَاتِ وَ مَا حَوَتْ 

وَ نَجْوَاي في الأَضْدَادِ غَربَاً وَ مَشْرِقَا

لَكِ نَبْضُ شَدْوٍ وَ احتِرَاقٍ وَ لَوْعَةٍ

وَ أَنْفَاسُ عَزفٍ مِنْ لَظَى الحُبِّ أَوْسَقَ

بقلمي:احمد عاشور قهمان

( ابو محمد الحضرمي )


لم نلتق ولم نلتق /للشاعر أبو محمد الحضرمي

 لم نلتق لم نلتق         

لكننا في فوهة البركان اغتربنا

لم تلتق احلامنا

لم تلتق اوهامنا 

لم تلتق حروفنا

سافر من عالمنا الكلام 

×××××

ومر عام خلفه اعوام

والحرف في سباته محنط عقيم 

تناثرت جماجم 

واحرقت عزائم

وانهار صرح شامخ عجيب 

ومن بقايا الأقنعة

وتلّة الحطام 

استيقظت قضية

واعدم السلام 

×××××

حقيبتي تساءلت متى نعود؟

قد طال في وعثائنا الغياب 

وضاق من فضائنا الغياب

تنورنا قد احرق الخبز الذي نقتات من سرابه

وفجرنا اخفى بقايا جرحه في رمله ونام

يسألني متى سيرحل الظلام ؟!!!


الشاعر..(أبومحمد الحضرمي)


نذرعُ الصمت جيئة وذهاباََ /للشاعر أحمد عاشور قهمان

 نذرعُ الصمت جيئةً وذهابا

---------------------------

واقفان في الظلِّ نبكي السكونَ

نذرعُ الصمت جيئةً وذهابا


ندمن الحبّ للحضورِ ونجتا

زُ ونغتال في الخطايا الغيابا


لاحوارٌ نرقى اليه كأنّا

صورتان في الدربِ تشكو اغترابا


وخطوبٌ رتيبةٌ تزدرينا

وسمومٌ بعمقنا تتصابى


دخل الليلُ واستبدّت شجونٌ

وتنامتْ تزجي الينا اكتئابا


أيّها الخارفون فينا رويداً

إنّنا لم نزل نسفُّ الترابا


نحرثُ الحرف والفؤادُ عليلٌ

نرسم الروح في المطايا سرابا


ونغطّي قناعَنا بقناعٍ

ويضيءُ العذابُ منّا عذابا


ينشرُ الرعدُ حمقنا حين يتلو

من صلاة الخطوب قهراً كتابا


فاستميحوا الخطوب عذراً لأنّا

في دروبِ الأسى نعيشُ الضبابا

بقلمي:احمد عاشور قهمان

( ابو محمد الحضرمي )


زفير الليل /للشاع دياب سوسق

 زفير الليل......


كضرب سيف زفير الليل ينتصر

وبهجتي غرقت والدمع ينهمر


وما يشرد نبضي مثل سطوته

سواد ليل بدمع العين يفتخر


صفير ريح علا أفنان مملكتي

سطوع أنوارها قد بات ينحدر


يا جاهلا هل رأيت الموت موعظة

أم أن هذي الدنى تغويك تنتصر


والأمر والنهي في أعماق محبرة

راحت بها ظلم الأقلام تستعر


قيدا رأيت به إقدام مقبرة

والعمر راح يحاكي الليل يحتضر


مصائب ربما ثارت حدائقها

خبيثة بدم الأحياء تنفجر


وربما سلبت أنيابها عبقي

حتى غدت بنسيم الروح لا تذر


ماذا أقول إذا الأهوال نازلة

لا السيف يجدي ولا الأقلام تزدهر


غراب بين يمد الجنح منتصرا

ونور شمس وراء الغيم يستتر


ليلي سجى أم بنور البدر عالقة

كف الظلام نباها العتم والعُصُرُ


أين المنارات غابت عن ربى مقلي

حتى هوى نظري في العتم يندثر


شعر دياب سوسق


خذني إليك للشاعر /دياب سوسق

 خذني  إليك .......


خذني إليك   فقلبي  نبضه القمم

إذا  الكواكب شابت  نورها  العلم


خذني  إليك وضم  الروح ملتزما

أنفاس صبح سنى إشراقها النَسَم


خذني  إليك  فعيني أفقها  قمري

أحلامها  بيرق في الكون  يرتسم


خذني  إليك فحرفي  نبضه شيم

أوتاده  في سطور  الكتْب تنتظم


خذني  إليك  كفاني  حلم   فانية

عبء  الحياة  عناء  صبحه الألم


في  طيها   كتبي  أوهام  أمنيتي

ونبض مستقبلي في قلبه العدم


خذني  إليك فكم درب الهناء علا

وأنت  نور الضحى والثغر يبتسم


ففي  الحنين  أراك  البدر  مكتملا

وفي  اليقين  علاك المجد والكرم


وفي الخمائل عطر الياسمين جرى

من  خافق  في  ربى  أيامه الهمم


خذني إلى مرسم الألوان حيث أرى

طيف  الربيع  ينادي   هاهنا  القمم


وارسم عبير جمالي وانتظرْ عبقي

علّ الرياحين  تروي  مجده  الأكم


خذني  وحلّق بعيدا عندها  شهبي

واشعل منار الليالي  سحره  القِدم


إن غاب يوما منار  البدر كن بصرا

كم  في العيون بهاء العمر  يحترم


قل  حرف ودٍ إذا   الآهات  مرعدة

وانثر  عطور هوى تحيا بها  الأمم


تعلو   رباك   إذا   الأقوال   منبعها

حرف  الوداد  بدا   كالنور   يلتزم


خذني إلى عالم فيه الخيال حَقَيْ

قَة  عسى  مكره   القتّال   ينصرم


وارفع  قلاع صلاحٍ  فالدنى عَلِقَتْ

بها   مخالب   غدرٍ  سِرْبَهَا   الظلم


شعر دياب سوسقخذني إليك .......


خذني إليك فقلبي نبضه القمم

إذا الكواكب شابت نورها العلم


خذني إليك وضم الروح ملتزما

أنفاس صبح سنى إشراقها النَسَم


خذني إليك فعيني أفقها قمري

أحلامها بيرق في الكون يرتسم


خذني إليك فحرفي نبضه شيم

أوتاده في سطور الكتْب تنتظم


خذني إليك كفاني حلم فانية

عبء الحياة عناء صبحه الألم


في طيها كتبي أوهام أمنيتي

ونبض مستقبلي في قلبه العدم


خذني إليك فكم درب الهناء علا

وأنت نور الضحى والثغر يبتسم


ففي الحنين أراك البدر مكتملا

وفي اليقين علاك المجد والكرم


وفي الخمائل عطر الياسمين جرى

من خافق في ربى أيامه الهمم


خذني إلى مرسم الألوان حيث أرى

طيف الربيع ينادي هاهنا القمم


وارسم عبير جمالي وانتظرْ عبقي

علّ الرياحين تروي مجده الأكم


خذني وحلّق بعيدا عندها شهبي

واشعل منار الليالي سحره القِدم


إن غاب يوما منار البدر كن بصرا

كم في العيون بهاء العمر يحترم


قل حرف ودٍ إذا الآهات مرعدة

وانثر عطور هوى تحيا بها الأمم


تعلو رباك إذا الأقوال منبعها

حرف الوداد بدا كالنور يلتزم


خذني إلى عالم فيه الخيال حَقَيْ

قَة عسى مكره القتّال ينصرم


وارفع قلاع صلاحٍ فالدنى عَلِقَتْ

بها مخالب غدرٍ سِرْبَهَا الظلم


شعر دياب سوسق


الاثنين، 8 مارس 2021

نص الاشتغال أباة الضيم /للشاعر الكبير علي حجازي دراسة ونقد الناقد البارع شاعر الفردوس معروف صلاح أحمد

 معروف صلاح  أحمد 

شاعر الفردوس يكتب : 

      دراسة نقدية 

لنص الشاعر اللبناني /

علي حجازي الذي عنوانه :

    ( أباة الضيم )

..............  ...........   ..........

نص الاشتغال :

....... أُباةُ الضّيم .......


ألا عزمًا وجدًا ....... وانتظاما

وإخلاصًا .....  ننال بها المراما 


فمن أرضِ الجنوبِ الحرّ أُهدي

لأمتنا التحيةَ  .....   والسّلاما 


وإني لا أرى .. الشعراءَ  إلا

سكارى في مجاهلهم نياما


سوى نفرِِ  أماتوا  اليأس فيهم

وراموا مجدَ  ..  أُمتهم  غراما 


فما للشعر  ..  لا يستلّ  سيفًا

وأرض العرْب تضطرم اضطراما 


وما للشعر  لا ينداح   نورًا

يبدد كل من ... عشق الظلاما 


وما للشعر لا .. يُمسي  دواءً

ويشفي كل من يشكو السقاما 


فقل.. للعابثين   بنا ...... بأنّا

أُباة الضيمِ  لا نخشى الحِماما


إذا ما سام اُمتنا هوانٌ

محقناه .. أعزاءً كراما 


نروم مطالع الأنوار حُبََا


وندركها وإن عزت مَقاما


فما المستصعبات تميت عزمًا

ولو صُبّتْ على الدنيا رُكاما


ألا فلنرفعِ ..  الراياتِ  بيضًا

فرايات الهدى .. جلّت مَقاما


فما السوداءُ   إلا وجهُ عارٍ

ألا هبّوا .... لنجعلها حُطاما


ويجري ماؤنا عذبًا .. فراتًا

ونسقيه الورى جامًا فجاما


ويشرقُ وجهَ أمتنا .. حياةً

ونرجع مثلما كنّا ... عظاما

علي حجازي 

.......... ............  ...........

           ** العنوان : **

( أباة الضيم ) هذا العنوان الشامخ العملاق الذي يحمل في طياته وفي معناه رفض الظلم والجنوح للعزة والأزقة والاعتداد بالنفس الأبية.

هذا العنوان يذكرنا بأوج الرفعة وذروة الشموخ حين كنا عظاما بأنفسنا في سالف الدهر ..

 هذا العنوان ليس غريبا على القصيدة أو مجلوبا عليها أو مستعارا لها بل على العكس تماما مأخوذ من قلب القصيدة في البيت الثامن : ( فقل للعابثين بنا بأنا .. أباة الضيم لا نخشى الحماما ) نعم وحقا وصدقا نحن رافضون للظلم ، ورافضون الظلم لا يخافون من الموت ، ولا يهابون إلا الله الملك الحق المبين ، إنه عنوان يعود بنا للماضي التليد  يرجع بنا لقصب السبق والريادة والعظمة لعصور المجد والسيادة ، وإذا قارنا حالنا الآن لعرفنا ما نحن فيه من هوان وذل وضعف وخزي وخذلان ، لقد هنا حتى على أنفسنا ، فكيف لا نهون على عدونا ؟ ولذلك فهو عنوان تصادمي يحرك فينا مشاعر البطولة والأنفة والاعتزاز بالنفس ، وهذا ما يتمناه كل عربي وعروبي عاقل من أهل الصفوة وذي البصيرة من أصحاب الأقلام المضيئة والقرارات ، والمواقف المنيرة التي تعرف أين الحق فتلزمه و أين الصواب فتنحو نحوه ، وتنهج نهجه ، ولا تخشى في الله لومة لائم فتوجه العقل الجمعي والرأي العام لما ينفع الأمة . نعم الشاعر موفق جدا في هذا العنوان لما فيه من براعة استهلال ومقدمة ومدخل وبوابة وعتبة ننفذ منها ونمرق للقصيدة حيث استطاع هذا العنوان أن يحدد موضوع ومضمون والفكرة العامة للقصيدة فاختزل معناها وأشار إليها وبين مغزاها .

** تصنيف العمل الأدبي**  النص شعري نمطي تقليدي من النصوص العمودية الخليلية على طريقة الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري المتوفى سنة 175 هجريا مؤسس علمي العروض والقافية ، وهذا النوع من الفنون الشعرية الذاتية موحد الوزن ( الوافر ) ، وموحد القافية ( ميمية) بروي مطلق الميم الممدودة الموصولة بألف مد .

* المدرسة التي ينتمي إليها النص : *

 وإذا حق لنا أنة نسأل أنفسنا سؤالا مؤداه ما المدرسة التي ينتمي إليها النص؟ هي المدرسة الإحيائية الكلاسيكية بوجه عام ( القديمة والجديدة ) ، والتي يتزعمها الشعراء الكبار : ( البارودي وشوقي وحافظ ) والتي تتميز بجزالة وفخامة الألفاظ وقوة السبك وروعة صياغة العبارة ، وعمق وعظم وأداء وشرف ونسب المعاني ، والاعتماد على التراث القيم النضيد والموروث القديم.

** نوع التجربة وغرض النص : **

 تجربة ذاتية استطاع الشاعر بصدقه الفني و إخلاصه العاطفي الجياش ، وبفكره المميز المنير أن يحولها ببراعة لتجربة عامة ذات اتجاه قومي يصب في غرض أشعار البطولة عن القومية العربية ، ويتحدث فيها عن العروبة ، وحال أمتنا المزري فمن أرض الجنوب الحر ( لبنان ) يرسل الشاعر لأمته العربية التحية والسلام ، ويسألها ويحثها أن تسحق الذل والهوان بالعزة والشهامة والكرامة ،  وباتخاذ كافة أسباب القوة والإباء .

*** مناسبة قول القصيدة : ***

 النص هو  دعوة ورسالة وحث ودفع للشعراء على أن يستيقظوا بقوة من سباتهم العميق ، ويفوقوا من سكرهم  العميق وحهالتهم ، وانتكاستهم ، حيث استطاع نفر من الشعراء ومنهم (شاعرنا) أن يعرضوا قضية عروبتهم ، وأن يميتوا اليأس فيهم ، ويبصروا أمتهم بمجدها التليد ، وبموقفهم ومكانتها ، وأن يستلوا سيف الكلمات ، ورمح العبارات ، وسهم الحروف ، ويمتطوا صهوة جياد الشعر ويداووا جراح أمتهم ، ويشفوا آلامها ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ويسحقوا الذل والهوان بالعزة والإباء والإيمان.

** شرح مرام ومعاني القصيدة : **

1- يستفتح الشاعر قصيدته بأداة استفتاح ( ألا ) وهي للحث بالعزم والإخلاص والعون والجد والانتظام أن يحصل شاعرنا على المرام وما يريده من أهداف ، وما يحققه من غايات وما يأمله من طموحات .

2- ويرسل لهم من أرض الجنوب ( لبنان ) التحية والسلام والعزة.

3- ويستحث الشعراء أن يستفيقوا من ثباتهم ، ويصحوا من سباتهم ، ويستيقظوا من غفوتهم المقيتة.

 4 - ويتركوا يأسهم وجهلهم ، وخوفهم ، ويبصروا أمتهم بواقعها المزري المرير مقارنة بماضيها التليد.

5- ويطلب شاعرنا من الشعراء أن يستلوا سيف الكلمات ، ويحملوا رمح العبارات ، ويصوبوا سهم الحروف في أرض المعارك التي تلتهب التهابا ، وتشتعل اشتعالا وتضطرم اضطراما .

6- فالشعر هو النور والخير والضياء ، والنبي الذي يبدد الجهل والظلام ويهدي ويبشر الظالمين خفافيش الظلام بما يمحقهم ويردهم للحق و الجادة والصواب ، ويزيل عنهم الكرب والسواد من قلوبهم بفهم وبصيرة .

7- فالشعر هو الدواء للداء العضال السقيم ، وهو الشفاء والعلاج من المرض اللعين الذي لا يغادر سقما .

8- ويوجه الشاعر رسالته لكل العابثين بأحلامنا والمستهزئين بطموحاتنا فيقول لهم : ( بأنا أباة الضيم ) نحن من يرفض الذل والضعف والهوان نحن ( لانخشى الحمام ) ولا نهاب من الموت ، ولا نخاف إلا الله ، ولا يهمنا إلا الحق.

9-  وإذا أصاب أمتنا مصاب وسامها ضعف وهوان وذل وتخلف وركود ، وأصبحنا في ذيل الأمم نرصف في  ربق القيود فسريعا سيأتينا ( البطل المخلص المهدي) ، ومعه سنمحق كل مايشيننا من عار وشنار بالعزة والقوة والكرم ، والكرامة والشهامة والإباء.

10 - ونطالع ونسابق الثريا ولذروة المجد نصل ، ونروم مواقع الشمس والنجوم ونعبر بحضارتنا الخالدة التخوم ، وندرك بالحب مطالع الأنوار وبالعز نصل لأرقى وأسمى مقام . 

11- فالأمور الجليلة الصعبة لا تميت أبدا إرادة وعزيمة ، ولا تلحق الضر بالتصميم طالما أعددنا ما استطعنا من القوة ، ولو صبت علينا كل محن وإحن وشدائد الدنيا ونكسة الحرب .

12- ويستحث الشاعر أمته المجاهدة أن ترفع الرايات وتعلو الألوية وتشدو البيارق ، وتصفو وترتقي بمقامات الهدى والنور والتقى والدين .

13-  ويدعوه الشاعر أمته أن تمحق وتتخلص من ( السوداء ) رمز لكل تخلف ، ورمز لكل واقع أليم مرير فلنحطمه ونحطم كل عيب وشين وعار وخزي وخذلان وشنار .

15- حتى يعود يجري ماؤنا نميرا  سائلا فراتا  سائغا للشاربين في كل ضياعنا ، وفي كل شبر من بقاع أراضينا ، ونسقيه لكل البشر محبينا وباغضينا  ، فهذا هو ديننا ، وتلك هي حضارتنا لابد أن تشع نورا للعالمين  ونسقيها للظامئين علوما وحضارة وقيما ومثلا ونبلا وأخلاقا وروحا .

15- حتى يتلألأ كعادتنا ويشرق وجه أمتنا بالحياة ، ونعود لمجدنا القديم كما كنا وسنكون بإذن الله بثوبنا القشيب وبمجد خلافتنا الراشدة القادمة على يد (  مهديها ) فيملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا .

** الوحدة العضوية والفنية : **

هل تحققت الوحدة العضوية  ( الفنية ) في القصيدة ؟ نعم وبجدارة فقد استطاع الشاعر أن يمزج فكرته العروبية ( أباة الضيم ) بعاطفته البطولية الجياشة فربط الماضي التليد حين كنا أشاوس ومغاوير بما ينتظرنا في الأعوام القادمة في خلافة راشدة ، ومن مستقبل فريد حين نسود من جديد ، واستطاع الشاعر أن يعبر عن ذلك أيما تعبير فشعر ونبض وتحرك بعقله ، وفكر ودبر بقلبه وبوجدانه ، فجاءت كل القصيدة مترابطة في شاعريتها وكينونتها من عنوانها حتى آخر كلمة فيها  في فضاء صنعه الشاعر وصاغه في أبهى رونق ، فلم نجد كلمة شاذة أو لفظة نابية أو غير فصيحة أو حتى كلمة عادية مبتذلة من لغة الشارع ، بالعكس تماما تجمعت في وحدتها الفنية كل مقومات القصيدة البهية ، فكانت كالكائن الحي كل عضو في مكانه المناسب يؤدي الشلو وظيفته على أكمل وجه ممكن ، فاكتملت الوحدة العضوية ، وحدة الشكل والمضمون والعاطفة الجياشة والوجدان بتناسق الحروف وشذى الموسيقا وتناغم الكلمات ، وترابطت بدلالة اللفظ الفهيم على المعنى الراقي الفخيم فامتلأت القصيدة بالإبداع والخصوبة وتجمعت بيضات الأبيات في سلة واحدة ، وترابطت وردات  وزهور الأبيات في حلقات متكاملة متناغمة ، وسارت الأساليب روعة وبيانا وفصاحة وبلاغة وجمالا ، وغاية وآية كالخرزات المتراصة في السلسلة وكالحبات في السنبلة لا انفصام في التركيب ، ولا استوحاش، ولا غرابة ولا استهجان في جودة السبك والتناسق والصياغة. .. فهنيئا للشاعر قصيدته .

*** الموسيقا في القصيدة : ***

تنقسم إلى قسمين لا ثالث لهما : ( موسيقا جلية ظاهرة خارجية ، موسيقا داخلية خفية ) وبهما يحدث التناغم ويتحدد ويتجدد جمال وسحر  الألفاظ ،وروعة موسيقية انسجام الجمل والعبارات للأذن المرهفة .

 ١- أولا الموسيقا الخارجية الخلابة :

وتتكون من خمسة ( 5 ) عناصر  هي: ( الوزن - القافية - التصريع - الجناس - حسن التقسيم )

1- الوزن : ( الوافر ) وهو بحر يتكون من : ( مفاعلتن//0///0 كالتالي : وتد مجموع //0 + فاصلة صغرى ///0 ) مكررة ست ( 6 ) مرات ، ولكنها الصورة المثالية للبحر التي لم ترد في الشعر العربي العمودي ؛ ولكنها أتت مقطوفة بحذف السبب الخفيف وتسكين ماقبله في العروض والضرب هكذا : (مفاعلتن مفاعلتن فعولن)  مكررة مرتين في البيت الكامل المعتمد مرة في كل شطر في الصدر مرة ، وفي العجز مرة أخرى هكذا : ( مفاعلتن مفاعلتن فعولن) :::: ( //0///0 وتد مجموع //0 وفاصلة صغرى ///0 ، مفاعلتن //0///0 وتد مجموع //0 وفاصلة صغرى///0 ، فعولن //0/0 وتد مجموع وسبب خفيف).

- ومفتاح هذا البحر هو : ( بحور الشعر وافرها جميل ...  مفاعلتن مفاعلتن فعولن ). وهذه هي الصورة الحقيقية فعلا المستخدمة للبحر  والتي جاءت بها كل شواهد الشعر العمودي من العصر الجاهلي حتى دونها الخليل، ولقد استخدمها الشاعر فعلا والتزم بها في قصيدته من أولها لآخرها و الشاعر موفق فيها جدا ..

- أما الزحافات فقد أدخل الشاعر عليها زحاف العصب وهو : تسكين الخامس المتحرك من تفعيلة ( مفاعلتن  //0///0 ) فتصير ( مفاعيلن//0/0/0 وتد مجموع //0 + سببين خفيفين/0 +/0 ) ، ولهذا البحر عروض واحدة ( فعولن ) و الضرب مثلها ( فعولن ) وقد استخدمها الشاعر والتزم بها من أول القصيدة لآخرها، ويحسب للشاعر أنه لم يستخدم في الحشو ( مفاعلن ) أو ( مفاعيل ) لأنه قبيح ..

كما جاز للشاعر في عجز البيت التاسع ( 9 ) وصل حرف ( الهاء ) أو اشباعها في الحشو في قوله ( محقناه //0 /0/0 ) مفاعيلن ( أعزاء //0/0/0  مفاعيلن ) ، (كراما //0/0 فعولن ) ، واكتملت بهاء الوصل تفعيلة البيت التاسع والشاعر موفق جدا فيها .

2- ( التصريع ) : أو إن شئت قل ( المصراع ) وهو : توافق وتماثل وتشابه الحرف الأخير في العروض والضرب من البيت الأول فقط في  أول ومطلع القصيدة كدلفتي مصراع الباب يفتتح الشاعر به قصيدته ، ويفتح به أبواب قافيته ، وقد استخدمه الشاعر  كعنصر من عناصر الموسيقا الخارجية الظاهرة الجلية في حرف ( الميم ) الموصولة بألف مد مطلق في قوله في مطلع قصيدته: ( انتظاما - المراما ) ، وهذا يحسب للشاعر وموفق فيه. 

3- حسن التقسيم : وهو تقطيع كلمات معينة تعطي نغمة موسيقية معينة وجرسا عذبا يقسم على مسافات زمنية معينة كقول الشاعر امرىء القيس : ( مكر - مفر - مقبل - مدبر - معا ) وكقول الشاعر اللبناني مطران خليل مطران : ( متفرد - بكآبتي - متفرد - بصبابتي متفرد بعنائي ) ، كذلك استخدمه شاعرنا كعنصر من عناصر الموسيقا الخلابة الخارجية في قوله : ( عزما - جدا ) ، ( انتظاما - وإخلاصا ) ، ( أماتوا  - راموا ) ، ( تضرم اضراما ) ، ( جاما فجاما ) ( عزت مقاما ) ، ( جلت مقاما ) .

4 - القافية : ( من عناصر الموسيقا الخارجية الجلية )

 وتعريف القافية كما قال  أحمد الهاشمي في ميزان الذهب (وقافية البيت من الحرف الذي قبل السكونين الانتهاء فخذ ) ، واسم ولقب القافية التي أوردها الشاعر هي قافية (المتواتر) وهي : أن يقع حرف واحد  متحرك بين ساكنين كما قال الشاعر :  (وإن يفرق بساكنيها افترقا فالمتواتر لها اسم يتقى ).أما حرف الروي المطلق الذي بني الشاعر عليه قصيدته فهو ( الميم ) المطلقة الموصولة بحرف مد الألف ، ولذلك يمكن تسمية القصيدة بميمية علي حجازي، كما يقول الشاعر : ( حروفها أولها الروي .. وهو الذي الشعر به مبني .. وانسب له القصيد ثم الثاني   وصل .. وهذا عندهم قسمان :

 فتارة يكون حرف مد .. نشأ من الروي لا ذي القيد .... والثاني هاء الوصل ... ) ، والحرف الذي قبل الروي يسمى ( الردف ) وهو هنا في قصيدتنا ( ألف مد التزم به شاعرنا وحافظ عليه ، وصدق من قال : ( والردف هو رابع الحرف الذي .. قبل الروي .. وهو مد فاحتذي ) ، وعليه تكون نوع القافية ( مطلقة الروي مجراه الفتحة ، وموصولة بألف مد مشبع ، ومردوفة بألف مد قبل الروي ) فالروي وسط بين ألفي مد .  - أما كلمات الضرب فهي : ( مراما - سلاما - نياما - غراما - اضطراما -  ظلاما - سقاما -  حماما - كراما - مقاما - ركاما - مقاما - حطاما - فجاما - عظاما ) ، ونغمات القافية من هذه الكلمات هي : ( ظاما - راما - لاما -  ياما -  زاما - راما - لاما - قاما -  ماما - راما - ماما -  كاما - قاما -  طاما - جاما - ظاما ) فالقصيدة خمسة عشر ( 15 )  بيتا أعطت ستة عشر ( 16) نغمة وقافية موسيقية محسوب فيها التصريع في عروض البيت الأول.

5- الجناس بنوعيه ( التام والناقص) وهو من الموسيقا الجلية الواضحة الخارجية وقد استخدمه الشاعر عفويا حين يأتي عفو الخاطر دون تكلف أو صنعة لأن شاعرا مطبوع الفطرة والسجية ويكتب على الفطرة ، وعلى سجيته يكتب الشعر وينظمه فيعرف ما يكتب ويكتب ما يعرف كالعربي الكح والشاعر استخدم في القصيدة الجناس الناقص : وهو تشابه الكلمتين في الحروف واختلافها في المعنى مثل : ( أماتوا - راموا ) ، ( ألا - إلا )  ، ( لا - إلا ) ( لا - ألا ) ، ( السلاما - السقاما ) ، ( كراما - ركاما ) ، ( عظاما انتظاما ) ، ( الحماما - الحطاما ) ، ( مقاما - مراما )  ،  ( المراما - السلاما ) ،  ( نياما - غراما ) ،( اضطراما - المراما ) - ( يمسي - يشفي ) ، (  عذبا - عزما ) ، ( عزما - عزت ) ... الخ .

٢- * ثانيا الموسيقا الداخلية الخفية : 

وهي تنبع من تكرار الحروف المتناغمة ، وتناسق وترتيب وانسجام وهرمونية علاقات الحروف المتآلفة التي تأتي عفو الخاطر من تمكن المبدع الشاعر أو الأديب من كيفية استخدام أدواته بطريقة مثلى تتيح له العزف بنغم الكلمات من مثل قول شاعرنا باستخدام المفرد والجمع أو غيرها ( النور - الأنوار ) ، ( الشعر - الشعراء ) ولم يقل الأشعار ، وبالماضي : ( أماتوا ) ، وبالمضارع : ( تميت ) ،  وهكذا : ( راموا - تروم ) ، باستخدام حرف العطف ( الواو ) ست عشرة ( 16 ) مرة وتكرار كلمة(الشعر) ثلاث ( 3) مرات ، وتكرار ( ألا ) للحث ثلاث ( 3 ) مرات ، وتكرار النفي خمس ( 5 ) مرات  باستخدام الأداة ( لا ) ، وتكرار ( من الموصولة) مرتين ، كما سنبينه في خصائص أسلوب الشاعر . والشاعر موفق جدا في العنصر الموسيقي .

*** الأساليب في القصيدة : ***

تنقسم الأساليب  في القصيدة إلى قسمين اثنين لا ثالث لهما : ( أساليب خبرية وأساليب إنشائية ) 

1-  أولا الأساليب الخبرية : لذكر الحقائق ، وبيان ضعف وهوان حال الأمة العربية ، وتوكيد تقرير معانيها ومنها جمل عملاقة صاغها الشاعر بتعبيرات براقة وفق فيها الشاعر مثل : 1-  ( ألا ) أداة حث واستفتاح استهل الشاعر بها قصيدته في حسن براعة وجمال استهلال وكررها ثلاث (3) مرات بغية التوكيد كالتالي : ( ألا عزما وجدا -  ألا فلنرفع الرايات -  ألا هبوا لتجعلها حطاما ) 

2-  ( إني لا أرى الشعراء إلا سكارى في مجاهلهم نياما ) :  أسلوب قصر وتوكيد وتخصيص أداته النفي ( بلا ) والاستثناء ( بإلا ) ومؤكد ( پإن )  ، وفيه يعيب الشاعر على طائفة من الشعراء جاهلين لا يدركون بعض حقائق الأشياء عن عظم مكانة وعز وشرف أمتهم ، ويقدح فيهم جهلهم ويستثني منهم ( سوى نفر أماتوا اليأس فيهم وراموا مجد أمتهم غراما ) ، وهذا التعبير به استعارة مكنية حيث شبه ( اليأس ) وهو شىء معنوي بكائن حي يموت أو يقتله الشعراء ، وكذلك ( راموا مجد أمتهم ) استعارة مكنية حيث شبه (المجد) بشىء مادي عظيم يراه الشعراء وينظرون ، وقد أحبوه ، وقد واغرموا به بصدق ويقين .

3- تكرار ( ما ) التعجبية ثلاث (3) مرات يفيد التوكيد ( فما للشعر - وما للشعر - وما للشعر ..) ( فما للشعر لا يستل سيفا ) استعارة مكنية حيث شبه الشعر بإنسان لا يشهر ولايستل سيفه !! ،( وما للشعر لا ينداح نورا ) ، استعارة مكنية حيث يتعجب من الشعر كيف لا  ينداح أو تتسع أرضه نورا !!  ، ( وما للشعر لا يمسي دواء ) استعارة مكنية حيث يتعجب من الشعر كيف لا يمسي دواء.

4-  ( أباة الضيم لا نخشى الحماما ) من التعبيرات القوية العملاقة فيه أسلوب نفي أداته ( لا ) لتوكيد عدم خوفهم من الموت أو الحمام وأنهم رافضون للظلم والضيم باستخدام الإضافة ( فأباة ) مضاف وهو مبتدأ و( الضيم ) مضاف إليه ، وبقية الجملة الفعلية المنفية بعده خبر للتوكيد .5-  ( إذا ما سام أمتنا هوان محقناه ) : أسلوب شرط أدواته ( إذا ) وهي تفيد التحقيق ، وفعل الشرط ( سام ) ماض مبن ، و( ما ) موصولة زائدة ،و( محقناه ) جملة جواب الشرط ، فعلها الماضي ( محق ) وفاعلها الضمير ( نا ) ، ومفعولها ( الهاء ) . وحالها ( أعزاء ) ونعته ( كراما ). 6- (فما المستصعبات تميت عزما ) أسلوب نفي للتوكيد أداته ( ما ) وفيه استعارة حيث شبه الأمور الصعبة وهي شىء معنوي بوحش يميت وشبه ( العزم ) وهو معنوي بشىء مادي يموت  ، وسر جمالها التوضيح .7- ( فما السوداء إلا وجه عار ) أسلوب قصر وتوكيد ونفي ( بما ) واستثناء ( بإلا ) يفيد التخصيص والترتيب والأهمية ، ( السوداء وجه عار ) تشبيه بليغ شبه كل الأفعال والأمور المزرية السوداء المشينة بوجه العار وهي ( كناية ) عن موصوف .8- ( يشرق وجه أمتنا حياة ) : استعارة مكنية حيث شبه الأمة بإنسان له وجه يشرق به وينعم كالشمس وينير الحياة وفيه تجسيم.

9- ( تضرم اضطراما ) : أسلوب توكيد باستخدام المفعول المطلق ( المصدر العام ) الذي يؤكد الفعل .

10- استخدام الشاعر للتكرار وللترادف وللتضاد كما سنبينه في خصائص أسلوب الشاعر  بجمل خبرية كلها تؤكد على ضعف حال الأمة العربية المزري .

*** ثانيا الأساليب الإنشائية : ***

اعتمد الشاعر في قصيدته على الطلب باستخدام فعل الأمر للحث والوجوب فقال : ( فقل العابثين بنا بأنا أباة الضيم ) ، ( هبوا لنجعلها ركاما) فقد استخدم الشاعر في كل القصيدة من أولها لآخرها أسلوبي  إنشاء فقط باستخدام فعلين من أفعال أمر ( قل - هبوا  ) ،  ثم أضاف فعلين مضارعين مجزومين بلام الأمر وعلامة جزمهما السكون ؛ لأنهما صحيحي الآخر أولهما من الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ويفيد التحويل وهو ( لنجعلها ) ، وثانيهما هو ( فلنرفع) ، وإذا قارنا الأساليب الإنشائية الطلبية بالأساليب الخبرية التي رصدنا منها فقط عشرة ( 10 ) مواضع فقط يتبين أن النص أو القصيدة قلت فيها الأساليب الإنشائية ومن المعلوم أن الأساليب الإنشائية هي جوهر الشعر ولبه وخلاصته ، وتكاثر على القصيدة ألأسلوب الخبري المباشر للوصف والتقرير وتوكيد الحث والمخاطبة والتوجيه والنصح والحماسة ، وهذا يقلل من القيمة الفنية للشعر ، وجمالياته في القصيدة ..

** خصائص أسلوب الشاعر : **

تميز أسلوب الشاعر بعدة خصائص منها اعتماده على التوكيد باستخدام ظواهر خمسة (٥) هي : ( الترادف والتضاد والعطف والنصب والتكرار ) وبيانه كالتالي :

1- الترادف : مثل أهدي لأمتنا ( التحية والسلام )  باستخدام واو العطف ، وباستخدام الوصف ( عذبا = فراتا ) ، وبالكناية (المستصعبات = السوداء ) ، وبالإطناب ( حبا = غراما ) ، ( عظاما = أعزاء كراما ) ،  ( حطاما = ركاما ) ، ( مطالع = مقام ) ، ( دواء = يشفي )

2- التضاد : ( يشرق # يبدد ) ، ( نورا # الظلاما ) ،(  دواء # السقاما ) ،( حياة # الحماما ) ، ( حياة # تميت ) ، ( حياة # أماتوا ) ،( مجاهلهم # ندركها ) ،( هوان # كرام ) ( سام # محقناه ) ، ( سام # حياة ) ، ( السوداء # بيضا ) ،( عار # جلت ) ، ( عار # مقام ) ، ( يمسي # يشرق ) ، ( يمسي # الأنوار ) ، (  العابثين # جدا ) ، ( حياة # الحمام ).

3- العطف باستخدام حرفي العطف ( بالواو والفاء) ، الواو المصاحبة والمشاركة والاستئناف والمغايرة ، والفاء للتعقيب والسرعة واستغراق مدة زمنية قليلة من مثل الواو في : ( عزما وجدا وانتظاما وإخلاصا) ، ( التحية والسلام ) ، ( وراموا ) ، ( وما - وما ) ، ( ولو ) (وندركها ) ، ( وإن - وإن ) ، ( ويجري - ونسقيه - ويشرق - ونرجع ) والفاء في : ( فما - فلنرفع - فرايات - فقل - فما )

4-  خصيصة ظاهرة النصب( بالحال والمفعول والخبر واسم أن وبالوصف وبالمفعول المطلق وغيرها ) ..

1- النصب بالحال : (  عذبا - غراما - نورا - أعزاء - حبا - مقاما -  ركاما -  بيضا - جاما - حياة )

2- النصب على المفعولية: ( المراما - التحية - الشعراء - سكارى -  اليأس - مجد - سيفا -  الظلاما -  السقاما -  الحماما - أمتنا - مطالع - الرايات - حطاما  - الورى) ، الهاء في ( ندركها - نجعلها - نسقيه .. ) .

والنصب على ( الخبر ) مثل : كنا ( عظاما ) ، يمسي (دواء)

 الياء اسم  إن ( إني ) ، ( نا ) الفاعلين اسم أن ( بأنا  ..) والنصب على الوصف ( أعزاء كراما  ) ، ( عذبا فراتا ) و بالمفعول المطلق : ( نصطرم اضطراما ) ونائبه ( عزما )  وبالتكرار ( مقاما - مقاما ) ( جاما فجاما ) .

5- ظاهرة التكرار : من مثل ( تكرار كلمة ( وجه ) مرتين ، ( مقاما ) مرتين ، ( أرض ) مكررة مرتين ( أرض الجنوب - أرض  العرب ) ،( الرايات ) مكررة مرتين ، ( أمتنا ) مكررة مرتين ، ( عزما ) مكررة مرتين ، ( من ) مكررة مرتين ( من عشق الظلاما - من يشكو السقاما ) ، ( إلا ) أداة الاستثناء مكررة مرتين في البيت الثالث (3) ، وفي البيت الثالث عشر (13) ، وكلمة ( الشعر  ) مكررة ثلاث (3) مرات ،( ما ) مكررة ثلاث(3) مرات ،( فما للشعر - وما للشعر - وما للشعر ) ، ( ألا ) أداة حث مكررة  ثلاث (3) مرات في الأبيات : الأول والثاني عشر (12) , والرابع عشر (14) ، وتكرار النفي للرفض الأشياء التي يكرهها الشاعر في أمته من داخله باستخدام ( لا ) النافية خمس (ه) خمس مرات هي : ( لا أرى -  لا يستل - لا ينداح -  لا يمسي -  لا نخشى ) ، وكذلك تكررت ( ما ) بأنواعها المختلفة تعجبية ونافية وموصولة خمس (5) مرات ، وتكرار حرف الواو ست عشرة (16) مرة للدفقات الشعورية المتتالية، ولاشك أن ظاهرة التكرار هذه ملازمة للشاعر في قصيدته وغرصها التوكيد .

* التصوير الكلي للقصيدة *

الشاعر الجيد هو من يستطيع أن يجعل من قصيدته باقة حياة متناهية في الخلود ، وتكون صالحة لكل زمان وكل مكان ، تكون كلوحة جدارية تعلق على الحائط فتراها العيون ، وفيها تنتقل الحروف التي تصاغ من الذهب فتصير ألوانا بفرشاة من نمق وألق ، يستطيع أن يخلق فيها أشخاصا وأجزاء ويجعل فيها خيوطا وصوتا ولونا وحركة ، فتنبعث فيها الحياة ، وتصبح صورة كلية للنص، وهكذا فعل شاعرنا بحروف قصيدته.

** ١- أولا الأجزاء ( الشخوص ) : ** نجد في اللوحة شاعر ممتلىء حماسة وعزما وإرادة وجدا وصدقا وانتظاما وإخلاصا يعيش في أرض الجنوب ( لبنان ) يهدي لأمته التحية والسلام ، وينظر فيرى الشعراء قسمين قسم منهم يعيش في حالة سكر ونوم وجهل ، وقسم آخر مدرك للحقيقة يعرف دوره المنوط به فيؤديه على أكمل وجه .. ثم يوجد محتلون غرباء  أعداء يكيدون لنا ، ويفعلون بأمتنا الأفاعيل ، ويسيطرون على مقدراتنا ثم يتمنى الشاعر أن نكون نحن لأمتنا أباة ضيم نرفع راياتها بيضا في عز وسلام ونقضي على السوداء، والعجز والنقائص والاستسلام ونمحي وجه العار ، وكل ضعف وهوان وخزي وشنار ، ويتمنى أن يجري ماؤنا عذبا فراتا في أرضا ويشرق وجه أمتنا ونعود كما كنا كراما عظاما . 

** ٢- ثانيا الخيوط في اللوحة  : ** وتنقسم إلى : ( صوت - لون - حركة )

 ١- الصوت : نجده في بعض الكلمات مثل : ( التحية والسلام - يشكو - فقل - ماؤنا - تجري - هبوا  - يصب .....)

٢-  اللون : وتجده في بعض الكلمات مثل : ( الرايات بيضا - السوداء -  الظلام - الأنوار -  وجه - جام - نفر ) 

  3- الحركة : ونجدها في بعض الكلمات مثل : ( أهدي - التحية - السلام - يبدد - يمسي - سام -  يصب -  عابثين - محقناه - نروم - نرفع -  حطاما - يجري - نسقيه - يشرق - يرجع - هبوا .. ) . وبالتالي استطاع الشاعر أن يحول قصيدته للوحة فنية من لوحات الفن التشكيلي بجدارة.

*** الرمزية في القصيدة : ***

 استطاع الشاعر أن يستخدم الرمزية في القصيدة بعبقرية فقد رمزا ( بالسوداء ) لكل فعل قبيح مستنكر فيه عار وشنار لأمتنا ، ورمز ( بماؤنا ) لكل مقدرات الأمة وقوتها وما يرفع شأنها ، وكنى عن ( أرض الجنوب ) ورمز بها إلى لبنان ، وكذلك رمز ( بالسكارى ) إلى التخلف وعدم الوعي ، وجعل من ( الشعر ) ميزانا ومعادلا موضوعيا ، وحمل الشعر مسؤلية ضياع الأمة أوكبوتها أو نهضتها وتقدمها ، وجعله طبيبها ودواءها الذي يعالج داءها وسقمها ومرضها باعتباره ديوان العرب والشافي لها من العبث والمؤامرات فهو وجهها الحقيقي وحامل لواءها ورايات نصرها ، ورمز للشخصيات العظمى في الأمة ( بأباة الضيم ) ورمز للاستعمار والاحتلال وقوى الشر (بالعابثين ) ، وهذا يحسب للشاعر لأنه تجاوز حدود مدرسته ( المدرسة الإحيائية ) التي ينتمي لها شعريا وفنيا ، وحلق في المدرسة الرمزية وطاف فيها وهام بكلماته .

*** ظاهرة الأفعال في القصيدة ***

ينقسم الفعل من حيث الزمن في القصيدة  إلى ثلاثة أقسام  وهي : ( ماض - أمر - مضارع )

١- ومن الكلمات التي تدل على الفعل الماضي في القصيدة هي : ( أماتوا -  راموا - عشق - سام - محقناه - عزت - جلت -  صبت - كنا ) تسعة (٩) أفعال ماضية تفيد الثبوت والتوكيد والتحقق والاستقرار .....

٢- ومن الأفعال التي استخدمها الشاعر للأمر هي :  ( فقل ) مقرونة لقاء التعقيب والسرعة ، والفعل ( هبوا ) مقرون ( بألا ) أداة حث وطلب ، وهذان الفعلان يفيدان الحث والطلب وإن شئت اللزوم والوجوب .

كما استخدام لام الأمر مرتين على فعلين مصارعين هما :  ( فلنرفع - لتجعلها ) وكلها للطلب في الوقت الحالي والآني المعاش ..

٣- الأفعال المضارعة التي تفيد التجدد والتتابع والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن والتي قاربت العشرين ( ٢٠ )  فعلا وهي : ( ننال - أهدي -  لا أرى ( منفي ) -  يستل - تضطرم - ينداح - يبدد -  يمسي -  يشفي -  يشكو - نخشى - نروم -  ندركها -  تميت - يجري -  نسقيه -  يشرق -  نرجع - فلنرفعها - فلنجعلها .. )، وغلبة الأفعال المضارعة في القصيدة يدل على رؤية وبصيرة إشراقية من الشاعر للواقع الحي المهين المزري الذي نعيشه الآن في محاولة جادة وترقب كبير وتوقع عظيم غير معاب لما سيحدث من أفعال مشرقة للأمة العربية في مستقبلها القريب بعد أربع سنوات على وجه التحديد سيتغير كل شىء ، وستزول دولة ومملكة الشر ....

***  ملامح شخصية الشاعر من خلال القصيدة : ***

١- لبناني حريص على المثل العليا والأخلاق والقيم الروحية ولديه مخزون كبير من الشعارات والمباديء  التى أوجها حب الوطن والتمسك بأرضه وترابه وعقيدته ومقدساته ،

٢- استطاع أن يجعلها رموزا وحقائق ومعارف وثقافة وفنا حقيقيا وإبداعا يعرض ويقرأ ويقال وينشر فهو يعرف ما يكتب ، ويكتب ما يعرف بوحي وإلهام وخبرة ووعي وثقافة.

 ٣- الشاعر متمكن من الوزن والعروض والموسيقا وأذنه حساسة

ولا يخطىء البحر الذي يكتب عليه .

٤-  يعيش مشكلات الإنسان المعاصر وملم بقضايا بلده ، ويعرف مكمن الداء والخطورة ، وما يضر أمته ، ويعرف مكمن العلاج وما ينفع أمته.

٥- يعرف دور الشعر جيدا في حل قضايا المجتمع وتبصير الناس بما يحدث من مؤامرات ، ويعمل على علاجها ، وكشفها ونشرها وذيعها ويبشر بعالم أفضل .

٦- يدعو إلى التخلص من من روح الضعف والانهزامية والتمسك بالحرية وعدم الخنوع ورفض الذل والعار والشنار فهو صاحب مبدأ ، واتجاهه قومي عروبي ، ومدرسته الإحيائية ، ونمطه الشعر العمودي.

*** عيوب القصيدة ***

 *١- أولا عيوب الشكل الطباعي : *

و لقد تجاوزها الشاعر ؛ لأنه قام بتشكيل قصيدته على ما يرام وعلى أكمل وجه ، فلا يوجد عنده عيب في همز أو نقط أو تشكيل فتلاشت أخطاء الإملاء التي تنتج من استخدام الموبايل الجوال .

*٢- ثانيا عيوب في القلب والمضمون* ونذكر منها :

١- تكررت كلمة ( مقاما ) مرتين في قافية البيتين العاشر ( ١٠ ) عزت مقاما ، وفي البيت الثاني عشر ( ١٢ )  جلت مقاما ، وهي في الشعر العمودي تعتبر عيبا ، لأن كلمات القافية لا تكرر إلا بعد سبعة أبيات ، يعني بعد مقطوعة أو نتفة كاملة ، وهنا ( مقاما ) تكررت مرتين فيما لا يتجاوز ثلاثة أبيات، ويمكننا أن ندافع عن الشاعر أن أبيات القصيدة مجتزأة من  أجزاء أخرى .

٢-  وردت في قافية البيت الثالث عشر ( ١٣ ) كلمة ( حطاما )  وهي تعتبر عيبا أو مجلوبة للقافية بعد كلمة ( ركاما ) في قافية البيت  الحادي عشر (١١)  فلم تضف جديدا في المعنى ، ويمكن الدفاع عن الشاعر يقولنا أتى بها للتوكيد والتنويع ( حطاما و ركاما ) .

٣- قلة الجمل الإنشائية ، وكثرة الجمل الخبرية قلل من جماليات الشعر في القصيدة ( فأعذب الشعر أكذبه ) أي ما كان فيه خيال وتصوير وجمال وإنشاء ، وليس المخاطبة المباشرة أو كلام فيه حماسة ، ولكن يمكن الدفاع عن الشاعر يقولنا أن المدرسة الإحيائية ( الكلاسيكية ) الشعر فيها غيري ، وخطابي وبياني ، وليس فيه مشاعر أو حديث عن النفس أوبيان عن الذات أو الأنا ،ولا مجال فيها للحديث عن الحب أو الرومانسية .

٤- كثرة التكرار بشراهة في القصيدة باستخدام ألفاظ معينة أضعف وأفقرت القاموس اللغوي في القصيدة خاصة أن الشعر العمودي الإحيائي لابد أن يعتمد على اللفظ الرصين الفخم الضخم ويبعد كل البعد عن ألفاظ العامة والألفاظ المستهلكة  والمتداولة في الشارع مثل كلمة ( ونرجع ) في قول شاعرنا : ( ونرجع مثلما كنا عظاما ) التي أوردها الشاعر في حشو عجز البيت الخامس عشر ( ١٥ ) من القصيدة آخر بيت فيها والتي معناها (نعود كما كنا عظاما ) ، وكان ينبغي بجد للشاعر أن يغيرها بكلمة أكثر منها شاعرية وتراثية مثل كلمة ( ونبحر ) أو ( ونعلو ) أو ( نبهر ) أو ( ونبهو ) أو غيرها من الكلمات الرصينة الفخمة الضخمة الفصيحة بلا ضعف أو ركاكة .

٥- يعاب على القصيدة  ( غياب خطاب المثنى أو خطاب الصاحب فيها أو حديث الخل أو خليلي ) ، وهو من خصائص المدرسة الإحيائية كقول أبي تمام في قصيدة ( الربيع ) البيتين الخامس (٥) والسادس (٦) :

5 - يا صَاحِبَيَّ تَقصَّيا نظـريْكمـــــــــا ** تريا وجوهَ الأرضِ كيفَ تُصـــــــوَّرُ

6 - ترَيا نَهارا مُشْمِسا قد شــــابَــــه

 ** زَهْرُ الرُّبا فكأنَّما هو مُقْـــــــــــــمِرُ

وكذلك قول أبي العلاء المعري في قصيدته : ( تعب كلها الحياة) ، والتي بدأها بقوله  : ( غير مجد في ملتي واعتقادي ) 

( صاحِ .. هذي قُبورُنا تملأ الرُحبَ 

 فأين القبور من عهد عاد 

 خفّف الوَطْءَ ما أظنّ أَدِيْمَ الأرض

 إلا من هذه الأجساد) ، وكما يشيع في شعر أمير الشعراء أحمد شوقي ، ولكن يمكن الدفاع عن الشاعر يقولنا إنه قال في البيت الثامن (٨) ( فقل العابثين ... ) يمكن أن نقول : إنه يخاطب صاحبه حتى وإن كان صاحبه هو ( الشعر ) ذاته ....

*** على هامش النقد :  *** 

*(( أشياء للمناقشة والحوار)) : *

١- قول الشاعر : ( فقل العابثين بنا ) هذا التعبير قد يؤخذ على الشاعر ؛ لأنه يبين ويكشف ضحالة الأمة العربية حين يتحول أبناؤها إلى لعب متحركة في أيدي أبناء الغرب وأبناء الصهاينة حين يلعبون ويعبثون بنا فهذا قدح صريح ومباشر في عروبة الأمة العربية وإلغاء شخصيتها ، ولم يظهر أو يتضح من المخاطب بكلمة ( قل ) هل الصديق ؟ هل الحاكم ؟ هل الناس كلهم؟ هل الأمة جميعها؟ أم أراد الشاعر (الشعر نفسه  بذاته) ؟ والأمر أكبر من الشعر وقد تجاوز وظيفة الشعر وأهميته ودوره ...

٢- قول الشاعر : ( من عشق الظلاما ) فقد استخدم الشاعر في قوله هذا ( من ) وهو اسم موصول عام مشترك للعاقل ، ويفيد العموم والشمول ويقصد به الشاعر ( أي إنسان مهما كان ) ، وياليت الشاعر قال : ( كل ما عشق الظلاما ) واستخدم ( ما ) وهي اسم موصول عام مشترك لغير العاقل ، وكان سيكون المقصود منها ( خفافيش الظلام ) وكانت ستكون كناية عن بعض المقصودين المنتفعين من الظلام كالهوام والحشرات  والحيوانات ، وكل ما يرتع في الظلام من عقارب وثعابين وذئاب وغيرها....

٣- ومن علاقات الحضور والغياب كان يمكن أن تستبدل بعض الألفاظ في القصيدة وكانت المعاني تغيرت للأفضل مثل قول الشاعر في عجز البيت  الثالث (٣) : ( سكارى في مجاهلهم نياما ) كان يمكن أن تستبدل كلمة (مجاهلهم) بكلمة ( مدامعهم ) وكان سيكون المعنى أوقع وأفضل وأحسن ،  وعند النظر إلى البيت الثالث (٣) من القصيدة  : (وإني لا أرى الشعراء إلا سكارى في مجاهلهم نياما ) فالفعل ( أرى ) إذا كانت رؤية الشاعر بصرية حسية كان سينصب مفعولا به واحدا ( أرى الشعراء ) ، وإذا كان الفعل ( أرى ) رؤيته قلبية معنوية ومنامية وحلمية فأنه سينصب مفعولين : ( أرى الشعراء سكارى ) مما يجعل رؤية الشاعر مناما وحلما وليست حقيقة وإدراكا أومعرفة .. ونضيف ألي هذا عندما يكتمل معنى الجملة بالمفعول الثاني .. فما الموقع الإعرابي لكلمة ( نياما ) .. ولماذا نصبت كلمة ( نياما ) في قول الشاعر ( في مجاهلهم نياما )  وقد اكتمل المعنى قبلها ، و يكون الصواب ( في مجاهلهم نيام)  برفع كلمة ( نيام ) على الابتداء ، ويكون إعرابها مبتدأ مؤخر مرفوع وحينها ستكسر القافية من النصب للرفع .. ، ولكن يمكن الدفاع عن الشاعر أنه يوجد تقديم وتأخير في البيت ، ونجعل ( نياما ) بالنصب نعتا للمفعول الثاني (سكارى) هكذا  ( سكارى نياما في مجاهلهم ) ونخرج من هذا المأزق، ويكون الشاعر موفق فيها جدا .

٤- ومن علاقات الحضور والغياب  يمكن أن تستبدل بعض الكلمات من مثل قول الشاعر في صدر البيت السادس ( ٦ ) : ( وما للشعر لا ينداح نورا ) فكلمة ( ينداح ) المقصود من معناها (الوسع والاتساع) ؛ لأن النور ينتشر ويتسع تلقائيا ثم في نهاية اليوم يأفل ويخفت ويخلو ويبهت ويحل الظلام فلم تضف كلمة ( ينداح ) جديدا فما بالكم إذا استبدلناها بكلمة ( لا ينزاح )  في قولنا (وما للشعر لا ينزاح نورا يبدد كل من عشق الظلاما ) ويكون معناها الثبات والاستقرار والبقاء . أو نقرأ كلمة ( نورا ) بفتح النون وسكون الواو وفتح الراء  ويكون معناها زهر النبات يضيء الظلام .

٥-  في صدر البيت التاسع (٩) : ( إذا ما سام أمتنا هوان .. محقناه أهواء كراما ) أي ضعف فما رأي شاعرنا إذا استبدلنا كلمة ( هوان ) بكلمة ( هوام ) ويكون معناها الحشرات والزواحف وخشاش الأرض وغيرها وستكون كناية عن أعداء الأمة وتصوير لهم بما يقذذ العين ..

*** تابع على هامش النقد***

(( تأثر الشاعر بالتراث )) :

 ٥- نجد شاعرنا قد تأثر بالمعلقة الخامسة معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي من قبيلة تغلب المتوفى سنة تسع وثلاثين (٣٩)  قبل الهجرة الموافق سنة أربع وثمانين وخمسمائة (٥٨٤ م ) ميلاديا في قوله : ( ألا فلنرفع الرايات بيضا .. فرايات الهدى جلت مقاما ) فقد قال عمرو بن كلثوم : (  ونورد الرايات بيضا ونصدرهن حمرا قد روينا ) طبعا  وبكل تأكيد من دم الأعداء ، ففخر عمر بن كلثوم قبلي بقبيلته والشاعر متأثر به في قصيدته ، وفخره قومي وعروبي ، فقد حول المعاني الجاهلية لمعاني إسلامية ( فرايات الهدى جلت مقاما ) ، وهنا يظهر البعد الديني في فلسفة الشاعر .

٦- نجد شاعرنا قد تأثر بالمتنبي المولود سنة (٩١٥ م) ميلاديا في الكوفة في قصيدته  : ( لكل امريء من دهره ما تعودا ) في قوله : ( فما المستصعبات تميت عزما ولو صبت على الدنيا ركاما ) فنجد المتنبي يقول : ( وَصُولٌ إلى المُسْتَصْعَباتِ بخَيْلِهِ .. فلَوْ كانَ قَرْنُ الشّمسِ ماءً لأوْرَدَا ) حيث أراد المتنبي أن يقول: إنه يصل بخيله إلى الغايات البعيدة التي يتعذر الوصول إليها حتى لو كان قرن الشمس — وهو أول ما يبدو منها عند طلوعها — ماء لبلغه وأورده خيله، شجاعة وإقدامًا، وهذا مبالغة .. وهنا تظهر ثقافة الشاعر واهتمامه وإلمامه بالتراث .. وإن كان الشاعر أسلوب يتميز به عن غيره فهذا يحسب له ..

وفي النهاية نجد شاعرنا بطلا تماما في شعره وفي عروبته وتدينه ومذهبه  فهنيئا لشاعرنا قصيدته وهنيئا له تفوقه وتميزه ..

..........................................

معروف صلاح أحمد

شاعر الفردوس - القاهرة - مصر .