معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس يكتب :
دراسة نقدية عن نص :
( همسة مهجتي ) للشاعر /
مجدي شاهين
.....................................
نص الاشتغال : ( همسة مهجتى)
. ~~~~~~~~
أهمسة مهجتى إليك تهتدي ؟
و أين أنت وأنا في ظلام وحشتي ؟
يئن القلب والروح بنجواك
فى فضاء حالك إن لم نلتق
يمر الليل والنهار ثقالا قفارا
أرقب فيهما طيفك فى سماء وحدتي
أذكر الأيام وأرسم الأحلام عساها
تروي ظمأ روحى فى حر شكوتي
يمضى الزمان و يضن بي الأمل
يملؤ النفس مرّ العيش يضر هيأتي
يا محبوبا كفاك هجرا وابتعادا وعد
إن الشوق ينأى بي إلى طمس مقلتي
كيف أزهو بأشواق لم تأتني
إلا بأسقام و ركام آلام وجعتي
إن ترنو إليّ و تدنو ترى شجوني
جمرات تمزق أضلعي وتسحق زهرتي
تموج لعينى الأطياف لواعة
تلهو الظنون بوهج حبي وعزتي
لن أقول : ليل هو غيابك عني
ففى الليل نجوم وقمر يرون صبوتى
لكنه سواد لا صوت فيه يسكن
لا شهاب يمر ويرحل بكربتي
مرّ بى إن لحظة من سناك ترقيني
علني أنجو من ضرام الشوق
ولهفتي
يا حبيبا أين من صفاء ابتسامتك ؟
أين من حياء حديث تذوب فيه مهجتي ؟
يا حبيبا أين من هواك نعيم روحي ؟
أين من عذب العتاب منك حين زلتي ؟
غدو ورواح ترمقه فيك عيني
رقيق محياك فيه المحاسن تستوي
يا غائبا تسكن قلبي وكل ما حولي
أراك ولا أراك
إلى متى تطول محنتي؟
ففى الروض زهور أنت أهملتها
وفى الأمس ضجيج أنت أسكته فصرخت علتي
صفاء تعكر وصحو توتر وتبدل
همس أدرجته الرياح ظلام شقوتي
مرّ بى علنى ألقم منك نظرة حنين
مرّ بى عسى عبير يديك يطيّب نسمتي
هل تظن الهوى بى عقيم المعاني ؟
بلا يشج أعماقي وتستقر فيها براءتي
بقلمي / مجدي شاهين.
****************************
الدراسة النقدية :-
أولا العنوان : (همسة مهجتي )
هذا العنوان يتكون من كلمتين ( مضاف ومضاف إليه مسند ومسند إليه ) فقد أسند الهمس لمهجة القلب ، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره ( هي ) يعود على المحبوبة ( هي همسة مهجتي ) والهمس حديث ينبس من بين الشفتين لا يسمعه غير المخاطب المحبوب المقرب والمهجة هي دم القلب، فهل للقلب حديث وهمس ؟ نعم بين المحبين في لحظات العتاب، فمعنى هَمَسَ :
1- غَمْغَم بكلام خفيّ لا يَبين. الهمس : صوت خفي خافت فنقول :
"صَوْته يَهْمِس كخرير سَاقية".
2- ومن معاني همس : مَضَغ والفم مُنْضمّ فنقول :"هَمَس طعامه" والشاعر لا يريد هذا المعنى.
3- ومن معاني همس :
وَشْوش :صارّ يهَمَس بكلمات
٣- هَمْس : مُحادَثة بَيْن أُناس يَتبادلون الكَلام بِصَوْت خافِت فنقول : (أخفى ما يَكُون من صَوْت القَدَم ) ، ومنه قول الله تعالى :
« وخَشَعَتْ الأَصْواتُ للرَّحْمٰن فَلا تَسْمَعُ إلّا هَمْسًا» ،وعليه يكون :
مُهجة : (اسم) والجمع : مُهْجات و مُهُجات و مُهَج ، المُهْجَةُ : دمُ القلب
والمُهْجَةُ من كلِّ شىءِ : خالِصُه وخلاصته ، والمُهْجَة : الرُّوح، النَّفْس ،
وهذه المعاني كلها تخدم القصيدة وتدل على الرقة والمعاتبة واللين في ثنايا الكلام ،وفي هذا العنوان براعة استهلال وحسن بيان واستدلال، وهو عنوان وفق الشاعر فيه إذ جعله رأسا وتاجا على قصيدته، فالعنوان هو مدخل القصيدة وبوابتها للولوج لأبياتها وللجمل والعبارات ، ولفهم معاني المفردات واستنباط الجماليات والوصول للمغزى والفكرة والأسلوب.
ثانيا : العناصر الخمسة حول النص **
١-الأول : (تصنيف النص ) قطعة من قطع النثر تصنف كقصيدة نثر وسرد ووصف وأرقى من الخاطرة ، وهذا النص يعتبر من باكورة أعمال الشاعر الأولى، فقد كتب في أوائل ومطلع الثمانينات بما يعني أن الشاعر كتبه منذ قرابة (٤٠) الأربعين عاما.
٢-الثاني ( مغزى النص ) :
** ( فحوى ومضمون النص وفكرته الأساسية ) ** أراد الشاعر أن يوصل مشاعره الحقيقية الصادقة للمحبوبة وهي غافلة عنه أو بالأحرى تتجاهله ، وتغمض عينيها عنه وتخاصمه .
٣- الثالث : ** غرض النص **
النص أقرب ما يكون ( للوم والعتاب ) لوم في لين ، وعتاب في رقة ، وهمس في شفقة ، و لابد أن نعرف أن اللوم والعتاب : غرض قديم جديد وموجود في كل الأزمنة
٤-الرابع : ** مناسبة كتابة النص **
وإذا تساءلنا ما الذي حذا بالشاعر وجعله يكتب القصيدة ؟ وما الدافع من كتاباتها ؟ ما المؤثر الذي وقع تحته الشاعر ووقع تحت طاولته ، وضغط عليه وجعله يكتب القصيدة ؟
إنها فترة انقطاع ، ومدة خصام بين الشاعر ومحبوبته نتجت من شجار ، إنه خلاف بينهما وليس اختلافا نتج عنه إهمال شديد بينهما آل بالشاعر أن يحد سن قلمه ويكتب قصيدته ويعاتب محبوبته طالبا رجوعها إليه.
٥- الخامس : ** ما الجديد في النص؟ ما الرسالة الموجهة من خلال النص ؟ ١- الجديد في النص هو العنوان العبقري ( همسة مهجتي ) التي إلى المحبوبة تهتدي حتى ولو في ظلام الليل وفي وحشة البعد .
٢- الرسالة الموجهة من خلال القصيدة هي رسالة فحواها ومرادها : ( لابد أن يتولد قدر من الاحترام ، وقدر من الاهتمام بين العاشقين ، فالتقدير جدير وأمر حتمي وضروري يربط بين المحبين ؛ لاستمرار العلاقة بطلاقة وسلاسة دون تعقيد أومشاكل
ثالثا : ** شرح مآلات القصيدة **
يبدأ الشاعر قصيدته النثرية بتساؤل يعقبه تساؤلات هل همسة مهجته اهتدت ووصلت إليك أيتها المحبوبة البديعة الرشيقة ؛ حتى لو كنت في الظلام ، ويلفك البعد والوحشة ؟
فالقلب يأن والروح تشتكي ويمر الليل والنهار بطىء الليالي وأنا أقصد ( ذات الشاعر ) أراقب سماء وحدتي وأعد الشهور والأيام والليالي وأرسم الأحلام وأتخيل الري والرواء بعد ظمأ الروح وهجير حر الشكوى واليأس وفقدان الأمل ، وانقطاع المنى ، ومر العيش يضر بهيئة الشاعر وجوهره ، وهنا يطالب الشاعر محبوبته ويعاتبها برفق ويلومها بلين وتؤدة أن تكف عن الهجر والخصام وتعود لمبتغاه ؛ فالشوق نأى بالشاعر والدمع أحرق مقلته وسواد عيونه ، والأسقام والآلام تحوطه وتحاوطه من كل جانب والرماد والركام سار عليه والغبار علا وجهه فكيف يزهو ؟ والعكس قد يحدث إذا واصلته المحبوبة بمداد شغف حبها ولطيف جميل أنسها حين تدنو منه وترنو وتزهر ..فكيف حال الشاعر والأطياف والذكريات والخيارات والمواقف من حوله ؟ قتالة ولواعة، والغيوم تحاصره ، والقمر والنجوم ، والشهب والسدوم كلهم يشهدون على سوء حالته .. ثم يطلب ويكرر الطلب مرات ومرات أن تمر به محبوبته فيلقم منها نظرة أويشم منها رائحة أو يهفهف عليه نسيم من شفافيتها ورقتها وأننوثتها ؛
حتى لا يكون الهوى منها عقيما فيشج أعماق الشاعر ويقتله فهي النعيم والشقاء وهي الكدر والصفاء ، وهي الروض والبساتين والزهور ،فهو يراها ولا يراها ، يراها بالخير وبالشوق وبالصدق مقبلة تلمع معها البراءة ، ولا يراها بالسوء والهجر مدبرة وتقتلها الكراهة والصراخ والعند والخصام والغياب والبعاد ، وهذا ما يتمناه الشاعر رجوع المياه لمجاريها ، وصول الأمل لمنتهاه ، لقاء المصالحة، ولقاء الود والحب والشوق والوصول فما أحلى رجوع المحبوبة لحبيبها بسلام.
رابعا : ** الأساليب الخبرية **
١- ( إن الشوق ينأى بي إلى طمس مقلتي ) ، ( إن لحظة من سناك ترقبني ) أسلوبان للتوكيد أداتهما ( إن ). ٢- ( لم تأتي إلا بأسقام ) أسلوب قصر أدلته النفي ( بلم) والاستثناء ( بإلا ) يفيد التوكيد والتخصيص والترتيب والأهمية.
٣- ( لن أقول ليل هو غيابك عني ) أسلوب نفي للتوكيد أداته ( لن ) حرف نفي في المستقبل ، ( لا شهاب يمر ويرحل بكربتي ) أسلوب نفي للتوكيد أداته ( لا ) النافية للجنس كله. ٤- ( وركام آلام وجعتي ) أسلوب عطف أدلته ( الواو ) للمشاركة والمصارحة والمغايرة ، ( لكنه سواد لا صوت فيه يسكن ) أسلوب عطف أداته ( لكن ) التي تفيد الاستدراك
٥-( إن ترن إلي وتدني تر شجوني ) أسلوب شرط أدلته ( إن ) للشك ، وفعل الشرط ( ترن ) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة ، وفعل جواب الشرط ( تدن) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة.
خامسا : ** الأساليب الإنشائية **
أولا : أساليب الاستفهام الاستفسارية التي تفيد التقرير والتوكيد أوالنفي والإنكار من مثل :
١- أهمسة مهجتي إليك تهتدي ؟
٢- هل تظن الهوى بي عقيم ؟
٣- كيف أزهو بأشواق لم تأتني إلا بأسقام ؟
٤- أين من صفاء ابتسامتك ؟
٥- أين أنت وأنا في ظلام وحشتي ؟
٦-أين من حياء حديث تذوب فيه مهجتي ؟
٧- أين من عذب العتاب منك حين زلتي ؟
٨- أين من هواك نعيم روحي ؟
٩- إلى متى تطول محنتي ؟
ثانيا : أساليب النداء للتمني والتنبيه
١- ( يا حبيبا.. ) وتكررت مرتين
٢- ( يا غائبا تسكن قلبي وكل ما حولي ... )
٣- يا محبوبا كفاك هجرا وابتعادا
ثالثا : أساليب الأمر للتمني
( مربي .. ) وتكررت ثلاث مرات ، ( عد )
رابعا : أساليب الرجاء والمني ( علني أنجز من ضرام الشوق ) ، ( علني ألقم منك نظرة ) ، ( عسى عبير يديك يطيب )، ومن الملاحظ أن كثرة الاستفهام والتمني والرجاء والنداء والاستعطاف أضعف موقف الشاعر وجعله في حيرة من أمره ، وجعله غير واثق من محبوبته هل ستسامحه وتعود إليه أم لا ؟، وجعل الشاعر في حالة من الترقب والانتظار لقرار المحبوبة ، وكأن الشجار بينهما صار معركة مصير تنتهي بالرجوع أو النزوح، والشاعر لايملك من أمره شيئا ،وعلينا أن نلاحظ تأثر الشاعر قلبا وقالبا بدكتور إبراهيم ناجي في رائعته ( الأطلال ) التي غنتها أم كلثوم ، وكأني أرى الشاعر يستمع لكوكب الشرق ويعيد صياغة مايسمعه من شدو من مثل : ( يا غراما كان مني في دمي - أين يمضي هارب من دمه ؟ - ليت شعري أين منه مهربي؟ ليت شعري أي أحداث جرت ؟ - يا قفارا لافحات ما بها - أين من عيني حبيب ساحر ؟ - أين في عينيك ذياك البريق؟ - أين مني مجلس أنت فيه ؟ - يا حبيبا زرت يوما أيكه - يا شفاء الروح روحي تشتكي - ومن الشوق رسول بيننا ) والذي يغفر للشاعر تأثره بشعر ناجي هو أن النص الذي معنا ( همسة مهجتي ) من باكورة أعمال الشاعر وساعتها لم يتبلور أسلوب الشاعر بخصائص ذات الشاعر الفنية دون تأثر من غيره.
سادسا : ** التعبيرات العملاقة في النص ** ومن التعبيرات العملاقة غير الحقيقية المجازية الخيالية ذات الدلالة في التعبير ، ١- ( جمرات تمزق أضلعي ) متأثر بقول ناجي في قوله : (وحنيني لك يكوي أعظمي والثواني جمرات في دمي ) ٢- ( يسحق زهرتي ) متأثر فيها بقول الشاعر نزار قباني : ( قدر أحمق الخطا يسحق هامتي ) وبقية العبارات الشاعر موفق فيها وتحسب له من مثل : ( غدو و رواح ترمقه فيك عيني ) طباق بالتضاد من ألفاظ المحسنات البديعية ، ( أراك ولا أراك ) تضاد بالسلب أو بالنفي يقوي المعنى ويرسخه ويثبته في الذهن ، (رقيق محياك فيه المحاسن تستوي ) استعارة فائقة الروعة والجمال لوجه المحبوبة الغائبة ، ( عساها تروي ظمأ روحي في حر شكوتي ) أسلوب تمني ورجاء ، (تموج لعيني الأطياف لواعة - ألقم منك نظرة - تستقر فيها براءتي - بلا يشيح أعماقي - تلهو الظنون بوهج حبي ) تعبير بالمضارع للتجدد والتتابع والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن ، ( همس أدرجته الرياح .لام شقوتي ) تعبير بالماضي للتوكيد والثبوت والاستقرار.
سابعا : ** الموسيقا في النص **
مع أن النص نثري ولا وزن أو بحر له يبين صحيحه من مكسوره إلا أن الشاعر استطاع أن يعوض نقص الوزن والعنصر الموسيقي باستخدام الإيقاع وحسن التقسيم وتجانس الألفاظ وتناسقها وهرمونية العبارات واستخدام القوافي الداخلية والخارجية من مثل :
١- حسن التقسيم في قول الشاعر : ( صفاء تعكر - صحو توتر ) ، ( أذكر الأيام - أرسم الأحلام ) ، ( يمضي الزمان - يضر هيأتي- طمس مقلتي - آلام وجعتي - تسحق زهرتي - تطول محنتي )... الخ
٢- الجناس من مثل قول الشاعر : ( علني - علتي ) ، ( مر : فعل أمر من المرور ، مر : اسم من المرار مثل طعم الحلظم )، ( ركام - آلام - أسقام - ظلام ) ، ( ترنو - تدنو - تلهو ) ، ( أنجو - نجواك ) ،( أزهو - زهرتي ) ، ( أعماق - أشواق ) ، ( عذب - عذاب ) ، ( حر - مر ) ، ( ثقالا - قفارا ) ....الخ
٣- التكرار : فقد كرر الشاعر كلمات بعينها أكثر من مرة للتوكيد مثل : ( مر ) ، ( علني ) ، ( بي ) ، ( الروح ) ، ( يمر ) ، (يرحل ) ، ( ليل ) ، ( مهجتي ) ، ( يسكن ) ، ( أراك ) ، ( عسى )... الخ
٤- المفرد والجمع : ( شوق - أشواق ) ، ( زهور - زهرتي )
٤- القوافي الداخلية والخارجية من مثل : ( تهتدي - وحشتي - نلتقي - وحدتي - شكوتي - هيأتي - مقلتي - تأتني - وجعتي - زهرتي - عزتي - صبوتي - كربتي - لهفتي - مهجتي - تستوي - زلتي - محنتي - علتي - شقوتي - نسمتي )
ومن مثل : ( روحي - قلبي - عيني - حولي ) ، ( ترقبني - أعماقي - تأتيني - ترقبني ) ، ( بكربتي - براءتي ) ..الخ والشاعر موفق في العنصر الموسيقي.
** ظاهرة الأفعال في النص **
١- فعل الأمر تكرر (٤) أربع مرات في القصيدة بغية التمني والالتماس هي : ( عد - مر بي - مر بي - مر بي ).
٢- الفعل الماضي تكرر (١١) أحد عشر مرة في القصيدة لإفاد التوكيد والتقرير والثبوت والاستقرار مثل : ( أهملتها - أسكته - فصرخت - عساها - كفاك - تبدل - تعكر - تبدل - أدرجته - علني - عسى ).
الفعل المضارع في القصيدة تكرر (٤٢) ثنتان وأربعون مرة بهدف التجدد والتتابع والاستمرار واستحضار الصورة في الذهن هي : ( تهتدي - يئن - نلتقي - يمضي - يمر - أرقب - أذكر - أرسم - تروي - يضن - يملؤ - يضر - أزهو - ينأى - تأتيني - ترنو - تدنو - ترى - تمزق - تسحق - تموج - تلهو - أقول - يرون - يسكن - يمر - يرحل - ترقيني - أنجو - تذوب ؛ ترمقه - تستوي - تسكن - أراك - لا أراك - تطول - يسكن - ألقم - يطيب - تظن - يشج - تستقر ) ،ومن الملاحظ غلبة الأفعال المضارعة الآنية في القصيدة التي تمثل الوقت والعصر الحالي الذي تألم الشاعر فيه وما زال يتألم حتى لحظة كتابة القصيدة وغليه تكون النسب كالتالي : ( المضارع ٤٢ : الماضي ١١ : الأمر ٤ ) بما يعني أن شخصية الشاعر طيبة وجميلة وتستحق الاحترام والتقدير فهو غير متسلط وغير ديكتاتور ولا يحب إلقاء الأوامر أو العيش بتعاسة في ذكريات الماضي ، إنما الذي يشد انتباه الشاعر هو الحاضر المعاش النابض، فالسعادة قرار ينفذ ويعاش على الأرض بشغف وأنفة.
ثامنا :** الصورة الكلية في النص **
استطاع الشاعر أن ينقلنا من قصيدته السردية التعبيرية المصاغة بيد الشاعر عبر اللغة والكلمات إلى لوحة فنية تشكيلية جدارية يرسمها فنان رسام تشكيلي ماهر بألوان زاهرة ، وجاءت ١- ( الشخوص ) على النحو التالي : ( أنا وأنت ( الشاعر ومحبوبته ) بين سواد وظلام وأحلام ، وقلب وروح ونفس ، وأمس وليل ونهار وزمان ، وسماء ونجوم وقمر وروض وعبير وسكوت وضجيج وهمس وأسقام ووجع وآلام و شكوى دهر وفراق وغياب من المحبوبة ولوم وعتاب من الشاعر عبر شجار وخلاف ، وتجلت وتضافرت ٢-( خيوط ) الصورة في : ( صوت ولون وحركة ) كالتالي : ١- الصوت : ومن الكلمات الدالة على الصوت ( همسة - همس - تروي - تئن - شكوتي - يامحبوبا - يا حبيبا - يا غائبا - أقول - صوت - أذكر - عتاب - لواعة - صرخت - ضجيج ) قرابة (١٥) خمس عشرة كلمة.
٢- اللون : ومن الكلمات الدالة على اللون ( الظلام - طمس سواد - حالك - النجوم القمر - شهاب - سماء - سناك - صفاء - محياك - طيفك - هيأتي - عيني - مقلتي - عيناها - قفار - الروض - زهرتي - أرسم - جمرات ) إحدى وعشرون (٢١) كلمة.
٣- الحركة : ومن الكلمات الدالة عليها ( تهتدي - يمر - مربي - يقال - أضلعي - يذوب - أرقب - تطول - ترقبني- يرحل - عبير - يديك - أدرجته - يرمقه - تعكر - تبدل - توتر - مهجة - القلب - تنأى - يمضي - يئن - يملؤ - يضر - الرياح - هجر - ابتعاد - عد - تأتيني - ترنو - تدنو - ترى - تمزق - تسحق - تموج - ترقبني - تموج - أين - غدو - رواح - أراك - غائبا - تسكن - يشج - تستقر - ألقم - نظرة ) ما يقارب سبعة وأربعون ( ٤٧ ) كلمة ما يزيد على ضعف نسبة الصوت واللون والنسبة كالتالي : ( حركة ٤٧ : لون ٢١ : صوت ١٥ ) ، وهذا يدل على سرعة حركة الشاعر وعدم صبره على غياب المحبوبة ، وكثرة كلمات الحركة تدل على المساعي الجادة والحقيقية والحثيثة من قبل الشاعر لإنهاء حالة الخصام والشجار مع المحبوبة .
تاسعا : * خصائص أسلوب الشاعر *
يتميز الشاعر باستخدام عدة خصائص تفرقه عن غيره ، وهي قلة المحسنات البديعية المتكلفة فهو شاعر يتميز بالسهولة في الكلمات والمباشرة وقصد التعبير والوضوح في كتابة القصائد بالاعتماد على الإطناب والإسهاب والتطويل والإقصاء واستخدام المفرد والجمع ، والاعتماد على التكرار والتجنيس بين الكلمات واستخدام وسائل التوكيد باستفاضة ، وتكتفي برصد خصيصة واحدة من خصائص الشاعر ألا وهي : (ظاهرة الطباق بالتضاد ) في كلمات القصيدة ، ومن الكلمات التي تدل على الطباق بالتضاد هي ( أراك × لا أراك ) ، ( ضجيج × أسكته ) ، ( أسكنه × صرخت ) ، ( ضجيج × همسة ) ، ( صرخت × همس ) ، ( أنا × أنت ) ، ( صوت × يسكن ) ، ( الليل × النهار ) ، ( غدو × رواح ) ، ( نجوم × سواد ) ،( سواد × قمر ) ، ( شقوتي × نسمتي ) ، ( صفاء × تعكر ) ، ( يطيب × عقيم ). وقد وفق الشاعر جدا في محسن الطباق بالتضاد.
عاشرا : ** ( شخصية الشاعر من خلال القصيدة ) ** ظهر من خلال القصيدة شخصية الشاعر ( محب ودود مخلص في حبه ، صادق في مشاعره ، مرن في تعاملاته ، سهل الطبع والانقياد ، لين الجانب والعريكة ، حسن النفس طاهر الروح ، يتميز بالعطاء والذكاء الشديد ، سلس غير معقد ، ومتدين بطبعه فلم نجد في القصيدة كلمة نابية جرحت شعور أي أحد أو خدشت الحياء العام فنعم الشاعر الصادق الصدوق .
وفي النهاية نتمنى للشاعر التوفيق.
.............................................
الناقد / معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس ، القاهرة ، مصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق